أكدت الحكومات الأفريقية بعد الاستقلال سيادتها على مواردها المعدنية، وقبل ذلك، كانت شركات التعدين الأوروبية تستغل هذه الموارد، إلا أنه منذ التسعينيات أضحت الشركات متعددة الجنسيات هى القوة المهيمنة بوصفها مالكة ومديرة مشروعات التعدين الكبرى، بحسب تقرير نشره موقع The Conversation.
وذكر التقرير أن عودة الشركات الدولية تم تنفيذها من خلال عملية من ثلاث مراحل.
المرحلة الأولى: التأميم
فى الكونغو، اتخذ الرئيس جوزيف ديزيريه موبوتو خطوات مبكرة لوضع الموارد تحت سيطرة الدولة. ويلزم القانون جميع الشركات الأجنبية بإنشاء مقارها الرئيسية فى الكونغو، التى كانت تعرف باسم زائير. وبالإضافة إلى ذلك، تم تأميم أكبر شركة تعدين مملوكة للبلجيكيين. وبحلول عام 1970، كان القطاع العام الكونغولى يسيطر على %40 من القيمة المضافة الوطنية.
ولم يكن للتأميم أى أثر سلبي، فقد زاد إنتاج النحاس فى الكونغو بشكل مطرد بين عامى 1960 و1974 من حوالى 300 ألف طن إلى 500 ألف. ونما فى زامبيا من 500 ألف إلى 700 ألف طن خلال الفترة نفسها.
وتضاعفت إيرادات الدولة ثلاث مرات من 190 مليون دولار أمريكى فى عام 1967 إلى 630 مليونا فى عام 1970.
وبعد فترة وجيزة، بدأ سعر النفط فى الارتفاع، وانخفضت أسعار السلع الأساسية بسبب الركود فى الشمال العالمى. وفى الكونغو وزامبيا، انهار النحاس من 1.40 دولار أمريكى للرطل فى أبريل 1974 إلى 0.53 دولار فى أوائل عام 1975 ثم انخفض بعد ذلك. وخلال الفترة نفسها تقريباً، من عام 1973 إلى عام 1977، تضاعفت فاتورة واردات النفط أربع مرات. علاوة على ذلك، ومع حلول آجال سداد القروض الحكومية ، بدأت أسعار الفائدة فى الارتفاع مع سعى الولايات المتحدة للسيطرة على التضخم من خلال السياسة النقدية.
وعلى خلفية ذلك تراجع قطاع التعدين وتباطأ النمو، وتزايدت الديون فى جميع أنحاء القارة الأفريقية. وبين عامى 1980 و1988، قامت 25 دولة أفريقية بإعادة جدولة ديونها 105 مرات. وفى الكونغو ، انخفضت صادرات النحاس والكوبالت بشكل حاد، ثم انهارت فى نهاية المطاف بحلول أوائل التسعينيات.
المرحلة الثانية: التحرير والخصخصة
بين عامى 1980 و2021، قدم البنك الدولى 1.1 مليار دولار على هيئة منح وقروض لقطاع التعدين الأفريقى فى 15 من أصل 17 دولة غنية بالمعادن.
ومع إصلاح الإطار التنظيمى فى الدول الأفريقية، تم إطلاق العنان للمستثمرين الأجانب للبحث عن فرص جديدة. وقد زاد استكشاف المعادن فى أفريقيا من %4 من إجمالى الإنفاق على التنقيب عن المعادن فى العالم فى عام 1991 إلى %17.5 فى عام 1998. وتضاعف إجمالى الاستثمار فى التعدين فى أفريقيا بين عامى 1990 و1997.
وقد أعطى ارتفاع أسعار السلع الأساسية فى عام 1999 زخماً جديداً، فى عام 2004، كان مبلغ الـ 15 مليار دولار الذى يستثمر فى قطاع التعدين فى أفريقيا يمثل %15 من إجمالى الاستثمار فى التعدين فى جميع أنحاء العالم، بعد أن كان %5 فى منتصف الثمانينيات. وخلال الفترة من 2002 إلى عام 2012، ارتفع الإنفاق على التنقيب عن المعادن فى أفريقيا بأكثر من %700، ليصل إلى 3.1 مليار دولار فى عام 2012.
وأدت الزيادة الهائلة فى نمو الاستثمار الأجنبى المباشر منذ التسعينيات إلى تغيير هياكل الاقتصادات الأفريقية، التى أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الاستثمار الأجنبى المباشر كمصدر لتمويل التنمية.
المرحلة الثالثة: عمال المناجم
يعمل التعدين الأفريقى كثيف العمالة بشكل مباشر على توظيف ملايين العمال فى جميع أنحاء القارة. وقد نما القطاع بشكل ملحوظ منذ الثمانينيات، بسبب عدة عوامل منها ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى ارتفاع أجور وأرباح قطاع التعدين.
وعلى الرغم من أهمية هذا القطاع للعمالة الريفية، فإن البنك الدولى والحكومات الأفريقية وباحثين، عادة ما يصنفون عمال المناجم الأفارقة على أنهم بدائيون وغير فعالين وغير منتجين، وفقا للتقرير.
وفى عام 2017، قامت السلطات الأوغندية بتهجير 70 ألف عامل من قطاع التعدين لإفساح المجال أمام شركة تعدين كندية.
وبحسب التقرير، بدأت المراجعات الأخيرة لقوانين التعدين والسياسات التى صاغتها الحكومات الأفريقية مثل تنزانيا والكونغو وسيراليون وملاوى فى التصدى لهيمنة الشركات الدولية على قطاع التعدين، مستلهمين رؤية التعدين الأفريقية، وهو الإطار الذى وضعه الاتحاد الأفريقى فى عام 2009. المال - خاص
