دخلت التكنولوجيا إلى سوق التأمين المصرية، عبر خطوات تنتظر المزيد، كان أولها قرار الهيئة العامة للرقابة المالية فى 2016 بتفعيل منظومة الإصدار والتوزيع الإلكترونى لبعض وثائق التأمين، من خلال شبكات نظم المعلومات، إضافة إلى إجراءات إنشاء المنصات الرقمية لشركات ووسطاء التأمين والإعادة، فى حين تم التصريح لجزء من الشركات بالإصدار الإلكترونى لبعض البوالص.
وقال عدد من الخبراء إن “متناهى الصغر” يحتاج إلى دعم شبكة قوية من التكنولوجيا، فى ظل التطور الدائم الذى أظهر احتياجات العملاء لحلول جديدة تناسبهم بشكل فعال، بينما أصبحت الوثائق النمطية لا تغطى مختلف العملاء والاحتياجات، مشيرين إلى أن استخدام “الذكاء الاصطناعى” كخدمات مخصصة لعملاء “متناهى الصغر”، يسهل لهم توفير منتجات أكثر ملاءمة، للحد من المخاطر، مع تطبيق نظم التشغيل الآلية لجمع البيانات وتكوين التحليلات، مما يسهل على شركات القطاع عملها بتكاليف أقل.
وأكدوا أن التحديات التى قد تواجه الشركات قد تقتصر على مواكبة التغيرات، إذ لا مفر من تزامن القطاع مع التطور التكنولوجى الهائل الجارى، الذى يؤثر على سلوكيات العملاء وطرق تفكيرهم.
وأفاد محمود دهشان، خبير إدارة المشروعات ورئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات بشركة “GIG” لتأمينات الحياة التكافلى، بأن مؤسسات القطاع انحازت مؤخرا للاستثمار فى التأمين التكنولوجى، لتقليل التكاليف وتحسين الخدمات المقدمة للعملاء، عبر إنشاء النظم الإلكترونية الخاصة بها أو بالتعاقد مع منصات لتوفير الدعم الفنى اللازم لها.
واقترح أن تُسخدم شبكات الموبايل فى توفير تغطيات لـ”متناهى الصغر”، حيث يتميز التسويق والتوزيع عبر الأجهزة المحمولة بانخفاض التكلفة والفاعلية الأكثر، خاصة لدى العملاء الأصغر سنا المعتادين على إدارة حوائجهم من خلال تلك الآلة الرقمية.
وأشار إلى أن السنوات الماضية شهدت بروز منصات الموبايل كقنوات توزيع بالاقتصادات النامية، باعتبارها الآلة المفضلة للوصول للإنترنت، ومن ثم يمكن توزيع نسب أكبر من “متناهى الصغر” عبر مشغلى الشبكات، من خلال المنصات المتنقلة، والبحث عن العملاء، وبيع المنتجات، وتحصيل الأقساط، وتقديم المطالبات، ودفعها.
وأوضح أن الاهتمام الحالى بـ “متناهى الصغر” تغيير جوهرى غير مسبوق، حيث عدّت معظم شركات التأمين أن منتجات “متناهى الصغر” مكلفة، إضافة إلى أن عرضها محفوف بالمخاطر، لتكاليف تصميمها وتسويقها وإدارتها، كما هو الحال مع المنتجات التقليدية، إلا أن الاستثمارات الضخمة فى تكنولوجيا التأمين نجحت فى حل معضلة “متناهى الصغر”، مع تمكين شركات القطاع بشكل متزايد من التعامل معه كفرصة تجارية قابلة للتطبيق.
وتابع إن التقنيات الجديدة غيّرت من طرق استهداف العملاء ذوى الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة الناشئة وجمع المعلومات المتعلقة بهم، مما أتاح تطوير حلول خاصة لهم، لتلبية احتياجاتهم، مع التغلب على تحديات تكلفة تصميم المنتجات وتوزيعها وتقديم الخدمات الخاصة بها وإدارة المطالبات.
وأوضح أن “متناهى الصغر” يحتاج إلى الاستفادة من منصات مزودى خدمات الموبايل، لإنشاء أنظمة للمعاملات الأساسية للتأمين، بتحصيل الأقساط وسداد المطالبات ودفع الأقساط عبر الموبايل، حيث إن زيادة القدرة على تحصيل الأقساط إلكترونيا ميزة لعمليات “متناهى الصغر”.
وقال إن السوق تحتاج إلى طرق أكثر للوصول إلى العملاء والتعرف عليهم، بتزويدهم بالمعرفة المالية والتأمينية، من خلال احتياجاتهم الواضحة للتأمين، خاصة فى المناطق الريفية، التى لا يوجد بها أفراد مالكون لحسابات مصرفية أو متعاملون مع الأنظمة البنكية بشكل كافٍ.
وأكد وائل ثروت، خبير تكنولوجيا التأمين، أن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعى ومعالجة اللغة أدت إلى تعزيز مساحة “متناهى الصغر” فى التسويق والبيع والإدارة وتحسين الكيفية التى تتواصل بها المؤسسات مع العملاء الحاليين والمحتملين، للبيع لهم أو تثقيفهم أو توفير الدعم لهم، بينما يمكن التخاطب عبر الصوت أو النص ببرامج الدردشة، مما يتيح فعالية وكفاءة الأعمال الجديدة وطلبات التعويضات ومختلف الاحتياجات.
وأشار إلى مساهمة التكنولوجيا فى التغلب على العقبات بالقطاع، مما يمكنه من الصدارة، لافتا إلى أن التأمين لا يتصدر الصناعات التى تساهم فى الدخل القومى بالبلاد الناشئة، مقارنة مع الولايات المتحدة وأوروبا، مثلا، إلى جانب افتقار بعض العملاء المحتملين إلى وثائق تلبى احتياجاتهم، لعدم توفير أساليب تكنولوجية تحسّن السياسات التسويقية وتخفض التكاليف للطرفين على حد سواء وتحسن الكفاءة وتزيد رضا العملاء، مضيفا أن الحل ينبنى على اعتماد النماذج والمنصات ذات الفرص الجديدة للتعامل التى تضمن تحسين مستوى الخدمات.
ولفت إلى أن “متناهى الصغر التكنولوجى” يسهل عمليات شراء الوثائق، عبر تسهيل خطوات البحث عن النوع المناسب والمقارنة بين البوالص المختلفة وإمكانيته من خلال الإنترنت وعدم الحاجة لزيارة الشركة لإتمام العملية أو الإبلاغ عن المطالبات أو الحوادث.
وتابع إن التكنولوجيا تقلل من تكاليف خدمات “متناهى الصغر”، مشيرا إلى أن معالجة الذكاء الاصطناعى تمكن البيانات من إجراء المطالبات، مع اتخاذ الإجراءات الأولية، مضيفا أن الرقمنة تكشف عمليات الاحتيال والغش، من خلال معالجة كميات هائلة من البيانات عن العملاء وسلوكياتهم.
وأفاد بأن التكنولوجيا تؤثر على القطاع، حيث طرق الحصول على البيانات والتحليلات، مما يسهم فى تصميم وثائق “متناهى الصغر” بالشكل الملائم واحتياجات العملاء، مع الدافع لابتكار تغطيات جديدة، فضلا عن أن الرقمنة تسهل الوصول للعملاء، من خلال هواتفهم أو مواقع التواصل الاجتماعى.
وذكر أن التكنولوجيا توفر تحليلات متطورة لفهم المخاطر بشكل أحسن وكيفية الحد منها، مع استخدام البيانات لتسعير “متناهى الصغر” لجعله أكثر دقة، مع إسهامها فى سهولة الإبلاغ، مشيرا إلى أن تفاعلات العملاء يمكن أن تتم بشكل رقمى عبر المنصات والهواتف، توفيرا للوقت.
وأكد الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة بجامعة القاهرة أن استخدام البيانات يمكّن من تصميم منتجات “متناهى الصغر” وبيعها باستهداف السوق بشكل فعال، مشيرا إلى أن جنوب أفريقيا، مثلا، تستخدم بعض الشركات مكالمات الهواتف وتحويلات النقود لتحديد بيانات العملاء لتحديد احتياجاتهم، كمشتريات العملاء عبر الإنترنت، مع استخدامها فى التسعير.
وأضاف أن “تكنولوجيا متناهى الصغر” توفر قدرة فائقة على الوصول للعملاء وبياناتهم بسهولة، مشددا على ضرورة الالتفات إلى تطوير قاعدة بيانات العملاء الجدد برفع كفاءة طرق الحصول على معلومات شركات التأمين، باستخدام الهواتف وقنوات نقل البيانات التكنولوجية، إذ إنها الأكثر نجاعة للتغلب على حاجز الوصول للبيانات.
واقترح أن يُروج “متناهى الصغر” من خلال تقديم شركات التأمين وثائقها عبر منصات تكنولوجية تمكن العملاء من مقارنة أسعارها بمختلف الشركات، ومن ثم، التقدم لطلب الوثيقة عن بُعد، وهكذا يمكن التفاعل بسرعة فى التواصل، إضافة إلى تسوية التعويضات أو الإبلاغ عنها أو دفع الأقساط، بالشراكات مع شبكات المحمول، إذ إنها الأوسع انتشارا.
وأوضح أن الوصول عن بُعد لعملاء “متناهى الصغر” أمر حيوى فى توفير المعلومات واستخدامها فى اتخاذ القرارات، ومن خلالها يمكن تقديم المشورة عبر المحادثات الإلكترونية والروبوت، إذ تعتمد بعض الشركات عالميا على حصول العملاء على منتجات لفترة محدودة دون تكلفة، لتجربة الخدمات لأول مرة.
وشدد على ضرورة استخدام الرموز الإلكترونية، فى التأمين متناهى الصغر، للتغلب على عقبات الأمية التى يذخر بها المجتمع المصرى، بتطوير مواقع الويب وتطبيقات الهاتف المحمول لاستخدام الأشكال لتوجيه المستخدم، ويشمل ذلك خطوات الحصول على الوثائق ودفع الأقساط وتدشين المطالبات.
ولفت إلى أن الاستفادة من البنية التحتية الرقمية المتاحة يمكن أن تقلل من تكاليف تقديم “متناهى الصغر” عبر الاستفادة من استخدام الموبايل، لتوسيع الخدمات الإلكترونية المقدمة للعملاء عن طريق الإنترنت وتسهيل عمليات التغطيات، مما يقلل التكلفة ويرفع الكفاءة.
