لجأت العديد من شركات الشحن العالمية إلى تغيير مسار إبحار سفنها لتجنب المرور عبر البحر الأحمر بعد استمرار هجمات الحوثيين فى تلك المنطقة، وهذا التحول فى مسار الشحن البحرى أثر على مواعيد التسليم وزاد من التكاليف بسبب طول المسافة البديلة التى يجب أن تقطعها السفن، وقد يرفع بالتبعية إلى انتعاش النقل الجوى خلال الفترة القادمة.
أوضح عدد من خبراء الشحن الجوى لـ»المال»، أن حجم الاستفادة التى تعود على القطاع بسبب الاضطرابات الأخيرة لا يتعدى %5، مؤكدين أن هناك عوامل وحدود تتحكم فى نسبة الانتفاعبالنقل عن طريق خطوط الطيران.
قال أشرف الشهات، نائب رئيس شعبة النقل الدولى واللوجيستيات بغرفة القاهرة التجارية، إن التأثير الإيجابى سوف يظهر على البضائع الإلكترونية الصغيرة وغيرها سريعة التلف وسهلة الشحن.
وأضاف أن الوزن والوجهة المحددة للنقل هما عاملين رئيسيين لتحديد تكلفة الشحنات الجوية، مشيرًا إلى أنه كلما ارتفع وزن الحمولة وكانت دولة الشحن بعيدة كلما ارتفعت التكلفة، وبالتالى من الصعب نقلها جوًا.
ولفت إلى أنه مع تثبيت وجهة البضائع فى كل من الشحن البحرى والجوى إلى دولة محددة، وتقدير الحمولة بواقع طن متر مكعب فى كليهما، فإن رسوم النقل عبر البحر تقدر بحوالى 150 دولارًا، بينما النوع الأخر 2000 دولار، أى أن تكلفة الشحن الجوى يكافئ أكثر من 13 ضعف البحرى.
وتابع «الشهات» دول الشرق الأوسط والصين من أكبر المستفيدين، إذ يعتبر الشحن الجوى خيارًا جذابًا للشركات التى تحتاج إلى نقل سريع وفعال للبضائع، ومن الممكن أن يكون البديل الأمثل فى ظل الأزمات البحرية والتحديات اللوجستية الحالية وزيادة الطلب على الشحن الجوى أو سبل الشحن التى تجمع بين النقل البحرى والجوى.
جدير بالذكر أن هناك إحصائيات للاتحاد الدولى للنقل الجوى (إياتا) تشير إلى أن الاستقرار والتوتر الجيوسياسى هما العاملين الرئيسيين المساهمين فى تقلص مساهمة شركات الطيران فى حركة التجارة العالمية إلى أقل من %1.
وحققت شركات الطيران فى الشرق الأوسط زيادة بنسبة 13.5 بالمئة على أساس سنوى فى أحجام الشحن، وزادت السعة بنسبة 15.4 بالمئة مقارنة بشهر نوفمبر 2022.
وقال نائب رئيس شعبة النقل الدولى واللوجيستيات بغرفة القاهرة التجارية، إن الشحن الجوى يمثل من %3 إلى %7 من حجم التجارة العالمية، موضحًا أن تلك النسبة صغيرة ولا يؤثر انتعاشها على حجم التجارة.
وأشار إلى ضرورة تطوير أسطول النقل الجوى المصرى ومحاولة الحصول على طائرات أكبر حجمًا لتناسب حجم البضائع التى يتم نقلها، علاوة عن أهمية حل مشاكل خطوط الطيران وتأهيلها للدخول إلى أسواق دولية مختلفة.
ومن جانبه، قال خالد صبرى، سكرتير عام شعبة خدمات النقل الدولى،إن السلع الموسمية البسيطة هى الأنسب فى النقل الجوى، مؤكدًا أن ذلك يحدث دائمًا دون وجود اضطرابات.
وأوضح أنه على رغم احتمالية إنتعاش النقل جويًا، إلا أنه لا يمكن اعتباره بديل للشحن البحرى، إذ إنه يمتلك مواصفات معينة تعوق جعله البديل الأمثل، ومنها ضعف قدرة الاستيعاب إلى جانب ارتفاع تكاليف الشحن.
يشار إلى أن اتحاد «إياتا» كشف فى احصائياته الأخيرة عن ارتفاع نسبة الطلب على الشحن الجوى للشهر الرابع على التوالى، كما زاد الطلب العالمى على الشحن الجوى المقاس بطن الشحن لكل كيلومتر ــ بواقع %8.3 فى نوفمبر الماضى مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، وبالنسبة للعمليات الدولية بلغ نمو الطلب 8.1 بالمئة.
واستعرض سكرتير عام شعبة خدمات النقل الدولى بالإسكندرية، بعض البدائل الممكنة كحلول مؤقتة خلال الأزمة الحالية فى منطقة البحر الأحمر، ومنها استخدام طرق الشحن البرية، ومسارات الشحن البحرى، بالإضافة إلى التعاون مع شركات الشحن الأخرى ومراجعة وتحديث استراتيجيات الشحن.
أوضح أنه يمكن للشركات النظر فى استخدام طرق الشحن البرية كبديل، إذ يمكن استخدام الشاحنات والقطارات لنقل البضائع عبر البر، لافتًا إلى أن هذا يمكن أن يكون خيارًا أكثر أمانًا وسرعة فى ظل الاضطرابات البحرية.
وتابع: يمكن للشركات النظر فى استخدام طرق الشحن الجوى يمكن استخدام الطائرات لنقل البضائع بسرعة وفعالية، وسيكون يكون خيارًا جيدًا مناسب للشحن العاجل وللبضائع الصغيرة سهلة النقل، موضحًا أن ذلك من الممكن أن يتم من خلال توصيل البضائع حتى نقطة محورية «ترانزيت» على أن يتم توزيعها فيما بعد بريا.
وقال «صبري» إنه يجب على الشركات مراجعة وتحديث استراتيجيات الشحن الخاصة بها لتناسب الظروف الحالية، لتحسين عمليات الشحن وتحديد الأولويات وتحسين الكفاءة للتكيف مع الاضطرابات البحرية.
وفى سياق متصل، قال عبدالعال على، رئيس لجنة الجمارك والضرائب شعبة خدمات النقل الدولى بالقاهرة، إن الانتعاش المتوقع نسبى وغير فعال، مشيرًا إلى أن متوسط استيعاب المركبة الواحدة يقدر بحوالى 20 ألف حاوية، لافتًا إلى أن ذلك يعادل احتياج 5000 طائرة تقريبًا، أى أن كل طائرة من الأسطول قادرة على نقل محتويات 4 حاويات فقط.
وأشار إلى أنه حاليًا يحتاج النقل عن طريق البحر وقت إضافى قدره 14 يومًا لاستخدام طريق رأس رجاء الصالح، موضحًا أن تكلفة ذلك لا تجعل من الجوى بديل، إذ إن تكلفة الشحن من خلال الطائرات أكبر بكثير من مثيلتها بالسفن، حتى فى ظل المعوقات الأخيرة.
وأوضح رئيس لجنة الجمارك والضرائب بشعبة خدمات النقل الدولى، أن من معوقات القطاع تأخر التصنيف العالمى، وزيادة عدد العمالة إلى جانب خسارة شركات الشحن الجوى، وعدم القدرة على فتح أسواق مختلفة فى قارة أفريقيا.
ورجح ضرورة تغيير سياسة الطيران وتقييم التوجهات المخطط لها ومحاولة استثمار الانتعاش المتوقع حدوثه الفترة القادمة، على الرغم من صغر حجم ذلك الانتفاع.
وأشار إلى أن الشحنات الجوية فى مصر تواجه بعض التحديات فيما يتعلق بالبنية التحتية والتسهيلات الجوية المتاحة، إذ يكون هناك حاجة لتحسين المطارات وتوفير مرافق وخدمات تلبى احتياجات شركات الشحن الجوى.
