توقع عدد من محللى وخبراء الاقتصاد الكلى تأثر تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المحلية خلال العام الجارى بسبب عدة عوامل، يتمثل أبرزها فى الأحداث المضطربة التى تشهدها المنطقة حاليا فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، واستهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية المارة فى البحر الأحمر، بالإضافة إلى سعر العملة.
وأكد الخبراء أهمية إطلاق حزم تحفيزية للمستثمرين خلال الفترة المقبلة، وتوحيد سعر صرف الدولار أمام الجنيه فى السوقين الرسمية والسوداء لزيادة صافى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة محليا.
و أفادت تقارير صحفية على لسان نائب الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة فى مصر، بأن الهيئة تعكف على إعداد خطة ترويجية متكاملة تستهدف تعزيز معدلات الاستثمار فى مصر خلال العام الجارى، مع التركيز بشكل خاص على بلدان الصين والخليج وتركيا واليابان وألمانيا والهند.
أبدى أيمن أبو هند، الخبير الاقتصادى، والشريك المؤسس ومدير الاستثمار لشركةAdvisablالأمريكية للاستثمار تفاؤله بحجم التدفقات الاستثمارية العالمية التى ستشهدها الأسواق الناشئة خلال الفترة المقبلة، مرجعا ذلكإلى توجه الفيدرالى الأمريكى بخفض أسعار الفائدة بنسب متوقعة تتراوح بين 1 إلى %2.
وقال فى تصريحات لـ«المال» إن اختلاف سعر صرف الدولار مقابل الجنيه فى السوقين الرسمية والسوداء يؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة،مشيرا إلى أهمية إعلان الحكومة عن تسهيلات لتحفيز وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
وتوقع أن يكون التصنيع والتكنولوجيا من أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمار خلال العام المقبل ، مشيرا إلىأن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وما تلاها من ضربات الحوثيين فى البحر الأحمر أثرت على تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وإيرادات كلا من قناة السويس والقطاع السياحى.
وأكد ضرورة توحيد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بالإضافة إلى تقديم الكثير من الحوافز الضريبية، لافتا إلى أن السعودية على سبيل المثال قدمت حوافز ضريبية لمدة 30 عامًا للشركات التى ستضخ استثماراتها بالمملكة.
وشهدت مياه البحر الأحمر توترات متزايدة فى الآونة الأخيرة، و إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوة خاصة لحماية الملاحة البحرية ، فى ضوء استهداف جماعة أنصار الله الحوثية باليمن السفن المتجهة نحو إسرائيل نتيجةهجماتها على قطاع غزة، وهو الأمر الذى اعتبره خبراء دوليين تهديدا لأمن البحر الأحمر، والاقتصاد العالمى برمته.
وقدرت الهيئة العامة للاستثمار حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى اجتذبتها مصر بنهاية العام المالى الماضى بنحو10 مليارات دولار، مشيرة إلىتطلعها لجذب 12 مليار بنهاية العام المالى الحالى.
وقال الدكتور محمد باغة أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة قناة السويس إن التدفقات الاستثمارية بشكل عام ترتبط بالمناخ السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى البلدان،مشيرا إلى أن الاضطرابات التى تشهدها المنطقة حاليًا تٌشكل خطرًا كبيرًا على جذب تدفقات الاستثمارات المباشرة.
وتشهد المنطقة اضطرابات حاليًا بسبب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ، والذى يدخل شهره الرابع، مع استمرار التحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية فى القطاع المحاصر.
وأضاف “باغة” فى تصريحات خاصة ل”المال” أن ارتفاع حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لأسواق البلدان الناشئة مرهون بأن يكون المناخ التشريعى والقانونى بها مؤهل لذلك، بالإضافة إلى البنية التحتية، فضلاً عن حزمة الحوافز التى تقدمها الحكومات ، لافتا إلى أن المستثمر يبحث عن الفرص الواعدة التى تحقق العوائد الأعلى بمخاطر أقل.
وأشار إلى أن توقعات ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى فى مصر خلال العام الجارى تمثل رسالة تفاؤل و تجعل شهية المستثمرين مفتوحة لضخ استثمارات جديدة.
وتوقع صندوق النقد الدولى أكتوبر الماضى بلوغ معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى لمصر نحو %4.2 فى العام الماضى 2023، و%3.6 فى 2024.
ونوه “باغة” بأن أبرز القطاعات المتوقع أن تكون جاذبة للاستثمار خلال العام الجارى تتمثل فى الطاقة الجديدة والمتجددة، و الهيدروجين الأخضر اللتان قطعت مصر فيهما شوطاً كبيرًا، بالإضافة إلى الزراعة والتصنيع والخدمات واللوجستيات، مشيدا بالمقومات التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى كالموقع الجغرافى المتميز، وزيادة عدد السكان وغيرها من العوامل المحفزة للاستثمار.
وتابع أن الحكومة المصرية تنفذ حاليًا مجهودات عدة للترويج للفرص الاستثمارية المتاحة أمام كافة المستثمرين فى مختلف أنحاء العالم.
وأشار إلى أن معدلات تدفقات الاستثمار الأجنبية المباشرة للسوق المحلية شهدت زيادة طفيفة خلال الفترة الماضية ولكن أرقامها مازالت غير كافية وتحتاج إلى زيادتها.
وتصدرت مصر قائمة البلدان الإفريقية الأعلى جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفقا لتقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) سبتمبر الماضى، واجتذبت 11 مليار دولار خلالالفترة من أول يوليو 2022 وحتى 30 يونيو 2023.
وعن أبرز التحديات التى تواجه المستثمرين، قال “باغة” إن هناك إجراءات اتخذتها الحكومة لتحفيز الاستثمار من بينها إصدار الرخصة الذهبية، وإعلان تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى أغسطس الماضى، والمكون من 17 جهة لإنهاء الإجراءات اللازمة لأى مشروع، مؤكدا أهمية إطلاق الحكومة مزيداً من الحوافز الضرائبية لتشجيع المستثمرين خلال الفترة المقبلة.
وتابع أن الضرائب فى مصر رغم أنها من أقل المعدلات فى العالم إلا أنها أكبر من حيث العدد مما يؤثر سلبا على المستثمر، مؤكدا أيضا أهمية الإسراع فى عمليات التحول الرقمى، وتوحيد سعر الصرف لأن التضارب بين الرسمى والموازى يسبب حالة قلق لدى المستثمر.
ونوه بأن استهدافالحوثيين للسفن فى البحر الأحمر يؤثر على تدفقات الاستثمارات الأجنبية، وإيرادات قناة السويس لاسيما و أن %20 من حجم التجارة العالمية تمر من خلالها.
وتوقع صندوق النقد الدولى فى وثائق اتفاق الحكومة معه للحصول على تمويل بحوالى 3 مليارات دولار والتى كشف عنها يناير 2023، استقطاب مصراستثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 12.1 مليار فى العام المالى الجارى 2024/2023، مقارنة بـ 9.7 مليار 2023-2022، على أن ترتفع إلى 13.5 مليار فى 2025/2024.
وصرحت مديرة صندوق النقد الدولى كريستالينا جورجيفا، نوفمبر الماضى بأنه تتم حاليا دراسة زيادة محتملة لبرنامج القرض مع مصر حاليا و البالغ قيمته 3 مليارات دولار نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن أحداث قطاع غزة، مضيفةأن الصراع يدمر سكان غزة واقتصادها، ويشكل صعوبات للدول المجاورة وهى مصر ولبنان والأردن من خلال الخسائر فى إيرادات السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.
