تتجه الحكومة لإعادة العمل باتفاقية الرورو مرة أخرى مع تركيا، وذلك بعد توقف دام لأكثر من 10 سنوات، وذلك للاستفادة من موقع مصر من ناحية، إضافة إلى المشروعات المنفذة بشبكة الطرق والموانئ البحرية من ناحية أخرى.
عقد المهندس أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة، ونظيره التركى عمر بولات، اجتماعًا موسعًا، منذ أيام لاستعراض نتائج اجتماعات الدورة الخامسة للجنة التجارية المصرية التركية المشتركة، لتطوير بعض نصوص اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، فيما يتعلق بعدد من البنود الجديدة تشمل المواد المتعلقة بالعوائق الفنية للتجارة TBT، والإجراءات الجمركية وتسهيل التجارة، والاستثمار، والخدمات.
«المال» استطلعت رأى السوق الملاحية حول عودة عمل الاتفاقية مرة أخرى، ومدى تنافسية الاتفاقية للخطوط الثابتة العاملة بين مصر وتركيا خلال الفترة المقبلة.
وأجمع الخبراء على أهمية الاتفاقية ودورها فى تنشيط حركة التجارة عبر الأراضى المصرية، ومساهمتها فى تنشيط الحصيلة من العملة الصعبة.
وبدوره، طالب القبطان عمرو فهيم مدير عام شركة لات للتجارة والملاحة ووكيل خط التركى بمصر، بإجراء دراسة جدوى دقيقة قبل استئناف العمل باتفاقية الرورو التركية، واختيار المسار الأفضل من حيث العوائد والإجراءات، سواء عبور تلك السفن قناة السويس أو الشاحنات من بورسعيد للأدبية.
ولفت إلى أن مرور العبارات قناة السويس يدر عائدا دولاريا جيدا، كما لا يسبب أية خسائر، فى حين أن نقل البضائع بالشاحناتمستهلكة للطرق المصرية، وبالتالى لا بد أن تكون رسومها مجزية، لتتناسب مع حجم ما يتم إنفاقه من صيانة مستمرة للطرق بجانب إحكام الرقابة الأمنية.
وأضاف “فهيم” لا بد من الموازنة بين المكاسب والخسائر قبل اتخاذ الدولة لقرارها باستئناف العمل بالاتفاقية، خاصة أن الدولة نشطت المسارات البرية الدولية للطرق، لذا لا بد من تحقيق مناخ آمن للمستثمرين الراغبين دون عوائق أو تجاوزات قد تحدث فى المسار البرى الذى تسلكه الشاحنات، أو أن يتسبب فى تكدس بموانئ بورسعيد أو الأدبية أو دمياط، وهى التى كانت محطات سفن الرورو القادمة من تركيا.
وقال إن الموانئ التى اختارتها الاتفاقية نقاط لسفنها الحاملة لشاحنات البضائع الواردة من تركيا، تشمل “غرب بورسعيد”،و”دمياط”، وميناء الأدبية، ولا تتحمل تكدس فى حالة زيادة حجم البضائع الواردة، وذلك مقارنة مثلا بميناء سفاجا الذى يستوعب أى زيادة فى الوارد بسبب مساحته الكبيرة.
ويرى “فهيم” أن إختيار عبور قناة السويس كمسار ملاحى لسفن الرورو المحملة بالشاحنات التركية وترانزيت فى طريقها لدول الخليج أفضل وأكثر إفادة لمصر.
وأكد أن خط الرورو التركى يعدترانزيت مصريا، ليست له علاقة بخط الحاويات المنتظم الذى تعد الشركة وكيلا له بمصر، والذى يتردد بخدمات منتظمة وثابتة من الموانئ التركية مرورا بأوربا والولايات المتحدة إلى الموانئ المصرية وذلك بواقع خدمة ملاحية منتظمة كل 3 أيام.
بدوره، أشار محمد عبدالله رئيس لجنة التوكيلات الملاحية للخطوط غير المنتظمة، بغرفة ملاحة الإسكندرية، إلى أن دخول خطوط ملاحية جديدة يعد إرادة قوية للموانئ واستغلالا لموقعها من أوروبا وآسيا.
وأضاف أن الرحلات الجديدة غير المنتظمة لن يكون لها تأثير سلبى على الخطوط الموجودة بالفعل، لاسيما أنها تعمل بجدول إبحار ثابت يمر على موانئ محددة سابقا.
ولفت إلى أن العلاقات المصرية - التركية تتمتع بميزان تجارى مرتفع لم تتأثر خلال السنوات السابقة، إلا أن الخدمة التى تشملها الاتفاقية، تعد مصر طرفا ثالثا يمر عبرها البضائع فقط، ما يعمل على جذب العملة الصعبة.
ولفتمحمد خيال نائب رئيس غرفة ملاحة السويس إن شركته، شاركت فى التجربة الأولى من العمل باتفاقية الرورو التركية عام 2012 كوكيل مصرى لشركة إيوان رورو، الناقلة والمالكة للخط الملاحى التركى، من ميرسين إلى دمياط حيث كان يتم نقل البضائع التركية بأسطول شاحنات برية محملة على عبارات من موانئ تركيا إلى بورسعيد ودمياط، ثم يتم نقلها بريا الى ميناء الأدبية ومنه يتم تحميلها عبر سفن تابعة للخط الملاحى التركى الى دول الخليج.
ولفت إلى أن الحمولات التى يتم تداولها ونقلها من تركيا الى دول الخليج باستخدام النقل متعدد الوسائط برى وبحرى تسمى تجارة من الباب للباب وتفتح بالتالى فرص عمل واستثمارات لكافة الشركات الملاحية، والنقل البرى والشاحنات والسائقين المصريين، بجانب ماتحصله الجمارك من رسوم وكذلك الموانئ نظير التراكى والتداول واستخدام رصيف الميناء.
وقالإن الشاحنة كانت تسدد وقتها 500 دولار رسوم طرق،رغم من أن حمولة الشاحنة كانت لا تزيد على 30 طنا وفقا للوائح المعمول بها بتركيا ومواصفات الرخصة الممنوحة بحمولات محددة.
وأوضح أن التزام الشركات التركية بالوزن والحمولة ينفى أية مخاوف لدى الجانب المصرى من إهلاك الطرق، مطالبا بعمل نافذة واحدة يتم تعامل أطراف الخط الرورو التركى من خلالها تيسيرا للوقت والتكلفة.
وأوضح أن العقبات التى واجهت انتظام خط الرورو الملاحى بين مصر وتركيا تعلقت بمشاكل مالية بين الخط الناقل “سيا لاينز” والوكيل الملاحى فى مصر بسبب تأخر المستحقات المالية، وذلك من خلال مساره بين ميناء إسكندرون التركى ونظيره غرب بورسعيد والتى لم توفِ وقتها بالتزاماتها المالية تجاه الوكلاء الملاحيين، ما أدى إلى توقفه.
وظل الخط الملاحى الثانى الناقل للشاحنات “ايوان رورو” يعمل بين ميناء ميرسين التركى وميناء دمياط المصرى، حتى توقفت الاتفاقية بين الحكومتين ولم يتم تجديدها، لافتا إلى أن عودة الاتفاقية فرصة جيدة لتعظيم حجم الصادرات المصرية خاصة البضائع المبردة لتركيا ودول الخليج.
من جهته، أشار الدكتور أحمد كامل مدير التسويق بشركة دمياط لتداول الحاويات، أن الخدمة تعد إضافة لكافة أطراف عملية الشحن المصرية، إذ يتم وضع الموانئ البحرية على خط شحن جديدة لم يكن موجودا قبل ذلك.
وأكد أن الموانئ المحلية شهدت العديد من المشروعات من تعميق الغاطس وإضافة ساحات وأرصفة جديدة، وبالتالى مثل هذه الخدمات سيعمل على زيادة استغلال الطاقة الاستيعابية.
وذكر أن دخول سفن جديدة بخدمات جديدة سيعمل على إنعاش إيرادات الموانئ، والتى فى معظمها يأتى من رسوم القطر والإرشاد، إضافة إلى الرسوم التى يتم تحصيلها من تداول الحاويات، علاوة على ما يتم دفعه للطرق والكبارى والجمارك، والتى فى معظمها بالعملة الصعبة.
من جهته، أوضح المهندس مدحت القاضى، رئيس شعبة خدمات النقل الدولى بغرفة تجارة الإسكندرية، على أهمية تكرار تجربة خط الرورو التركى، والتى تعد من الدول الأعلى من حيث التبادل التجارى مع مصر.
وأشار “القاضي” أن التجربة كانت مفيدة للجانب المصرى عند تنفيذها قبل عام 2012، مشيرا إلى أنها استطاعت خروج نموذج يعمل على التكامل بين الجهات المعنية بعملية التجارة، سواء موانئ أو جمارك أو الرقابة على الصادرات، وهو ما يعنى تفعيل نظام الشباك الواحد كبديل عن قرابة 40 جهة حكومية.
ولفت إلى أن مثل تلك الاتفاقيات سيؤدى إلى نمو حركة التجارة المصرية، وزيادة حجم التبادل التجارى مع دول العالم وفتح أسواق جديدة.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبى على سبيل المثال، يمثل الآن الشريك التجارى الأول لمصر، ما تؤكده جميع الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والعلاقات التجارية بين مصر ودول الاتحاد، إلا أنه من الضرورى السعى لتدعيم تلك العلاقة.
ولفت إلى أن السلع والحاصلات الزراعية سريعة التلف، كالخضار والفاكهة والبرتقال والبطاطس والفراولة، تعد من أكثر السلع التى تصدر لأوروبا، موضحًا أن تدعيمها وزيادة فرص نفاذها للأسواق فى دول الاتحاد، لن يتحقق إلا بوضع منظومة متكاملة تكون فلسفتها تخفيض الفترة الزمنية من مناطق الإنتاج إلى الأسواق لأقل ما يمكن.
وأوضح رئيس شعبة خدمات النقل الدولى بغرفة تجارة الإسكندرية، أن ذلك تتم ترجمته فعلياً على أرض الواقع من خلال تخفيض الزمن الذى تستغرقه رحلة انتقال السلعة من بلد المنشأ إلى أرفف المتاجر، والسوبر ماركت بأوروبا، من خلال قواعد لوجستية حديثة تساعد على تدفق السلع والبضائع الى أوروبا وزيادتها.
وأكد إبراهيم شلبى رئيس شعبة النقل الدولى واللوجستيات بغرفة تجارة بورسعيد وأحد وكلاء الشحن أن الموانئ المصرية، هى الخيار الاقتصادى الأقرب إلى تركيا لنقل صادراتها الى دول الخليج، لافتا أن التجارة العابرة “الترانزيت” تعد مكسب لمصر سواء بحرا أو برا وهذه الخطوط كانت تنقل تجارة تركيا عبر سوريا للخليج العربى ولبنان بكميات تصل إلى 1000 شاحنة يوميا، ويمكن استقبال التجارة الأوروبية عبر تركيا ومنها إلى مصر عن طريق تلك الاتفاقية.
ولفت إلى أن التجارة من وإلى البلدان القريبة أفضل فى جلبها من تجارة الدول البعيدة مثل التجارة المنقولة من الشرق الأقصى عبر موانئ مصرية لأوروبا، وخلافه والتى يمكن أن تغير مساراتها باستخدام الطرق البديلة، خاصة وان منفذ التجارة التركية للخليج عبر سوريا متوقف منذ عشر سنوات ما يزيد من أهميةموقع مصر لتكون محورا لوجستيا.
وأوضح “شلبي” أن وزارة النقل لا بد أن تتجه قبل عودة العمل بالاتفاقية إلى إعداد موانيها على البحرين المتوسط والأحمر، خاصة أن بعض الدول تتجه حاليا لطرق بديلة لخفض التكلفة.
وطالب برفع الرسوم الجمركية التى يسددها الأتراك عن كل حاوية تعظيم الفائدة التى تعود على الجمارك من اتفاقية خط بضائع الترانزيتالرورو بنقل البضائع برًا من ميناءى دمياط وبورسعيد إلى الأدبية أو نويبع وسفاجا.
وقال إن عودة نقل البضائع التركية عبر الأراضى والموانئ المصرية فرصة جيدة لاستغلال منظومة الطرق والكبارى التى نفذتها الدولة مؤخرا، وأنفقت عليها ملايين الجنيهات ولم تدر بعد العوائد المطلوبة لتغطية تكاليف إنشائها والتى تعد نقل التجارة الدولية أحد أهم العوائد المطلوبة.
«فهيم»: قناة السويس المسار الأفضل.. وستلعب دورًا حيويًا فى عدد الرحلات
«خيال»: التزام شاحنات «أنقرة» بالوزن والحمولة يبدد مخاوف «القاهرة» من إهلاك الطرق
«كامل»: دخول خدمات جديدة سينعش إيرادات الموانئ من رسوم القطر والإرشاد
