أدت الزيادات السعرية المستمرة منذ بداية العام الحالى لإرباك حسابات معارض السيارات لعدم قدرتها على إحلال الوحدات المبيعة إلا بعد دفع مبالغ إضافية بما يؤدى لتآكل رأس المال وهو ما دفع العديد من أصحاب المعارض إلى وقف البيع تحت شعار «اللى يبيع خسران».
وأوضح أحد أعضاء مجلس إدارة الشعبة العامة للسيارات أن المعارض التى استمرت فى البيع والشراء خلال يناير وفبراير من العام الجارى تحملت أعباء مالية كبيرة بسبب الزيادات المستمرة فى الأسعار والناجمة عن التغير شبه اليومى فى قيمة العملة المحلية بما يؤدى لإعادة تقييم ثمن المركبة بشكل مستمر.
وأضاف أن هذه المشكلة تؤثر فى السوق منذ نحو عامين لكنها كانت ملاحظة بشكل كبير منذ بداية العام بسبب الانخفاض الكبير فى قيمة العملة المحلية فى السوق الموازية رغم استقرارها فى القطاع المصرفى، مشيرًا إلى أن المعرض الذى يبيع السيارة بمبلغ معين يفاجأ فى اليوم التالى بزيادة كبيرة فى سعرها ولا يمكنه إعادة شراء المركبة نفسها بذات القيمة.
وأكد أن معظم المعاملات التجارية على السيارات التى تمت خلال هذه الفترة تعد خاسرة قائلًا: «كل اللى اتباع خسرت فيه.. يناير من أسوأ الشهور خلال 2022 و2023 و2024».
وأشار إلى أنه قام ببيع أعلى فئة من أحد طرازات مرسيدس بسعر 7 ملايين جنيه ثم ارتفعت فى غضون يومين بقيمة 900 ألف جنيه لتسجل 7.9 مليون، دون أن يتمكن من إحلال المركبة التى قام ببيعها بسبب صعوبة الوصول إليها فى ظل إحجام العديد من التجار والموزعين الآخرين عن البيع منذ بداية يناير الماضى.
وتابع إن الأمر نفسه تكرر فى فئة سوبر صالون من نيسان صنى إذ قام ببيعها بسعر 950 ألف جنيه وفى أيام قليلة قارب المليون بزيادة تصل لنحو 40 ألفًا.
وأوضح أن سعر «سكودا كودياك» وصل حاليًا لنحو 3 ملايين و450 ألف جنيه بالأوفر برايس، فى حين كان سعرها بداية شهر يناير 2 مليون و950 ألفًا، ثم تحرك بقيمة 150 ألفا لنحو 3 ملايين و100 ألف، ثم إلى 3 ملايين و300 ألف.
وقال إنه فى كل مرحلة من مراحل تطور سعر السيارة كان يتكبد خسارة قيمتها 150 ألف جنيه، مضيفًا أن هذه المعاملات تسببت فى تآكل رءوس الأموال الخاصة بالمعارض فأصبحوا إما مطالبين بدفع فارق السعر لاقتناء مركبة جديدة أو اللجوء لشراء فئة أقل من نفس السيارة أو موديل أقل فى المواصفات.
وأضاف أن المعارض غير قادرة على تعويض خسائرها المتعلقة بتآكل رءوس الأموال بسبب صعوبة الوصول لمركبة بديلة عن التى تم بيعها إذ يستغرق الوضع حاليًا من يومين إلى ثلاثة وهو فترة كانت كفيلة لأن تشهد زيادات كبيرة فى الأسعار.
وأرجع هذه الحالة من عدم الاستقرار إلى نقص الكميات من مختلف الطرازات خاصة المستوردة بسبب القيود المفروضة على فتح الاعتمادات المستندية وصعوبات تدبير العملة الأجنبية منذ نحو عامين.
كان البنك المركزى المصرى لجأ منذ بداية مارس 2022 إلى ضوابط استيرادية جديدة استهدفت الحد من استنزاف العملة الأجنبية فى جلب السلع والمنتجات من الخارج وكانت السيارات خارج قائمة أولويات البنوك فيما يتعلق بتدبير العملة الأجنبية اللازمة لسداد مستحقات الشركات الأم، كما تسبب ذلك فى نقص عدد كبير من قطع الغيار وصل لحد تعطل بعض المركبات فى مراكز الخدمة لعدم التمكن من الحصول على الأجزاء المطلوبة لإجراء عمليات الصيانة والإصلاح، كما اشتعلت الأسعار بشكل كبير.
وأشارعضو مجلس إدارة الشعبة العامة للسيارات إلى أنه فى الظروف العادية لم تكن سوق السيارات لتشهد عمليات تجارية فى ظل هذا الاضطراب والتخبط فى سياسات التسعير وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لمختلف الشركات بداية من الوكيل مرورًا بالموزعين وصولًا إلى المعارض المنتشرة فى مختلف المحافظات.
وأضاف أنه نتيجة لهذه الأوضاع ظهرت مقولة بين التجار وأصحاب المعارض مفادها «اللى بيبيع خسران» وانتشرت على منصات «السوشيال ميديا» بسبب تداولها بشكل كبير ويبررون هذا الموقف بعدم وجود أسعار ثابتة يتم تداول السلع على أساسها، كما أن وقف البيع يسهم فى الحفاظ على قيمة رأس المال بخلاف ما يحدث مع الشركات التى استمرت فى نشاطها خلال شهر يناير.
وأشار إلى أن هذا التخبط يمس جميع السلع لكن السيارات تعتبر الأكثر تأثرًا بسبب اعتمادها بشكل شبه كامل على التمويلات الدولارية لسداد مستحقات الشركات العالمية نظير التوريد للسوق المحلية سواء للمركبات الكاملة أو المكونات المستخدمة فى عمليات التجميع وهو ما ينعكس فى التقارير الرسمية الخاصة بالواردات أو المبيعات الشهرية للقطاع.
وتراجعت قيمة واردات مصر من مكونات إنتاج السيارات وقطع الغيار بمختلف فئاتها خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالى، بنسبة %18.5 لتسجل 441 مليونًا و985 ألف دولار، مقابل 542 مليونًا و736 ألفا فى الفترة المقابلة من العام السابق.
وتكشف بيانات مجلس معلومات سوق السيارات «أميك» خلال 2023 عن تراجع مبيعات السيارات فى مصر بنسبة %51 لتسجل 90 ألفًا و359 مركبة، مقابل 184 ألفًا و771 وحدة فى 2022.
وانخفضت مبيعات سيارات الركوب «الملاكى» بنسبة %48 لتصل إلى 69 ألفًا و175 وحدة، مقارنة مع نحو 133 ألفًا و857 مركبة، وسجلت مبيعات الأتوبيسات بمختلف فئاتها انخفاضًا بنسبة %51.2 إلى 8 آلاف و461 مركبة، مقابل 17 ألفًا و344 وحدة.
وهبطت مبيعات قطاع «الشاحنات» بنسبة %62 لتصل إلى 12 ألفًا و723 وحدة، مقارنة مع نحو 33 ألفًا و570 مركبة.
