تبنت هيئة قناة السويس سياسة جديدة مؤخرا لدعم التجارة الأفريقية العابرة للمجرى الملاحي، والعمل على زيادتها من خلال طرح عدة حوافز لجذب سفن بضائع الصب الجاف بمنطقة غرب القارة، بدلا من الدوران حول طريق رأس الرجاء الصالح معتمدة على توقعات مضاعفة التجارة البحرية عبر أفريقيا، وارتفاع حجم تجارة الصب الجاف عالميا بحلول 2024.
تضمنت تلك الحوافز منح تخفيضات لملاك سفن الصب الجاف المارة بموانئ الغرب الأفريقى ولأول مرة بنسب تتراوح بين 20 إلى %45، بين الموانئ المصرية على البحر الأحمر من جهة، وموانئ جنوب غرب أفريقيا حتى منتصف 2024.
وتشمل منح الموانئ الأفريقية بدول غانا وتوجو وبنين ونيجيريا، تخفيضات %20 من رسوم العبور، بينما موانئ الكاميرون وما جنوبها %45.
وقال مصدر مطلع لـ”المال”، إن الحوافز هى الأولى من نوعها وتستهدف جذب السفن التى تفضل طريق رأس الرجاء الصالح بعيدا عن قناة السويس، لتشجع ناقلات الصب الجاف للعبور نحو شمال غرب أفريقيا ثم البحر المتوسط حتى قناة السويس، ومنها إلى الموانئ المصرية بالبحر الأحمر بدلا من الدوران جنوب القارة .
وأضاف أن زيادة نسبة الحافز تتوقف على قرب الموانئ من طريق رأس الرجاء الصالح، مثل الكاميرون التى تم منحها %45، مشيرًا إلى أن هيئة قناة السويس عند تحديد تلك النسب اعتمدت على مقارنة تكلفة عبور السفينة من خلال القناة مقارنة مع الطريق البديل، بهدف زيادة عدد المستفيدين المحتملين، وبالتالى زيادة إيراداتها .
وأوضح أن الهيئة تحدد تلك النسب بناء على ظروف السوق ونوع السفينة وحجمها وحالة التحميل ونوع البضائع، خاصة الصب الجاف والذى تشير المؤشرات العالمية إلى تعافى حجم تجارته.
وقال أحمد خليل، مدير الملاحة بالخط الملاحى أركاس إن قناة السويس اعتمدت على تقديم خصومات للسفن التى تستخدم طرق بديلة خاصة المتواجدة بموانئ منطقة الجنوب الغربى للقارة، التى تستخدم طريق رأس الرجاء الصالح مباشرة، مشيرا إلى أن حجم الطلب على سفن الصب الجاف بدأ فى استرداد عافيته بعد تراجعه بسبب الأزمة العقارية، وارتفاع التضخم بالصين، والتى تعتمد بشكل كبير على واردات المواد الخام من أفريقيا.
خليل: قرارات الهيئة ضرورية للتغلب على اضطراب سوق الصب الجاف عالميا
وأشار إلى الاضطراب بشكل عام على العرض والطلب بسبب تضاؤل المشروعات العقارية، والذى يقلل من حجم الطلب على المواد الخام، مما يدفع ملاك السفن لاستخدام طرق أقل تكلفة حتى لو أبحر وقت أطول، خاصة وأن طريق رأس الرجاء الصالح لا تفرض أى رسوم للعبور مما يجعل قرارات هيئة قناة السويس ضرورية جدا فى تلك الفترة.
ومن ناحيته أرجع إسلام الجزار، مراقب عمليات قناة السويس بإحدى الشركات الملاحية، منح الهيئة تخفيضات لملاك سفن الصب الجاف غرب أفريقيا، إلى جذب تلك النوعية من السفن للتعامل مع الموانئ المصرية، والتى تحمل شحنات إستراتيجية مثل الحبوب ومستلزمات الإنتاج.
وأضاف أن موانئ غرب أفريقيا تقترب من طريق رأس الرجاء الصالح ويمكنها الإبحار من خلالها، لذلك منحت القناة نسبة تخفيضات لجذبها إلى عبور الممر الملاحي.
الشامي: حجم تجارة القارة العابرة للمجرى ضعيف وهناك مساعٍ لزيادته
وقال الدكتور أحمد الشامي، خبير النقل الدولي، إن حجم التجارة الأفريقية العابرة بقناة السويس ضعيف، وتسعى الهيئة لزيادته إذ يمثل مصدرا للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج لعدة دول بالعالم.
وأضاف أن توقعات التقارير الملاحية تشير إلى أن حجم تجارة الصب الجاف سيرتفع خلال السنوات القادمة اعتبارا من 2024 حتى 2027 بنسبة %26، مشيرا إلى قناة السويس تعد الطريق الأوفر لتلك السفن مع تعدى سعر برميل البترول الـ 90 دولارا .
وتابع: إن الإحصائيات توضح أن أفريقيا لديها بعض الممرات المائية الأكثر استراتيجية عالميا مثل قناة السويس، ومضيق باب المندب، وقناة موزمبيق، وخليج غينيا، فيما تمتلك أفريقيا أكثر من 100 ميناء بحرى إستراتيجى تتعامل مع %6 من إجمالى الشحن البحرى العالمي، و%3 من الحركة العالمية للحاويات.
كما أوضح أن تلك التقديرات تشير إلى مضاعفة اقتصاد البحار والمحيطات فى أفريقيا بحلول 2030 مقارنة مع 2010، إضافة إلى توفير الملايين من فرص العمل للأفارقة، وهو ما يعكس أهمية تعزيز التجارة البحرية للقارة خلال المرحلة المقبلة.
ومن ناحيته قال شريف البندراوي، مدير مكتب وكالة الخليج فرع الإسكندرية، إن قرار التخفيضات الممنوحة لموانئ غرب أفريقيا يدعم حركة التجارة الأفريقية العابرة بالقناة، خاصة وأن حجم التجارة عالميا يشهد تراجعا خلال الفترة الحالية لأسباب مختلفة، مما يجعل التخفيضات تتماشى مع تلك المتغيرات.
وأضاف أنه يرى أن التخفيض يشجع التجارة الأفريقية على عبور قناة السويس بدلا من طريق رأس الرجاء الصالح، مما يزيد من حجم التجارة وعدد السفن.
وطالب بحذف الشرط الذى وضعته الهيئة فى منشور لها حتى يحقق الهدف المرجو منه، وهو “عدم توقف السفينة فى أى ميناء فيما بين ميناءى القيام والوصول لأغراض تجارية”، موضحا أن ذلك يتنافى مع فلسفة المنشور، إذ لا بد أن يسمح للسفن بتفريغ وشحن البضائع فى الموانئ الأخرى أثناء رحلة إبحارها فى القناة.
