أرجع عدد من خبراء صناعة السيارات، تأخر الانتهاء من مبادرة إحلال المركبات من أهدافها كاملة، رغم مرور عامين على بدء انطلاقها فى يناير 2021، لعدد من التحديات التى واجهتها من بداية الإعلان عنها حتى الآن.
وتستهدف المبادرة استبدال السيارات الأجرة، والملاكى والميكروباص التى مضى على صنعها 20 عامًا، حال رغبة مالكها فى تملك أخرى جديدة، شريطة أن تكون مُصنعة محلياً وتعمل بالغاز الطبيعى.
وأوضح عدد من الخبراء العاملين فى قطاع السيارات، أن حزمة التحديات التى واجهت المشروع، تتمثل فى التكلفة المالية فى قيمة السيارات الجديدة، وعدم توافر البنية التحتية ممثلة فى عدم قدرة المصانع المحلية على توفير الأعداد المطلوبة من المركبات الجديدة، مرورًا بنقص الوعى لدى المستخدمين، واخيراً الارتفاع المستمر فى العملية الأجنبى وتراجع الجنيه الذى أدى إلى زيادة أسعار الخدمات وقطع الغيار بشكل عام.
وتشارك 6 علامات تجارية فى المبادرة هي: «هيونداى، وشيرى، وBYD، كينج لونج، وجولدن دراجون وزميكس».
كانت وزارة المالية أعلنت تنفيذ المشروع بالتنسيق مع مختلف الشركاء، من بينهم شركات، الأمل لتصنيع وتجميع السيارات، وغبور أوتو، إضافة إلى شركة نيسان موتورز إيجيبت، والمنصور للسيارات.
فى البداية، قال الدكتور طارق عوض، خبير فى شئون المبادرات والمشروعات القومية، إن الهدف الأساسى من المبادرة الرئاسية لإحلال السيارات المتقادمةحصول المواطن على سيارة جديدة طراز العام تعمل فى التشغيل على الغاز الطبيعى بديلًا عن سيارته القديمة التى مر على تاريخ صنعها 20 سنة فأكثر.
وذكر أن المشروع طرح بالعديد من التسهيلات والمميزات التى وفرتها الدولة للمشاركين فى المبادرة، لضمان نجاحها، لكن فى نفس الوقت واجهت المبادرة بعض التحديات.
وأشار إلى أن التحديد بدأت من انتشار فيروس كورونا، مروراً بنقص المكونات الرئيسية لتصنيع المركبات الرئيسية، منها الشرائح الإلكترونية، إضافة إلى مشاكل الشحن الدولى وانخفاض معدلات سلاسل الإمداد، ثم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التى انصبت على كافة دول العالم بشكل عام، وتأثر مصر الرئيسى فى انخفاض العملة المحلية.
واستكمل خبير فى شئون المبادرات والمشروعات القومية حديثه، بالقول إن المبادرة عملت على احتواء التحديات من خلال التزام الدولة بالتسهيلات والمميزات الممنوحة للمشاركين فى المبادرة، وأن هذا يتضح من حجم المشاركة من المواطنين بالإضافة الى استمرارية المبادرة عبر انضمام محافظات جديدة.
وأعلنت وزارة المالية مطلع نوفمبر 2022، ضم 5 محافظات جديدة للاستفادة من مبادرة إحلال المركبات، ليصل إجمالى عدد المستفيدين منها 15 محافظة.
كما حددت سعر الفائدة على القرض الممنوح للمواطن سداد كامل ثمن السيارة فى حالة التقسيط بقيمة 3% فائدة ثابتة و موزعة على عدد الأقساط دون مقدم أو ضامن، إضافة إلى مدة من 7 سنوات أو 10 سنوات حسب رغبة المواطن، كما أتاحت 2 وثيقة تأمين إحداهما على السيارة والأخرى على المالك مخفضة حوالى 50% عن أسعارها فى السوق خارج المبادرة.
وأشار إلى أن السيارات القديمة الموجودة فى الشارع المصرى والتى مر على تاريخ صنعها 20 سنة فأكثر، تصل لـ1.5 مليون سيارة إلى جانب 65 ألف تاكسى،لإضافة إلى 76 ألف ميكروباص تقريبًا.
وتابع “عوض” أن المبادرة يسرت تركيب أسطوانة الغاز للسيارة الجديدة دون تحمل مالكها أية أعباء مالية، موضحًا أن الإحصاءات الخاصة تدل على نجاحها وهذا يتضح من أعداد طلبات المواطنين تحت التنفيذ والتى تبلغ حوالى 41500 طلبا، وأن الجديدة التى تم تسليمها وتخصيصها حوالى 28175 سيارة، وبلغت القديمة التى تم تخريدها حوالى 28150 ، وتم سداد حوالى 701 مليون جنيه كحافز أخضر عن طريق وزارة المالية.
وأشار إلى أن وزارة المالية رصدت منذ بداية المبادرة 7.1 مليار جنيه للحافز الأخضر، ويتم صرفه فى حالة السيارات الملاكى بنسبة %10 من قيمة السيارة الجديدة بحد أقصى 22 ألف جنيه وفى حالة التاكسى %20 بحد أقصى 45 ألف جنيه، وفى حالة الميكروباص %25 بحد أقصى 65 ألف جنيه.
وأوضح عوض أن البنوك مولت شراء السيارات الجديدة للمواطنين المشاركين فى نظام التقسيط بحوالى 8 مليارات جنيه قبل أن يئول التمويل إلى وزارة المالية، بحيث أصبحت الخزانة العامة للدولة تمول ثمن شراء السيارة للمواطن فى حالات التقسيط بالإضافة الى الحافز الأخضر.
ووفقا لتصريحات سابقة لمسئولين بوزارة المالية، بلغ إجمالى الطلبات على موقع المبادرة الرسمى فى انتظار موافقة شركات السيارات إلى 7.600 طلب، ويقدر عدد السيارات التى خرجت من شوارع مصر 24.600 سيارة بداية من يوم انطلاق المبادرة حتى نهاية الأسبوع الأخير من نوفمبر 2022.
وقال “عوض” فيما يتعلق بالزيادة الأخيرة فى أسعار السيارات، فإن مبادرة إحلال السيارات تتعامل مع غالبية الأنواع التى تسير فى الشارع المصرى، وأن الأسعار داخل المبادرة مرتبطة بأسعار السوق المحلية، إلا أن هناك بعض التخفيضات المتفاوتة المتاحة من الشركات مباشرة، وبالتالى الزيادة فى الأسعار مشروعة إلا أن المميزات الأخرى الممنوحة للمواطنين تجعل من سعر السيارة فى النهاية أقل من مثيلتها فى السوق خارج المبادرة.
وأشار إلى أن هناك دراسات حالية تتم بين الجهات المعنية بأمور الاقتصاد بصفة عامة والصناعة بصفة خاصة لاتخاذ بعض الإجراءات التى من شأنها فتح أفق توطين صناعة السيارات الكهربائية فى مصر بمشاركة القطاع الخاص، ومن ثم الفرصة كبيرة جدا لمشاركة هذه النوعية من المركبات فى المبادرة، وربما تصبح منافسا كبيرا للسيارات التى تعمل بالغاز نظرا لكونها أكثر صداقة للبيئة وأيضا لانخفاض أسعارها عن الأنواع الأخرى من السيارات.
من جانبه، قال عمرو سليمان رئيس شركة «الأمل لتصنيع وتجميع السيارات»، والوكيل المحلى للعلامات «BYD» و«لادا» ومنتج مركبات النقل الجماعى «كينج لونج»، أن وقف الاعتمادات البنكية لمبادرة إحلال السيارات يعد ضمن أكبر التحديات التى واجهت شركته كأحد أطراف التصنيع بالمبادرة.
وأشار إلى أهمية تجاوب الإدارة المعنية بالتنفيذ مع الشركات القائمة على التصنيع والتجميع المحلى ضمن خطوات تيسير حركة المبادرة، وتفعيل دور الجهات الداعمة للتغلب على الزيادة فى الأسعار، إذ تشهد سوق السيارات المحلية موجة من الزيادات السعرية المتتالية، شملت عددًا كبيرًا من العلامات التجارية، من أبرزها: شيفروليه، وهيونداى، وشيرى، ونيسان، وشانجان، وهافال، وتويوتا، وأوبل، وفيات، وستروين، وإم جى، وفورد، وميتسوبيشى، وBYD.
ولفت رئيس شركة الأمل إلى أنه رغم نص المبادرة على إحلال السيارات الأجرة والملاكى، إلا أنه من الممكن نقل تلك التجربة إلى أنواع مختلفة من المركبات مثل النقل الخفيف وغيرها، بشرط توافر المواصفات المناسبة.
واقترح وضع قانون لتيسير الإقبال على المشاركة فى مبادرة الإحلال، حيث لا يتم تجديد ترخيص أى مركبة قديمة مر على تصنيعها أكثر من 20 سنة، للتخلص منها وتفعيل المبادرة بشكل رسمي.
من جانبه، قال المستشار أسامة أبو المجد رئيس رابطة تجار السيارات، إن مبادرة الإحلال ذات امتيازات تاريخية لم يسبق لها مثيل، مشيرًا إلى أنها جاءت لتناسب التطور الذى تم على شبكة الطرق بحيث يتم توافر مركبات صديقة للبيئة مع القضاء على نقيضتها.
وذكر أن المبادرة بدأت بمشاركة 7 محافظات هى “القاهرة، الجيزة، القليوبية، الإسكندرية، بورسعيد، السويس، البحر الأحمر”، ثم تلا ذلك مشاركة محافظتى الأقصر وأسوان، إضافة الى مدينة شرم الشيخ والتى جاءت مشاركتها مواكبة مع الاستعدادات لعقد مؤتمر المناخ Cop 27 فى شهر نوفمبر القادم.
ولفت إلى أنه تبع ذلك مشاركة 5 محافظات أخرى مع بدايات عام 2023 هى “الشرقية، الإسماعيلية، بنى سويف، سوهاج، البحيرة”، مشيرا إلى أن المبادرة أصبحت تغطى حوالى %60 من محافظات الجمهورية وأنه جارى العمل من قبل الجهات المعنية على تجهيز باقى المحافظات بالبنية الأساسية التى تتطلبها المشاركة فى المبادرة والتى تتمثل فى توافر عدد مناسب من محطات تموين الغاز الطبيعى وأيضا أماكن ساحات تجميع السيارات القديمة والتى تراعى العامل البيئى فى المقام الأول.
على صعيد متصل، أوضح جمال عسكر، عضو غرفة صناعة السيارات، أنه منذ عام 1995 وحتى 2020 قد تم تحويل حوالى 420 ألف سيارة قديمة للعمل بالغاز الطبيعى، مشيرًا أنها تعد كمية قليلة مقارنة بإجمالى المركبات المرخصة حينها والذى سجل حوالى 11 مليون مركبة.
وكشف أنه كان من المقرر تسليم 70 ألف سيارة خلال السنة الأولى 2021، بينما قد تم تسليم 30 ألف فقط، كما كان مستهدفا 90 ألف خلال السنة الثانية،و90 ألفا أخرى خلال العام الثالث، لافتا إلى أن المتوسط السنوى لإنتاج السيارات فى مصر لا يتناسب مع حجم الطلب فى السوق.
وأشار “عسكر” إلى أن من التحديات التى تواجه مبادرة الإحلال، عدم تناسب بعض المركبات إلى الدخول فى تلك العملية نظرًا لكونها غير ملائمة للتحول إلى الغاز الطبيعى، موضحًا أن القيمة الحرارية للغاز الطبيعى وعدم قدرة المركبات العاملة ببنزين 90 فيما تحت على تحمل الأضرار الناجمة.
عوض: التنوع فى الطرازات أفضل الأساليب المطبقة لاحتواء الصعود الكبير فى الأسعار
عضو غرفة الصناعة: إمكانيات بعض المركبات الفنية لا تتلاءم مع مواصفات اعتمادها على الغاز الطبيعي
رئيس رابطة السيارات: المشروع يحتوى على مزايا لم تمنح من قبل.. لكن الأزمات لها تأثير قوى
