بدأ مستثمرو السندات يتوجهون نحو عدد من البلدان التى حرمت من الوصول للأسواق الدولية خلال العامين الماضيين، مما زاد الآمال فى أن أزمة الديون فى الدول النامية فى طريقها إلى الانحسار، بحسب تقرير لصحيفة “ فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وبحسب الصحيفة، أدى ارتفاع السندات العالمية خلال الشهرين الماضيين، تحسبا لتخفيضات أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى، إلى تزايد الديون عالية المخاطر إذ يسعى المستثمرون إلى تحقيق عوائد أعلى.
وقد ساعد انخفاض تكاليف الاقتراض فى انتشال البلدان من أزمة الديون، وفقا للصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن عشر دول وهى أنجولا ومصر والسلفادور والجابون والعراق وكينيا ومنغوليا وموزمبيق ونيجيريا وطاجيكستان شهدت انخفاض فروق أسعار الاقتراض لديها، وهو ما يثير احتمال أن تتمكن المزيد من الدول النامية من إعادة تمويل ديونها باقتراض جديد بدلا من الانضمام إلى مجموعة الاقتصادات التى تعثرت فى أعقاب جائحة كوفيد - 19.
قال سايمون وايفر، الرئيس العالمى لاستراتيجية الائتمان السيادى للأسواق الناشئة فى مورجان ستانلى: “إن الوضع يبدو أفضل بشكل عام، فيما يتعلق بالوصول إلى التمويل”، “أعتقد أن هناك فرصة لأن يتمكن بعض الذين تم استبعادهم من أسواق السندات من الوصول الآن”.
وأشارت “ فاينانشيال تايمز” إلى أن ساحل العاج زادت من حالة التفاؤل مؤخرا عندما أصبحت أول دولة فى أفريقيا جنوب الصحراء تصدر سندات دولية منذ ما يقرب من عامين إذ جمعت 2.6 مليار دولار من السوق.
ويتوقع المستثمرون أن يتبعها المصدرون الآخرون من ذوى التصنيف الائتمانى الضعيف.
قال بول جرير، مدير محفظة ديون الأسواق الناشئة فى شركة فيديليتى إنترناشيونال: “لقد استفادت ساحل العاج من تحسن المزاج وانخفاض العائدات”، وأضاف جرير أنه يتوقع أن “يستمر زخم تراجع التضخم، مما يسمح للبعض الآخر بالقدوم إلى السوق هذا العام”.
وفى حين أن انخفاض عائدات السندات الأمريكية وغيرها من الأسواق المتقدمة يجعل أصول الأسواق الناشئة أكثر جاذبية للمستثمرين، يشير الاقتصاديون إلى أن انخفاض أسعار النفط والقمح قد خففا الضغط على بعض الاقتصادات الناشئة.
وقال ويليام جاكسون، كبير اقتصاديى الأسواق الناشئة فى كابيتال إيكونوميكس: “إذا نظرنا إلى عام 2022، فسنجد أن المخاوف من أزمة الديون كانت فى ذروتها، مما دفع العديد من الاقتصادات إلى مناطق غير آمنة”، “كان الاحتياطى الفيدرالى على وشك رفع أسعار الفائدة وكانت عائدات السندات الأمريكية ترتفع بسرعة، وكانت أسعار السلع الأساسية ترتفع منذ الحرب فى أوكرانيا، لكن كل ذلك بدأ فى التراجع».
ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات حول الرغبة فى إقراض الأموال لهذه البلدان، بحسب الصحيفة، إذ لا يزال بعض المستثمرين يعانون جراء التخلف عن السداد فى مرحلة ما بعد الجائحة إلى الآن، أما زامبيا وسريلانكا وغيرهما فقد تخلفوا عن إعادة هيكلة الديون بسبب النزاعات بين الدائنين.
قال أحد مديرى الصناديق إنه رغم حالات التخلف عن السداد القليلة نسبيا منذ عام 2022، فإن تدفقات الأموال إلى سندات الأسواق الناشئة بالعملة الصعبة كانت ضئيلة.
ورغم تقلص فجوة العائد بالنسبة إلى سندات الخزانة الأمريكية، فمن المحتمل أن تظل العديد من الاقتصادات الناشئة ذات المخاطر العالية تواجه تكاليف اقتراض كبيرة.
وقد تفضل بعض البلدان تجنب الاقتراض الجديد من سوق السندات، وتسعى بدلا من ذلك إلى الحصول على تمويل أرخص مثل المزيد من القروض من صندوق النقد الدولى وغيره.
وقال برايت سيمونز، نائب رئيس الأبحاث فى مؤسسة إيمانى البحثية الغانية: “بالنسبة للبلدان التى لا تتخلف عن السداد، فإنها ستزيد من الألم باستخدام التمويل المتعدد الأطراف لمواصلة سداد الديون المتزايدة”.
وذكرت الصحيفة أن معظم الحكومات القريبة من أزمة الديون تعتمد على الدعم المقدم من المقرضين متعددى الأطراف مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لمساعدتها على تحمل تكاليف الديون وتجنب التخلف عن السداد.
لكن المحللين يحذرون من أن مثل هذه المخططات قد لا تكون كافية لمنع المزيد من الاقتصادات الناشئة من التراجع عن اقتراضها، كما فعلت إثيوبيا فى ديسمبر.
