أكد عدد من خبراء التأمين أن سوق التأمين تشهد فى جميع بلدان العالم طلبا على وثيقة المسئولين والمديرين التنفيذيين، التى توفر تغطيات تحول دون الآثار السلبية للقرارات غير الصائبة التى ربما أضرت بصالح المؤسسات العاملين بها أو المساهمين فيها أو المتعاملين معها، فى ظل زيادة الظروف الاقتصادية المتغيرة وغير المؤكدة والضغوط التنظيمية ومطالب الموظفين، إضافة إلى ممارسات التوظيف المشددة، ونمو وعى الموظفين والاستثمار فى الخارج، من احتمال التعرض لدعاوى تستهدف أصول أعضاء مجلس الإدارة والمديرين الشخصية وسمعتهم والمؤسسات.
وأوضحوا أن وثيقة تأمين المديرين والمسئولين تهدف إلى تغطيات الأشخاص المكلفين باتخاذ القرارات داخل المؤسسات، عبر توفير التغطيات لمخاطر سوء الأداء المالى وخطأ التقارير المالية الذى يمكن أن يؤدى إلى الإفلاس، وتتطرق كذلك إلى أخطار إفشاء المعلومات الداخلية بالشركات بشكل غير صحيح، إضافة إلى القرارت الإستراتيجية التى تتخذها الكوادر العليا ومجالس الإدارات، مما يؤدى إلى خسائر مالية لأصحاب الحقوق.
ووضحوا أن ذلك النوع من التغطيات يتكفل بتكاليف التحقيقات القانونية مع المديرين المتسببين فى القرارات غير الصحيحة وتكاليف مواجهة المؤسسات للأزمات حال هبوط أسعار الأسهم، فى حين أنها تشمل تكاليف تأثر سمعة الشركات بالسلب من جراء إخفاقات اتخاذ قرارات صحيحة وما يتبعها من مشكلات، كمجال يستفيد منه المساهمون بالمؤسسات أو المستثمرون والمديرون لحماية مؤسساتهم، من ناحية خفض درجة مخاطر قراراتهم فى حالة الإخفاق المالى أو اكتشاف عدم الدقة فى البيانات الفنية بها من ناحية أخرى.
وقال وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشارى، إن أهم المخاطر التى يمكن أن يقع فيها المديرون المسئولون فى أى شركة سوء الأداء المالى، الذى يمكن أن يؤدى إلى الإفلاس، والخطأ فى التقارير المالية، وإفشاء المعلومات الداخلية بالمؤسسة بشكل غير صحيح، ونزاعات العقود المتعلقة بسوء الأداء المالى نتيجة المعلومات الخاطئة.
وأضاف أن وثيقة تأمين مسئولية المديرين والمسئولين (D&O) تحمى الأصول الشخصية لمديرى الشركات والمسئولين وأزواجهم، فى حالة مقاضاتهم شخصيا من الموظفين أو البائعين أو المنافسين أو المستثمرين أو العملاء أو الأطراف الأخرى، بسبب أفعال فعلية أو مزعومة غير مشروعة فى إدارة الشركة.
وأوضح أن تأمين مسئولية المديرين والمسئولين يوفر الدعم المالى لمخصص التعويض القياسى، الذى يحميهم من الخسائر بسبب دورهم فى الشركات، إذ يمكن أن تتم مقاضاة المديرين والمسئولين لأسباب متنوعة تتعلق بأدوار الشركات، بما فى ذلك الإخلال بواجب الوكالة الذى تنتج عنه خسائر مالية أو إفلاس أو وصف مزيف لأصول المؤسسات أو إساءة استخدام أموالها وعدم الامتثال لقوانين مكان العمل وسرقة الملكية الفكرية أو العملاء المنافسين وعدم وجود حوكمة الشركات.
وأشار إلى أن أهمية الوثيقة تكمن فى أن المزيد من الشركات باتت تعمل فى بيئة متعددة الجنسيات، بينما يتواجد المستثمرون وشركاؤهم فى التجارة بمناطق وسلطات قضائية مختلفة حول العالم، ما يعنى أن المديرين والموظفين عليهم الالتزام باللوائح والتقيد بها والكيانات الحكومية المختلفة وآراء مراجعى الحسابات وأحدث الممارسات لإدارة الشركات ومخاطر الإدارة فى العديد من المواقع.
وأكد أن الوثيقة توفر تغطيات المسئولية القانونية للمديرين مع الحماية من مطالبات أى طرف ثالث لأفعال غير مشروعة قد تنجم عن إجراءات قد يتخذونها فى إطار واجباتهم الاعتيادية، ولا تغطى تلك الوثائق التأمينية المسئولية القانونية الشخصية لمديرى الشركة وموظفيها كأفراد فقط، بينما تعوّض المؤسسة المؤمن عليها فى حالة قيامها بدفع مطالبات طرف ثالث نيابة عن مديريها من أجل حمايتهم، كما يجوز لشركات الأسهم المدرجة أيضا الحصول على تغطيات للمطالبات ضد سبب فعل غير مشروع فيما يتعلق بتداول أوراقها المالية.
وقالت أمانى الماحى، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين واستشارى العلاقات الدبلوماسية بالاتحاد الأفروآسيوى للقانون الدولى، إن الرؤساء التنفيذيين سيواجهون العديد من التحديات فى عام 2024، كعدم اليقين الجيوسياسى ومستقبل العمل والهجمات الإلكترونية فى بيئات اقتصادية أكثر تحديا، بينما تظل الحاجة لتأمين الرؤساء التنفيذيين فى ظل تلك التحديات أكثر أهمية لتغطية ما قد يقع من أخطاء.
وأشارت إلى أن اتجاهات ميزان القوى وتباطؤ الاقتصاد يوجب على الرؤساء التنفيذيين الانتباه إلى الدروس المستفادة من الاختلالات الهيكلية التى تدفع سوق العمل إلى عمليات الدمج والاستحواذ، كجزء من قواعد اللعبة لعام 2024 وعلى مدى السنوات الـ3 المقبلة، مما يزيد من أهمية التأمين لقاء عمليات الخطورة المتوقعة من جراء ذلك.
وأكدت على أهمية وثائق تأمين مسئولية المديرين والموظفين، مشيرة إلى أن %56 من الرؤساء التنفيذيين قد يقومون بعمليات استحواذ ذات تأثير كبير فى ظل احتماليات حدوث ركود، ما يتطلب مواجهة التزامات المؤسسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، التى تم التعهد بها خلال أوقات الازدهار.
وألمحت إلى أن %70 من قادة الأعمال فى العالم يعتمدون على برامج حوكمة الشركات الخاصة بهم، التى تعمل على تحسين أدائها المالى، إضافة إلى خفض تكاليف رأس المال وتعزيز الاحتفاظ بالموظفين والعملاء وتحسين مرونة الأصول الرئيسة، إلا أن %59 من الرؤساء التنفيذيين قد يتوقفون مؤقتا أو يعيدون النظر فى جهودهم الحالية أو المخطط لها فى مواجهة عدم اليقين الاقتصادى فى ظل 2024.
وأوضحت أن التوتر قصير الأجل مقابل نظيره الطويل يخلق فرصة واضحة للقادة الذين يمكنهم الاستمرار فى طريقهم لتعزيز الميزة التنافسية، بينما سيكون تأمين مسئولية المديرين التنفيذيين حلا ناجعا لاتخاذ خطوات فى سبيل الازهار، دون الخوف من خطورة الانطلاق فى عالم ملبد بالتخوفات.
وأكدت أن الرؤساء التنفيذيين، فى 2024، يحتاجون إلى استمرارية مواجهة الأخطار، لا سيما المتعلقة بالسمعة، فضلا عن معالجة المخاطر المستمرة على مؤسساتهم، مثل ارتفاع الهجمات الإلكترونية، إضافة إلى الاستثمار المستمر فى البنية التحتية للأمن السيبرانى الذى أصبح أمرا حتميا فى العام الجارى، إذ يعد مليئا بالفرص والتحديات للمديرين التنفيذيين فى قيادة مؤسساتهم نحو مستقبل مشرق.
وأشارت إلى دور الأمن السيبرانى، كأولوية قصوى للرؤساء التنفيذيين فى 2024، للمتطلعين إلى حماية مؤسساتهم من التهديدات المتطورة باستمرار، الذى يمكن أن يجلب لهم المساءلات القضائية، لا سيما أن ذلك النسق لا يواكب الاتجاهات الحديثة فى مجال الأمن الرقمى فحسب، بل يشمل أيضا اعتماد نهج استباقى لتحديد المخاطر والتخفيف من حدتها.
وأظهرت أن آلية وثائق التأمين للمديرين والمسئولين تتضح من مدى أهميتها فى حماية أصولهم الشخصية، عندما يتعلق الأمر بالأخطاء التى قد يقعون فيها أثناء أداء واجباتهم الإشرافية والإدارية، إضافة إلى أن عولمة الأعمال وزيادة الاهتمام بحوكمة الشركات تزيد من مسئوليات المديرين والموظفين، نتيجة كونهم جزءا من مجالس إدارة المؤسسات، مما يؤدى إلى نمو الطلب على ذلك النوع من التأمين.
وقال الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة بجامعة القاهرة، إن وثائق تأمين المديرين والموظفين «Directors&Officers» تغطى المسئولية لمديرى الشركات، وحمايتهم من المطالبات التى قد تنشأ عن القرارات والإجراءات المتخذة ضدهم كجزء من واجباتهم، حيث تُعنى البيئة القانونية بمواجهة الشركات لاحتمالات المسئوليات والدعاوى القضائية.
وبيّن أن دافع الشركات لتأمين المديرين التنفيذيين يرجع إلى أن الدعاوى القضائية باهظة الثمن، والتكاليف المرتبطة بها آخذة فى الارتفاع، بينما إن لم يكن لدى المؤسسات برامج تأمين جيدة للرؤساء التنفيذيين فمن غير المرجح أن تكون قادرة على جذب المواهب الإدارية العليا، نظرا إلى المخاطر المحتملة التى قد تنطوى عليها.
وأوضح أن ذلك النوع من التأمين إنما يعوّض تكاليف الدفاع التى يتكبدها أعضاء مجلس الإدارة والمديرون والموظفون فى الدفاع ضد المطالبات المقدمة من المساهمين أو الأطراف الثلاثة بشأن المخالفات، كما يغطى ذلك النوع من التأمين المدراء التنفيذيين من الأضرار المالية والتسويات والتعويضات الناتجة عن تلك المطالبات.
وأفاد بأن التغطيات عادة ما تكون للمديرين والمسئولين الحاليين والمستقبليين والسابقين فى الشركة والفروع التابعة لها، إذ تغطى الأفعال التى تم أداؤها أو حذفها أثناء وجوده فى المنصب، مما يعنى أن الفرد إذا لم يعد عضوا فى مجلس الإدارة وتم تقديم مطالبات خلال فترة الوثيقة ضده لارتكاب مخالفات مزعومة كعضو مجلس إدارة، فسيظل مشمولا بموجب الوثيقة المعمول بها أثناء تقديم المطالبات، بينما لا تغطى وثائق التأمين للرؤساء التنفيذيين الإجراءات الاحتيالية أو الجنائية المتعمدة.
وألمح إلى أن شراء مثل هذا النوع من وثائق التأمين يتيح للرؤساء التنفيذيين ضمان حماية سمعتهم وأصولهم المالية الشخصية، دون تحمل تكاليف، بينما يزيد من قدرة الشركات على اجتذاب واستبقاء القادة التنفيذيين الموهوبين، كما يؤمّن غطاء تأمين المسئولية للشركات المدرجة فى البورصة ضد مطالبات حملة الأسهم والمستثمرين أو مزاعم المنظمين بانتهاك قوانين الأوراق المالية أو لوائح السوق.
وقال محمد الغطريفى، وسيط تأمين، إن المديرين يمكنهم ارتكاب أخطاء أثناء أداء واجباتهم فى معظم الحالات، وقد يكونوا مسئولين بشكل شخصى عن القرار والإجراءات التى يتخذونها، مما يزيد من تعرض الشركات لمخاطر مسئولية المديرين والمسئولين.
وتابع إن الأسباب الرئيسة التى تدفع المؤسسات إلى ذلك النوع من التأمين يرجع إلى مخاطر تنفيذ عمليات المراجعة والعمليات الداخلية وتوسيع المساءلة الفردية للمديرين والمسئولين عن سوء الإدارة وعدم الإفصاح والتركيز المتزايد على دور المديرين غير التنفيذيين وزيادة الإفصاح والاتصال مع المساهمين والمجتمع والحاجة إلى الإعلان عن مصادر الدخل التى قد تكون إما مباشرة أو غير مباشرة وكذلك الالتزام بعمليات الترخيص ذات الصلة.
وذكر أن استثناءات وثيقة المديرين التنفيذيين الشائعة تشمل الاحتيال والأعمال الإجرامية المتعمدة والمكافآت غير المشروعة أو الربح الشخصى والمطالبات المقدمة بموجب وثائق سابقة.
وأوضح أن من يستطيع الحصول على تأمين مسئولية المديرين والمسئولين هم المديرون السابقون أو الحاليون أو المستقبليون والمديرون غير التنفيذيين والموظفون فى الأدوار الإدارية أو الإشرافية.
ولفت إلى أن هناك مصدرين لمطالبات تأمين مسئولية المديرين التنفيذيين، منها الداخلية أو الخارجية، وتشمل المطالبات الداخلية الإفلاس أو من الشركة نفسها، أو من فرع تابع أو الأشخاص المؤمن عليهم، بينما تشمل مصادر المطالبات الخارجية المساهمين والدائنين والعملاء والموردين والمنافسين والضرائب والضمان الاجتماعى والموظفين.
يذكر أن تقرير صادر عن شركة نورتون روز فولبرايت Norton Rose Fulbright -، المتخصصة فى القانون الدولى، أن الشركات وقطاع الأعمال عليها تبنى إستراتيجيات ذكية تسمح لها باجتياز الظروف غير المتوقعة التى تواجه الشرق الأوسط فى الفترة الراهنة، لا سيما عند الحديث عن الشركات الناشئة، التى تلقت أو على وشك الحصول على تمويل رأس مال استثمارى.
وهكذا، فإن وجود سياسة جيدة لتصميم وتنفيذ وثائق تأمين المديرين التنفيذيين يمنحها القدرة على دفع تكاليف الدعاوى القضائية، خاصة إذا كانت المطالبات معقدة قد تستغرق شهورا أو سنوات، مثل النزاعات التعاقدية وخرق الواجب الائتمانى والإنهاء غير المشروع وعدم الالتزام باللوائح والقوانين الخاصة بنوع النشاط أو المجال.
مصطفى: تحمى الأصول الشخصية للمسئولين وأزواجهم
جودة: تعوّض تكاليف الدفاع ضد مطالبات المساهمين أو الأطراف بشأن المخالفات
الماحى: عدم اليقين الجيوسياسى والهجمات الإلكترونية أكبر التحديات فى 2024
الغطريفى: تستثنى أعمال الاحتيال والإجرام المتعمد والمكافآت غير المشروعة
