قال خبراء إن تقديم الخدمات المصرفية الإلكترونية عن طريق "الموبايل البنكي" و "الإنترنت البنكي" لا يعتبر بديلًا عن تأسيس البنوك الرقمية.
وأشاروا إلى أن البنوك الرقمية ستعمل على تقديم جميع الخدمات المصرفية من دون الحاجة إلى الذهاب إلى فرع البنك، مما يقلل من التكلفة والجهد والوقت.
وذكروا أن تكلفة تأسيس البنوك الرقمية تكون مرتفعة فى البداية، نظرًا للحاجة إلى بناء بنية تحتية رقمية قوية وآمنة، ولكن مع الوقت ومع تأسيس عدد لا بأس به من ذلك النوع من البنوك، تنخفض تكلفة تأسيسها، وتستطيع تقديم الخدمات للعملاء بأسعار تنافسية وبأعلى جودة.
وتعليقًا على ذلك قال محمد عبد المنعم الخبير المصرفى، إن تأسيس البنوك الرقمية أصبح توجهًا عالميًا خلال الفترة الأخيرة، كما سيتم البدء فى دخوله إلى السوق المصرفية المصرية قريبًا بعد تقدم عدد من البنوك للحصول على رخصة التأسيس من البنك المركزى عقب استيفاء الشروط.
وأشار "عبدالمنعم" إلى أن خدمات الـ "mobile banking" تعتبر خطوة مبدئية، حيث تقدم البنوك من خلالها بعض الخدمات المصرفية فقط، وليس كل الخدمات، كما أن تلك الخدمات تستهدف فئة معينة من العملاء لا تفضل الذهاب إلى فروع البنوك التقليدية لتنفيذ بعض المعاملات.
وتابع إن البنوك الرقمية تعمل على تقديم جميع الخدمات المصرفية عن طريق الإنترنت، دون الحاجة للذهاب إلى فروع، حيث تمتلك مركزًا رئيسيًا فقط، ويكون لديها اشتراطات فيما يخص الأمن السيبرانى، وتساعد على تحقيق الشمول المالى، كما تلبى رغبات شريحة كبيرة من العملاء خاصة الشباب.
من جانبه، قال محمد البيه الخبير المصرفى إن الخدمات الرقمية التى تقدمها البنوك تواكب الخدمات المصرفية الرقمية المقدمة على مستوى العالم، مضيفًا أنه أصبح هناك نظامًا رقميًا يسيطر على أغلب الخدمات المصرفية، من أجل تسهيل تنفيذ المعاملات والإجراءات، دون الحاجة للذهاب إلى الفروع.
وتابع "البيه" إن الخدمات المصرفية الرقمية بدأت تتقدم على مستوى العالم، وفى مصر أيضًا باعتبارها جزءا لا يتجزأ من النظام العالمى، وبالتالى بدأت البنوك المحلية تتنافس على تقديم خدمات رقمية أسهل من أجل الوصول إلى نوعية المنتجات التى يحتاجها العملاء.
وأوضح أن البنوك الرقمية تستهدف نوعية مختلفة من العملاء، خاصة الشباب الذين يمتلكون خبرة كبيرة فى المجال التكنولوجى.
وأشار إلى أن البنك الرقمى يقدم جميع خدماته من خلال تطبيقات على التليفون المحمول، وتستخدم بمنتهى السهولة، لافتًا إلى أن تأسيس هذا النوع من البنوك لا يغنى عن المصارف التقليدية بسبب استهداف كل نوع من البنكين لعملاء مختلفين.
وتوقع أن يزداد التوجه للبنوك والخدمات الرقمية الفترة المقبلة بشكل كبير، مشيرًا إلى أن تكلفة تأسيس البنك الرقمى تكون مرتفعة فى البداية، ولكن تنخفض مع مرور الوقت للاعتياد على تأسيس الأنظمة والبنية التحتية المطلوبة.
ولفت إلى أنه مع انخفاض تكلفة تأسيس البنك الرقمى على الأقل بعد مرور 3 سنوات من بدء عملها، يستطيع البنك أن يقدم خدماته بأسعار أفضل وأكثر تنافسية للعملاء.
فى السياق ذاته، قال الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى إن البنوك الرقمية ظهرت فى عام 2006 فى روسيا، من خلال بنك تنكوف ""TinKoff، والمصنف حاليا كأكبر ثالث بنك رقمى عالميا، ومع تسارع وتيرة تقديم الخدمات المصرفية بشكل إلكترونى ونجاح البنوك الرقمية؛ ارتفع عدد البنوك الرقمية حول العالم ليتجاوز 400.
وأضاف "شوقي" أن البنوك الرقمية تمارس أنشطتها عبر الإنترنت بطريقة افتراضية تمامًا، ولا تقدم خدماتها من خلال الفروع أو الوحدات المصرفية التقليدية، كما تقدم خدماتها بشكل مماثل بنسبة كبيرة للبنوك التقليدية.
وذكر أن البنوك المصرية التقليدية قدمت مجموعة من الخدمات المصرفية عبر التطبيقات الإلكترونية مثل المحافظ "wallets" والإنترنت البنكى والـ "online banking"، وغيرهما من الخدمات التى تقدم خدمات محددة بخلاف الخدمات الأخرى التى تقدمها البنوك التقليدية.
وأشار إلى أنه مع تسارع وتيرة التقدم التكنولوجى وظهور التكنولوجيا المالية، بدأ التحول نحو البنوك الرقمية بمفهومها الحديث لتقديم جميع خدماتها دون التعامل مع البنوك التقليدية بشكل مادى حيث تساهم التطبيقات الحالية فى توفير حلول جزئية وليست شاملة للمتعاملين فى القطاع المصرفى المصرى.
ولفت إلى أنه مع شمولية مفهوم البنوك الرقمية، أصبحت تساهم فى العديد من الأمور، مثل إيجاد الحلول التكنولوجية المالية التى تساهم فى تقليل ظاهرة البيروقراطية، والتى تعد من أهم المعوقات فى العديد من القطاعات الاقتصادية، فضلًا عن الحد من ظاهرة الفساد.
وتابع إن البنوك الرقمية تساهم أيضًا فى زيادة الربحية مقارنة مع الطرق التقليدية لتقديم الخدمات المصرفية، وذلك لكونها لا تحتاج إلى العديد من التكاليف لعمليات التشغيل، مثل الكهرباء والصيانة والفروع بتجهيزاتها والأدوات المكتبية وغيرها من التكاليف الأخرى، فضلًا عن أنها تسهل التعامل بشكل مباشر بين العملاء والبنوك محليا وخارجيا.
وقال "شوقي" إن البنوك الرقمية تساهم فى خفض وقت تنفيذ وإجراء المعاملات المصرفية، والتى ستنعكس على زيادة ومضاعفة حجم العمليات المقدمة للعملاء سواء الأفراد أو الشركات، مشيرًا إلى مساهمتها فى تسريع وزيادة معدلات الشمول المالى لتتجاوز أكثر من %70 مقارنة مع الأعوام الماضية.
وألمح إلى دور البنوك الرقمية فى تقليل حجم الكثافة المصرفية بالقطاع المصرفى والتى بلغت 23.5 ألف مواطن لكل وحدة مصرفية، مقارنة مع حجم الكثافة المصرفية الدولية والبالغة 12.7 ألف مواطن لكل وحدة مصرفية.
وأكمل أن البنوك الرقمية لها دور خاص فى زيادة القدرة التنافسية للبنوك العاملة بالقطاع المصرفى المصرى، ودعم تنافسيته ليواكب أفضل الممارسات والتطورات العالمية والمحلية، وذلك فى ضوء التعليمات الرقابية الدولية والمحلية وأمن وسلامة المعلومات، لتقديم الخدمات المصرفية الإلكترونية، واستقطاب شرائح جديدة من العملاء وتلبية احتياجات العديد من الفئات العمرية المختلفة.
وأضاف أن البنوك الرقمية لها دور فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى، لكون كل زيادة بنسبة %10 فى المدفوعات غير النقدية يساهم فى رفع الناتج المحلى بمليار دولار، فضلًا عن توفير حوالى 200 ألف فرصة عمل، إلى جانب خفض تكاليف طباعة النقود والتى تؤثر على الخزانة العامة للدولة.
وقال إن البنوك الرقمية تعد أكثر ملاءمة للأفراد كثيرى التنقل بين الدول والشركات متعددة الجنسيات وذات الفروع الخارجية لتسهيل تعاملاتهم، مضيفًا أنه على النقيض توجد هناك مجموعة من المخاطر التى تحيط بالبنوك الرقمية، وعلى رأسها مخاطر غسل الأموال "money laundry" والتى تنشط من خلال قبول الودائع بعملات رقمية متغيرة السعر من العملاء الأجانب أو المحليين، والتى قد تكون مجهولة المصدر أو نتاج عمليات غير شرعية.
وتابع إنه بالإضافة إلى ماسبق توجد المخاطر الإستراتيجية، والتى تظهر من خلال عدم القدرة على تقييم وتحليل مخاطر الاستثمار، والتى تفرض تدخل دور السلطات الرقابية لتوسيع نطاق أعمالها، من أجل تحديد الخطط والمناهج التنافسية فى السوق المصرفية.
ولفت إلى وجود مخاطر قانونية بسبب حداثة التوجه نحو تطبيق البنوك الرقمية مثل القبول لمستندات للعملاء قد تكون غير سليمة والتراخيص والسجلات والتوقيعات والعقود الرقمية وقواعد التصديق الإلكترونى.
من جانبها، قالت الدكتورة ريم عصام أستاذ التمويل بجامعة القاهرة، إن وباء كرونا خلق سيناريو رقميًا، فأصبح هو "الوضع الطبيعى الجديد" فى المؤسسات المالية، حيث إن تلك الفترة كشفت عن أن معظم المؤسسات المالية كانت تعتقد أنها غير مستعدة للمستقبل. ونتيجة لذلك، يتعين على البنوك أن تتحمل العواقب الاقتصادية والمقايضات التشغيلية الناتجة عن سلسلة الإغلاقات التى شهدها العالم فى تلك الفترة.
وأضافت أن مقدمى الخدمات المصرفية يحتاجون إلى التركيز على تعزيز التجربة الرقمية لمنتجاتهم وخدماتهم، لأن التجربة المفضلة عبر الإنترنت لها تأثيرها المالى على المؤسسات المصرفية ككل.
وتابعت إن ذلك التركيز ينصب على دراسة التجارب المصرفية المتعلقة ليس فقط بإنشاء منصات رقمية يتم استخدامها عبر تطبيقات الهواتف الذكية، بل تمتد التجربة لإنشاء فروع رقمية بالكامل، والتى أصبحت مركز اهتمام لكل من المسوقين والباحثين وذلك فى ظل تحول الاقتصاد المصرفى من "المعاملات المادية فى الفروع" إلى معاملات افتراضية على الشبكة العنكبوتية.
وألمحت إلى أنه فى ذلك الإطار أدرك القائمون على صناعة البنوك أن هناك حاجة ملحة إلى إجراء فحص شامل للخدمات المصرفية الرقمية، بدلاً من تصنيفها فرعًا لدعم المعاملات المصرفية المادية التى يتم إجراؤها من خلال الفروع فى هذا المجال.
وذكرت أن انتشار الخدمات المصرفية الرقمية يرجع إلى المزايا المتعددة التى تقدمها سواء من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، أو من خلال فروع إلكترونية، مضيفة أن تلك المزايا تكمن فى انخفاض التكلفة والراحة بالنسبة للعملاء، فضلًا عن البحث عن مستهلكين جدد والدخول إلى فئة جديدة من العملاء بالنسبة للقائمين على تلك الصناعة.
وأشارت إلى أنه تم تناول دراسة تجربة الخدمات المصرفية الرقمية بشكل مشترك من قبل الأكاديميين فى الجامعات والممارسين فى سوق العمل على حد سواء، وذلك فى محاولة لفهم تأثيرها على رضا وولاء العملاء من جانب، وتأثيرها على الأداء المالى وربحية البنك من جانب آخر.
وأكدت أن البنوك الرقمية والمعاملات البنكية عبر تطبيقات الهواتف الذكية تضيف مفهومًا جديدًا للرقابة، بسبب وجود مفهوم جديد للتلاعب والاختراقات (scamming) والذى يقع فى الغالب فى سياق الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.
البيه: «الثانية» تستطيع تقديم المعاملات بأسعار تنافسية ومناسبة
شوقى: كل زيادة %10 فى المدفوعات غير النقدية ترفع الناتج المحلى بقيمة مليار دولار
ريم عصام: تطبيق النوعين يضيف مفهومًا جديدًا للرقابة
عبد المنعم: «الأولى» تستهدف فئة معينة فقط من الشباب ولا تقدم جميع المنتجات
