تنفذ وزارة النقل عددا من محطات تداول الصب الجاف النظيف ( الغلال والحبوب بكافة أنواعها) لإنعاش هذا القطاع، لاسيما وأن هذه السلع تصنف بالاستراتيجية، فى نفس الوقت سيلعب القطاع الخاص دورا رئيسيا فى عملية الإدارة والتشغيل عقب انتهاء الأعمال الإنشائية.
تسعى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى بناء محطة للصب الجاف بميناء غرب بورسعيد، بطول 550 مترًا وعمق مياه 14.
ويجرى تجهيز وإدارة وتشغيل رصيف بحرى بطول 600 متر لصوامع الحبوب والغلال بميناء دمياط بهدف تعزيز القدرة التنافسية و تلبية الطلب المتزايد على هذه البضائع، بطول أرصفة يصل إلى 600 متر وعمق 17، وطاقة تخزينية تصل إلى 10 ملايين طن سنويا.
ويتم حاليا بناء محطة الحبوب بميناء الدخيلة، وتحتوى على رصيف بطول 1150 مترًا وعمق 15، فضلا عن ظهير خلفى بمساحة 300 ألف متر مربع، ويتوقع أن تتمكن المحطة فور تشغيلها من استقبال 4 سفن فى وقت واحد.
ويتنافس على محطة الدخيلة فى الوقت الحالى 10 شركات محلية وعربية لتولى عملية الإدارة والتشغيل لفترة لمدة 30 عاماً، نظرًا أهمية الاستثمار فى نشاط تداول بضائع الصب الجاف النظيف، و الانتعاشة المرتقبة التى سيشهدها النشاط بالتزامن مع تنفيذ العديد من محطات وصوامع الحبوب بالموانئ المصرية.
“المال” ناقشت مع عدد من العاملين فى القطاع إمكانية تعزيز تجارة الحبوب فى السوق المحلية، لتكون الموانئ البحرية مركز تجميع ترانزيت فى نفس الوقت لباقى الأسواق المجاورة.
قال أحمد المعداوي مدير سابق لشركة روتس المتخصصة فى تداول الحبوب وخبير سلاسل الإمدادبالجامعة الأمريكية إن تحويل مصر لتكون مركزا رئيسيا لتخزين وتصدير الحبوب للعالم لن يتأتى إلا بتنفيذ قيمة مضافة على نشاط استيراد وتخزين هذه السلع.
أضاف إن احتياج الدول الأفريقية لهذه النوعية من السلع هى بمثابة فرصة أمام المنصات البحرية المصرية، شريطة أن يتم عمل قيمة مضافة على السلع نفسها لتحقيق مردود مالى قوى على المستثمر سواء محلى أو أجنبي، لاسيما وأن وسائل النقل لأفريقيا مرتفعة.
أشار “المعداوي” إلى أن صناعات القيمة المضافة تتم بمزايا وحوافز استثمارية أبرزها على سبيل المثال منح العاملين فى النشاط بإعفاءات ضريبية، وتسهيل الإجراءات الحصول على كافة التراخيص.
ذكر أن موانئ دمياط والعريش و جرجوب وشرق بورسعيد، أكثر الموانئ المرشحة لإقامة محطات حبوب نظرا لوجود ظهير ميناء يستوعب إقامة مصانع لإجراء قيمة مضافة.
سجلت واردات مصر من القمح نموا بنسبة %30 خلال أول 9 أشهر من 2023 لتصل إلى 8.34 مليون طن مقابل 6.43 مليون فى الفترة ذاتها من عام 2022.
تعد مصر أحد أكبر مستوردى القمح فى العالم كما أن مشترياتها تتابع عن كثب كمرجع عالمي، وهى تشترى عادة من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومى والخاص.
وخلال فترة المقارنة -أول تسعة أشهر من 2022- شهدت أسعار الحبوب قفزة قوية بالتزامن مع بدء الغزو الروسى لأوكرانيا وانقطاع الإمدادات القادمة من البلدين بسبب ظروف الحرب، وهو ما حد من عمليات استيراد الحبوب.
و بلغت واردات القمح الروسى لمصر 6.65 مليون طن من إجمالى الكميات المستوردة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023، فيما جاءت أوكرانيا بعدها بنحو 1.11 مليون طن، ثم رومانيا فى المركز الثالث بنحو 331.66 ألف.
وطالب على الحايس المستشار الملاحى لشركة أوشن إكسبريس وزارة النقل بتقديم حزمة من المميزات والحوافز والتسهيلات تشجع المستثمرين على إقامة محطات لتداول الحبوب، وخاصة بالموانئ الجديدة مثل ميناء أبو قير، و جرجوب.
لفت إلى أنه رغم زيادة الرقعة الزراعية الخاصة بإنتاج القمح والحبوب إلا أن احتياجات السكان المتزايدة سنويا يشكل عنصرا أساسيا للاستيراد، وبالتالى هناك ضرورة للتوسع فى القطاع وأنشطة المرتبطة به.
وقال إن محطة الحبوب بميناء الدخيلة التى تم طرحها خلال الفترة الماضية على المستثمرين، تأخر تنفيذها إذ كان مخططا تنفيذها عام 2014، لذا لابد من إعادة النظر ومراجعة دراسات جدوى المشروعات الخاصة بنشاط الحبوب والمخازن الموجودة بالموانئ القديمة، وإعادة استغلال المساحات فى مشروعات جديدة، كما حدث فى مشروع صوامع الحبوب الذى تنفذه حاليا هيئة السلع التموينية بميناء غرب بورسعيد على حوض عباس.
وأوضح “الحايس” أن أزمة روسيا وأوكرانيا كشفت عن أهمية سرعة إنشاء مركز عالمى لتخزين الحبوب بهدف تلبية احتياجات السوق المحلية ثم تصنيعها وإعادة تصديرها.
وأوضح أن التوسع فى محطات الحبوب وإنشاء الصوامع بالموانئ يقضى على انتظار السفن وتكبد أصحابها غرامات التأخير والأرضيات بالدولار.
قال محمد الحبال مدير عام اللوجستيات بشركة كايرو ثرى ايه المتخصصة فى تداول الحبوب إن غاطس الموانئ المصرية بعد التطوير يمكن حاليا دخول السفن العملاقة التى تزيد حمولتها عن 60 ألف طن.
أشار” الحبال “ إلى أن مصر لديها فرصة جيدة لأن تصبح مركزاً رئيسياً لتفريغ الحبوب وإعادة شحنها ونقلها على سفن الصغيرة إلى دول حوض المتوسط، خاصة مع اختيار وزارة النقل لميناء دمياط لتنفيذ محطة للحبوب على مساحة 270 ألف متر ويمنح المشروع الفرصة السفن المترددة على المحطة لزيادة فرص التصدير لدول البحر المتوسط وأفريقيا.
و قال القبطان عبد المنعم محمد رئيس مجلس إدارة إحدى شركات شحن الصب الجاف النظيف إن التوسع فى إقامة مشروعات الصوامع ومحطات الحبوب يساهم فى تأمين السلع الاستراتيجية ويزيد من الطاقة التخزينية ويمنع التخبط فى الأسعار وتأثير المتغيرات المتلاحقة على العرض والطلب.
وقال إن نجاح تلك المحطات يتطلب عدة عوامل أهمها التوزيع العادل حتى لا تتحمل الدولة تكاليف نقل ومبالغ تأمينها.
وأضاف أنه لابد من معالجة ظاهرة سيئة فى قطاع النقل البحرى وهى التخبط فى القرارات والموافقات إذا يفاجأ القطاع الخاص بعد حصوله على موافقة معينة بصدور قرار من جهة أخرى بإلغائها، مدللا بما حدث برفض مشروع تداول الصب غير النظيف بميناء غرب بورسعيد بعد أن حصلت الشركة على الموافقة بعمل الدراسة واتفاقية التعاقد.
لفت عبده الشويش مسئول اللوجستيات بشركة الأخوة العرب للشحن والتفريغ إلى أن استيراد الحبوب بكميات كبيرة من روسيا وأوكرانيا والبرازيل، يوفر للبلاد تأمين مخزونها وتلبى الطلب المحلى وتخلق فرص تصديرية فى أفريقيا.
عبد المنعم: التخبط فى القرارات يخلق مخاوف لدى المستثمرين
