تباينت آراء المحللين والخبراء فيما يتعلق باحتمال طرح شهادات وأوعية ادخارية جديدة لا سيما فى ظل اقتراب أجل استحقاق شهادات %25، ليرجح بعضهم إمكانية طرح أخرى بمعدل فائدة يتراوح من 27 إلى %30 خاصة فى ظل ارتفاع معدلات التضخم، والتعرض لأزمة تآكل الأموال.
وأضافوا أنه فى حال عدم طرح أوعية ادخارية جديدة أو تكرار إتاحة شهادات 25% فسيكون الذهب والعقارات والبورصة خيارات جديدة كبدائل للاستثمار، بيد أن بعضهم أشار إلى أن عملاء الودائع سيظلون كما هم من ناحية حرصهم على الشهادات التى توفر لهم دخلًا شهريًا ثابتًا.
واستبعدت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، أن تلجأ بعض البنوك المحلية العاملة فى السوق المصرية إلى طرح شهادات أو أوعية ادخارية جديدة لامتصاص السيولة الناتجة عن اقتراب آجال استحقاق شهادات الـ %25.
وطرح بنك مصر مطلع يناير الماضى شهادة ادخارية بفائدة %25 مدتها عام تصرف بنهاية المدة، أو فائدة %22.5 تصرف شهريا فيما قرر البنك الأهلى المصرى طرح شهادة ادخارية مدتها عام بفائدة %25 تصرف بنهاية المدة، أو فائدة %22.5 تصرف شهريا.
وعللت «الدماطى» رأيها بكون طرح شهادات جديدة بعوائد مرتفعة سيكون مكلفًا جدًا بالنسبة للبنوك، علاوة على وجود بدائل أخرى يمكن استثمار حصائل الشهادات الحالية فيها، وأبرز هذه البدائل شهادات الـ %22 ذات العائد المتناقص والمتاحة حاليًا فى البنوك.
وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يحدث مع شهادات %25 نفس ما حدث مع شهادات %18، بمعنى أن يتم توزيع الحصائل والعوائد بالتدريج، لافتة إلى أن الشهادات الموجودة حاليًا ربما تكون الخيار الأفضل بالنسبة لشريحة العملاء التى تبحث عن دخل شهرى.
وجمعت بنوك الأهلى ومصر والقاهرة حصيلة مدخرات بقيمة 500 مليار جنيه نظير الاكتتاب فى شهادات الادخار ذات العائد %22.5 للفائدة الشهرية و%25 للفائدة السنوية، والتى تم إصدارها خلال شهر يناير الماضى.
وأوضحت أنه بخلاف استثمار حصائل شهادات %25 فى الأوعية الادخارية الجديدة أو القائمة بالفعل، فهناك عدة مسارات يمكن الاستثمار أو الادخار فيها، مبينة أن أبرز هذه المسارات: العقارات والذهب.
واعتبرت أن العقارات تنقسم إلى: سكنى وتجارى وإدارى، وهذين الأخيرين يمكن من خلالهما الحصول على عائد شهرى من خلال الإيجار، بالإضافة إلى أن قيمة العقارات ذاتها ستظل فى ارتفاع مطرد إلى حد كبير.
وأفادت بأن الاستثمار فى العقارات أفضل بكثير منه فى الذهب، خاصة فى ظل تكبد المستثمرين عبء الضريبة والدمغة والمصنعية وخلافه.
وأضافت أن الاستثمار فى أذون الخزانة ربما يكون واحدًا من أفضل الخيارات المتاحة حاليًا، خاصة فى ظل ارتفاع العائد عليها.
وسجل العائد على أذون الخزانة لأجل 273 يوما نحو %27.038، و%25.705 لأجل 91 يوما، و%26.276 لأجل 182 يوما، و%27.180 لأجل 364 يوما، فيما سجل إجمالى استثمارات البنوك فى سندات وأذون الخزانة 4.76 تريليون جنيه بنهاية أغسطس الماضى، بحسب النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزى.
أزمة الدولار
من جانبه، رأى طارق متولى الخبير المصرفى، أن طرح شهادات وأوعية ادخارية جديدة سيظل مرتهنًا بحل أزمة نقص المعروض النقدى من الدولار، لافتًا إلى أن الأزمة الحقيقية تتمثل فى تواجد العملة الخضراء خارج البنوك.
وأضاف أن حل مشكلة الدولار بشكل جذرى لن يتم عبر مسار واحد، وإنما يمكن ذلك عبر طرح أو اعتماد مسارات بديلة، منها على سبيل المثال إغراء المكتنزين لوضع مدخراتهم الدولارية فى الجهاز المصرفى، بالإضافة إلى طرح أوعية ادخارية أو شهادات بعوائد مرتفعة تدفع الناس إلى الإقبال عليها.
وأوضح أنه من الممكن طرح شهادات لمدة سنة أو سنة ونصف على أن تتراوح العوائد من 27 إلى %30، وربما تكون هذه الشهادات مهمة حتى يمكنها تغطية جزء من التضخم المرتفع.
وأكد أن «عميل الودائع سيظل كما هو»، ففى كل الأحوال، حتى فى الوقت الذى كان معدل الفائدة على الشهادات فى حدود %10 كان هناك مودعون، معللًا ذلك بكونهم يبحثون عن دخل شهرى ثابت، والشهادات هى الخيار الأمثل لهم.
وارتفع إجمالى ودائع الجهاز المصرفى، بما فيها الحكومية، بحسب أحدث بيانات البنك المركزى، إلى نحو 9.71 تريليون جنيه بنهاية أغسطس الماضى مرتفعة من 9.61 تريليون خلال يوليو السابق له.
وسجلت الودائع الحكومية نحو 2.179 تريليون جنيه بنهاية أغسطس مقابل 2.19 تريليون خلال يوليو الماضى، فيما سجلت الودائع غير الحكومية نحو 7.539 تريليون بنهاية أغسطس مرتفعة من 7.42 تريليون فى يوليو الماضى.
وارتفعت الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية إلى نحو 5.936 تريليون جنيه خلال أغسطس الماضى مقابل 5.82 تريليون فى يوليو، أما الودائع غير الحكومية بالعملة الأجنبية فقد استقرت عند 1.603 تريليون بنهاية أغسطس الماضى.
الذهب والبورصة مساران بديلان
من جانبها، أشارت داليا بنه محلل البنوك والخدمات المالية فى "فاروس" إلى أنه من المحتمل أن تلجأ البنوك الحكومية إلى طرح شهادات مرتفعة العائد قد يصل إلى 27 أو %30، أو ربما تعيد طرح شهادة %25 من جديد.
وأضافت أن هذه الخطوة ستأتى مدفوعة بارتفاع معدلات التضخم، والذى من المتوقع أن يأخذ منحى تصاعديًا حتى منتصف عام 2024، على أن يعاود الهبوط ثانية خلال النصف الثانى من العام ذاته.
وأكدت أن الشهادات مرتفعة العائد تمثل عبئًا على البنوك من جهة التكلفة، وتنعكس سلبًا على أرباحها، ولكن البنوك الحكومية تقوم بطرحها كنوع من الدور الاجتماعى للحفاظ على مدخرات الناس من التآكل فى ظل ارتفاع معدلات التضخم.
وذكرت أن البنوك صغيرة ومتوسطة الحجم قد تضطر إلى طرح شهادات وأوعية ادخارية مرتفعة العائد مدفوعة بحدة المنافسة من جهة، وبالتخوف من هجرة ودائعها إلى البنوك الأخرى التى توفر شهادات بعوائد أعلى.
فى السياق ذاته، لفتت إلى أن الذهب سيظل ملاذًا آمنًا وبالتالى قد يكون مسارًا مناسبًا للاستثمار فى حال عدم طرح شهادات مرتفعة العائد، بالإضافة إلى أن البورصة مسار ملائم هى الأخرى فى ظل الارتفاعات المتوالية التى تشهدها خلال الفترة الأخيرة.
وأوضحت أن أغلب الشركات المدرجة فى البورصة حققت خلال الفترة الأخيرة معدلات أرباح عالية، وهو ما يجعل من البورصة خيارًا استثماريًا جيدًا لامتصاص السيولة التى ستتوفر بعد اقتراب أجل استحقاق شهادات %25.
الدماطى: لا حاجة لطرح أوعية جديدة بعوائد مرتفعة.. والعقار خيار أمثل
متولى: وجودها مرهون بحل أزمة العملة
بنه: مسألة واردة.. والذهب والبورصة مساران جيدان
