المشروعات النهرية في عيون مستثمرى القطاع الخاص

دعت وزارة النقل شركات القطاع الخاص للمرة الثانية آخرها نوفمبر الماضى للتقدم والمنافسة على الفرص الاستثمارية المتمثلة فى بناء وحدات نهرية حديثة متطورة

Ad

دعت وزارة النقل شركات القطاع الخاص للمرة الثانية آخرها نوفمبر الماضى للتقدم والمنافسة على الفرص الاستثمارية المتمثلة فى بناء وحدات نهرية حديثة متطورة لنقل المواد البترولية مع الالتزام بكافة القيود والإجراءات البيئية للحفاظ على نهر النيل من أى تلوث.

يأتى ذلك بعد أن صدق الرئيس عبدالفتاح السيسى على القانون رقم 167 لسنة 2022 بشأن إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهري، والذى يهدف إلى توحيد جهة ولاية نهر النيل بالكامل لتكون جهة واحدة.

فى نفس الوقت حدد عدد من مستثمرى القطاع الخاص مجموعة من الحوافز الاستثمارية التى يتطلب توفيرها من جانب وزارة النقل، ممثلة فى تابعتها - هيئة النقل النهرى - حال طرح مشروعات بالقطاع أمام الكيانات الخاصة لتنفيذها على غرار ما تم فى مجالات أخرى، منها السكك الحديدية، والموانئ اللوجستية والجافة، والمحطات البحرية.

أكد مستثمرو القطاع ضرورة تنقيح التجارب السابقة ومحاولة معالجة أخطائها، و استغلال امتيازات النقل النهرى المتمثلة فى انخفاض الرسوم مما يؤدى إلى تقليص السعر وزيادة هامش الربح للمشغلين.

وأشار خبراء قطاع النقل النهرى إلى أن المنظومة لن تحل عن نظيرتها البرية، وإنما ستعمل على تخفيف الضغط على شبكة الطرق، والقدرة على التنقل بسلاسة فى المياه النهرية، مؤكدين أن الموانئ النهرية تقدر على نقل كميات أكبر مقارنة بالسكك الحديدية.

قال مجدى غالى رئيس مجلس إدارة شركة نايل تاكسى إن تعافى قطاع النقل النهرى و تعجيل وتيرة طرح موانيه تبدأ من تسريع التشريعات الخاصة ، وحل أزمة البنية التحتية ونقص المحطات الكافية للنقل، بالإضافة إلى عدم وجود مرافق تموين فى مجرى النيل.

ولفت إلى ضرورة تكريك المناطق النهرية التى فى حاجة إلى تعميق، لأنها أكبر عائق أمام مراكب نقل البضائع ومراكب نقل الركاب ذات الكثافة العالية.

وأوضح أن تأخر طرح مشروعات الموانئ النهرية فى مصر أدى إلى ضياع فرص عديدة وتأثيرات سلبية على الاقتصاد والتنمية فى البلاد، إذ كان من الممكن استغلال البنية الطبيعية لنهر النيل للنهوض بالقطاع وتعزيز دوره فى الاقتصاد بشكل أكبر.

وذكر أن من الفرص الضائعة نتيجة تأخير الطرح للموانئ الداخلية تقليل الازدحام إذ أن الموانئ النهرية تُعتبر بديلاً مهمًا للنقل البري، ولو تم تطويرها فى الوقت المناسب، لكانت فرصة لتخفيف الازدحام على الطرق والتخفيف من الضغط عليها، علاوة عن تعزيز النقل اللوجستى والشحن الداخلى والخارجى فى مصر، مما يسهم فى تطوير الصادرات والواردات وتحسن تدفق البضائع بشكل فعال.

وأوضح أن من النتائج الإيجابية دعم الاقتصاد المحلى وتوفير موانئ نهرية للتشجيع على الاستثمارات ودعم الأعمال والصناعات المحلية، مما يُسهم فى توفير فرص العمل وزيادة الإنتاجية.

طالب الدكتور مصطفى صابر رئيس وحدة بحوث النقل النهرى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بالإسكندرية وعضو مركز بحوث النقل، أن يتم التعاون بين القطاع العام واللاعبين الأساسيين من المستثمرين الاستراتيجيين فى نطاق جلسة نقاشية فردية بين كل مستثمر على حدة، لمعرفة متطلباتهم واختيار المعايير المناسبة، بالإضافة إلى توفير التسهيلات اللازمة لهم من قبل الدولة، مضيفًا أنه من الضرورى ارتفاع مدة الانتفاع لتتجاوز 30 عامًا.

ذكر أن عدم تفعيل الاعتماد على الموانئ النهرية ليس لديه تأثير كبير على حركة البضائع،إذ أن هناك بدائل منها النقل السككى والبري، مشيرًا إلى أن من أسباب عزوف المستثمرين عن الموانئ النهرية الفكر الراسخ عن تعدد جهات إصدار تراخيص التشغيل، وعدم الترويج للمشروعات بشكل كافٍ، علاوة على محدودية الشركات العاملة بالقطاع وضعف تنافسيتها.

أشار إلى أن التحدى الرئيسى الذى يواجه المستثمرين يكمن فى تعقيدات الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة لإقامة الموانئ النهرية وفقًا للمعايير الهندسية المطلوبة، بهدف تسهيل إنشاء ممرات الملاحة وتحديد نوع البضائع التى سيتم نقلها عبر المراكب المقرر تشغيلها.

تناول “صابر” الحواجز الأخرى التى تعترض طرح الموانئ الداخلية، والتى منها الأعماق الملائمة لعبور الوحدات البحرية بأمان، ونقص التدريب الكافى للعمالة المختصة.

وذكر أنه على الرغم من نقص المعدات المتاحة لعمليات الشحن والتفريغ بسرعة مقارنة بالموانئ البرية والبحرية، فإنها تتمتع بميزات ملحوظة فيما يتعلق بالحجم والحمولة، مما يتيح نقل كميات من البضائع تفوق حمولة 40 سيارة نقل برى فى رحلة واحدة.

وأشار ر إلى الدراسات التى تمت داخل وحدة البحوث الأكاديمية المعنية بأسباب اختيار مواقع الموانئ النهرية، موضحًا الفرق بين شراء المستثمرين وطرح الحكومة، إذ أن الأولى تتمثل فى التعاقد المباشر مع صاحب الأرض، بينما الشكل الثانى يتضمن العديد من الخطوات الروتينية والتى منها تكليف المحافظين ورؤساء المحليات بتحديد الأماكن المناسبة .

وتابع “صابر” أن الدراسات انتهت على اختيار 4 مناطق مناسبة هى “سوهاج، أسيوط، ميت غمر، بالإضافة إلى قنا”، موضحًا أن تلك الأماكن تم طرحها عدة مرات ولكن لا يوجد إقبال، موضحًا أن المناطق المختارة من قبل هيئات الدولة لا يستحسنها المستثمر فى الغالب.

وأشار إلى أن أهم النتائج المترتبة على تفعيل دور الموانئ النهرية يتمثل فى رفع عدد العمالة وبالتالى زيادة فرص العمل المتاحة، إلى جانب تشغيل الترسانات وعودة صناعة السفن على نطاق واسع مما يؤدى إلى توفير عملة صعبة، كما ينتج عن هذا التفعيل تقليل استخدام السولار الناتج عن النقل البري.

من جهته قال اللواء كريم أبوالخير خبير النقل النهرى أن السبيل الأمثل لتعجيل الطرح يتمثل فى توفير مستثمر جاد لديه الرغبة فى الاستفادة من مميزات قطاع النقل النهري، ليكون بمثابة تجربة للباقيين.

وأضاف “أبو الخير” أن استعجال الطرح يؤثر بشكل إيجابى على العديد من قطاعات النقل ويعمل على تقليل تكلفة شحن البضائع، مشيرًا إلى أن تجربة النقل البحرى تتميز عن نظيرتها النهرية فى كونها أكثر طلبًا، موضحًا أن ذلك الطرح سيؤدى إلى تشجيع وفتح باب لتسهيلات جديدة.

وذكر أبو الخير أن إنشاء الموانئ النهرية يعمل على خلق فرصة لتحسين البنية التحتية النهرية وزيادة استخدام الموانئ لدعم التجارة الداخلية والخارجية، مستكملًا أن التأخير فى إنشائها يؤثر على قطاع السياحة ، إذ يمكن الاستفادة من النيل كمقصد سياحى مهم فى البلاد.

أوضح أبو الخير أن التأخر فى تطوير تلك الموانئ يجبر الاعتماد على وسائل النقل البديلة مثل البرية الأقل كفاءة أو يسبب ازدحاماً مرورياً.

وأشار إلى أهمية تطوير الموانئ النهرية الحالية لتدعيم عمليات النقل والشحن والتفريغ، حيث لم يعد النقل النهرى فى حالته الأمثل حتى الآن ويفتقر إلى جميع المعدات اللازمة لعمليات الشحن والتفريغ، ولكنه أوضح أنه يُمكن مؤقتاً التعويض عن ذلك من خلال إيجار المعدات.