قال خبراء مصرفيون إن ثمة مجموعة من الحوافز يمكن أن تلجأ إليها البنوك للتوسع فى منح الائتمان فى ظل رفع أسعار الفائدة، منها تنويع محافظها التمويلية وسبل المنح، فضلا عن تمكين العملاء من جدولة الدين لأكثر من مرة خلال فترة عمر القرض، إلى جانب تخفيض المصاريف الإدارية ورسوم الغرامات عند التأخر فى السداد، وتقديم خدمات مجانية للعملاء.
وأشاروا إلى وجود علاقة عكسية بين رفع سعر الفائدة من ناحية والطلب على التمويل من قبل الشركات، وانخفاض حجم الاستثمارات من ناحية أخري، موضحين أنه من الممكن معالجة هذه المسألة من خلال طرح مبادرات جديدة من المركزى أو لجوء الشركات للبورصة.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى فى اجتماعها الخميس الماضي- أول اجتماعات عام 2024- رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى إلى مستوى %21.25، %22.25، و%21.75 على الترتيب، تم رفع سعر عائد الائتمان والخصم إلى مستوى %21.75.
عادل: استثمارات الشركات فى الأصول الجديدة قد تنخفض
قال وليد عادل الخبير المصرفى والمحلل الاقتصادى إن رفع أسعار الفائدة له تأثيرات متعددة على الاقتراض والاستثمار.
وأوضح أن ارتفاع تكلفة الاقتراض يؤدى إلى تردد المقترضين فى الحصول على قروض جديدة، مشيرا إلى أنه مع تراجعه، قد تنخفض استثمارات الشركات فى الأصول الجديدة، مما يؤدى إلى انخفاض الإنتاج.
أشار إلى أن رفع الفائدة يزيد تكلفة رأس المال، وقد تصبح بعض المشاريع الاستثمارية غير مجدية اقتصاديًا، مما يدفع المستثمرين للبحث عن فرص بديلة ذات عائد أعلى.
واقترح حلولا لتخفيف تأثير رفع أسعار الفائدة للمقترضين من خلال إتاحة إمكانية جدولة الدين مرتين أو ثلاث مرات خلال عمر القرض، وتخفيض المصاريف الإدارية ونسب الغرامات على التأخر فى السداد.
ورفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة 6 مرات خلال الفترة من مارس عام 2022 حتى أغسطس 2023 بإجمالى %11 أساس مقسمة بين 8 % فى 2022 ،و%3 خلال اجتماعى مارس وأغسطس من العام الماضي.
وتابع إمكانية تقديم خدمات مجانية للعملاء، أو إصدار بطاقات ائتمانية مجانية، بالإضافة إلى إتاحة حدود سحب غير محدودة مع اتفاقيات بين البنوك لتجنب الرسوم.
حمزة: عدم الاعتماد على مصدر تمويل واحد
ويُسلط هشام حمزة الخبير المصرفى الضوء على التحديات التى تواجه القطاع المصرفى المصرى بسبب ارتفاع سعر الفائدة المدين، مشيرا إلى أنه يُعيق رغبة العملاء فى التمويل من البنوك، مما يُؤثر سلبًا على حجم الاستثمارات.
ويُقترح حمزة بعض الحلول لتجاوز هذه التحديات مثل تنويع محفظة البنوك والبحث عن بدائل تمويلية مثل القروض المشتركة والاستثمار المباشر فى العقارات واستصلاح الأراضى الزراعية، والالتزام بالتنوع وعدم الاعتماد على مصدر تمويل واحد، فضلا عن التوسع فى تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وأكد حمزة أن ارتفاع الفائدة يُؤثر سلبًا على الشركات، حيث يضطرها إلى تمويل نفسها بأسعار مرتفعة، مما يدفعها للبحث عن أساليب تمويلية أخرى مثل طرح أسهم زيادة أو الطرح فى البورصة.
حسانين: الكيانات التى لا تستفيد من مبادرات المركزى ستحجم عن الاقتراض
قال عز الدين حسانين الخبير المصرفى إنه مع وصول سعر الفائدة إلى %21.25 للإيداع و%22.25 للإقراض، نواجه ارتفاعًا ملحوظًا فى تكلفة الاقتراض على الشركات.
وأضاف أن ارتفاع الفائدة قد يدفع الشركات إلى الإحجام عن الاقتراض، خاصةً تلك التى لا تستفيد من مبادرات البنك المركزى ذات الفائدة المنخفضة.
وخلال السنوات الماضية أطلقت الحكومة عددًا من المبادرات بتمويل منخفض الفائدة، مثل تمويل القطاع السياحى بفائدة مدعومة تصل إلى %8 والمشروعات الصغيرة %5 و المتوسطة والقطاع الصناعى والزراعى بفائدة %8 وأنشطة التمويل العقارى بفائدة تتراوح ما بين %3 لمحدودى الدخل و%8 للمتوسطة ، قبل أن تنتقل تبعيتها إلى جهات حكومية، تشمل وزارات الإسكان والمالية والسياحة.
وتابع أنه قد تُضطر الشركات لرفع أسعار المنتجات لتغطية تكلفة الاقتراض الإضافية، مما قد يُسبب ركودًا فى بعض القطاعات.
وأفاد أن الشركات الكبيرة أو التى لا تستفيد من مبادرات البنك المركزي، قد تُحجم عن الاقتراض بسبب ارتفاع تكلفته، ورفع أسعار المنتجات، مما قد يؤثر على قدرتها التنافسية.
أما الشركات المقترضة بالفعل، قال إنها ستتأثر برفع الفائدة، حيث ترتبط عقود القروض بسعر الكوريدور، وتزيد مديونياتها بقيمة الفائدة الإضافية، مما قد يُشكل ضغطًا على ميزانياتها.
وكانت البنوك الحكومية والخاصة فى مصر رفعت أسعار الفائدة بمقدار 2% على الشهادات والحسابات البنكية للأفراد والعملاء المتغيرة وفقا لقرار البنك المركزى الخميس الماضي.
وعلى مستوى القطاع العائلي، قال إنه قد يُحجم عن الاقتراض الشخصى بسبب ارتفاع تكلفته،وتتأثر قدرته الشرائية بسبب ارتفاع المديونيات، مما قد يُؤثر على نمو الاستهلاك.
وقال إن تأثيره على الاقتصاد سيؤدى إلى تأثر الناتج المحلى الإجمالى بسبب انخفاض القدرة الشرائية للجنيه، وبالتالى سيجعل من الصعوبة حصول الشركات على قروض، مما قد يؤدى إلى تباطؤ بعض الأنشطة الاقتصادية.
واستبعد حسانين طرح شهادات بفائدة أعلى من %27 حتى نهاية فبراير، حيث يرى إن أى إصدار جديد لشهادات الادخار غير منطقى حاليًا، خاصةً مع ارتفاع تكلفة الاقتراض.
وتوقع إصدار شهادات دولارية بعائد 30 أو %35 للعاملين فى الخارج مقابل التنازل عن الدولار، كحافز لجذب العملات الأجنبية.
