تباينت آراء الخبراء بشأن توقعات اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، يوم 21 من ديسمبر الجاري، ما بين التثبيت والرفع من %3-2 كحد أقصى حتى يناير 2024، فى ضوء عدة عوامل تتعلق بحجم الضغوط التضخمية، وأهمية استقرار سعر الصرف، واحتمال تقديم دعم إضافى لمصر من صندوق النقد الدولي، فضلا عن اقتراب أجل استحقاق شهادات %25.
ومن المقرر أن تعقد السياسة النقدية بالبنك المركزى اجتماعها الثامن والأخير خلال 2023 يوم 21 ديسمبر الجارى لحسم قرار رفع سعر الفائدة بعد تثبيته لسعر الفائدة خلال اجتماعه السابق ، على عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وإبقاء سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند مستوى %19.25 و%20.25 و%19.75 على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %19.75.
وحسم 6 خبراء من أصل 9 توقعاتهم وانحازوا لتثبيت سعر الفائدة، مدفوعا بالهبوط الملحوظ فى معدلات التضخم، وتجنب زيادة أعباء خدمة الدين المحلي، فى حالة الرفع فضًلا عن التأثير السلبى على قاعدة عملاء المصارف من شريحة المستفيدين من القروض الشخصية أو الاستهلاكية.
وفى عام 2023، رفع البنك المركزى أسعار الفائدة بنسبة %3 على مدار اجتماعى مارس وأغسطس، لترتفع من مستوى %8.25 و%9.25 و8.75 % لسعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى فى فبراير 2022، إلى معدلات %19.25 و%20.25 و%19.75 على الترتيب حتى الآن.
وخلال العام انخفضت قيمة العملة 3 مرات فى مارس وأكتوبر 2022، ويناير 2023، ليتخطى سعر الدولار الـ 30.90 جنيه فى السوق الرسمية، والـ 40 جنيه فى غير الرسمية.
سعادة: زيادة من 2 إلى %3 حتى يناير القادم
وقالت سارة سعادة محلل الاقتصاد الكلى فى بحوث بنك “استثمارسى آى كابيتال” إنه من المتوقع أن تلجأ لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى إلى رفع معدلات الفائدة بمعدل 2 إلى %3 لافتة إلى أنه ليس شرطًا أن يكون كله خلال الاجتماع القادم، وإنما يتم رفع معدلات الفائدة حتى يناير 2024.
وأضافت أن سيناريوهات رفع معدلات الفائدة أو تثبيتها سيكون مرتهنًا بالعديد من العوامل والمتغيرات الأخرى، أبرزها المحادثات التى تجرى حاليًا مع صندوق النقد الدولى بهدف رفع القرض إلى حدود 10 مليارات دولار، لافتة إلى أنه فى حال الوصول إلى اتفاق بهذا الشأن فقد يلجأ صانع السياسة النقدية فى البنك المركزى إلى تثبيت أسعار الفائدة عند معدلاتها الطبيعية.
وفيما يتعلق بالتضخم، رأت «سعادة» أن الانخفاض فى معدل التضخم الأساسى بنحو 3%، جاء مدفوعًا بتأثير سنة الأساس، مبينة أنها ستتجه خلال الفترة المقبلة إلى منحنى هبوطي، إلا إذا طرأت بعض العوامل ذات الأثر الحاسم، والتى قد تتسبب فى رفع معدلات التضخم الأساسى ومن بين هذه العوامل نفقات المدارس وأسعار الكهرباء وخلافه.
وتراجع المعدل السنوى للتضخم الأساسى ليصل إلى %35.9 فى نوفمبر 2023 مقابل %38.1 فى أكتوبر الماضي، بمعدل انخفاض %2.2 وذلك للمرة الخامسة على التوالي.
نجلة: اقتراب أجل استحقاق شهادات %25 يدفع للتعلية
ومن جانبه أشار محمود نجله المدير التنفيذى لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلى لصناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية إلى أن هناك سيناريوهين مختلفين فيما يتعلق بالآفاق المحتملة لأسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، مبينًا أن أولهما عدم وجود ضغوط تضخمية جديدة بالإضافة إلى التخلى عن مسار تحرير سعر الصرف، وفى هذه الحالة سيكون تثبيت معدلات الفائدة هو الاحتمال الأقرب.
وأضاف أن السيناريو الثانى يتمثل فى حدوث بعض الضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة، وفى هذه الحالة سيكون الاتجاه إلى رفع معدلات الفائدة هو الاحتمال الأقرب للحدوث، خاصة فى ظل اقتراب استحقاق شهادات الـ%25.
وأفاد أنه فى حال قررت البنوك عدم طرح أوعية ادخارية جديدة وبمعدلات فائدة مرتفعة فقد يلجأ البنك المركزى إلى رفع أسعار الكوريدور، فى محاولة منه لاحتواء هذه الضغوط التضخمية الناجمة عن دخول سيولة شهادات %25 إلى السوق.
وذكر أن معدل رفع الفائدة سيكون مرتهنًا بحجم الضغوط التضخمية التى قد تحدث مستقبلًا، ولكن بشكل عام قد يتراوح رفع الفائدة من 2 إلى %3.
الدماطي: انخفاض السلع خلال نوفمبر يرجح استقرارها
وخلافا للرأيين السابقين رجحّت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان أن تلجأ لجنة السياسة النقدية خلال الاجتماع القادم إلى تثبيت أسعار الفائدة مدفوعة بهبوط معدل التضخم الأساسى خلال شهر نوفمبر الماضي.
وسجل الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، معدلًا شهريًا بلغ %1.0 فى نوفمبر 2023 مقابل %2.7 فى ذات الشهر من العام السابق، و%1.8 فى أكتوبر 2023.
كما سجل المعدل السنوى للتضخم الأساسى %35.9 فى نوفمبر 2023 مقابل %38.1 فى أكتوبر من نفس العام.
عبد المنعم: أتوقع انخفاضاً تدريجياً فى معدلات التضخم بداية 2024
توقع الخبير المصرفى محمد عبد المنعم أن يبقى البنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة خلال عام 2024، وذلك لعدم الرغبة فى رفع تكلفة الاقتراض التى قد تؤدى إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.
كما توقع أن تبدأ معدلات التضخم فى الانخفاض التدريجى فى بداية عام 2024، ولكن لن تصل إلى المستهدفات الموضوعة من قبل البنك المركزى فى هذا العام، ومن المتوقع أن تصل إليها فى النصف الثانى من عام 2025.
وقررت لجنة السياسة النقدية تحديد معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة القادمة عند مستوى %7 (±2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى %5 (±2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
وتوقع أن تقرر لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى تثبيت أسعار الفائدة فى اجتماعها القادم.
عبد العال: لا توجد مصالح للعملاء أو البنوك أو الاقتصاد فى زيادتها
وقال عبد العال إن هناك عدة أسباب تدعم هذا التوجه، منها أن معدل التضخم فقد بعضًا من حدة عناده، فقد انخفض من %16.7 فى يونيو إلى %15.3 فى يوليو، وذلك على الرغم من استمرار الحرب فى أوكرانيا، وأحداث غزة، وارتفاع أسعار النفط والغذاء.
وأكد على أهمية استقرار سعر الصرف والذى يعد عاملاً مهماً فى احتواء التضخم، حيث أن ارتفاع سعر الجنيه مقابل الدولار يؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
وأشار إلى الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة من حيث زيادة تكلفة الاقتراض مما قد يؤدى إلى تراجع الاستثمار والنمو الاقتصادي، وارتفاع تكلفة خدمة الدين العام، مما قد يضع ضغطاً على المالية العامة للدولة، موضحا أن كل رفع %1فى الفائدة يعنى زيادة عجز الموازنة بنحو 30 مليار جنيه.
وأفاد أن رفع الفائدة بأكثر مما هى عليه الآن وبشكل عام على المستوى الرسمى قد يؤدى إلى التأثير السلبى على قاعدة عملاء المصارف من شريحة المستفيدين من القروض الشخصية أو الاستهلاكية، أو منتجات خدمات التجزئة بكل أنواعها.
وبرر ذلك بسبب ارتفاع كلفة الإقراض أو انخفاض نسبة الإقراض إلى الدخل، مشيرا إلى أن ارتفاع كلفة التمويل سوف يترتب عليه تضرر كل أنشطة التمويل المتوسط والأصغر.
خفضت لجنة السياسة النقدية الفائدة بمجموع %11 على 6 مرات منها %3 فى اجتماعى مارس وأغسطس الماضيين، و%8 فى العام الماضي، ليصل إلى مستوى %19.25 للإيداع، و%20.25 للإقراض، ورغم ذلك مازال معدل التضخم مرتفعًا وبعيدًا عن مستهدفاته الموضوعة.
وفقًا للخبير المصرفى تتمحور جهود البنك المركزى المصرى فى تحقيق استقرار الأسعار حول ثلاثة محاور رئيسية، وتشمل دعم استقرار سعر الصرف، ويتم ذلك من خلال توفير النقد الأجنبى اللازم لتمويل السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج والأدوية، بهدف منع تراكم هذه السلع فى الجمارك وضمان توفرها بأسعار معقولة.
وبالنسبة للمحور الثاني، قال إنه يتعلق بضبط سياسة الفائدة بشكل متوازن، وأخيرا التنسيق بين السياسة النقدية والمالية.
وأضاف عبد العال أن البنك المركزى المصرى يجب أن يركز على جذب النقد الأجنبي، وذلك من خلال منح حوافز تفضيلية لشهادات وودائع الدولار.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم أسعار فائدة فائقة التميز لشهادات وودائع الدولار، حيث يمكن أن تصل أسعار الفائدة إلى مستويات غير قابلة للمنافسة، وتكون بعملة الدولار ولمدة عام واحد على الأقل، مع حد أدنى لقيمة الاستثمار فى الشهادة يبلغ عشرة آلاف دولار، وفقا لمقترح الخبير المصرفي.
واختتم قائلا:” لا توجد مصالح للعملاء الأفراد أو البنوك أو الاقتصاد الوطنى فى رفع أسعار الفائدة أو إصدار عملة مصرية جديدة أو شهادات محددة بأسعار عائد تعلو القائمة حاليًا”.
جنينه: سيلجأ للرفع لتحويل هيكل السيولة المحلية
وتوقع هانى جنينة الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أن يرفع البنك المركزى سعر الفائدة فى الاجتماع القادم، من أجل تحويل هيكل السيولة المحلية M1 إلى ودائع قليلة السيولة كالشهادات.
وأشار إلى احتمالية اللجوء لتحرير سعر الصرف بالكامل خلال الربع الأول من العام الجديد حسب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، متوقعًا أن يتراوح سعر الدولار فى السوق الرسمية بين 40- 45 جنيه.
السيد: إطلاق أوعية ذات فوائد أعلى إذا تقرر إجراء تعويم جديد
توقع الدكتور أحمد السيد أستاذ الاقتصاد والتمويل عدم قيام البنك المركزى برفع أسعار الفائدة، خاصة مع التطورات الإيجابية فى معدلات التضخم، مشيرًا إلى تراجع المعدل الأساسى إلى نحو %35.9 فى نوفمبر 2023، مقابل %38.1 فى أكتوبر.
وأضاف السيد أن معدل التضخم أيضًا تراجع إلى %1 شهريًا فى نوفمبر، مقابل %1.8 فى أكتوبر، وهى المرة الأولى منذ فترة طويلة التى نشهد فيها تراجع جوهرى فى معدلات بهذا المستوى، مضيفًا أن هناك الكثير من التقارير التى أشارت إلى تحسن أوضاع الاقتصاد الكلى العالمى وانخفاض كبير فى المعدلات؛ مما يعنى احتمالية بدء تخفيض أسعار الفائدة على المستوى العالمى خلال الربع القادم.
وتوقع أن يبقى البنك المركزى على معدلات الفائدة خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، مع التحفظ على إذا كان هناك تفاهمات مع المانحين الدوليين، مشيرا إلى ما يتوارد مؤخرا عن احتمالية تقديم دعم إضافى لمصر لمساعدتها على تجاوز الآثار الاقتصادية لحرب غزة، والإعلان عن وجود مفاوضات تعطى أولوية للتضخم على حساب مرونة سعر الصرف، والتى قد تستدعى إطلاق أوعية ذات فوائد أعلى إذا تقرر إجراء تعويمًا جديدًا.
شوقي: الحفاظ على أداء الجنيه ضروري
واتفق معه الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفي، بالتثبيت، مفسرا أن البنك المركزى على الرغم من اتباعه لسياسة التشديد النقدى ورفع الفائدة الفترة الأخيرة، إلا أنها لم تؤثر بشكل مباشر فى معدلات التضخم، مؤكدًا أنها ناتجة عن صدمة فى جانب العرض وليس الطلب، وهو ما يحتاج إلى التعاون بشكل أكبر بين السياستين المالية والنقدية.
وأضاف أن السياسة المالية، ممثلة فى وزارة المالية، قامت بعدد من الإجراءات للتخفيف من الازمات الاقتصادية الناجمة عن صدمات جانب العرض، لافتًا إلى أن تلك الأداة تعتبر مؤثرة بشكل مباشر وفعَّال على التضخم الناتج عن جانب العرض، مقارنة بأداة سعر الفائدة التى تؤتى بثمارها حال التضخم الناتج عن ارتفاع فى جانب الطلب الكلي.
ولفت إلى أن التضخم انخفض إلى %35.9 لشهر نوفمبر الماضي، بعد قيام البنك المركزى بتثبيت أسعار الفائدة فى 5 اجتماعات على مدار العام، وهو ما يدل على عدم تأثير الفائدة فى احتواء معدلات التضخم.
وذكر شوقى أن البنك المركزى إذا لجأ لرفع الفائدة للمرة الثالثة خلال العام، سيدفع لزيادة أعباء خدمة الدين المحلي، وبالتالى زيادة العجز فى الموازنة، والتى وصلت إلى %38 من المصروفات العامة للدولة لعام 2024/2023.
وتابع أنه إذا تم اللجوء لرفع الفائدة، وزيادة أعباء خدمة الدين، سيدفع ذلك إلى زيادة معدلات التضخم.
وأكد على ضرورة الحفاظ على أداء الجنيه المصرى خلال الفترة المقبلة، حتى لا يرتفع التضخم عن المعدلات الموجودة حاليًا، مشيرًا إلى أن ذلك سيتم عبر توفير موارد دولارية بشكل أكبر، وتقليل اللجوء إلى الاستدانة من الخارج.
ونوه إلى أهمية العمل على ملف الصادرات، مع خفض الواردات، والاعتماد على المنتجات المحلية بجودة مقبولة للجمهور، موضحًا أن تلك الإجراءات تندرج تحت بند السياسات المالية وليست النقدية.
وأشار إلى ضرورة دعم المشروعات الخضراء، والتى تنعكس آثارها المستقبلية على خفض العجز، ودعم خطة الاستدامة التى تتبعها الحكومة المصرية، بالإضافة إلى خفض الضغط على الموارد الدولارية، عن طريق إجراء اتفاقيات تبادل تجارى بالعملات المحلية.
البيه: الصعود مشروط بالإبقاء على سعر الصرف
وقال محمد البيه الخبير المصرفى إن البنك المركزى اتبع سياسة نقدية تشددية الفترة الماضية نتيجة توقعات التضخم المرتفعة.
وأضاف البيه أن هناك توقعات أن يظل منحنى التضخم مرتفعاً خلال السنة المقبلة نتيجة للاضطرابات فى سعر العملة الأجنبية، ووفقًا للتقارير الدولية سينكسر التضخم أواخر 2024.
وأوضح أن الدافع لرفع الفائدة لا ينحسر فقط فى توقعات الفائدة، بل حينما يرفع المركزى العائد يضطر أصحاب الشركات للإحجام عن الاقتراض وبعضهم يلجأ لتخفيض حجم العمالة نتيجة للتكاليف المرتفعة، مما يدفع إلى خفض الناتج المحلى الإجمالي.
وأكد أن رفع الفائدة يؤدى لزيادة الديون على الحكومة، نتيجة لرفع أعباء خدمة الدين، لافتًا إلى أن لجنة السياسة النقدية تنظر إلى كل تلك المتغيرات قبل اتخاذ قرارها ، بالإضافة لوضع العملة المحلية، خاصة فى ظل استئناف المباحثات مع صندوق النقد بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ولفت إلى أن البنك المركزى إذا قرر بناء على حجم السيولة الدولارية لديه اتخاذ قرار لتحرير سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، ستستلزم تلك الخطوة اللجوء لرفع سعر الفائدة من 2 إلى %3 موضحًا أن المركزى إذا لم يحرر سعر العملة فلن تكون هناك حاجة لرفع الفائدة، وسيغلق العام على التثبيت.
