عجز الموازنة وضعف العائد على الأوعية الادخارية أهم أسباب ارتفاع السيولة المحلية

قال خبراء مصرفيون إن ارتفاع السيولة المحلية M2 إلى 8.682 تريليون جنيه لشهر أكتوبر، يرجع إلى زيادة المعروض النقدى المتداول خارج القطاع المصرفى

Ad

قال خبراء مصرفيون إن ارتفاع السيولة المحلية M2 إلى 8.682 تريليون جنيه لشهر أكتوبر، يرجع إلى زيادة المعروض النقدى المتداول خارج القطاع المصرفى، لاسيما بعد استحقاق بعض شهادات الادخار، وعدم تجديدها من جانب العملاء، نظرا لانخفاض العائد عليها مقارنة بمستويات التضخم المرتفعة.

وأضافوا أن ارتفاع عجز الموازنة يدفع الحكومة للاقتراض من أجل تلبية احتياجات القطاعات المختلفة، ما يؤدى لزيادة نسب السيولة.

وأعلن البنك المركزى عن ارتفاع قيمة السيولة المحلية (M2) إلى 8.682 تريليون جنيه لشهر أكتوبر الماضي، مقابل 7.181 تريليون نفس الفترة من 2022.

من جانبه، قال هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن أهم عنصر فى التحليل هو السيولة المحلية بالجنيه، بعد خصم الودائع الدولارية.

وأضاف “جنينة” أن نسبة نمو السيولة المحلية السنة الماضية بلغت %17.4 مشيرًا إلى أهمية تحليل تركيبة M2، والتى تتكون من M1، التى تشمل النقد المتداول فى أيدى المواطنين (بنكنوت)، والودائع الجارية، والودائع طويلة الأجل بما فيها الشهادات.

ولف إلى أن الـ”M1” تتكون فقط من البنكنوت والودائع الجارية، أى الأموال التى تستخدمها الأفراد يوميًا فى شراء السلع والخدمات، وهو الذى يؤثر فى معدلات التضخم.

وأشار إلى أن نسبة “M1”، أى نسبة السيولة فى أيدى الأفراد، سواء ودائع جارية أو شهادات بكروت الخصم، تراوحت منذ عدة أشهر بين 26-27%، أما الآن فوصلت إلى 32%.

وأوضح أن ارتفاع هذه النسبة جاء نتيجة استحقاقات بعض الشهادات، إضافة إلى أن الأفراد لا ترغب فى وضع أموالها فى شهادات جديدة بأسعار الفائدة السائدة حاليًا فى السوق، والتى بلغت نحو 20.25%، متابعًا أنهم يروون تحقيق معدلات أعلى من خلال الاستثمار فى البورصة أو الذهب أو الدولار.

وأضاف أن التحليل السابق لأسباب ارتفاع نسبة M1 إلى نحو %32 أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات التضخم.

وتوقع “جنينة” -بناء على النتائج السابقة- أن يتخذ البنك المركزى قرارًا برفع أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل، المقرر عقده 21 سبتمبر الحالي، ليس فقط من أجل تحجيم معدلات النمو فى السيولة المحلية، وإنما لتحويل هيكل السيولة منM1 إلى ودائع قليلة السيولة، كالشهادات.

وفى السياق ذاته، قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إن ارتفاع السيولة المحلية أمر ليس مستجدا.

وأضاف أن البنك المركزى استخدم أداة سعر الفائدة لتنفيذ إجراءات التشديد النقدي، مشيرًا إلى أنها لم تؤثر بشكل كبير على معدلات التضخم، إذ كان تأثيرها نسبيًا.

ولفت إلى أن أداة سعر الفائدة تستخدم بشكل فعَّال فى احتواء التضخم الناتج عن صدمات فى جانب الطلب، وليس العرض.

وذكر أن الاقتصاد المحلى يعانى صدمة فى جانب العرض، وبالتالى فإن سياسة التشديد النقدى لم تكن هى المؤثر الكبير على حجم السيولة المحلية الموجودة فى السوق.

وقال إن من أبرز أسباب ارتفاع السيولة زيادة معدلات التضخم، وكان ضمن نتائجها انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار، ما أدى إلى نمو السيولة المحلية، إضافة إلى زيادة العجز فى الموازنة العامة للدولة.

وتابع أن من ضمن مكونات السيولة، “النقد المتداول خارج القطاع المصرفي”، والتى بدأت قيمته تنخفض مؤخرًا، أما “الودائع الجارية أو الحسابات الجارية تحديدًا” بدأت قيمتها ترتفع، مفسرًا بأن ذلك يعكس أن الأفراد يتعاملون مع السوق المصرفية الرسمية بدلًا من الموازية.

وقال “شوقي” إن وجود نسب سيولة مرتفعة يساعد البنوك على توظيفها فى مجالات تمويلية مختلفة، موضحًا أن محفظتى القروض والاستثمارات تمثلان أكبر مكونات أصول البنك المركزي.

وأشار إلى أنه يمكن استخدام تلك السيولة فى الاستثمار فى أدوات مالية مختلفة، مثل أذون وسندات الخزانة، لافتًا إلى أن ارتفاع حجم السيولة ليس بالضرورة ينعكس على الاقتصاد بشكل سلبي.

وحث “شوقي” على ضرورة احتواء الانخفاض فى قيمة العملة المحلية، لتقليل الفجوة بين سعر الدولار فى البنوك وسعره فى السوق الموازية.

وذكر ضرورة خفض قيمة عجز الموازنة لتقليل معدلات السيولة، وتوظيف المعدلات الموجودة للاستثمار فى قطاعات الزراعة والصناعة والتكنولوجية المالية، حتى تنعكس آثاره على خفض معدل التضخم.

واتفق محمد البيه، الخبير المصرفي، مع وجهة النظر السابقة، قائلا إن السبب الرئيسى لزيادة حجم السيولة المحلية M2 يرجع إلى زيادة عجز الموازنة العامة.

وأضاف “البيه” أنه تم سداد فوائد ديون فى الربع الأخير من السنة المالية الماضية بلغت قيمتها 477 مليار جنيه، لافتًا أن تلك القيمة تنم عن وجود احتياجات تمويلية ضخمة، كما أن الحكومة تظل أكبر المقترضين من الجهاز المصرفي، لتلبية احتياجات القطاعات المختلفة.

وأوضح أن فى ظل وجود عجز فى الموازنة، تحتاج الحكومة لسيولة من أجل تمويل العجز.

وذكر أن المؤثر الرئيسى فى سياسة التشديد النقدي، هو الشركات الكبرى التى لديها ملاءة مالية عالية تمكنها من خفض قروضها والاعتماد على مواردها الداخلية، مضيفًا أنه يصعب خفض الاقتراض من قبل الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لأنهم لا يملكون نفس القدرات المالية للشركات الكبرى.

وتابع أنه يصعب خفض الاقتراض من قبل الأفراد، نظرًا لاحتياجات السكن والتعليم، مؤكدًا أنه لا يمكن الجزم بأن سياسة التشديد النقدى لها أثر مباشر على خفض اقتراض القطاعات سالفة الذكر ذات الملاءة المالية المنخفضة.

وأكد “البيه” أن حجم الاقتراض العام فى السوق ارتفع، مشيرا إلى أن الحكومة تعتبر أكبر المقترضين.

وقال إن حجم الودائع فى القطاع المصرفى بلغ حوالى 9 تريليونات جنيه، وحجم إقراض يبلغ 4.5 تريليون، ونسبة القروض للودائع تصل إلى نحو %49 وهى نسبة آمنة جدًا على حد تعبيره، مؤكدًا أن البنك المركزى يعمل على تحفيز الادخار عن طريق رفع الفائدة.

وحث “البيه” على ضرورة اللجوء لآليات تمويل مختلفة، والعمل على تحفيز الاستثمار الأجنبى والتصدير لتوفير عملة صعبة، وتمويل عجز الموازنة.

«شوقى»: ضرورة توظيف النسب الموجودة فى قطاعات تنعكس آثارها على خفض التضخم

«البيه»:لابد من تحفيز الاستثمار الأجنبى والتصدير