مصرفيون: زيادات العائد تدفع «المالية» للإحجام عن طرح السندات صفرية الكوبون

قال خبراء ومحللون مصرفيون إن إحجام وزارة المالية خلال الفترة الماضية -وتحديدا منذ أكتوبر 2022- عن طرح سندات صفرية الكوبون يرجع إلى ارتفاع التكلفة عليها من جهة، وهو ما يشكل عبئًا على الموازنة

Ad

قال خبراء ومحللون مصرفيون إن إحجام وزارة المالية خلال الفترة الماضية -وتحديدا منذ أكتوبر 2022- عن طرح سندات صفرية الكوبون يرجع إلى ارتفاع التكلفة عليها من جهة، وهو ما يشكل عبئًا على الموازنة العامة للدولة، إضافة إلى تراجع الإقبال عليها من قبل المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.

وأضافوا فى تصريحات لـ«المال» أن تخفيض التصنيف الائتمانى للدولة أثر سلبًا على مثل هذه السندات، ومعدل الإقبال عليها، وهو الأمر الذى أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين فيها.

وأوضحوا أن الشهادات والأوعية الادخارية الموجودة فى السوق حاليًا تعد منافسًا للسندات، نظرًا لوجود شهادات وأوعية ادخارية مرتفعة العائد.

الدماطى: تراجع الإقبال عليها من أهم الأسباب

قالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، إن السبب وراء إحجام وزارة المالية عن طرح السندات صفرية العائد كونها مكلفة، بمعنى أن العائد عليها مرتفع.

وأضافت أن عدم طرح هذه السندات يرجع كذلك إلى عدم الإقبال عليها، لا سيما فى ظل وجود شهادات وأوعية ادخارية منافسة فى البنوك، بعوائد أعلى بكثير من تلك التى يجنيها المتعاملون فى السندات.

وكانت آخر مرة طرحت فيها وزارة المالية سندات خزانة صفرية الكوبون 27 مارس الماضي، فيما قبلت بمتوسط عائد مرجح وصل إلى %17.360.

وتُعرف سندات الخزانة بكونها عبارة عن صكّ تصدره الشركات أو الدول، ويكون قابلًا للتداول بالطرق القانونية، ويعدُّ بمثابة قرض لأجل مسمى، سواء طويل الأجل أو قصيرًا أو متوسطًا، ويتراوح بين سنتين و20 عامًا.

وتفوض وزارة المالية البنك المركزي، على مدار العام المالي، فى إدارة طروحاتها الخاصة من أذون وسندات الخزانة بالجنيه، على أن تمول وتنفق الحصيلة على بنود الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالي.

ويصل أمد السندات صفرية الكوبون إلى عام ونصف العام، فيما تستهدف وزارة المالية، وفقًا لتقرير الموازنة العامة للدولة 2024/ 2025، إطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليكون فى حدود 4 سنوات فى المدى المتوسط، بدلا من 3 سنوات حاليًا لتخفيض الضغط على الحاجة إلى التمويل السريع، ما يتطلب خفض إصدارات الأذون الأدوات قصيرة الأجل واستبدالها بالسندات الحكومية المتنوعة متوسطة وطويلة الأجل يتطلب هذا زيادة الطلب عليها واستهداف أدوات دين جديدة لتوسيع قاعدة المستثمرين وجذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية الحكومية لتخفيض تكلفة خدمة الدين.

وأشارت «الدماطي» إلى أنه حتى الشهادات ذات العائد الـ22% أعلى من ذاك العائد الذى يدفع فى الأذون، وهذا فى حد ذاته أحد أسباب تراخى الطلب عليها، ومن ثم عدم طرحها من قبل وزارة المالية.

الآجال وعبء الفائدة

وفيما يتعلق بالآجال، رأت الخبيرة المصرفية، أن آجال السندات لا تسبب عبئًا على الموازنة العامة للدولة، لا سيما أن أغلب هذه الآجال تتراوح ما من 5 إلى 7 سنوات، وإنما المشكلة الأساسية فى تراخى الإقبال عليها.

وبينت أن العائد على السندات المصرية التى تطرح فى الأسواق المالية الدولية عادة ما يكون مرتفعًا، وهو ما يشكل بالفعل على عبئًا على الموازنة للدولة.

وتبلغ قيمة الديون الخارجية مستحقة السداد من جانب مصر نحو 29.229 مليار دولار خلال العام المقبل 2024.

وتشمل هذه القيمة، بحسب تقرير البنك حول الوضع الخارجى للاقتصاد المصري، سداد فوائد بلغت 6.312 مليار دولار، وأقساط ديون تقدر بحوالى 22.917 مليار.

ويتطلب، وفقا للتقرير، دفع حوالى 14.595 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024، بينما من المتوقع سداد نحو 14.634 مليار خلال النصف الثانى من نفس العام.

وستصل قيمة الأقساط والفوائد المستحقة للسداد، خلال عام 2026، إلى 22.94 مليار دولار، مقسمة إلى 11.458 مليار خلال النصف الأول من العام، بينما بلغت 11.482 مليار خلال النصف الثانى من 2026.

الثقة فى السندات والتصنيف الائتماني

أبو الفتوح: تخفيض التصنيف الائتمانى للدولة أثر سلباً

فيما يذهب هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفى والرئيس التنفيذى لشركة الراية للاستشارات، إلى أن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر من قبل وكالات العالمية، أثر سلبًا على الثقة فيها بالأسواق المحلية والدولية.

وأوضح أن هذه المحددات سالفة الذكر تدفع المستثمرين إلى عدم الإقبال على شراء مثل هذه السندات أو غيرها.

وخفضّت وكالة موديز التصنيف الائتمانى لمصر درجة واحدة من B3 إلىCaa1 يوم 6 أكتوبر الجاري، وبتغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.

وعللت الوكالة هذا التخفيض بتدهور قدرة مصر على سداد ديونها، واستمرار نقص العملة الأجنبية، كما عدلت النظرة المستقبلية إلى مستقرة.

فيما أعلنت وكالتا «موديز» و«فيتش» فبراير ومايو الماضيين خفض تصنيف مصر الائتمانى درجة واحدة إلى «B2» و«B» على الترتيب، كما اتفقت المؤسسات الثلاث على تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد المحلى من «مستقرة» إلى «سلبية».

ومؤخرًا أعلن بنك «جيه بى مورجان» أنه سيستبعد مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة، على خلفية مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبى إلى المستثمرين خارج البلاد.

وأبقت مصر، بحسب بيان البنك، حتى 29 ديسمبر على وزن 0.61 فى المائة فى المؤشر العالمى المتنوع.

ومصر لها 13 من السندات بالجنيه المصرى فى مؤشراتها، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

البيه: إطالة الآجال تؤدى إلى صعود المعدلات

من جانبه، رأى محمد البيه، الخبير المصرفي، أن خطة وزارة المالية الرامية إلى إطالة أمد الدين ما زالت قائمة، ولكنها لم تبدأ تطبيقها بعد.

وأضاف أن ارتفاع العوائد من الأسباب التى تحجم “المالية” عن طرح مثل هذه السندات، لا سيما أنه كلما طالت آجال السندات زاد العائد عليها، مشيرًا إلى أن الوزارة تحسب حسابات العائد قبل طرح هذه السندات، وهو ما قد يفسر تأخر طرحها.