خبراء: البنوك الرقمية تفرض نفسها على القطاع المصرفي رغم تصاعد تكلفة إنشائها

قال خبراء ومحللون مصرفيون وتقنيون إن الاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية ليس هو العائق الوحيد الذى يواجه إنشاء وتأسيس البنوك الرقمية ، وإنما هناك الكثير

Ad

قال خبراء ومحللون مصرفيون وتقنيون إن الاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية ليس هو العائق الوحيد الذى يواجه إنشاء وتأسيس البنوك الرقمية، وإنما هناك الكثير من الجوانب التى تعد أكثر تكلفة، من الناحية الاستثمارية، وعلى رأسها النظام البنكى الأساسى والحلول الرقمية المطلوبة لمثل هذه الكيانات.

وأضافوا - فى تصريحات لـ «المال» - أن الشركات التى تعمل فى مجال المدفوعات الرقمية والخدمات الإلكترونية هى المعنية بفكرة البنوك الرقمية أكثر من المصارف التقليدية، خاصة وأنها فى حال الحصول على الرخصة ستتحول إلى بنك بالمعنى الكامل للكلمة، وتقدم جميع الخدمات البنكية من إيداع وإقراض وخلافه.

وأشاروا إلى أنه حتى وإن كانت التكلفة الاستثمارية اللازمة لإنشاء وتأسيس البنوك الرقمية باهظة إلا أنها أقل بكثير فى حال مقارنتها بالخسارة الفادحة التى قد تتكبدها البنوك إذا لم تمض قُدمًا فى هذا المجال، ناهيك عن حجم الفرص التى قد تفوتها كذلك.

الحلول الرقمية والنظم البنكية

وقال مصطفى النحاس الرئيس التنفيذى لقطاع التكنولوجيا بشركة “فوري” للمدفوعات الإلكترونية إن تكلفة البنية التحتية التكنولوجية ليست العائق الوحيد أمام فكرة البنوك الرقمية، لافتًا إلى أن هذه الأدوات والمعدات قد لا تكون مكلفة إذا ما قورنت بالتكلفة التى يتطلبها النظام المصرفى الرقمى، مشيرا إلى أن”Digital Bank System “هو الجانب الأكثر تكلفة.

وتضمنت اشتراطات ترخيص البنوك الرقمية، التى أقرها «المركزى»، ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 2 مليار جنيه فى حالة ممارسة كل أعمال البنوك، باستثناء تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويل تلك الشركات شريطة زيادة رأس المال إلى 4 مليارات .

واشترطت أن يكون المساهم الأكبر مؤسسة مالية ذات سابقة أعمال فى أنشطة مماثلة بنسبة لا تقل عن %30 من إجمالى قيمة رأس المال.

وأكد «النحاس» أن البنوك قادرة، بما لديها من رءوس أموال وملاءة مالية عالية، على تحمل تكلفة إنشاء وتأسيس البنوك الرقمية، لافتًا إلى أن السؤال الأجدر بالطرح هو: هل المصارف التقليدية بحاجة إلى تأسيس مثل هذه الكيانات، لا سيما وأنها تقدم جميع الخدمات التى يمكن لهذه الكيانات الجديدة تقديمها.

وأوضح أن فكرة البنوك الرقمية تخص الشركات وليس البنوك، بمعنى أن تراخيصها المعدة من قبل البنك المركزى موجهة أكثر للشركات، على أنها اشترطت أن يكون هناك بنك موجود كشريك فى هذه المؤسسات الرقمية الجديدة.

وأفاد بأن شركات المدفوعات الرقمية الموجودة حاليًا، بما فيها “فوري”، تقدم العديد من الخدمات والمنتجات الرقمية، سواء كان ذلك الادخار أو غيره من الخدمات الأخرى، لافتًا إلى أنه من الممكن لكل شركة من هذه الشركات التقدم للحصول على رخصة بكل خدمة من الخدمات التى تنتوى تقديمها، فى حين أنها لو حصلت على رخصة تأسيس بنك رقمى فسيكون بإمكانها القيام بكافة الخدمات دون الحاجة للحصول على رخصة لكل خدمة على حدة.

وذكر أنه فى حال حصول شركة مدفوعات رقمية، كشركة “فوري” على سبيل المثال، على رخصة إطلاق بنك رقمى فسيكون بإمكانها، فى هذه الحالة، الإقراض عبر ما لديها من ودائع، وهى الخدمة التى لا يمكنها تقديمها فى الوقت الحالى، ولكن فى حال تقديمها ستكون قد تحولت إلى بنك بالمعنى الكامل للكلمة.

الحوسبة السحابية

فى السياق ذاته، لفت إبراهيم الشربينى، الخبير التقنى، إلى أن البنية التحتية التكنولوجية ليست هى الجانب الأكثر تكلفة فى مجال تأسيس البنوك الرقمية، وإنما هناك النظام البنكى الأساسى “Core Banking System” هو الجانب الأكثر تكلفة فى هذا الصدد.

وأشار إلى أن تأسيس وإنشاء البنوك الرقمية مكلف بطبيعة الحال، وهناك الكثير من النفقات التى تتكبدها الشركة أو المؤسسة الراغبة فى تأسيس واحد منها.

وتوقع أن تشهد السوق المصرية دخول شركات كبرى توفر خدمات الحوسبة السحابية، فى محاولة لتقليل تكلفة إنشاء البنوك الرقمية.

وتعنى “الحوسبة السحابية” توفير موارد تقنية المعلومات حسب الطلب عبر الإنترنت مع تسعير التكلفة حسب الاستخدام، فبدلاً من شراء مراكز البيانات والخوادم المادية وامتلاكها والاحتفاظ بها، يمكنك الوصول والاستفادة من الخدمات التكنولوجية، مثل إمكانات الحوسبة، والتخزين، وقواعد البيانات، بأسلوب يعتمد على احتياجاتك، وذلك من خلال جهة موفرة للخدمات السحابية مثل Amazon Web Services (AWS).

وأوضح «الشربينى» أن البنك المركزى المصرى لم يضع، بعد، القوانين والإجراءات المنظمة لعمل الحوسبة السحابية، ولكنه قد يلجأ إلى هذه الخطوة فيما بعد، نظرًا لأهمية هذه الخطوة.

حدة المنافسة وتحدى البقاء

وخلافًا للرأيين السابقين، ذكرت مروة الشافعى الخبيرة المصرفية، أنه حتى وإن كان تأسيس البنوك الرقمية مكلف إلا أن عدم السير فى هذه الخطوة سيكون أكثر تكلفة، بمعنى أن البساط قد يسحب من تحت أقدام المصارف التقليدية لصالح تلك التى قررت المضى قُدمًا فى تقدم الخدمات الرقمية، مؤكدة أن خطوة البنوك الرقمية ضرورية حتى وإن كانت تكلفتها الاستثمارية مرتفعة.

وأوضحت أن البنوك المركزية فى شتى أنحاء العالم وجدت نفسها مضطرة إلى تقنين أوضاع مقدمى الخدمات الرقمية، ووضعها تحت مظلتها، خاصة وأن تبعات عدم تقنين هذه الكيانات قد تكون وخيمة.

وأفادت بأنه فى حال قررت المصارف التقليدية عدم تأسيس أخرى رقمية فسوف تواجه بخطر الخروج من السوق وتآكل عملائها، خاصة وأن هناك الكثير من مقدمى أو مزودى الخدمات الرقمية بدأوا بالفعل فى اقتسام الحصة السوقية التى كانت تستحوذ عليها البنوك كاملة.

ولفتت إلى أن التكلفة الاستثمارية لإنشاء وتأسيس البنوك الرقمية قد تكون أقل بكثير إذا ما قورنت بالخسارة الكبيرة التى قد تتكبدها البنوك التقليدية إذا ما قررت البقاء على حالها الراهن.

النحاس: لديها ملاءة مالية تسمح بذلك

الشربينى: خدمات الحوسبة السحابية الحل الأنسب

الشافعى: خسائر التخلف عن الرقمنة باهظة