تباينت آراء شركات الوساطة المالية حول مدى إمكانية تطبيق آلية لتوحيد عمولات السمسرة التى تتقاضاها من عدمه، وكذلك ما يُمكن أن تخلفه من فائدة أو ضرر على القطاع، إذ رأى البعض أنها لن تكون فى صالح السوق وستساهم فى القضاء على المنافسة الحرة.
«المال» طرحت الفكرة مجددًا والممتدة منذ أعوام كثيرة، وذلك فى ظل الانتهاء من تأسيس اتحاد الأوراق المالية، وانتخاب أول مجلس إدارة فى أغسطس الماضي.
رأى بعض مسئولى شركات السمسرة إنها لن تلقى النجاح المنشود إذ ستشهد العديد من عمليات التلاعب والتحايل التى ليس من السهل التغلب عليها، كما أن الحد الأدنى للعمولة يختلف من كيان لآخر وفقًا للتكاليف التى يتكبدها ومصاريفه التشغيلية.
فى حين رأى آخرون أنها ستعود بالإيجاب على السوق، إذ أنها ستساهم فى القضاء على العمولات الصفرية، ومن ثم ستدعم وجود منافسة عادلة بين جميع الكيانات العاملة فى القطاع، كما أنها ستؤدى إلى نقل المنافسة للخدمات المقدمة ومدى جودتها، وهو ما سينعكس بالتبعية على تحسينها.
كما قدم آخرون مجموعة من الاقتراحات للشكل المناسب لتطبيقها ، فمنهم من رأى أن يتم تحديد حد أدنى وأقصى لها بدلاً من تثبيتها، بينما رجح آخرون أن يكون هناك حد أدنى يتم تقسيمه لشرائح محددة حسب أحجام التداول أو نوعية الخدمة، على أن تُترك مساحة تفاوضية للقيم الكبيرة.
وأكد الفريقان على وجود مجموعة من النقاط التى يجب وضعها عين الاعتبار عند تنفيذ تلك الآلية، ومنها أن تكون كافية ومغلقة بالشكل الذى لا يترك مساحة للتلاعب أو الالتفاف من حولها، إلى جانب ضرورة وجود ميثاق شرف مُلزم يتم توقيعه من جانب جميع الكيانات العاملة فى القطاع، مشددين على أهمية وجود جدية والتزام فى التطبيق مع رقابة مشددة من جانب جهة معينة تكون هى المسؤولة عن الإشراف على التنفيذ.
هذا إلى جانب ضرورة وضع الجهات الحكومية عين الاعتبار عند تنفيذ تلك الآلية، إذ أنه يجب أن يتم وضع سياسة معينة للتعامل معها بعمولات صفرية أو أقل من القيمة المحددة، بإخطار وموافقة الجهة المعنية بالرقابة على التطبيق.
مطبق فى السوق السعودية
قال محمد فاروق العضو المنتدب لجلوبال إنفست لتداول الأوراق المالية إن اعتماد آلية توحيد عمولات شركات السمسرة كما هو معمول به فى السوق السعودية سيواجه صعوبة فى التطبيق، إذ أنها ستواجه مشكلتين رئيسيتين، أولهما إمكانية تلاعب بعض الكيانات فى التنفيذ من خلال تعويضها لعملائها بتقديم خدمات أخرى مقابل تلك العمولة.
وأضاف فاروق أن المعضلة الثانية التى ستواجه تطبيق تلك الآلية تتمثل فى كيفية تنفيذها فيما يخص التعامل مع الجهات الحكومية، والتى تتسم بأن عمولتها عادة تكون أقل من الكيانات والعملاء الآخرين.
وشدد على أهمية تلك الآلية وما يُمكن أن تعود به من فوائد على شركات الوساطة المالية فى حالة تطبيقها بشكل صحيح.
وأشار فاروق إلى أنه حتى يتم تطبيق آلية توحيد العمولات بشكل صحيح، فيجب أن يتم وضعها بالشكل الذى يضمن تنفيذها دون وجود فرصة للتلاعب من جانب البعض، بالإضافة إلى ضرورة النظر للمؤسسات الحكومية بعين الاعتبار، ودراسة كيفية التعامل الأمثل معها سواء بوضع استثناءات خاصة بها أو غيره بما يضمن عدم فقدان جاذبية القطاع لها.
المنافسة الحرة
وفى الإطار ذاته قال محمد إمام رئيس مجلس إدارة القاهرة الدولية لتداول الأوراق المالية إن تطبيق آلية لتوحيد عمولات السمسرة من شأنه أن يقضى على المنافسة الحرة بين الشركات، فى المقابل يجب على الكيانات العاملة فى القطاع تحسين مستوى الخدمات التى تقدمها لعملائها، لتكون الخدمة هى المعيار الأمثل للتغلب على العمولات الصفرية.
وأضاف أنه فى حالة وجود رغبة فى تطبيق هذه الآلية كأداة للقضاء على العمولات الصفرية، فمن الضرورى تنفيذها بشكل يُحافظ على وجود المنافسة الحرة بين الشركات، كوضع حد أدنى وأقصى بدلاً من تحديد عمولة ثابتة، ومن ثم تكون للكيانات العاملة فى القطاع الحرية فى اختيار العمولة التى تتناسب معها.
الكيانات العاملة الصغيرة والمتوسطة
وفى سياقٍ متصل قال محمد منصور رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة أونست لتداول الأوراق المالية إن تطبيق آلية موحدة لعمولات السمسرة من شأنه أن يعود بالإيجاب على الكيانات العاملة بالقطاع وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها، كما إنه سيساهم فى القضاء على معضلة العمولات الصفرية التى يُعانى منها الكثيرون فى مجال الوساطة المالية.
وأضاف أنه من الضرورى أن يقوم الاتحاد بوضع آلية لتوحيد عمولات السمسرة أو وضع حد أدنى لها، على أن يكون هناك ميثاق شرف يتم التوقيع عليه من جانب كافة الشركات العاملة فى القطاع، مشددًا على أهميتها لوقف العمولات الصفرية ودعم وجود منافسة عادلة بين مختلف الكيانات.
نقل المنافسة للخدمات المقدمة ومدى جودتها
فى حين قال أحمد أبو حسين العضو المنتدب لشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية إن تطبيق عمولة موحدة للسمسرة من شأنه أن ينقل المنافسة للخدمات المقدمة ومدى جودتها، وهو ما سينعكس بالتبعية على تحسينها، كما ستكون الجودة والأداء هى العناصر المحددة للمنافسة فى السوق.
وأوضح أبو حسين أن تطبيق تلك الآلية سيصب فى صالح بعض شركات السمسرة بينما سينعكس بشكل أكثر صعوبة على آخرين، خاصة تلك الكيانات التى تحتاج إلى تحسين جودة خدماتها لتتمكن من المنافسة وهو ما قد يُشكل عبئا وتكلفة عليها، مشيرًا إلى أن تلك التحديات ستواجهها فى بداية التنفيذ فقط ومن ثم مع تخطيها ستعود بالإيجاب عليها وعلى السوق بصفة عامة.
وأشار إلى أنه يجب وضع الجهات الحكومية فى الاعتبار عند تطبيق تلك الآلية، نظرًا لأن هناك بعض العمليات التى تتم لصالحها بعمولات صفرية أحيانًا، ومن ثم من الضرورى أن يتم وضع سياسة معينة تتم من خلالها تلك المعاملات، على سبيل المثال أن تكون بموافقة الهيئة أو أن يتم إخطار البورصة المصرية قبل التنفيذ بشأن الصفات ذات العمولة الصفرية.
حد أدنى للعمولات وليس توحيدها
وفى السياق ذاته قالت أمانى حامد رئيس مجلس إدارة شركة عكاظ للوساطة المالية والاستثمار إنه يجب وضع حد أدنى للعمولات وليس توحيدها، كما أنه من الضرورى أن يكون مُلزما، لافتة إلى أنه من الممكن أن يتم حساب الضرائب على ذلك الحد الذى تم تعيينه، وذلك لضمان عدم حدوث أى تلاعب والتزام جميع الكيانات بتطبيقه.
الحد الأدنى يختلف من كيان لآخر
و قالت رانيا يعقوب رئيس مجلس إدارة شركة ثرى واى لتداول الأوراق المالية إن تطبيق آلية لتوحيد عمولات السمسرة لن يكون فى صالح السوق، إذ أن الحد الأدنى يختلف من كيان لآخر نظرًا لتكاليفها ومصاريفها التشغيلية.
وأوضحت رانيا أن الحل الأمثل يتمثل فى وضع حد أدنى للعمولات على أن يتم تعيين حد أقصى للتداولات أيضًا تُصبح بعده العمولة تفاوضية، مرجحة أن تكون عند تداولات 20 مليون جنيه أو أكثر، يُترك له حرية تحديد العمولة بشكل تفاوضى مع العميل، على أن تختلف تلك العمولة من قطاع لآخر – سمسرة و إدارة محافظ وصناديق وغيره – بما يتناسب مع طبيعته.
مطلب من 20 عاماً
فى حين قال شوكت المراغى العضو المنتدب لشركة اتش سى لتداول الأوراق المالية إن توحيد عمولات السمسرة مطلب للشركات العاملة فى القطاع منذ ما يقرب من 20 عاما، مشيرًا إلى أن المعضلة تتمثل فى إمكانية تطبيقه ومدى الجدية والالتزام من قبل الكيانات المختلفة فى تنفيذه، إذ أن هناك العديد من الوسائل للتلاعب والتحايل عليه، فمن الممكن أن يلجأ البعض لتخفيض نسبة الفوائد فى المقابل.
وأضاف المراغى أهمية أن تكون تلك الآلية كافية ومغلقة حتى لا يُمكن التلاعب والالتفاف من حولها، إذ إنه من الضرورى أن تكون هناك جدية والتزام كامل عند التطبيق، وأن يتم وضع ميثاق شرف مُلزم إلى جانب وجود رقابة شديدة، مشددًا إلى أن تنفيذ تلك الآلية فى صالح السوق.
ورأى المراغى أن وضع حد أدنى من العمولات أنسب وأفضل من توحيدها، على أن يتم تقسيمها لشرائح لكل منها الحد الخاص به وفقًا لأحجام التداول، كما إنه من الممكن أن تكون هناك مساحة تفاوضية للقيم الكبيرة، مؤكدًا على أن تطبيق مثل تلك الآلية من شأنه أن يقضى على معضلة العمولات الصفرية، كما سيخلق فرصة للمنافسة فى مناطق أخرى كالخدمات المقدمة ومدى جودتها.
جهة تتولى الدور الإشرافى والرقابي
وفى الإطار ذاته قال على غنام العضو المنتدب لشركة أسطول لتداول الأوراق المالية إنه من الممكن أن يتم وضع حد أدنى للعمولات التى تتقاضها الكيانات العاملة فى مجال الوساطة المالية، على أن يتم ذلك وفقًا لشرائح محددة أو على حسب نوعية الخدمة.
ولفت غنام إلى أن تفعيل مثل تلك الآلية سيصب فى صالح الشركات، إذ إنه سيساعدها على تحسين جودة خدماتها، كما إنه سيُتيح لها فرصة أكبر للمنافسة مع القضاء على معضلة العمولات الصفرية، مؤكدًا على ضرورة وجود جهة تتولى الدور الإشرافى والرقابى لضمان تطبيقها بشكل سليم.
التركيز على كيفية تحسين جودة الخدمات المقدمة
و قال إيهاب رشاد نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية إن تطبيق آلية لتوحيد عمولات السمسرة لن يلقى النجاح المنشود منه، إذ إنه حتى فى حالة تنفيذه فستكون هناك العديد من حالات التلاعب من جانب البعض، فهناك وسائل عدة يمكن أن تقوم الكيانات الراغبة فى ذلك برد العمولة لعملائها بشكل أو بآخر، موضحًا إنه ليس من السهل التغلب على عمليات التحايل الشبيهة بذلك.
وأشار رشاد إلى أن الأهم هو التركيز على كيفية تحسين جودة الخدمات المقدمة وليس ضبط العمولة، مرجحًا أن يكون هناك حد أدنى من الخدمات التى يجب أن يتم تقديمها من جانب مختلف الكيانات المتواجدة فى القطاع.
ورأى أنه من الممكن أن يتم تطبيق آلية شبيهة بفكرة الـKPIsلشركات السمسرة، موضحًا إنه من الممكن أن يقوم الاتحاد بعمل تقييم وترتيب دورى للكيانات العاملة فى القطاع وفقًا لمدى جودة الخدمات المقدمة من قبلها، ومن خلالها يتم تصنيفها فى فئات مختلفة وفقًا لمدى جودة الخدمات الخاصة بها.
ولفت إلى أنه لمواجهة معضلة العمولات التى تعانى منها بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة منها، يمكن أن يتم دمج مجموعة منها لتُشكل كياناً كبيراً قادراً على التواجد والمنافسة، سواء من حيث العمولة أو جودة الخدمة المُقدمة.
أسفرت انتخابات اتحاد الأوراق المالية عن تولى وزير الاستثمار الأسبق أشرف سلمان منصب رئيس الاتحاد ، وأحمد إكرام، نائبًا ،وعضوية كل من رانيا الجندى العضو المنتدب لشركة أكيومن لتداول الأوراق المالية، وأسامة جمال العضو المنتدب لشركة نعيم لتداول الأوراق المالية، ومعتز عشماوى العضو المنتدب لشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، ومحمد عياد العضو المنتدب لشركة برايم القابضة للاستثمارات، وأحمد مروان العضو المنتدب لشركة سيجما كابيتال لتداول الأوراق المالية، بجانب محمد كمال، عضو مجلس إدارة شركة إيليت للاستشارات، ومحمد جاب الله عضو مجلس إدارة شركة رؤية لتداول الأوراق المالية، و عمرو أبو العينين الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة سى أى مانجمنت، وياسر عمارة رئيس مجلس الإدارة بشركة إيجل للاستشارات المالية، وراندا حامد العضو المنتدب لشركة عكاظ لإدارة المحافظ، وياسر زعزع ممثل شركة مصر للمقاصة.
محمد فاروق: ضرورة تنفيذها بشكل يضمن عدم وجود فرصة للتلاعب
محمد إمام: تطبيقها من شأنه أن يقضى على المنافسة الحرة
محمد منصور: ستقضى على «الصفرية»
أحمد أبوحسين: ستحسن مستوى الخدمات المقدمة وجودتها
أمانى حامد: حساب الضرائب على «الأدنى» من شأنه أن يحد من التلاعب
رانيا يعقوب: وضع نسبة للتعاملات التى تقل عن 20 مليون جنيه
شوكت المراغي: ضرورة وجود ميثاق شرف ملزم
على غنام: تحديد شرائح معينة أو حسب نوعية الخدمة
إيهاب رشاد: عمل تقييم وتصنيف دورى للكيانات العاملة فى القطاع
