أوضح خبراء ومحللون مصرفيون أن التعليمات الجديدة التى أصدرها البنك المركزى لاستخدام البطاقات الائتمانية لأغراض السفر للخارج جاءت مدفوعة بوجود حالات من التلاعب، وإساءة الاستخدام للنقد الأجنبى.
وأضافوا فى تصريحات لـ«المال»، أن هذه التحركات تتشابه تقريبًا مع تلك التى كانت قد اتخذت خلال عام 2016، وهو ما يعنى احتمال حدوث تحرير قريب لسعر الصرف، موضحين أن أزمة نقص الدولار هى الدافع الأساسى ربما وراء هذه التحركات.
وذكروا أن هناك عدة مسارات للخروج من هذه الأزمة أبرزها إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى تنفيذ الخطة الاستراتيجية التى كانت الحكومة قد أعدتها من قبل، والتى تعمل على توطين الصناعة وتعزيز الصادرات ودمج الاقتصاد الخاص فى الاقتصاد الوطنى.
الدماطى: حالات التلاعب وراء إصدارها
قالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، إن البنك المركزى لم يصدر أى تعليمات جديدة فيما يتعلق باستخدام بطاقات الائتمان لأغراض السفر، وإنما كل ما هنالك أنه أعاد التأكيد على تعليمات أخرى قديمة كان قد أصدرها من قبل.
وكان البنك المركزى قد أصدر، مؤخرًا، كتابًا دوريًّا بشأن ضوابط استخدام البطاقات الائتمانية لأغراض السفر للخارج، ليؤكد فيه على ما جاء فى الكتاب الدورى الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2023، والذى بموجبه يتم إرساء قواعد استخدام البطاقات الائتمانية خارج البلاد، وتحديد الإجراءات اللازم اتخاذها حال عدم الالتزام بها.
وأوضحت الخبيرة المصرفية أن البطاقات نوعان: خصم وائتمان، وهذه الأخيرة تنقسم إلى بطاقات للسحب النقدى وبطاقات مشتريات، لافتة إلى أن كل بنك يضع الحدود الائتمانية لكل بطاقة بحسب معطياته الخاصة.
وأشارت إلى أن حجم الائتمان يختلف من بنك إلى آخر، لافتة إلى أن ذلك يعتمد على حجم حساب العميل وكذلك نوعية الاستخدام، والحساب المستخدم هو بالدولار أم بالعملة المحلية.
وأكد البنك المركزى، فى ضوء متابعته للتطورات فى هذا الشأن، على بعض التعليمات بخصوص التعامل مع العملاء الذين لم يتقدموا بما يثبت استخدام البطاقة اثناء التواجد بالخارج، خلال فترة حدها الأقصى 90 يومًا من تاريخ فتح حدود الاستخدام.
وشدد على ضرورة إيقاف البطاقة الائتمانية وإدراج العملاء على المنصة المعدة من قبل الشركة المصرية للاستعلام الائتمانى فى هذا الشأن، وكذا نظام تسجيل الائتمان بالبنك.
نقص المعروض النقدى من الدولار
وأكدت «الدماطى» أن هذه التطورات والإجراءات التى يتخذها البنك المركزى تأتى مدفوعة بوجود نوع من «التلاعب الرهيب»، على حد وصفها، ناهيك عن تنامى حجم السوق السوداء، والتى يقدر حجمها بأكثر من 30 مليار دولار.
وأوضحت أن هذه التحركات تأتى أيضًا مدعومة بشح شديد فى المعروض النقدى من العملة الأجنبية، وهو الأمر الذى يدفع إلى اتخاذ كافة الإجراءات التى من شأنها الحد من عمليات التلاعب، وإساءة استخدام العملة الأجنبية.
وأوضحت أن هناك حلولًا عدة للخروج من هذه الأزمة، أبرزها إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، خاصة وأنه أشار إلى احتمالية رفع قيمة القرض لتصل إلى نحو 12 مليار دولار، وذلك عبر التعاون مع الأطراف الأخرى، مبينة أن هناك عدة اشتراطات يطلبها الصندوق على رأسها تحرير سعر الصرف.
وذكرت أن هذه الخطوة لا يمكن اللجوء إليها إلا فى حال توافر كميات كبيرة من الدولار لدى البنك المركزى، وهى ذاتها الحصيلة التى تمكنه من اتخاذ القرار مع ضمان عدم حدوث تشوه على صعيد سعر الصرف.
وأوضحت أن الدولة كانت قد استراتيجية متوسطة المدى للخروج من هذه الأزمة تتضمن عدة محاور أبرزها: تحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض المحاصيل الزراعية، وكذلك العمل على تعزيز الصادرات، وأيضًا العمل على توطين الصناعة، ودمج القطاع الخاص، ومحاولة تقليص الدين العام.
وطالب النبك المركزى المصارف العاملة فى السوق المحلية بإيقاف استخدام البطاقات الائتمانية فى الخارج للعملاء المدرجين بالتقرير اليومى المعد من قبل الشركة المصرية للاستعلام الائتمانى وفقًا للمنصة.
ناهيك عن وجوب عدم إصدار بطاقات ائتمانية جديدة، أو فتح حدود البطاقات القائمة للاستخدام بالخارج للعملاء المدرجين بالمنصة المشار إليها، مع مراعاة إرسال رسائل نصية للعملاء فى حالة عدم التقدم بالمستندات اللازمة خلال الفترة المذكورة وقبل إيقاف البطاقات.
مرونة فى بعض التعليمات
ومن جانبه، أشار محمد بدرة، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة أحد البنوك، أن هذه التعليمات الجديدة التى أصدرها البنك المركزى المصرى بمثابة نوع من التسهيلات أو المرونة الأكثر، خاصة أنه كان قد ألغى، فى وقت سابق، التعامل على بطاقات الائتمان.
وكان عدد من البنوك المحلية العاملة فى السوق المصرفية المصرية قد قرر، خلال ديسمبر الماضى، وقف استخدام البطاقات الائتمانية الجديدة بالخارج لمدة 6 أشهر من تاريخ الإصدار، وتم تطبيق القرار من يوم الأربعاء 20 ديسمبر، أبرزها البنك الأهلى المصرى، ومصر، والتجارى الدولى.
فيما قررت جميع البنوك المحلية العاملة فى السوق المصرية، اعتبارًا من 10 أكتوبر الماضى، قرَّرت وقف التعامل بالعملات الأجنبية على بطاقات الخصم.
وقلصت البنوك المصرية فى الأشهر القليلة الماضية مقدار العملة الأجنبية التى تبيعها للعملاء عند السفر والمبلغ الذى يمكنهم الشراء به من بطاقاتهم الائتمانية أثناء وجودهم بالخارج.
بدرة: يُحتمل إلغاؤها فى حال معالجة أزمة شح المعروض من الدولار
وأشار «بدرة» إلى أن هذا السيناريو قد حدث بالفعل خلال عام 2016 عشية التعويم وقت ذاك، وهو ما يعنى أن خيار تحرير سعر الصرف قادم لا محالة.
وأوضح أن بعض البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية ترجح أن يصل سعر صرف الدولار إلى نحو 45 جنيهًا، مبينًا أن القضاء على السوق السوداء مرتهن بتوافر مقدار كبير من العملة الأجنبية، وتوفر كافة الاحتياجات من النقد الأجنبى.
وتوقع أن يعمل البنك المركزى المصرى على إلغاء هذه التعليمات فى حال حل مشكلة نقص المعروض النقدى من الدولار، وهو ذات الأمر الذى حدث فى عام 2016.
