قررت الجمعية العامة غير العادية لشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ التى عقدت الأسبوع الماضى بمقر وزارة النقل حل الشركة و وضعها تحت التصفية، بسبب تجاوز خسائرها المتراكمة أكثر من نصف رأس المال.
استندت الجمعية العامة غير العادية فى قرارها للمادة 69 من قانون 159 لسنة 1981، التى نصت على تصفية الشركة التى يتخطى خسائرها نصف رأس المال، فى حين أنها سجلت قرابة 434 مليون جنيه، مقابل 200 مليون رأس المال، مع انخفاض ملكية المساهمين بالسالب لـ 231.6 مليون.
كلفت الجمعية المصفى القانونى الدكتور عبد الرسول عبد الهادى تنفيذ القرار خلال 6 أشهر، منها 90 يوماً لتقديم خطة تنفيذ الإجراءات، وباقى المدة يتم خلالها تفعيل التصفية.
تعود قصة خسائر الشركة التى تم تأسيسها فى 12 مايو عام 1963، وتركز عملها بميناء الإسكندرية إلى عدة أسباب، وفقا لتقارير أصدرتها خلال العامين الماضيين.
أشارت التقارير إلى أنها تواجه صعوبات للعمل بميناء الدخيلة نظرا لدخول شركات القطاع الخاص العاملة فى نفس النشاط، وحصولها على مخازن وساحات ومعدات مناسبة لتداول وتخزين الحبوب ولا تمتلك “العربية المتحدة” معدات بنفس التكنولوجيا، ومن ثم فقدت %90 من حجم الوارد من الحبوب و%20 من الصب الغير نظيف والبضائع العامة لميناء الإسكندرية والدخيلة.
ذكرتنفس التقارير أن أصول الشركة من المعدات والأوناش الخاصة لم تعد تصلح للعمل فنيا لتقادمها وصعوبة تواجد قطع الغيار بالسوق المحلية أو الخارجية، بسبب عدم قيام مجالس الإدارة السابقين بتنفيذ خطط تطوير تكنولوجية لكافة مهمات العمل، بشكل تدريجى تضمن قدرتها على المنافسة.
افتقدت الشركة خلال الـ20 عامًا، وضع خطط تسويقية فعالة، مع انعدام تدريب الموارد البشرية، وعدم شراء أى معدات جديدة على غرار الموجودة لدى الكيانات الأخرى العاملة فى نفس الموانئ.
ومن ضمن الأسباب التى أدت إلى التصفية عدم مواكبة الاتجاه العالمى الذى استهدف تحويل البضائع العامة إلى حاويات، والذى يعد النشاط الأساسى للشركة الحكومية، ومن ثم أدى إلى انخفاض حاد فى حصيلة الإيرادات.
تشير التقارير التى حصلت عليها «المال» إلى تأثير نشاط الشحن والتفريغ بميناء الإسكندرية، أثناء جائحة كورونا وانخفاض الكميات الواردة نتيجة ارتفاع رسوم الخدمات وما تبع ذلك من اتجاه المستوردين والمصدرين إلى مينائى أبو قير ودمياط للبضائع العامة، كان له أيضا تداعيات سلبية قوية على العربية للشحن والتفريغ.
منحت القابضة للنقل البحرى والبري، تابعتها العربية المتحدة للشحن والتفريغ قروضا تزيد عن 202 مليون جنيه، وفقا لآخر تقرير أداء للعام المالى الجاري.
أشارت مصادر مطلعة ل«المال» إلى أن القروض وجهت لسداد التزامات الشركة وعلى رأسها دفع المرتبات للعاملين البالغ عددهم 1200 ، ودفع بعض الالتزامات للجهات الأخرى، ومنها هيئة ميناء الإسكندرية، والتى كانت تشترط دفع جزء من مقابل الانتفاع بالأراضى والمخازن حتى يتم تجديد ترخيص مزاولة نشاط الشركة.
وخلال العام الماضي، أعلنت العربية المتحدة للشحن والتفريغ تفعيل نشاط التسويق وتم التواصل مع عملاء جدد.
كما أقرت الشركة عمولة جلب لتنشيط العملية التسويقية، إلا أن هذا الإجراء لم يؤتى ثماره المستهدفة.
وبناءً على طلب الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى ووزارة النقل والجهاز المركزى للمحاسبات تقدمت الشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ بعدد من المقترحات المستقبلية للخروج من مأزق الخسائر وتحقيق ربحية فى حالة الموافقة على استمرار نشاطها، إلا أن معظم تلك الخطط رفضتها “القابضة” كونها غير واقعية وصعبة التنفيذ.
فى نفس الوقت لاقى قرار تصفية الشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ أصداءً قوية داخل السوق الملاحية، والذى اتخذته الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى خلال عقد اجتماع الجمعية العمومية للشركة مساء الخميس الماضي.
أشار أحمد شوقى مسئول شركة فينوس للشحن والتفريغ بميناء الدخيلة إلى أن القرار جاء متأخرا كثيرا، إلا أنه كان من الأفضل عرض الشراكة والتعاون بين مجلس إدارة الكيان الحكومي، ونظيرتها من نفس المجال بالقطاع الخاص لإعادة استغلال الإمكانيات المتاحة.
أشار إلى أن العربية للشحن والتفريغ تمتلك العديد من الأصول، وكذلك لديها خبرات عريقة، لذا كان من الممكن إعادة إحياء الشركة عبر شراكة مع القطاع الخاص، إلا أن قرار دخول القطاع الخاص لم يتم اتخاذه من قبل أى مجلس إدارة.
أشار المهندس مدحت القاضى رئيس شعبة خدمات النقل الدولى بالغرفة التجارية بالإسكندرية إلى أن العديد من الجهات تحملت الخسائر المتلاحقة للشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ لعدة سنوات، وبذلك أصبح من الصعب استمرار تحمل تلك الخسائر التى ارتفعت إلى 430 مليون جنيه.
بدوره أشار عصام السرجاوى أحد مساهمى الشركة من القطاع الخاص إلى أن قرار التصفية تأخر بسبب العاملين بالشركة، والذى تسبب فى زيادة الخسائر المتلاحقة نتيجة عدم تنفيذها أية أعمال وفى نفس الوقت هناك التزامات شهرية ينبغى تسديدها.
وأوضح أن المساهمين عرضوا أكثر من مرة دمجها مع شركات شقيقة، سواء العاملة فى أنشطة الحاويات أو المستودعات، أو شركات الشحن والتفريغ التابعة للقابضة للنقل البحري، إلا أنه تم رفض القرار من الشركة الأم.
الدكتور محمد ابراهيم الخبير الملاحى أشار إلى أن تعيين قيادات سابقين لدى هيئة ميناء الإسكندرية كان أبرز أسباب تراجع الشركة خلال الفترة الأخيرة، كما أدى إلى صعوبة جذب عملاء جدد.
وأوضح أن وجود كيان حكومى بسوق الشحن والتفريغ كان يعمل على توازن السوق، إلا أن الخسائر المتلاحقة بالشركة زادت من صعوبة ضخ استثمارات واقتناء أوناش ومعدات جديدة تمكنها من مسايرة ما يقوم به القطاع الخاص، لتحقيق المعدلات التى تطلبها هيئة ميناء الإسكندرية.
وتعمل العربية المتحدة للشحن والتفريغ، فى قطاع النقل مع التركيز على الموانئ والخدمات البحرية، يقع مقرها فى الإسكندرية.
ويتوزع هيكل ملكية العربية للشحن والتفريغ بين الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى بنسبة 51%، وعدد من أفراد القطاع الخاص، والنسبة الباقية مطروحة بالبورصة.
