«الفائدة» و«التضخم» كلمتا السر فى تباطؤ التمويل العقارى

شهدت السوق المحلية فى السنوات الأخيرة سياسة نقدية تشديدية اتخذها البنك المركزى المصرى مسارًا فى محاولة لتحجيم معدلات التضخم، وارتفاع مواد البناء

Ad

شهدت السوق المحلية فى السنوات الأخيرة سياسة نقدية تشديدية اتخذها البنك المركزى المصرى مسارًا فى محاولة لتحجيم معدلات التضخم، وارتفاع مواد البناء، وضعف القدرة الشرائية للمواطن، كل تلك العوامل دفعت التمويلات العقارية للتباطؤ ضمن مبادرة البنك المركزى أو قروض خارجها، بحسب تصريحًات خبراء مصرفيون للمال.

وقررت لجنة السياسية النقدية بالبنك المركزى المصرى نهاية الأسبوع الماضى الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند %19.25 ، %20.25 و%19.75 على الترتيب، و سعر الائتمان والخصم عند %19.75.

تباطأت معدلات التضخم الأساسى السنوى فى خلال شهر سبتمبر لتسجل %39.7 مقابل %40.4 فى أغسطس 2023، فى حين سجل المعدل السنوى للتضخم العام %38.0 فى سبتمبر الماضى مقابل %37.4 فى أغسطس من نفس العام، بحسب البنك المركزى المصرى

وأوضح البنك أن الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 10 أكتوبر 2023، سجل معدلًا شهريًا بلغ %2.0 فى سبتمبر من نفس العام مقابل معدلًا بلغ %1.5 فى ذات الشهر من العام السابق ومعدلًا شهريًا بلغ %1.6 فى أغسطس الماضي.

قال وليد ناجى نائب رئيس مجلس الإدارة البنك العقارى إن التباطؤ الذى تشهده السوق المحلية فى مستويات الائتمان العقارى يرجع إلى عدة أسباب، فى مقدمتها ارتفاع تكلفة الاقراض بسبب ارتفاع الفائدة.

وأشار ناجى إلى أن تراجع القدرة الشرائية للمواطن بسبب ارتفاع مستويات التضخم، فلم يكون فائض دخل الموطن كافيًا لتغطية أقساط الوحدات السكنية سواء على التمويل التقليدى أو حتى على صعيد التمويل العقارى بمختلف أجاله وشرائحه.

واضاف أن أسعار الوحدات العقارية شهدت ارتفاعًا كبيرًا فى الآونة الأخيرة نتيجة ارتفاع المواد الخام لمدخلات البناء من الحديد، والأسمنت، والطوب، وذلك مقارنة بزيادة دخل المواطن، الذى لم يشهد نفس مستويات الصعود التى طرأت على النشاط العقاري.

وأوضح محمد البيه الخبير المصرفى أن مبادرات التمويل العقارى التى أطلقها البنك المركزى لمختلف الشرائح تعد عامل جذب للمواطنين والشركات بسبب مستويات العائد المنخفض مقارنة بالقروض العقارية التقليدية، لكن الحصص التى رصدتها المؤسسات المالية التمويلية على مستوى القطاع المصرفى أو شركات التمويل العقارى فى مسار الانخفاض، لأنها شهدت إقبالًا كبير فى المراحل الأولى من إطلاقها وحتى مطلع 2022.

فيما يخص التمويلات العقارية من المؤسسات التمويلية خارج المبادرة قال محمد البيه إنها تأثرت فى الآونة الأخيرة بسبب مستويات التضخم المرتفعة التى شهدتها السوق المصرية، لاسيما أن أسعار الوحدات العقارية قفزت أسعار بصورة كبيرة خلال آخر عامين.

وأشار إلى أن تكلفة الاقراض أًصبحت مرتفعة خلال السنوات الأخيرة نتيجة سياسة التشديد النقدى التى يتبعها البنك المركزى المصري.

من جانبه أوضح محمد سمير خبير التمويل العقارى وعضو مجلس إدارة بيت مصر للخدمات العقارية أن تأثير رفع الفائدة سيكون سلبًا على القطاع العقاري، لاسيما أنه سيقلل فرص نمو التمويلات الممنوحة للقطاع ، الذى يواجه تحديات كبيرة فى الوقت الراهن، مثل نظام الملكية ، وارتفاع أسعار مواد البناء، والوحدات، مما يلقى بظلاله السلبية على مبادرات البنك المركزي.

وأضاف أنه على الرغم من أن مبادرات البنك المركزى للتمويل العقارى مدعمة، إلا أن المطورين العقاريين يحصلون على تمويلات بتكلفة إقراض عالية ما يدفعهم إلى رفع الوحدة التى تخطت الحدود المعلنة من البنك المركزى لسعرها الوحدة 2.5 مليون جنيه، وبالتالى تقل عدد فرص وجود عقارات تناسب شروط التمويل العقاري.

وافترض محمد سمير أن العميل سيحصل على وحدة ثمنها مليون جنيه بمتوسط فائدة بالقطاع المصرفى للإقراض %19 أى أن الفائدة على الوحدة 190 ألف جنيه سنويًا، وفى حال حصول العميل على قرض بأجل 10 سنوات، ستكون الفائدة فقط 1.9 مليون جنيه إضافة إلى ثمن الوحدة، ليصبح إجمالى ثمنها 2.9 مليون.

وأشار إلى أن الفائدة المرتفعة تدفع العميل سواء كان فردًا أو مؤسسة للكثير من المخاوف من التعثر فى السداد، وفى حالة المطورين العقارين سيكونون مضطرين إلى رفع تكلفة العقار من 30 إلى %50 على عكس المتعارف عليه سابقًا والتى كانت بين 10 إلى %20.

وأكد أن التأثير السلبى لرفع الفائدة يستمر حتى نهاية العام الجاري، وقد يصل إلى منتصف العام المقبل، إلا إذا وجدت الدولة حلولًا خارج الصندوق لدعم معدلات الفائدة على التمويل العادي، ولم تعول فقط على مبادرات البنك المركزي.

على الجانب الأخير يرى مدير قطاع التمويل العقارى بأحد البنوك الحكومية العاملة فى السوق المحلية أن القطاع العقارى لايزال هو الاستثمار الأفضل بجانب الذهب، مقارنة مع أسعار الفائدة الموجودة فى القطاع المصرفى المصري.

وأضاف أن التمويلات الممنوحة من الشركات تشهد تراجعًا ملحوظًا فى الأشهر الأخيرة من العام الجاري، مدفوعًا بإحجام البعض عن الاقتراض نتيجة ارتفاع كل من تكلفة الاقتراض وأسعار الوحدات إلى مستويات كبيرة .

وأشار إلى أن ارتفاع اسعار الوحدات يلقى بظلاله السلبية على مبادرة التمويل العقاري، نتيجة خروج أغلب الوحدات فى الأشهر القليلة الماضية من فئة محدودى الدخل إلى متوسطة، بالإضافة إلى خروج بعضها من المبادرة تمامًا لتخطيها حاجز 2.5 مليون جنيه.

و تراجع حجم التمويلات الممنوحة للعملاء قطاع التمويل العقارى خلال الربع الثانى من العام الجارى (أبريل حتى يونيو ) 2023 بنسبة تقترب من النصف، بحسب تقرير صادر عن هيئة الرقابة المالية فى أكتوبر الماضي.

وخلال فترة الربع الثانى من 2023 انخفضت نسبة المستفيدين من التمويل العقارى إلى 1026 من 2963 فى فترة المقارنة من عام 2022 بنسبة تراجع %65.7.

وأرجعت هيئة الرقابة المالية أسباب انخفاض العملاء ونشاط التمويل إلى ارتفاع أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس لتصل إلى %18.75 بنهاية يونيو 2023 ارتفاعا من %9.75 فى مارس 2022.

وأظهر أحدث التقارير الصادرة عن هيئة الرقابة المالية أن إجمالى قيمة نشاط التمويل العقارى خلال الفترة بين أبريل حتى يونيو 2023 بلغ نحو 2 مليار جنيه مقارنة 3.8 مليار فى نفس الفترة خلال عام 2022 .

وبحسب حصر أجرته جريدة المال على سوق التمويل العقارى فى مصر تبين أن إجمالى الممنوح للقطاع ضمن مبادرات المركزى لا يتجاوز متوسط قيمته الشهرية 1.2 مليار ، ومتوسط نسبة نموه تقترب من %2 لتتباطئ نسب خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري.

ومنحت البنوك والشركات فى مصر تمويلات ضمن المبادرة بحوالى 830 مليون خلال شهر أغسطس الماضى مقارنة مع 1.39 مليار فى يوليو، و2.2 مليار فى مايو الماضي، وقيمة تقارب المليارى جنيه فى ديسمبر الماضي.

ومولت البنوك العاملة فى السوق المحلية وشركات التمويل قروضًا بقيمة 13.06 مليار جنيه خلال عام، موجهة إلى 80.369 ألف عميل، فى الفترة من أغسطس 2022، حتى نهاية نفس الشهر بالعام الجاري.

وقالت مى عبد الحميد المدير التنفيذى لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعى فى تصريحات خاصة لـ «المال» إن البنوك والشركات المشاركة منحت تمويلات لشراء وحدات سكنية، ضمن مبادرة التمويل العقارى لمحدودى الدخل، بقيمة 62.29 مليار جنيه، لنحو 527.303 ألف عميل، وذلك حتى نهاية شهر أغسطس 2023.

وقامت البنوك العاملة فى مصر بمنح تمويلات بقيمة 59.943 مليار جنيه لـ508.128 ألف عميل لتستحوذ على نسبة %96.2 من المبادرة، فيما ضخت الشركات نحو 2.349 مليار ضمن المبادرة لنحو 19.179 ألف عميل لتستحوذ على %3.8 من المبادرة.

وضخ أكبر بنكين حكوميين فى مصر من حيث رأس المال، تمويلات ضمن المبادرة لمحدودى الدخل، لشراء وحدات سكنية بقيمة 31.745 مليار جنيه، لنحو 260.958 ألف عميل، وذلك حتى نهاية شهر أغسطس 2023.

وأطلق البنك المركزى المصرى مبادرة للتمويل العقارى فبراير 2014 بفائدة مدعمة متناقصة لشريحتى محدودى ومتوسطى الدخل بفائدة تتراوح من 5 إلى %7.

يتولى صندوق ضمان التمويل العقارى توفير الوحدة السكنية لشريحة محدودى الدخل، ويقوم بتحديد سعرها طبقا لتكاليف إنشائها.

أقرضت البنوك الحكومية الكبرى «الأهلي، مصر، القاهرة» ضمن مبادرة التمويل العقارى لمحدودى الدخل، عملاء لشراء وحدات سكنية بقيمة 38.647 مليار جنيه، لنحو 335.041 ألف عميل، وذلك حتى نهاية شهر أغسطس 2023.

وتصدر البنك الأهلى المصرى قائمة البنوك الممولة لمبادرة التمويل العقارى لمحدودى الدخل بقيمة 16.589مليار جنيه لنحو 140.547 ألف عميل ليستحوذ على نسبة %26.6 من المبادرة، يليه بنك مصر فى المرتبة الثانية بقيمة 15.156 مليار لعدد 122.842 ألف عميل بنسبة %24.3 فيما ضخ بنك القاهرة تمويلات بقيمة 4.159 مليار لعدد 40.406 ألف عميل، بحصة %6.7 وذلك بحسب أحدث تقرير صادر عن صندوق الإسكان الاجتماعى و دعم التمويل العقاري.

وجاء فى المركز الرابع بنك التعمير والإسكان بإجمالى تمويلات 6.902 مليار جنيه نهاية أغسطس موجهة إلى 71.652 ألف عميل بحصة %11.1.

واحتل بنك التجارى الدولى المركز الخامس بحصة سوقية %5.2 من إجمالى تمويلات المبادرة، بإجمالى 3.250 مليار جنيه موجهة لعدد 24.566 ألف عميل، يليه بنك قطر الوطنى الأهلى المصرى بحصة %4.8 بإجمالى 3.016 مليار جنيه، إلى 21.063 ألف عميل.

وجاء بنك التنمية الصناعية فى المركز السابع بحصة %2.9 بإجمالى قروض 1.836 مليار جنيه، إلى 16.770 ألف عميل، يليها بنك المصرف المتحد بحصة %2.8 بإجمالى قروض 1.756 مليار إلى 13.215 ألف عميل.

واستحوذ البنك العربى الأفريقى الدولى على المركز التاسع بحصة %1.9 بإجمالى تمويلات 1.206 مليار جنيه لعدد 10.214 ألف عميل، يليه بنك المشرق بإجمالى 992.189 مليون جنيه، موجهة إلى 5.687 ألف عميل، بحصة سوقية %1.5 نهاية أغسطس الماضي.

وعلى صعيد شركات التمويل احتلت كونتكت للتمويل العقارى المركز الأول بحصة %1.3 من المبادرة، بإجمالى قروض 838.728 مليون جنيه لعدد 6.167 ألف عميل، يليها شركة التعمير للتمويل العقارى 830.818 مليون جنيه، موجهة إلى 6.816 ألف عميل.

وفى المركز الثالث جاءت شركة الأهلى للتمويل العقارى بإجمالى قروض 284.436 مليون جنيه لعدد 2.537 ألف عميل، تليها شركة أملاك للتمويل العقارى بإجمالى تمويلات 252.02 مليون ، موجهة إلى 2.319 ألف عميل

وشهدت قروض البنوك للقطاع العقارى نموًا كبير خلال النصف الأول من العام الجاري، مدفوعًا بالتحرك الملحوظ فى أسعار الوحدات خلال الفترة الأخيرة، ليصبح كل من العقارات والذهب قطبى الاستثمار الآمن لمدخرات المصريين.

وقال البنك المركزى المصرى فى تقرير حديث له إن محفظة التمويل العقارى بالبنوك %10 من محافظ القروض الشخصية بالمصارف العاملة فى مصر.

وأجرت المال حصرًا على تطور التمويلات العقارية الممنوحة من القطاع المصرفى فى مصر خلال النصف الأول من العام الجاري.

وبحسب حصر المال يتصدر قائمة البنوك المدرجة فى البورصة المصرية بنك التعمير والإسكان بحجم تمويلات 26.152 مليار جنيه نهاية يوليو الماضي، ليستحوذ وحده على حصة تتجاوز الـ %41 من إجمالى التمويل الموجهة للقطاع العقاري.

ونمت محفظة التمويلات العقارية بالبنك التجارى الدولى بنسبة %14.94 خلال النصف الأول من العام الجاري، بقيمة 508 ملايين جنيه، لتصل إجمالى المحفظة إلى 3.91 مليار ، نهاية يونيو الماضي، مقارنة مع 3.4 مليار ديسمبر الماضي.

كما نجح بنك قطر الوطنى الأهلى فى تعزيز محفظة التمويلات العقارية لديه بنسبة %13.4 وبقيمة 625 مليون جنيه، ليصل إجمالى المحفظة 5.248 مليار نهاية يونيو الماضي، مقارنة مع 4.633 مليار فى ديسمبر 2022.

ضخ بنك كريدى أجريكول مصر قروضاً عقارية بقيمة 156 مليونًا خلال الشهور الست الأولى من العام الجاري، محققًا نسبة نمو %14.7 خلال الفترة المذكورة، لترتفع إجمالى التمويلات الممنوحة للقطاع من 1.06 مليار جنيه نهاية ديسمبر 2022، إلى 1.212 مليار نهاية يونيو الماضي.

على صعيد المصارف الإسلامية فى مصر سجل حجم المشاركات والمرابحات العقارية للأفراد ببنك فيصل الإسلامى 84 مليون جنيه خلال أول 6 أشهر من العام الجاري، بنسبة نمو %7.26 لترتفع المحفظة إلى 1.24 مليار نهاية يونيو الماضي، مقارنة مع 1.16 مليار نهاية ديسمبر الماضي.

وارتفعت التمويلات والتسهيلات العقارية بمصرف أبوظبى الإسلامى بنسبة %46.24 وبقيمة 113.5 مليون جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، لتصل إلى 358.824 مليون نهاية يونيو الماضي، مقارنة مع 245.351 مليون نهاية ديسمبر 2022.

وخلال الثلاث أشهر الأولى من العام الجارى ارتفعت محفظة التمويل العقارى للبنك المصرى لتنمية الصادرات إلى 533 مليون جنيه نهاية مارس الماضي، مقارنة مع 425.765 مليون مع مارس السابق له.

وتراجعت محفظة التمويل العقارى فى بنك البركة – مصر بنحو %13.5 خلال الربع الأول من عام 2023، لتصل إلى نحو 479.145 مليون جنيه، مقارنة مع 554.475 مليون بنهاية 2022.