تباين الآراء بشأن تراجع العقود الآجلة للجنيه مع تفاقم أزمة الدولار

تباينت آراء الخبراء والمحللين المصرفيين حول الأسباب التى أدت إلى تراجع قيمة الجنيه فى العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى نحو 50.50 جنيه مقابل الدولار،

Ad

تباينت آراء الخبراء والمحللين المصرفيين حول الأسباب التى أدت إلى تراجع قيمة الجنيه فى العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى نحو 50.50 جنيه مقابل الدولار، ففى حين أشار أحد المحللين إلى أن تزايد إقبال المستثمرين على شراء الأسهم المصرية هو السبب الأساسى وراء هذا التراجع، لا سيما وأن هؤلاء المستثمرين يستبدلون الدولار فى الأسواق الخارجية بالعملة المحلية ليتمكنوا من الاكتتاب فى الأسهم المصرية، لفتت محللة أخرى إلى أن شح المعروض النقدى من الدولار هو سبب هذا التراجع.

وأضافوا أن الربط بين هذا التراجع والمعدل الذى يتداول به الدولار فى السوق الموازية قد لا يكون صحيحًا من ناحية التحليل الفنى، بالإضافة إلى كون هذا التراجع لا يعكس «علاقة جيدة مع الدولار»، لا سيما وأن السوق الموازية هى بالأساس غير رسمية، ولا تخضع لقواعد واضحة يمكن الاعتماد أو البناء عليها.

والعقد الآجل القابل للتسليم هو أداة مشتقة مالية مقومة بعملة أجنبية، ويختلف عن العقد الآجل العادى المقوم بالعملة الأجنبية فى أنه لا توجد تسوية فعلية للعملتين عند حلول موعد الاستحقاق، وإنما استنادًا إلى حركة العملتين، يتم إجراء تسوية نقدية صافية من طرف إلى الآخر.

ويشيع استخدام العقود الآجلة غير القابلة للتسليم فى تغطية مخاطر العملة المحلية فى الأسواق الصاعدة خاصة وأن العملات المحلية لا تكون قابلة للتحويل بحرية، كما أن أسواق رأس المال قد تكون غير متطورة، بالإضافة إلى وجود قيود على حركات رأس المال.

وأرجع محمد عبد العال الخبير المصرفى تراجع الجنيه فى سوق العقود الآجلة إلى تحسن ثقة المستثمرين المضاربين فى البورصة فى الأسهم، وقدرة هذه الأسهم على تحقيق ارتفاعات معتبرة، وهو الأمر الذى دفعهم إلى بيع الدولار وشراء أسهم بالعملة المحلية.

وأضاف أن الطلب على الاستثمار فى البورصة فى تزايد خلال الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذى أدى، وإن بشكل غير مباشر، إلى تراجع قيمة الجنيه فى العقود الآجلة.

ولفت إلى أنه من بين الأسباب التى أدت إلى هذه المسألة (تراجع الجنيه فى سوق العقود الآجلة) تحسن مؤشر السندات المصرية فى "اليورو دولار"، فمصر، من جهة السندات، أمست واحدة من أفضل 9 أسواق ناشئة.

وأوضح أن قيمة هذه السندات من جهة السعر أقل فى حين العائد عليها أصبح أعلى، وهو الأمر الذى أدى إلى تزايد الطلب عليها.

سعر الدولار وسوق العقود الآجلة

من جهة أخرى، لفت "عبدالعال" إلى أنه من العسير، من الناحية الفنية، الربط بين تراجع قيمة الجنيه فى سوق العقود الآجلة وسعر الدولار فى السوق السوداء، مبينًا أن هذه السوق عشوائية، ومن ثم فإن الحكم عليها أو اعتبارها مقياسًا أمر قد تعوزه الدقة فى كثير من الأحوال.

وقال إن السعر العادل للدولار قد يتراوح من 37 إلى 40 جنيهًا، كما أن سعره الحالى فى السوق الموازية لا يعبر عن علاقة جيدة مع الدولار.

وعلى صعيد آخر، أشار إلى أنه من المحتمل أن يكون هناك تخفيض رسمى محدود لقيمة العملة المحلية مع نهاية الربع الأول، ولكن بشرط توافر حصيلة دولارية لا تقل عن 10 مليارات دولار، ولا تكون ناتجة عن ديون وتكون بعيدة كذلك عن الاحتياطى النقدى.

وتعليقًا على تصريحات مديرة صندوق النقد الأخيرة بشأن إرجاء النظر فى خطوة تحرير سعر الصرف، قال «عبد العال» إن شروط صندوق النقد الدولى مع مصر أمست أكثر تساهلًا، لاسيما بعد حرب غزة، وما خلّفته من تبعات وخيمة على مصر وغيرها من الدول المحيطة.

وكانت كريستالينا جورجييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى، قالت خلال قمة المناخ "COP28" فى دبى، إن «صندوق النقد الدولى يعطى الأولوية لمكافحة التضخم، وبعد ذلك سيأتى نظم سعر الصرف».

تفاقم أزمة الدولار

وتراجعت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه المصرى لأجل 12 شهرا إلى نحو 50.50 جنيه، محققة تراجعًا بنحو %7 منذ منتصف نوفمبر الماضى.

ويأتى هذا التراجع قريبًا من السعر الذى يجرى به تداول الدولار فى السوق الموازية، وهو ما يعنى ترجيح التوقعات بشأن ما يمكن أن يكون عليه سعر التوازن بالسوق إذا قرر البنك المركزى المصرى تحرير سعر صرف الجنيه أو تخفيض قيمته.

من جانبها، أرجعت محللة اقتصاد كلى، رفضت الإفصاح عن اسمها، أن هذا التراجع فى قيمة الجنيه فى العقود الآجلة غير القابلة للتسليم يأتى مدفوعًا بتفاقم أزمة الدولار.

وأضافت أن الأزمة آخذة فى التفاقم بفعل العديد من الاختلالات على صعيد الاقتصاد الكلى، أبرزها تأثر السياحة، وكذلك تراجع الحصائل التصديرية، موضحة أن مقدار ما يتم تصديره ضئيل جدًا، ومن ثم فإن العوائد الدولارية من التصدير قد تكون منعدمة. وذكرت أن الفجوة الدولارية الحالية أكثر بكثير من الـ 17 مليار دولار، وهو الأمر الذى يعنى حتمية الإسراع فى حلحلة هذه الأزمة، لكيلا تتفاقم العواقب أكثر من ذلك.