ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية أسعار «التوك توك» إذ تجاوزت بعض الموديلات مبلغ 100 ألف جنيه ، وكذلك المستعمل ليبدأ من 40 ألف وفقا لحالته الفنية نتيجة تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، صاحب ذلك زيادة أيضا فى قطع الغيار، مرورا بتعريفة الأجرة خاصة بعد تحريك أسعار المحروقات.
ورغم الارتفاع الشديد فى أسعار «التوك توك» إلا أنه يعتبر فرصة عمل لكثير من فئات الشباب، خاصة وأن بعض قرى ومحافظات الجمهورية تعتبره وسيلة نقل رئيسية.
استطلعت «المال» آراء عدد من المتخصصين حول مصير «التوك توك» فى أزمة الأسعار الحالية إلى جانب تطبيق مبادرات تقنين أوضاع المركبة ذات الثلاث عجلات التى تم اقتراحها أكثر من مرة فى السنوات الماضية، وكان فرق السعر بينه وبين سيارات «المينى فان» العامل الرئيسى فى فشل الأخيرة أن تسحب البساط من «التوك توك».
حدد خبراء إنتاج السيارات آليات تقنين وضع «التوك توك» تدريجيا حتى يتم انقراضه بالتوازى مع توفير وسائل أفضل.
وأصدرت الإدارة المحلية بالنواب للحكومة مجموعة من التوصيات وتشمل توفير كل التسهيلات الإجرائية والتمويلية لأصحاب هذه المركبة العشوائية وتقديم البدائل بأقل تكلفة وخسائر محتملة، متمثلة فى استبدال سيارات «المينى فان» بـ«التوك توك».
وكشفت دراسة حديثة خاصة برصد المركبات حصلت «المال» على نسخة منها أن تكلفة شراء «المينى فان» كبديل لإجمالى عدد التكاتك البالغ 3 ملايين مركبة، وبلغت قيمتها 360 مليار جنيه بحسب سعر أرخص السيارات المتداولة.
و لا يوجد حصرا دقيقا لعدد مركبات «التوك توك» فى مصر نظرا لعدم ترخيص الغالبية العظمى منها، إذ تقدر عددها أكثر من 274 ألف حتى نهاية عام 2021 وذلك من إجمالى 10.8 مليون مركبة مرخصة فى مصر، بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
ويتضح أنه حتى الآن أن عدد التكاتك التى تم ترخيصها بلغت %9.1 من إجمالى المركبات فى 22 محافظة إذ تعد “الدقهلية” فى صدارة المحافظات التى رخصت «تاكسى الغلابة» إذ تم ترخيص 40 ألفا و409 توك توك وأقلها محافظة شمال سيناء بواقع 933 مركبة عشوائية.
أظهر استطلاع رأى حديث أجرته الحكومة وجود انقسام فى رأى المجتمع المصرى حول استمرار عمل مركبة «التوك توك» فى الشارع من عدمه، إذ ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء فى تقرير له يوم 6 فبراير 2022 نتائج استطلاع الرأى الذى أجراه فى النصف الثانى من يناير 2022 تليفونيا عبر عينة تضم مواطنين أكبر من عمر 18عاما.
أظهرت أن %42 من المصريين ضد وجود « التوك توك» فى الشارع فيما يؤيده قرابة %45 ، و%13 لم يحددوا موقفهم سواء مع أو ضد.
فى سياق متصل كشف منتصر زيتون نائب شعبة السيارات عن أن هناك تلاعب من تجار السوق السوداء عن طريق إدخال وتجميع المركبات الفوضوية سالفة الذكر فى صورة قطع غيار.
وأضاف “زيتون” أن من ضمن سبل الحد من انتشار المركبات العشوائية، تقنين المتواجد منها من خلال وضع هوية محددة لها، تساعد على سهولة حصر المخالف منها ومعاقبته وإحلالها ضمن المبادرة الرئاسية.
وأشار إلى أن هذه المركبات تمثل عبئاً كبير على الدولة نظرًا لتهربها من الرسوم المرورية والضرائب، إلى جانب كونها وسيلة مشهورة لأغلب العمليات المشبوهة فى الشوارع.
لفت إلى أن هناك عدة عوامل رئيسية للقضاء على أضرار “التكاتك” متمثلة فى ضرورة سيطرة الجهات المعنية على دخول مكوناتها وضرورة تفعيل قرار وزارة التجارة والصناعة رقم 532 لسنة 2021 بتاريخ 9 نوفمبر 2021 والخاص بوقف استيراد المكونات الأساسية للمركبات ذات الثلاث عجلات «التوك توك» وتشمل القاعدة والشاسية.
يرى المعارضون فى الاستطلاع المشار إليه سابقًا أن التوك توك هو آفة مصر المرورية، وفقًا لعدة أسباب.
وتلخصت مبررات المعارضين لوجود «التوك توك» فى الشوارع المصرية فى 4 أسباب هى ضياع أكثر من حرفة وتعرضها للاندثار نتيجة اتجاه الشباب ممن لم ينالوا حظهم من التعليم إلى تلك الوسيلة لجلب الرزق، كما أصبح وسيلة لكثير من المجرمين لارتكاب الجرائم، إذ لا يوفر لهم كل ضمانات الحماية.
بالإضافة إلى كونه يتسبب فى كثير من الحوادث اليومية فى قلب الشارع المشحون نتيجة عدم تنظيم استخدامه.
كما لا توجد أية ضوابط أو فحوصات للمركبة من إدارات المرور، علاوة عن كونه من مصادر التلوث بشكل عام لما يسببه من ضوضاء فى الشوارع، فضلا عن انبعاث المواد مكتملة الاحتراق وتلويثها للبيئة.
ويأتى هذا القرار فى إطار تنفيذ خطة الدولة لتطوير نظام وسائل النقل وتوفير مركبات آمنة لحماية سلامة المواطنين، وتسهيل إجراءات ترخيص سيارات المينى فان كوسيلة نقل جماعى آمنة وحضارية، وتنظيم أوضاع التوك توك وتضمينها فى مبادرة الرئيس لتحويل السيارات لاستخدام الغاز الطبيعي.
جدير بالذكر أنه قبل ذلك القرار السابق ذكره صدرت أخرى منها القرار رقم 417 لعام 2014 والخاص بوقف استيراد السيارات ذات الثلاث عجلات التوك توك «والدراجات النارية وشاسيتها بغرص الاتجار لكن تم التراجع والسماح بدخول مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار وفق ضوابط، وفى أبريل عام 2017 تم تجديد حظر استيراد الـ«توك توك» كامل الصنع.
كما تم التوجيه الكامل لتصنيع المركبات التى يتم إنتاجها فى المناطق العاملة بنظام المناطق الحرة إلى التصدير فقط وعدم السماح ببيعها للسوق المحلية، وقد شكلت وزارة الصناعة فى مارس 2021 لجنة تعمل على إعداد مشروع خطة إحلال «التوك توك» التقليدى واستبداله بسيارات مينى فان.
وأصدرت وزارة الصناعة قراراً رقم 139 لسنة 2021 بتشكيل لجنة لوضع الآليات التنفيذية لمشروع إحلال سيارات بديلة للتوك توك التقليدى، وتقوم بالإشراف والتنسيق اللازم لإتمام الإجراءات التنفيذية وتحديد مصادر وآليات التمويل والإحلال والاستبدال والتخريد.
أوضح الدكتور طارق عوض الخبير فى شئون المبادرات والمشروعات القومية أن مجلس الوزراء وافق فى شهر مارس 2022 على تشكيل لجنة برئاسة وزير التجارة والصناعة وأعضاء ممثلين عن الوزارات والجهات المعنية ،وتقوم بوضع قواعد وآليات لإحلال المركبات ذات الثلاث عجلات.
وتابع أن اللجنة انتهت إلى إصدار عدد من التوصيات تم رفعها إلى رئيس مجلس الوزراء كان أهمها إحلال هذه النوعية من المركبات بسيارات نقل ركاب صغيرة «مينى ڤان» تعمل بالغاز الطبيعى، إذ تم التوجيه بسرعة تنفيذ هذه التوصيات بهدف الارتقاء بنمط حياة المواطن المصرى وتوفير وسائل نقل آمنة.
وأشار إلى التمتع ببيئة نظيفة وصحية، لذلك صدرت توجيهات مجلس الوزراء والمحافظين المعنيين بضرورة دراسة أمر تقنين أوضاع مركبات “التوك توك” على مستوى الجمهورية، والعمل على تيسير إجراءات التراخيص لأصحابها، إذ ستكون هناك فوائد واسعة من التقنين، سواء للمجتمع، أو لصاحب المركبة ، وحصوله على تأمينات اجتماعية وأخرى صحية.
وتبنى “عوض” بذلك رؤية المؤيدين فى استطلاع الرأى على قرار البقاء على تواجد “التوك توك” مع تقنينه والحد من مخاطره وأضراره على المجتمع، إذ كلاهما يرى أنها سيارة أجرة لفئات الدخل المنخفض وفرصة عمل للشباب.
جدير بالذكر أن أسباب تأييد البعض لعدم القضاء على هذه المركبة، يرجع إلى 5 عوامل وهى أن دخل سائق «التوك توك» أكبر من سائق التاكسي.
كما يرى المؤيدون أن المصريين يحتاجون إلى وسيلة مواصلة سريعة ورخيصة ينتقل بها فى أى وقت خاصة وأن النقل العام يمر على المحطات فقط، والتاكسى يستخدمه المواطن فى حالة الطوارئ.
كما أن صغر حجم «التوك توك» يسهل انتقاله فى الشوارع ، ويمكن لسائقه من السير فى المسافات الصغيرة المتاحة لهذا أقبل الشباب على قيادته لمواجهة البطالة، وأصحاب المعاشات لزيادة الدخل.
ومن أسباب تأييدهم للتوك توك أنه سهل الاستخدام لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة نظرا لأنه لا يحتاج إلى مجهود، إذ انه فى تناولهم فى أى مكان وفى أى وقت عكس النقل العام والتاكسى، هذا بالإضافة إلى سد عجز الحكومة عن توفير وسيلة مواصلات للمناطق النائية.
وكشف “عوض” عن أن مالك التوك توك سيكون له معاش شأنه فى ذلك شأن سائقى التاكسى والميكروباص على أن يتم ذلك عبر مسارين، الأول “دراسة توفير التيسيرات والمحفزات لتقنين أوضاعهم، ومنحهم تراخيص مركباتهم”، مع مراعاة أن تكون هناك قيمة محددة ومخفضة للترخيص مراعاة للبعد الاجتماعى لملاك التوك توك وأيضا ترغيبهم فى الترخيص.
وأكمل أن المسار الثانى يقوم على دراسة تيسير إجراءات منح سيارات “المينى فان” رخصة أجرة نقل ركاب مع تجهيزها للعمل بالغاز الطبيعى لتصبح وسيلة نقل جماعى آمنة وحضارية.
وأضاف أنه فى حال تحقيق المسارين المشار إليهما فهناك توصيات بدراسة أمر مشاركة مركبات “التوك توك” ضمن المبادرة الرئاسية لإحلال السيارات، واستبدالها بسيارات “المينى فان” والتمتع بالتسهيلات والمميزات والدعم داخل المبادرة، وعن مدى انقراض مركبات التوك توك فى إطار الشراكة المستقبلية فى الإحلال.
وأشار إلى أنه يجب الوضع فى الاعتبار أن مالك التوك توك سوف يكون له حرية الاختيار فى المشاركة فى الإحلال أو أن يبقى على وصفه توك توك طالما أصبح مرخصاً وملتزماً بالضوابط التى تنظم أماكن سيره وتجمعاته فى الشارع المصرى والتى تقررها الجهات المعنية، وأيضا بخصوص ما تشهده الساحة الاقتصادية العالمية من ارتفاع فى أسعار صرف العملات خاصة الدولار ومدى تأثير ذلك على عملية إحلال التوك توك بمركبة أخرى مناسبة.
أوضحت دراسة حديثة أنه منذ صدور قرار وزارة التجارة والصناعة بمنع استيراد التوك توك كاملا أو أجزاء، كان هناك تواصلاً مع الشركات المنتجة له عبر الجهات المعنية وحثهم على التوجه إلى تعديل خطوط إنتاجهم إذ تصبح خطوط لإنتاج السيارات خاصة «المينى فان» وعبر تيسيرات سوف توفرها الدولة لهم، بغرض الحفاظ على الأيدى العاملة فى هذه المصانع وأيضا توسيع قاعدة الصناعة فى مصر فى ظل إطلاق استراتيجية التوطين.
وفى السياق نفسه أوضحت الدراسة التى تبحث حلول لتلك المركبة الفوضوية، أن الحل يكمن فى إعادة تقنين «التوك توك» بشكل موضوعى، وذلك بعد عرض وجهتى النظر المعارض والمؤيد.
وتوصلت الدراسة فى النهاية إلى أن هناك فرصاً للتطوير ، مطالبة بإعادة النظر فى هذا الملف لأهميته، فهو يحد من بطالة الشباب، كما أنه مصدر دخل لأصحاب المعاشات إضافة إلى أنه وسيلة سهلة وسريعة.
تعود السمعة السيئة التى يحملها التوك توك فى مصر بشكل رئيسى إلى قيادته بشكل عشوائى، إذ لا يحمل من يسيره ترخيصا بالقيادة من الأساس، الأمر الذى يجعله سببا فى الكثير من المشكلات.
واقترحت الدراسة التوسع فى استخدامه وترخيصه كمركبة أجرة زهيدة الثمن يقوم بقيادتها من يحمل رخصة مهنية، على أن يتم السماح لها بالسير فى كل مكان بشكل رسمى بعد فحصه كليا، إلى جانب الرغبة فى التصنيع على أرض مصر لتصبح وسيلة مواصلات تعمل بالكهرباء، وتكون صديقة للبيئة.
