كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة «ION analytics» المتخصصة فى رصد بيانات أسواق المال عن أن توقعاته بأن تشهد صفقات الاستحواذ والاندماج نموًا خلال العام الجارى بدعم من الإجراءات المرجحة التى سيتم تبنيها من قبل البنوك المركزية فى دول العالم من خلال خفض أسعار الفائدة، والذى بدوره سيخفض من تكاليف التمويل التى تحتاجها الصفقات.
الخدمات المالية غير المصرفية فى أفريقيا قطاع جاذب للعملات الصعبة
واستطلعت المؤسسة آراء نحو 200 من كبار المديرين التنفيذيين الممثلين للشركات متعددة الجنسيات بجانب كيانات الأسهم الخاصة والبنوك الاستثمارية الكبرى حول العالم.
وتوقع أكثر من نصف المشاركين فى استطلاع الرأى أن المستثمرين سيرفعون من حجم إتمام الصفقات خلال الـ12 شهرًا المقبلة بدعم من عدة عوامل محفزة، من بينها ظهور منتجات جديدة فى الأسواق المختلفة فى كل القطاعات والاتجاه المستمر نحو التحول الرقمى بجانب انتعاش الصناعة.
وأشار التقرير إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعى تحتل مكانة بارزة فى عمليات إبرام الصفقات؛ إذ إن ثلث المشاركين فى استطلاع الرأى يضعون خططًا للاستحواذ على شركات تعمل فى مجال الذكاء الاصطناعي.
العمليات دون الـ 250 مليون دولار الأعلى انتشاراً فى الفترة المقبلة
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من التفاؤل بشأن صفقات الاستحواذ والاندماج؛ فإن عام 2024 لا يخلو من مجموعة من العقبات على رأسها البيئات التنظيمية الأكثر صرامة، وخاصة فى الاقتصادات المتقدمة.
ومن المتوقع أن يكون نشاط الاندماج والاستحواذ فى آسيا الأكثر نموًا خلال عام 2024، خاصة فى جنوب وجنوب غرب البلاد.
ورجح التقرير أن يكون تأمين التمويل اللازم لإتمام صفقات الاستحواذ والاندماج خلال العام الجارى أكثر سهولة فى آسيا، فيما سيكون صعبًا فى القارة الأوروبية.
286 صفقة بقيمة أعلى من مليار دولار استهدفت أصولًا أمريكية فى 2023
وأشار إلى أن الاحتياطات النقدية والديون الخاصة ستكون الأكثر استخدامًا فى تمويل الصفقات، موضحًا أن الأخير سيكون الأعلى اهتمامًا من قبل المستثمرين.
ويشير المشاركون إلى سرعة وسهولة الوصول إلى الديون الخاصة باعتبارها عوامل جذب رئيسية لهم؛ إذ يمكن الاعتماد على الديون الخاصة لأن مقدمى الخدمات فى هذا القطاع قد زاد فى ظل وجود مخاطر أكبر للاستثمار فى الأسواق.
وأوضح التقرير أنه على الرغم من ارتفاع سعر الفائدة على مستوى العالم إلا أن الاعتماد على الديون الخاصة ستكون إيجابية فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
ويكشف التقرير عن اختلافات حادة فى الرأى عندما يتعلق الأمر بمسألة المناطق التى من المتوقع أن تشهد أكبر الزيادات فى مختلف أنواع التمويل المتاحة.
ولفت إلى أن رأس المال المعتمد على طرح الأسهم فى الأسواق هو شكل التمويل الذى تقول النسبة الأكبر من المشاركين إنه سيشهد أكبر زيادة فى الاستخدام فى القارة الآسيوية خلال 2024، فى حين أن الاحتياطيات النقدية هى الأكثر الإجابة الشعبية فيالولايات المتحدة.
ويشير التقرير إلى أنه بعد الأزمة المالية عام 2008، أنشأت الشركات احتياطيات نقدية قوية لتمويل الصفقات الصغيرة والمتوسطة.
ومن المتوقع أن تشهد الديون الخاصة أكبر زيادة فى الاستخدام مقارنة بأشكال التمويل الأخرى فى أوروبا، فى حين من المرجح أن تشهد القروض المصرفية التقليدية أكبر نمو فى أستراليا ونيوزيلندا.
وعلى صعيد آخر، من المتوقع أن تكون السندات ذات العائد المرتفع والديون الخاصة هى الأكثر نموًا فى أفريقيا.
ولفت التقرير إلى أنه من المتوقع أن يكون المستحوذون المحليون هم المشترون الأكثر نشاطًا خلال عام 2024؛ إذ يمثلون أكثر من نصف عمليات الاندماج والاستحواذ على مستوى العالم.
وأوضح أنه من المتوقع أن تشهد سوق الاندماج والاستحواذ الأمريكية الحصة الأكبر من العمليات المحلية، فى حين سيقل نسبة مشاركة المستثمرين الاستراتيجيين.
ومن جانب آخر، أفاد التقرير بأن القارة الإفريقية ستشهدًا نموًا فى الصفقات خاصة جنوب أفريقيا بسبب جاذبية قطاع الخدمات المالية غير المصرفية للاستثمارات الأجنبية رغم تابطؤ النشاط الأجنبى فى القارة.
وتابع أن المستثمرين الاستراتيجيين سيكونون الأقل نشاطًا فى القارة السمراء بين المناطق الأخرى حول العالم.
ومن المتوقع أن تكون صناديق التقاعد المحلية أكثر نشاطًا فى الشرق الأوسط وكندا، وأقل نشاطًا فى آسيا وأمريكا اللاتينية.
ولفت التقرير إلى أنه من المرجح أن تمثل الصفقات التى لا تتجاوز قيمتها 250 مليون دولار النسبة الأعلى من العمليات خلال العام الجارى فى كافة المناطق عدا أمريكا الشمالية وأوربا والتى ستنتعش بها الصفقات الأعلى.
وكشفت بيانات «Mergermarket» التابعة لمؤسسة «ION Analytics» أن عدد الصفقات التى لا تتجاوز قيمتها 250 مليون دولار بلغ 12996 صفقة فى 2023 أى ما يمثل نحو %86 من إجمالى الصفقات البالغة 15108 صفقة.
واستحوذ عدد الصفقات التى لا تتعدى 250 مليون دولار فى أوروبا على نحو %84 من إجمالى الصفقات، أما فى أمريكا الشمالية فسجلت %81.
وأوضح التقرير أن أكثر من %93 من الصفقات المعلن عنها فى اليابان فى عام 2023 بلغت قيمتها 250 مليون دولار على الأكثر.
قطاع التكنولوجيا والمعاملات العابرة للحدود الأكثر تداولًا
وأشار إلى أنه من بين 658 صفقة تزيد قيمتها عن مليار دولار تم الإعلان عنها عالميًا فى عام 2023، استهدفت 286 منها أصولًا أمريكية.
وقالت «MergerMarket» التابع لمؤسسة «ION Analytics» المتخصصة فى رصد بيانات أسواق المال فى تقرير سابق أن صفقات الاندماج والاستحواذ على مستوى العالم شهدت تراجعًا خلال عام 2023 بسبب ارتفاع أسعار الفائدة مع زيادة معدلات التضخم، رغم انتعاش العمليات فى الربع الرابع من العام ذاته.
وكانت قد كشفت فى يناير الماضى عن تراجع قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ فى العالم خلال 2023 بنحو 23% إلى 2.9 تريليون دولار مقارنة بـ2022.
ولفت التقرير – الذى حصلت المال على نسخة منه- إلى أن قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ فى العام الجارى هى الأسوأ منذ 2013.
وسجل عدد صفقات الاندماج والاستحواذ خلال عام 2023 أدنى مستوى له منذ 2005 إلى 34.159 ألف صفقة.
واستحوذت أمريكا الشمالية وحدها على %50 من إجمالى صفقات الاستحواذ والاندماج خلال العام الماضي، تليها أوروبا بـ%21 ثم شمال آسيا بـ%12 فيما حصد الشرق الأوسط وأفريقيا نحو %1 لكل منهما.
وسجلت صفقات الاندماج والاستحواذ فى منطقة الشرق الأوسط تراجعًا فى 2023 بنسبة %44.7 على أساس سنوى إلى 39.6 مليار دولار.
وشهدت أفريقيا تراجعًا بمعدل %18.5 إلى 15.9 مليار دولار، وسارت الولايات المتحدة الأمريكية على نفس الدرب بهبوط بلغ %12.3 إلى 1.38 تريليون.
وانخفضت الصفقات فى المملكة المتحدة البريطانية بنسبة %48.7 إلى 121.8 مليار دولار، وفى كندا بـ%17.4 إلى 77.4 مليار، وفى فرنسا بـ%23.7 إلى 69.6 مليار.
وشهدت الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر الماضى إبرام 5 من أصل أكبر 10 صفقات على مدار العام الجاري، تصدرتهما صفقتى استحواذ «إكسون موبيل» على «بايونير ناتشورال ريسورسز» بقيمة 62 مليار دولار بالإضافة إلى تملك «شيفرون» لـ« هس كورب» بـ60 مليار، بحسب التقرير.
واستحوذ قطاع التكنولوجيا على قمة الصفقات المسجلة فى 2023 بنسبة %17 يليه الصحة بـ%14 ثم قطاعى التمويل والطاقة بنفس المعدل %7 والعقارات والاتصالات النسبة ذاتها %4 فيما اقتنص الغاز والنفط %10 أما قطاعات النقل والكيماويات والسيارات فحازت على %3 لكل منها، وكانت الـ%28 المتبقية لقطاعات أخرى.
وتراجعت الصفقات المدعومة بالقروض خلال العام الماضى بنسبة40% على أساس سنوى إلى 424 مليار دولار وهو أدنى مستوى منذ 2016 بسبب تأثير التكلفة المرتفعة للديون على قدرة إبرام عمليات الاستحواذ والاندماج.
وانخفض عدد عمليات الاستحواذ عن طريق الصفقات المدعومة بالقروض بنسبة %25 إلى 2353 عملية، وهو أدنى مستوى منذ عقد من الزمن.
ولم تتجاوز قيمة الصفقات المدعومة بالقروض فى عام 2016 قيمة 400 مليار دولار، فى حين بدأت فى الصعود منذ ذلك العام إلى أن سجلت أعلى قيمة لها فى 2021 إلى ما يقارب 1.1 تريليون.
وأشار التقرير إلى أنه من المحتمل أن تؤدى الرياح المعاكسة الناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض التقييمات إلى خفض نشاط الجهات الممولة للقروض حتى أوائل عام 2024.
توقعات صانعى الصفقات لعام 2024
وأشار التقرير إلى أن المشاركين فى استطلاع الرأى ركزوا توقعاتهم على 5 محاور ضمن سوق صفقات الاندماج والاستحواذ على مستوى العالم خلال عام 2024.
ويتركز المحور الأول حول تخطيط صانعى الصفقات لتحقيق نمو خلال العام الجارى من خلال الاستحواذ على شركات فى قطاع التكنولوجيا والمعاملات العابرة للحدود.
ويشير المحور الثانى إلى دعم سلاسل التوريد، إذ يوضح أن التقرير أن الصفقات التى سيتم إبرامها تسعى لتعزيز عمليات الاستحواذ والاندماج خلال الفترة المقلبة، والتى من شأنها تحقيق العديد من الفوائد من بينها، تحسين الاستدامة، والقدرة على تحقيق نمو أسرع.
ولفت التقرير إلى أن المحور الثالث يركز على البيانات البيئية والاجتماعية والحوكمة، والتى من شأنها أن تلعب دورًا بالغ الأهمية.
وأوضح أنه من المتوقع أن تكون الصفقات التى تعتمد على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة سمة رئيسية لعام 2024، مضيفًا أنها ستتغير استراتيجيات الاستثمار فى العام المقبل”.
يتطلع البعض إلى التكنولوجيا لتحسين مصادقة البيانات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، بينما يعتقد البعض الآخر أنه يجب على البائعين تحسين مستوى أدائهم.
وأوضح أن المحور الرابع سيركز على صعود المستثمرين الناشطين والذين كانوا منذ فترة طويلة سمة من سمات الأسواق العامة، وخاصة فى الولايات المتحدة، وقد نما وجودهم بشكل كبير فى أوروبا وشرق آسيا فى السنوات الأخيرة.
ويركز المحور الخامس على أنهمن المتوقع أن تظل فجوة التقييم بين المشترين والبائعين هو الأمر الأكثر أهيمة فى عام 2024.
ولفت إلى أنه فى حين أن الاختلافات حول التقييمات ليست جديدة، إلا أن عوامل الاقتصاد الكلى تعمل على تضخيم نطاق الخلافات بين البائعين والمشترين.
وأوضح أن بعض المستثمرين سيتجهون إلىالمناطق التى تكون فيها فجوات التقييم مشكلة أقل؛ إذ تكون الأسواق الناشئة واعدة فى هذا الصدد.
وكشف التقرير عن التوقعات بأنه سيشهد قطاع التكنولوجيا أعلى نمو فى نشاط الاندماج والاستحواذ عبر الحدود فى عام 2024، إذ حدده %71 من المشاركين ضمن القطاعات الثلاثة الأولى التى تشهد نموًا فى هذا الصدد. يعد السعى المستمر للتحول الرقمى والطلب المكبوت على الصفقات من بين الدوافع الرئيسية - كما هو الحال بالفعل مع العرض المكبوت.
وحصدت قطاعات علوم الحياة والرعاية الصحية والصناعة على النسبة الأكبر التالية من الأصوات الثلاثة الأولى، بنسبة 40% لكل منها، متقدمة مباشرة على الموارد الطبيعية التى حصلت على 39%.
ويوضح التقرير أنه من المرجح أن يزداد الطلب على الإقرارات والضمانات، بالإضافة إلى تأمين الضمان والتعويض خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
ويشر التقرير إلى أن %61 من المشاركين استطلاع الرأى يتوقعون زيادة استخدام الإقرارات والضمانات بالإضافة إلى تأمين الضمان والتعويض إلى حد ما أو زيادة كبيرة فى جميع أنحاء العالم.
وأوضح أن هناك فجوة ملحوظة بين الأسواق الناشئة والمتقدمة؛ إذ تستعد مناطق آسيا وأفريقيا لتحقيق أكبر قدر من النمو، فى الإقرارات والضمانات، بالإضافة إلى تأمين الضمان والتعويض.
ولفت إلى أن أحد عوامل التى ستوجه لنمو التوجه للإقرارات والضمانات، بالإضافة إلى تأمين الضمان والتعويض يتمثل فى الأسعار التنافسية المتزايدة فى هذا القطاع على مستوى العالم.
وفيما يتعلق بالقطاعات من المتوقع أن يشهد استخدما الإقرارات والضمانات، بالإضافة إلى تأمين الضمان والتعويض أكبر زيادة فى مجال الطاقة والبنية التحتية.
العوائق والعقبات والتحديات
أمام إبرام الصفقات
يُظهر التقرير أن الغالبية العظمى من المشاركين فى استطلاع الرأى يتوقعون زيادة مستوى التدقيق المتعلق بالمسائل البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) بشكل كبير خلال العام الجاري.
ومن المتوقع أن تكون البيئات التنظيمية أكثر صرامة وزيادة تكلفة التمويل، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية فى الشرق الأسط من العقبات التى ستواجه إتمام صفقات الاستحواذ والاندماج.
ففى كل من الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، من المتوقع أن تكون البيئة التنظيمية الأكثر صرامة هى العائق الأكبر أمام إتمام المعاملات فى عام 2024 (بنسبة %66 و%52 من آراء المشاركين فى الاستطلاع على التوالي).
أما فى أوروبا، من المتوقع أن تتمثل العقبة الرئيسية أمام عمليات الاندماج والاستحواذ فى نقص التمويل وزيادة تكلفته، وفى الشرق الأوسط تتمثل فى المخاطر الجيوسياسية.
ويتوقع المشاركون أن تكون العقبة الكبرى أمام إتمام الصفقات فى آسيا هى المخاوف المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية.
وفى حالة كل من أفريقيا وأمريكا اللاتينية، من المتوقع أن يكون للعقوبات وتنظيمات مكافحة الفساد تأثيرًا سلبيًا على عمليات الاندماج والاستحواذ.
