انخفاض العائد على الإقراض يحد شهية البنوك لتمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر

قال خبراء ومحللون مصرفيون إن انخفاض العوائد على الائتمان يجعل البنوك التجارية العاملة بالسوق المصرية أقل شهية نحو تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر

Ad

قال خبراء ومحللون مصرفيون إن انخفاض العوائد على الائتمان يجعل البنوك التجارية العاملة بالسوق المصرية أقل شهية نحو تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى دخول مكون دولارى فى مثل هذه الصفقات التمويلية.

وأضافوا أن المؤسسات والبنوك الدولية تتولى عادة تقديم تمويلات لمثل هذه المشروعات؛ لأن لديها أهدافًا إنمائية، ولا تسعى للربح فى المقام الأول، وإنما تعمل على تلبية متطلبات أجندة التمويل الأخضر الدولية والتنمية المستدامة.

قال محمد البيه، الخبير المصرفى، إنه، من الناحية النظرية، ليس هناك ما يمنع البنوك المحلية من تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر، على أن ذلك لا يعنى كون هذه المصارف ستتخلى عن القيام بما يتوجب عليها القيام به من جهة الدراسات الائتمانية الكافية، وضمان كون المشروع مُدرًّا للربح، ومن ثم مؤهلًا للحصول على التمويل.

تطلَق تسمية الهيدروجين الأخضر على الهيدروجين المنتَج من التحليل الكهربى للمياه باستخدام كهرباء مولَّدة من مصادر طاقة متجددة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية.

وأضاف أن البنوك ستنظر فى كل المعايير والإجراءات التى تضمن لها أن إيرادات المشروع كافية لتكلفته، وهذا هو الحد الأدنى، مبينًا أن مشروعات الهيدروجين الأخضر تتركز فى تلك المتصلة بالطاقة الشمسية والرياح، الطاقة المتجددة بشكل عام.

تكلفة تمويل مشروعات

الهيدروجين الأخضر

وفيما يتعلق بالتكلفة التمويلية لهذه المشروعات، رأى البيه أن الفائدة التى ستقتطعها البنوك على هذه المشروعات ستكون فى متوسط الفائدة على العمليات التمويلية التى تتم بالعملة الأجنبية، والتى تكون، فى العادة، أقل من نظيرتها بالعملة المحلية.

ولفت إلى أن البنك المركزى المصرى يشترط لتمويل هذه المشروعات أن تردّ حصيلة ما تصدره من منتجات بالعملة الأجنبية إلى القطاع المصرفى، وكذلك ضرورة توافر الحصائل الدولارية التى تغطى التمويل، موضحًا أن أغلب منتجات مشروعات الهيدروجين الأخضر تصدر خارجيًّا.

الالتزام البيئى والأهداف الإنمائية

فى السياق نفسه أشار الخبير المصرفى إلى أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لديها التزام بيئى تجاه تمويل المشروعات ذات الأثر البيئى الإيجابى، ومن ثم تلجأ إلى تمويل مشروعات مجال الهيدروجين الأخضر، ومحاولة الدفع بها قُدمًا.

وأفاد بأن المؤسسات الدولية، مثل بنك الاستثمار الأوروبى ومؤسسة التمويل الدولية وغيرهما، لديها أهداف إنمائية؛ بمعنى أنها لا تسعى للحصول على الربح فى المقام الأول، وإنما محاولة لعب دور فاعل على مسرح المشروعات البيئية.

وإلى هذا الرأى ذهب محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، ليوضح أن البنوك والمؤسسات الدولية هى التى تتولى تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر؛ نظرًا لالتزامها بتنفيذ اشتراطات ومقتضيات الأجندة الدولية للتمويل الأخضر، ومن ثم تكثف تمويلاتها فى هذا الصدد؛ فى محاولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ولفت إلى أن البنوك التجارية قد تُحجم عن تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر؛ نظرًا لكون تكلفتها التمويلية منخفضة، ومن ثم لن يغامر أى بنك تجارى بمنح ائتمان فى هذا المجال، ولا سيما أنه هادف للربح فى المقام الأول، فى حين أن هدف هذه المشروعات ليس الربح وإنما الامتثال البيئى والالتزام بمعايير ومقتضيات المسئولية البيئية.

المكون الدولارى ومعوقات التمويل

وذكر البيه أن مشروعات الهيدروجين الأخضر تتطلب، فى العادة، مكونًا دولاريًّا، وهو ما قد يُعد أحد معوقات تمويلها، ولا سيما فى ظل نقص المعروض النقدى من العملة الأجنبية، وشح السيولة الدولارية بالقطاع المصرفى.

وأوضح أن فكرة القروض المشتركة ربما تكون أحد الحلول الناجعة التى يمكن من خلالها تخطى تلك الأزمة، خاصة أنه من الممكن دخول عدد من البنوك المحلية بتدبير قرض دولارى لمشروع من المشروعات، وبذلك يكون عبء توفير السيولة الدولارية قد تم توزيعه على كل البنوك المشاركة فى القرض.

الدراسات الائتمانية وحسابات التكلفة والعائد

أما وسيم المتولى، الخبير المصرفى، فرأى أنه لا يمكن الجزم بكون البنوك المحلية لا تلعب دورًا فاعلًا فيما يتعلق بتمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر، وإنما كل ما هنالك أن البنك يُجرى كل دراساته الائتمانية، ناهيك عن إجراءات حسابات التكلفة والعائد، ومدى جدوى ونجاعة المشروع فى حد ذاته، وبعدها يقرر البنك ما إذا كان سيخوض تمويلًا من هذا النوع أم لا.

وفيما يتعلق بالتكلفة التمويلية، أشار إلى أن الفائدة على هذه المشروعات تُحسَب وفقًا للدراسة الائتمانية لكل مشروع على حدة، لذا لا يمكن القول إنها ستكون مرتفعة أو منخفضة، وإنما هى مرتهنة بظروف وشروط كل مشروع على حدة، وجدواه التجارية.

ولفت إلى أن دخول المكون الدولارى فى هذه المشروعات قد لا يكون معوقًا من معوقات تمويلها، خاصة أن البنوك تموِّل مشروعات يدخل فيها مكون دولارى.

وذكر أنه فى حال اشتراط الجهات المعنية على المستثمر الأجنبى توفير المكون الدولارى لمشروعه، على أن تتولى البنوك المحلية توفير السيولة اللازمة، يكون ذلك أحد الحلول المطروحة، والتى يمكن النظر فيها، لكن المعوّل الأساسى على الجدوى التجارية للمشروع، وتكلفته وعوائده، وغير ذلك.

إستراتيجية التمويل الأخضر

وتستعد الحكومة المصرية، خلال الأيام القليلة المقبلة، وفق مصادر تحدثت لـ«المال»، لإطلاق إستراتيجية الهيدروجين الأخضر، على أن تتضمن مجموعة من الحوافز وآليات توطين تكنولوجيا المحللات الكهربائية المتخصصة لإنتاجه ومكونات تلك الصناعة.

وتُولى مصر الهيدروجين الأخضر أولوية كبرى، وقد نجحت الحكومة المصرية، خلال فعاليات «COP 27»، فى توقيع 9 اتفاقيات مع مستثمرين عالميين لتنفيذ مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، بإجمالى تكلفة نحو 83.6 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، توفر قدرات طاقة متجددة بنحو 9.7 جيجاوات فى المرحلة التجريبية، وتصل لنحو 36.5 جيجاوات فى المرحلة الأولى من المشروعات المنفَّذة.

ويسهم نمو طاقة الهيدروجين الأخضر، وفق تقرير وزارة البيئة، فى تخفيض واردات مصر البترولية، إضافة إلى خلق 100 ألف فرصة عمل، وخفض انبعاثات الكربون فى القطاع الصناعى.

وأقرّت الحكومة المصرية، مؤخرًا، عدة حوافز للمشروعات الخضراء، منها منح حافز استثمارى نقدى لا يقل عن %33، ولا يزيد عن %55 من قيمة الضريبة المسدَّدة، وإعفاء المُعدات والأدوات والآلات والأجهزة والمواد الخام والمهمات ووسائل النقل، عدا سيارات الركوب، من ضريبة القيمة المضافة.

البيه: «المشتركة» الحل البديل

المتولى: تخضع لحسابات التكلفة والعائد

عبد المنعم: أهدافها إنمائية.. والربح ليس المحرك الأساسى