استطلعت«المال» آراء خبراء السوق المصرية حول مدى الحاجة لوجود أكثر من رخصة ثانية للتصنيف الائتماني، وإمكانية فتح الباب أمام كيانات أكثر لدخول المجال بالمستقبل.
وأعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية في22نوفمبر الماضي، عن تلقيها3طلبات سيتم المفاضلة بينهم، للحصول على ترخيص لمزاولة نشاط تقييم وتصنيف وترتيب الأوراق المالية، من تحالفات «MGM – Infomerics valuation الهندية»، و «بلتون كابيتال – Crif Ratings الإيطالية»، و «I Score–Standard & Poors».
ورأى الخبراء، أن السوق المصرية مازالت بحاجة لأكثر من رخصة ثانية للتصنيف الائتماني، وذلك لزيادة حجم الائتمان بالداخل المحلى فى الفترة الأخيرة، إلى جانب ضرورة وجودة منافسة بالمجال لخلق بيئة صحية تخدم المستفيدين من الخدمة.
كما كانت غالبية الآراء تفسر اتجاه الهيئة لفتح الباب أمام رخصة ثانية فقط فى الوقت الحالي، لرغبتها فى اختبار السوق فى البداية، وتقييم مدى نجاح الكيان الآخر، وفى حال ظهرت حاجة لشركات أكثر فسيتم السماح بدخول عدد أكبر.
فى حين رأى البعض أنه كان من المفترض أن تسمح الهيئة بوجود أكثر من رخصة فى الوقت الحالي، نظرًا لأن التحالفات المتقدمة قائمة على شراكات مع كيانات أجنبية قوية فى مجالها، ومن ثم فكان من الضرورى الاستفادة منها، وعدم تأجيل تلك الخطوة، وقبول أكثر من رخصة فى ظل حاجة السوق لذلك وعدم وجود ما يمنع.
يُذكر أن الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى وخدمة المستثمرين (ميريس)، هى الكيان الوحيد الذى يمارس النشاط فى مصر، وهى مشروع مشترك بين وكالة موديز للتصنيف الائتمانى وشركة فينبى للاستشارات المالية والمصرفية الدولية.
وصرح الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية فى بيان سابق، بأن النتائج التى تم التوصل إليها أكدت حاجة سوق الأوراق المالية المصرية لإصدار ترخيص مزاولة نشاط التصنيف الائتمانى لشركة أخرى، بجانب المرخص لها حاليًا.
وأضاف أن الترخيص لأكثر من شركة بمجال التصنيف الائتمانى سيعمل على تعزيز قدرات القطاع المالي، وزيادة معدلات المنافسة، بما يخدم مصلحة المتعاملين، وذلك فى ضوء نمو حجم إصدارات السندات، خاصة سندات التوريق.
وأوضح أنه تم إعداد شروط المفاضلة استرشادا بالممارسات الدولية فى هذا المجال، بهدف تصنيف طلبات التقدم للحصول على تلك الرخصة، واختيار الطلب الذى يحقق أعلى درجة من التوافق مع هذه المعايير.
ومن جانبه، قال دكتور محمد عياد، رئيس مجلس إدارة شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، أن السوق بحاجة إلى أكثر من رخصة ثانية للتصنيف الائتمانى خلال الفترة القادمة، وهو ما سيُسهم فى زيادة التنافسية وخلق بيئة صحية بالتبعية.
وأضاف أن حجم الائتمان فى مصر كبير ويتجه للزيادة أيضًا إذ إن هناك حوالى 40 بنكًا، بالإضافة إلى شركات التمويل الاستهلاكى وغيرها، هذا إلى جانب الكيانات العقارية التى تقوم بعمليات توريق.
ورأى عياد أن الاتجاه لتفعيل رخصة ثانية فقط فى مجال التصنيف الائتمانى بالوقت الحالي، يعود إلى نظرة الهيئة ورغبتها فى السير ضمن خطة تدريجية، ومن ثم فقد بدأت بالسماح بوجود كيان ثانٍ فقط فى البداية لاختبار السوق، ومدى احتياجها لهذا الأمر، مُرحجًا احتمالية إدخال أخرى حسب وضع السوق واحتياجاتها بالفترة القادمة.
وأشار رئيس مجلس إدارة شركة برايم القابضة، إلى أن هناك حاجة بالسوق المصرية للخدمات التى تُقدمها الكيانات الأجنبية مثل موديز وستاندرد آند بورز، إذ إنها تُيسر التعرف على حجم المخاطر الموجودة بأى صناعة وكيفية مواجههتها، بالإضافة إلى تحديده لسعر الفائدة بناءً على حجم المخاطر بالسوق، ويُحدد إمكانية الإقراض من عدمه.
وفى الإطار ذاته، قال كريم هلال، الرئيس التنفيذى لمجموعة كونكورد إنترناشيونال للاستثمارات، إن السوق بحاجة لأكثر من شركتين تصنيف ائتماني، على أن تكون تلك الكيانات على مستوى عالٍ من الحرفية، والشفافة، إلى جانب ضرورة كونهم جديرين بالثقة محليًا ودوليًا، لافتًا إلى تلك الشروط من الواضح توافرها فى تلك التحالفات المتقدمة للهيئة.
وأضاف أن الشركات المُقدمة للحصول على الرخصة من هيئة الرقابة المالية شاركت فى تحالفات مع كيانات أجنبية للاستفادة من خبرتها، وسمعتها، مشيرًا إلى أنه من الضرورى فتح الباب لوجود عدد أكبر بالسوق المحلية، للقضاء على فكرة الاحتكار، والسماح بوجود منافسة حرة.
وأوضح الرئيس التنفيذى لمحموعة كونكورد إنترناشيونال للاستثمارات، أنه من الممكن أن تكون الهيئة فتحت الباب فى البداية لقبول رخصة ثانية فقط لتجربة السوق، واختبار كيفية سير الأمور بعد ذلك.
ورأى هلال، أنه بالرغم من ذلك، كان من المفترض استغلال فرصة وجود تحالفات بها كيانات قوية وفتح الباب منذ البداية لقبول أكثر من رخصة، فليس هناك ما يمنع القيام بتلك الخطوة بالوقت الحالي، كما أن تلك الشركات المُتقدمة قامت بدراسة السوق، ولم تكن لتتقدم إن لم تجد أن هناك دورًا يُمكنها أن تلعبه بالداخل المحلي.
وفى سياقٍ متصل، قال ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، أن احتياج السوق المحلية لخدمات التصنيف الائتمانى اتجه للزيادة مؤخرًا، وذلك مع نمو الإقبال على أدوات الدين المختلفة، وانتشار التوريق، والتخصيم، وإصدار السندات، والصكوك.
وأشار إلى أن هذا الإقبال سيرتفع أكثر الفترة المُقبلة مع تفعيل التداول على السندات وأذون الخزانة بالبورصة المصرية، مُضيفًا أن حجم التداول على الأولى سينمو بصورة أكبر محليًا ودوليًا، فى حالة نجاح وزارة المالية من استيفاء شروط الانضمام لغرفة المقاصة الدولية للسندات «اليوروكلير».
ولفت عمارة، إلى أن وجود رخصة ثانية للتصنيف الائتمانى لا يحمى من فكرة الاحتكار، إذ إن السوق لا تزال بحاجة لأكثر من شركة أخرى فى هذا القطاع مع تخفيف الشروط إلى حد ما، وذلك لزيادة تنافسية المجال ليصبح أكثر صحية، بالإضافة إلى ذلك فإن كل المؤشرات تؤكد أن آلية التمويل بالسندات والصكوك ستشهد إقبالًا أكبر خلال 2024 المقبل.
وأضاف أنه من الضرورى عدم فتح رخصة التصنيف الائتمانى على نطاق واسع كذلك، إذ إنه سيُقابل ذلك تراجع الإقبال من جانب المستثمرين للدخول بالسوق المحلية، والذين سيراجعون جدوى الاستثمار بالقطاع ومدى الربحية المتاحة أمامهم بالداخل.
وأكمل رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، أنه من الممكن أن تكون الهيئة اتجهت لتفعيل رخصة ثانية فقط بالبداية لاختبار السوق، والسير وفقًا لخطة تدريجية حسب مدى حاجته بعد وجود ذلك الكيان الآخر، مرجحًا إمكانية وجود شركات آكثر حسب الاحتياج خلال الفترات المُقبلة.
فى حين، قال محمد ماهر، رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية – إكما، إن السوق المحلية بحاجة لوجود ما لا يقل عن 3 شركات تصنيف ائتمانى وليس 2 فقط، وبالتالى مازلنا بحاجة لفتح الباب لأكثر من رخصة ثانية من جانب الهيئة العامة للرقابة المالية، مؤكدًا أن ذلك من شأنه أن يخلق نوعًا من المنافسة الصحية.
وبين أن الوضع السابق المتمثل فى وجود شركة واحدة فقط هى المسؤولة عن عملية التصنيف الائتماني، والتى تُعتبر فرعًا من مؤسسة دولية وتقوم بتقييم الكيانات بالدولار، كان يخلق عبئا على كاهل تلك الشركات التى تحتاج للخدمة، نظرًا لارتفاع التكلفة بشكل كبير، وخاصًة فى الآونة الأخيرة مع ضعف العملة المحلية أمام نظيرتها الأجنبية.
وأضاف ماهر، أنه نتيجة لذلك فوجود أكتر من شركة بمجال التصنيف الائتمانى حاصلة على تراخيص محلية، من شأنه أن يُساعد أيضًا على خفض التكلفة على عاتق الكيانات المحلية، كما أن التنافس الصحى بين تلك الشركات سيُحقق مستوى تسعير مُناسب للمستفيد من الخدمة.
وفسر اتجاه الهيئة لفتح الباب لرخصة ثانية فقط للتصنيف الائتمانى فى الوقت الحالي، نتيجة لرغبتها فيتقييم التجربة، واختبار السوق، ومدى نجاح تلك الشركة الأخرى فى الداخل المحلى قبل أن تفتح المجال أمام عدد أكبر للدخول،مؤكدا أنها ليست أكثر من بداية تدريجية سيتبعها وجود أخريات.
وأشار رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية - إكما، أن هناك حاجة للخدمات التى تقدمها تلك الكيانات الأجنبية بالداخل المحلي، إذ إنها تقدم خدمات لمختلف الشركات التى تحتاج إلى أى من أنواع أدوات الدين، حيث تقوم بتقييم الجدارة الائتمانية لتلك الأخيرة، وهو ما يتم بموجبه تسعير العائد وتحديد قيمة الاقتراض.
وقد سبق ونشرت «المال» - وفقًا لمصادر مطلعة - أن تحالف شركتى «آى سكور» المصرية، و«ستاندرد آند بورز» العالمية هو الأقرب لاقتناص الرخصة، وذلك وفقًا للمتطلبات الفنية الرئيسية التى حددتها الهيئة العامة للرقابة المالية فى معايير المفاضلة بين طلبات رخصة التصنيف الائتمانى الثانية.
كما ذكر فى نفس البيان، أن اللجنة الداخلية التى تم تشكيلها من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية من قريب ستقوم بتقييم الطلبات الثلاثة وفقًا لـ5 معايير، والتى يتضمن كل منها عدة درجات، وأولهما هو معيار المتطلبات الفنية الرئيسية هو الأكبر إذ يتكون من 50 درجة.
ويختص المعيار الثانى بهيكل الملكية، والثالث بالاستقلالية والرقابة الداخلية، فى حين يتعلق الرابع بدراسة الجدوى الفنية والاقتصادية للشركة، ولكل منهم 10 درجات، بينما يدور الخامس حول متطلبات رأس المال ويحتوى على 20 درجة.
وأوضحت المصادر حينها، أن تحالف «آى سكور» مع «ستاندرد آند بورز» أصبح ضامنًا بنسبة كبيرة للغاية كافة نقاط المعيار الأول، والذى يتعلق بالمتطلبات الفنية الرئيسية وتصل نقاطه إلى 50 درجة.
وينقسم المعيار الأول إلى 3 نقاط فرعية مجموعها 50 درجة، تتمثل فى تقديم شهادة من إحدى وكالات التصنيف الائتمانى الدولية، والتى تفيد بأن مقدم الطلب سيلتزم بنموذج عملها، على أن يحصل على 20 درجة إذا صدرت من مؤسسات كبرى مثل «فيتش» أو «ستاندرد آند بورز».
محمد ماهر: الهيئة تسعى حالياً لتقييم التجربة قبل فتح المجال أمام دخول عدد أكبر
كريم هلال: يجب استغلال فرصة وجود تحالفات قوية وفتح الباب للتعدد
ياسر عمارة: الإقبال على أدوات الدين سينمو محليًّا ودوليًّا فى حالة انضمام المالية لـ«اليوروكلير»
