لماذا تأخرت أزمة الديون في الدول النامية؟

قالت صحيفة “ فاينانشيال ريفيو” إنه عندما اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية فى أكتوبر الماضى بمراكش لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى

Ad

قالت صحيفة “ فاينانشيال ريفيو” إنه عندما اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية فى أكتوبر الماضى بمراكش لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، كانوا محاطين بعدد من الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية منها الحروب فى أوكرانيا والشرق الأوسط، وموجة من التخلف عن سداد الديون فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، والتباطؤ الاقتصادى المدفوع بأزمة القطاع العقارى فى الصين، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، ناهيك عن تباطؤ الاقتصاد العالمى وتشرذمه.

ولكن أكثر ما أدهش المحللين، بحسب الصحيفة، هو الأزمة المتوقعة التى لم تحدث حتى الآن ألا وهى أزمة الديون فى الأسواق الناشئة، فرغم التحديات الكبيرة التى يفرضها ارتفاع أسعار الفائدة والارتفاع الكبير فى قيمة الدولار الأمريكى، فإن أياً من الأسواق الناشئة الكبرى، بما فى ذلك المكسيك والبرازيل وإندونيسيا وفيتنام وجنوب أفريقيا، وحتى تركيا، لا يبدو أنها تعانى من أزمة ديون، وفقاً لتقرير حديث.

وفقا للصحيفة، فإن هذه النتيجة أصابت الاقتصاديين بالحيرة من أمرهم إذ كيف لهذه الاقتصادات أن تصبح معاقل للمرونة الاقتصادية؟ وهل يعتبر هذا هو الهدوء الذى يسبق العاصفة؟

وأشارت الصحيفة إلى عدة عوامل تتبادر إلى الذهن، فرغم أن السياسة النقدية متشددة فى الولايات المتحدة، إلا أن السياسة المالية لا تزال فضفاضة للغاية إذ تستعد الولايات المتحدة لتحمل عجزا قدره 1.7 تريليون دولار فى عام 2023، مقارنة بحوالى 1.4 تريليون دولار فى عام 2022.

كما سجل العجز فى الصين مستوى مرتفعا ، إذ تضاعفت نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى خلال العقد الماضى، ويتوقع صندوق النقد الدولى أن تتجاوز %100 فى عام 2027، ولا تزال السياسة النقدية متساهلة فى اليابان والصين.

وبحسب الصحيفة، فإن العامل الأكبر وراء مرونة الأسواق الناشئة يتمثل فى استقلال البنوك المركزية.

لكن صناع السياسات فى الأسواق الناشئة يستحقون التقدير أيضاً، وفقا للصحيفة.

فأحد السياسات البارزة هو تكوين احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبى لمواجهة أزمات السيولة فى عالم يهيمن عليه الدولار. وفى هذا السياق، تبلغ احتياطيات الهند من النقد الأجنبى نحو 600 مليار دولار، وفى البرازيل حوالى 300 مليار دولار، وفى جنوب أفريقيا 50 مليار دولار.

وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من البنوك المركزية فى الأسواق الناشئة شرعت فى رفع أسعار الفائدة قبل وقت طويل من نظرائها فى الاقتصادات المتقدمة.

وبحسب المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى محمود محى الدين، فإن المدافعين عن استقلال البنوك المركزية يستشهدون بأوضاع البلدان التى تتمتع فيها البنوك المركزية بصلاحية تمنحها الحرية فى استخدام الأدوات النقدية، مثل سعر الخصم ومعدل الاحتياطى القانونى والتحكم فى المعروض النقدى وغيرها، وما ارتبط بذلك من نجاح كبير فى تحقيق تراجع مستمر فى معدلات التضخم على النحو الذى قام به البنك المركزى الألمانى، قبل الوحدة النقدية الأوروبية.

وذهب بعض المتحمسين لاستقلال البنوك المركزية، وفقا لمحى الدين، إلى تحديد رقم قياسى يعتمد على مجموعة من الشواهد والأدلة على الاستقلال، مثل الصلاحيات القانونية الممنوحة للبنك المركزى فى تحديد أهدافه واستخدام أدواته، وطبيعة ملكية البنك المركزى وحوكمته وسلطة تعيين محافظه وأعضاء مجلس إدارته والشروط الواجب توافرها فيهم وفترات المجلس، والجهة التى يُسأل أمامها البنك المركزى ويقدم لها تقاريره.