قدّم المعهد المصرفى المصرى برامج تدريبية لنحو 4500 متدرب من 44 دولة أفريقية، كما يعمل على التوسع فى تقديم البرامج والخدمات فى دول القارة السمراء، بالإضافة إلى تكثيف التعاون مع البنوك المركزية الأفريقية، والعديد من المعاهد والمؤسسات الدولية.
«المال» حاورت الدكتور عبد العزيز نصير، المدير التنفيذى للمعهد، للوقوف على أبرز منجزات المعهد خلال الفترة الأخيرة، والآلية التى ينتج بها برامجه التدريبية، وأوجه التعاون بينه وبين البنوك المركزية الأفريقية، ومقترحاته للحقائب التدريبية، وآليات تعاونه مع البنوك المحلية العاملة فى السوق المصرية.
بداية، قال "نصير" إن المعهد المصرفى المصرى هو الذراع التدريبية للبنك المركزى، ويعمل فى مصر منذ 32 عامًا، ومن ثم فلديه علاقات جيدة مع جميع البنوك المحلية.
وأضاف أن علاقة المعهد بجميع البنوك المحلية وصلت إلى درجة كبيرة من النضج تؤهله لتلبية احتياجات هذه المصارف، لافتًا إلى أن مساحة الثقة بين المعهد وعملائه تؤكد له أنه على الطريق الصحيح، وأنه قادر على الوفاء بجميع الاحتياجات التدريبية للبنوك.
ولفت إلى أن جميع استطلاعات الرأى التى يجريها المعهد تؤكد رضا العملاء عما يقدمه من برامج تدريبية وخدمات التقييم بالإضافة إلى خدمات استشارية وتوعوية، ومن هنا جاءت خطوة توسعه فى القارة الأفريقية.
وذكر أن 8 دول أفريقية كانت تتعامل مع المعهد حتى عام 2017، وكانت سابقة أعماله مقتصرة فقط على مجيء متدربين من القارة السمراء للحصول على خدماته بمقرات المعهد، لافتًا إلى أن عدد هذه الدول الأفريقية التى يقدم لها المعهد خدماته ارتفع من 8 إلى 44 دولة، وذلك خلال الفترة من 2017 إلى 2023.
تطوير رأس المال البشري
وأوضح "نصير" أن التعاون مع هذه الدول يتم عبر منحيين، الأول: قدوم متدربين من الخارج إلى مصر للحصول على خدمات المعهد المختلفة، والثانى: قيام المعهد بتقديم برامج تدريبية فى هذه الدول ذاتها، لافتًا إلى أن معظم البرامج التى قدمها المعهد تمت فى مصر وبشكل حضورى، أى أنها لم تتم فقط عبر الإنترنت.
وأضاف أن المعهد المصرفى المصرى، فى العادة يأخذ بزمام المبادرة، ويسعى دائما إلى تسويق خدماته المعنية بتطوير رأس المال البشرى، عن طريق التواصل مع البنوك المركزية الأفريقية وكذلك المعاهد المصرفية المماثلة فى دول القارة الأفريقية.
وتابع إن المعهد يتواصل مع وزارات المالية فى الدول الأفريقية، وكذلك وزارة الخارجية التى تتولى التنسيق معه، ودعوة كثير من الراغبين فى التدريب فى المصرفى للاستفادة من خدماته، موضحًا أن هناك اتفاقية تعاون بين المعهد والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وهناك تعاون وطيد بين الجهتين، ويتم عقد برنامجين سنويين فى المعهد بموجب هذه الاتفاقية.
وأفاد بأن وزارة الخارجية تتولى أيضًا دعم التواصل بين المعهد المصرفى المصرى والبنوك المركزية ووزارات المالية فى الدول الأفريقية وبناءً على ذلك يتم استقدام العديد من المتدربين من هذه الدول، مشيرًا إلى أن العاملين فى هذه الجهات هم من أهم الفئات المستهدفة للمعهد فى القارة الأفريقية.
ولفت إلى أن عدد المتدربين الأفريقيين لدى المعهد المصرفى المصرى حتى عام 2017 وصل إلى نحو 2500 متدرب، فى حين أن هذه الأعداد قفزت بشكل كبير خلال الوقت الحالى لتصل إلى نحو 4500 متدرب.
المعهد يستهدف تكثيف تواجده فى أفريقيا
وأشار "نصير" إلى أن هذه الزيادة فى أعداد المتدربين تأتى تماشيا مع توجه الدولة والبنك المركزى المصرى بتعزيز العلاقات الأفريقية ودعما لإستراتيجية المعهد لتطوير رأس المال البشرى فى القطاع المصرفى الأفريقى وتحقيق هدف المعهد وهو المتمثل فى التواجد الكثيف فى أفريقيا.
وأكد أن المعهد المصرفى المصرى يقوم بعدد من الزيارات الخارجية للدول الأفريقية، كان آخرها زيارة إلى تنزانيا، لافتًا إلى أن هذه الزيارة تعد الثالثة وتأتى بدعوة من قبل البنك المركزى التنزانى.
وأوضح أن محافظ البنك المركزى التنزانى وجّه الأكاديمية المصرفية التابعة له بالتعاون مع المعهد المصرفى المصرى، وقد أُبرمت اتفاقية شراكة بين الطرفين خلال الفترة الأخيرة، وزار وفد منها مصر قبيل إبرام الاتفاقية لمناقشة أوجه التعاون بين الجهتين.
وأشار إلى أنه كمدير تنفيذى للمعهد المصرفى زار ما بين 12 إلى 13 بنكًا تنزانيا، للوقوف على احتياجاتهم التدريبية وتقديم الحلول المناسبة لها حلها.
وقال إن هناك تعاونا آخر بين المعهد المصرفى المصرى والبنك المركزى السودانى، لافتًا إلى أنه زار السودان كذلك قبل الحرب الأخيرة لبيان ما يمكن للمعهد تقديمه من برامج وخدمات للقطاع المصرفى السودانى.
وأكد أن وزارة الخارجية تقدم للمعهد جميع سبل الدعم، مشيرا إلى أن السفير المصرى فى تنزانيا رافقه أثناء تواجده هناك، لافتًا إلى أن المعاهد التدريبية الأفريقية تقوم بزيارة مقر المعهد المصرفى بمصر للاطلاع على تجربته الرائدة فى هذا المجال ومحاكاتها للنهوض بمعاهدهم.
اختلاف الثقافة أبرز التحديات
وفى هذا السياق، لفت "نصير" إلى أنه خلال الفترة الأخيرة زار المعهد رئيس المعهد المصرفى فى مالاوى، والمعهد المصرفى الأردنى، وكذلك إدارة التدريب بالبنك المركزى التونسى والبنك المركزى لإسواتينى، ووفود من معهدين مصرفيين من تنزانيا.
وأكد أن هناك عددا من التحديات التى تواجه المعهد المصرفى خلال تواجده فى الدول الأفريقية أبرزها اختلاف الثقافة، وكذلك اختلاف احتياجات السوق، فالأسواق الأفريقية تختلف، من حيث الاحتياجات، عن السوق المصرية ولذلك يسعى المعهد دائما على دراسة الأسواق الأفريقية المختلفة وتطوير المنتجات التى تناسب احتاجتهم.
وأضاف أن التطبيق والتدريب العملى أبرز مميزات البرامج التدريبية التى يقدمها المعهد، والتى تميزه عن غيره من المعاهد المنافسة فى أفريقيا، لافتًا إلى أن المحاضرين بالمعهد هم نخبة من المصرفيين المؤهلين من ذوى الخبرة العملية الواسعة، لضمان حصول المتدرب لن يحصل على المعلومة وكذلك التعرف كيفية تطبيقها.
وأوضح أنه علاوة على الجانب العملى فى البرامج التدريبية فالمتدربون يقومون بزيارات ميدانية للبنوك العاملة فى السوق المصرية، وهذه الزيارات تأتى ضمن برنامج يسمى «الزيارات الدولية الميدانية» ومن خلاله يزور المتدربون الأفارقة البنوك المصرية.
تبادل الخبرات مع الإمارات والكويت والأردن
وأفاد بأن المعهد المصرفى يسعى جاهدا ليكون الشريك المفضل لتطوير رأس المال البشرى فى القطاع المصرفى فى مصر وأفريقيا، مشيرا إلى أنه اتخذ عددًا من الخطوات لتحقيق هذه الغاية، بما فى ذلك؛ إنشاء الشبكة العربية للمعاهد المصرفية فى عام 2015، والتى تضم معاهدا من جميع أنحاء العالم العربى، فضلا عن عقد اجتماعات منتظمة مع الإمارات والكويت والأردن لتبادل الخبرات.
على صعيد آخر، أعرب "نصير" عن فخره بمشاركته كممثل عن المعهد المصرفى المصرى فى مجلس إدارة اتحاد المعاهد المصرفية الأوروبية مؤكدا أن المعهد المصرفى المصرى يتعاون مع عدد من الجهات الدولية أبرزها كلية فرانكفورت للبرامج المالية والمصرفية، وجامعة هارفارد، ووكالة موديز، ومعهد حكومى آخر فى الإمارات، ومع "سانز" الخاصة بالأمن السيبرانى، و"يورومني" للتدريب.
وأوضح أن شكل التعاون يتم عن طريق استقدم خبراء ومتخصصين من هذه الجهات للتدريس فى المعهد، مؤكدًا أن البرامج الدولية فى المعهد، خلال 2022، تخطت الـ 100.
وجدير بالذكر أن المعهد المصرفى المصرى يقدم مجموعة متنوعة من البرامج التدريبية، تشمل البرامج المصرفية التقليدية، المهارات الإدارية العامة، التكنولوجيا والرقمنة، وبرامج ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلًا عن إدارة للتقييم سواء للموظفين أو طلبة الجامعات.
برامج بتقنية التعلم الافتراضى
وتخطى عدد المستفيدين والمتدربين من خدمات المعهد المصرفى المصرى منذ نشأته وحتى الآن المليون مستفيد، كما قدم المعهد برامجه التدريبية بتقنية التعلم الافتراضى منذ بدء جائحة كورونا وبلغ عدد البرامج المقدمة 3304 برامج بإجمالى 64176 مشاركا.
وأوضح أن هناك ركائز لتصميم البرامج التدريبية أهمها تعليمات وتوجيهات البنك المركزى المصرى، والتى يحرص المعهد بدوره على تقديم برامج تدريبية تعرض أحدث مستجداتها ومنها على سبيل المثال: الاستدامة، مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، بالإضافة إلى احتياجات العملاء، فالمعهد يتولى العمل مع عملائه المستهدفين عن كثب لمعرفة أبرز احتياجاتهم سواء تعلق الأمر بمهارة يريد البنك إكسابها لموظفيه، أو وجود تحدٍ فى إدارة من الإدارات ويريد حلها والتغلب عليها.
وأشار إلى أن الاطلاع على أحدث المستجدات الدولية تعد أيضا من أهم الركائز التى يعتمد عليها المعهد المصرفى لتصميم برامجه، بالإضافة إلى قيام إدارة البحوث الموجودة فى المعهد بإجراء الأبحاث اللازمة واقتراح مواضيع تدريبية.
وأكد "نصير" أن المعهد لا يعمد إلى تقديم برامج تدريبية فحسب، وإنما تقديم تجربة تدريبية متميزة، لافتًا إلى أنه يضع المستقبل واحتياجات العملاء المستقبلية نصب عينيه، ولذلك كان له دور استباقى فى مواكبة التحول الرقمى عن طريق توفير برامج تدريبية فى مجال سلاسل الإمداد، البنوك الرقمية والأمن السيبرانى وغير ذلك من البرامج ذات الصلة، لافتًا إلى أن %100 من موظفى بعض البنوك حصلوا على دورات فى الأمن السيبرانى.
وأشار "نصير" إلى أن المعهد المصرفى المصرى يسعى إلى تقديم خدمات تدريبية عالية الجودة وبأسعار مناسبة، بهدف دعم تطوير المهارات المصرفية، مؤكدا أن التدريب هو استثمار فى المسار الوظيفى للعاملين.
خدمات تدريبية مجانية
وقال إن المعهد يقدم أيضًا خدمات تدريبية مجانية، مثل برامج التثقيف المالى المتاحة على منصة التثقيف المالى والتى تستهدف رفع الثقافة المالية للأطفال، الشباب والكبار.
ودعما للشباب يقدم المعهد برنامج التدريب من أجل التوظيف الموجه لطلاب الجامعات وهو أحد أهم برامج المعهد على الإطلاق، ويستهدف سد الفجوة بين الدراسة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، ويتم تقديمه بتكلفة 500 جنيه فقط. وأكمل أنه بعد الانتهاء من التدريب، يتم إدراج أسماء المتدربين فى قاعدة بيانات يمكن الوصول إليها من جميع البنوك، وبذلك، يترك الاختيار النهائى لهم، والتى يمكنها اختيار المتدربين المناسبين لاحتياجاتها.
ومن منطلق الإيمان الراسخ بأهمية المسئولية المجتمعية، أطلق المعهد المصرفى المصرى مبادرة "إتاحة" لتكون بمثابة همزة وصل بين ذوى الهمم من الباحثين عن فرص عمل والقطاع المصرفى، ومن خلال هذه المبادرة، وبعد استيفاء المتقدمين لشروط التسجيل واجتياز مراحل التقييم، يتم إلحاق المتقدمين ببرنامج تدريبى بالمعهد المصرفى لتعزيز المهارات التى يتطلبها العمل الوظيفى، وبعد الانتهاء من حضور البرنامج التدريبى، يتم جمع بيانات هؤلاء المتدربين وإتاحتها للقائمين على إدارات الموارد البشرية فى القطاع المصرفى المصرى للاستعانة بهم فى فرص التوظيف المحتملة وفقا لشروط التعيين المتبعة بكل بنك.
وأكد "نصير" أن المعهد المصرفى المصرى وصل إلى مرحلة التحول الرقمى بنسبة %100، مشيرا إلى أنه بدأ هذا الطريق قبل جائحة كورونا، عندما أصبح المعهد قادرًا على تقديم جميع خدماته إلكترونيًا، بما فى ذلك التدريب والتقييم والاستشارات. وجدير بالذكر أن المعهد المصرفى المصرى أطلق منصة التعليم الإلكترونى فى عام 2018 وبلغ عدد المستفيدين 179441 حتى الآن، كما يركز فى الفترة المقبلة على التوسع فى خدماته فى أفريقيا وتلبية احتياجات السوق المصرية.
نتواصل مع «المركزية» ووزارات المالية فى القارة السمراء.. و«الخارجية» تقدم لنا الكثير من الدعم والتسهيلات
أجرينا مقابلات مع 13 مصرفاًَ تنزانيًا للوقوف على أولوياتها التدريبية ومحاولة تلبيتها
تعليمات البنك المركزى ومتطلبات العملاء أبرز مصادر برامجنا التدريبية
دربنا %100 من موظفى بعض الكيانات على برامج متخصصة فى الأمن السيبرانى
البرامج الدولية تخطت الـ 100.. ونتعاون مع خبراء أجانب للتدريس
قادرون على تلبية احتياجات السوق المصرية
50 ألف متدرب حصلوا على شهادات «رواد الأعمال»
