خبراء: تطبيق الروشتة الكاملة لـ«النقد الدولي» يعيد رفع تصنيف مصر الائتماني

أصدرت وكالتا التصنيف الائتمانى «موديز» و«ستاندرد آند بورز» خلال شهر أكتوبر 2023 عدة تقارير بخفض تصنيف مصر نظرًا لعدم قدرة الدولة على سداد الديون معولين

Ad

أصدرت وكالتا التصنيف الائتمانى «موديز» و«ستاندرد آند بورز» خلال شهر أكتوبر 2023 عدة تقارير بخفض تصنيف مصر نظرًا لعدم قدرة الدولة على سداد الديون معولين على برنامج الطروحات الحكومية فى إعادة رفع التصنيف مرة أخرى.

وعقب خبراء اقتصاديون على تخفيض التصنيف من قبل الوكالات المختصة بأن الأمر كان متوقعًا؛ مشيرين إلى أن تطبيق الروشتة الكاملة لصندوق النقد الدولى هو الحل الأمثل خلال الفترة الحالية للخروج من الأزمة الاقتصادية وإعادة رفع التصنيف مرة أخرى.

وكانت وكالة «ستاندرد آند بورز» أعلنت أواخر أكتوبر 2023 عن خفض تصنيف مصر الائتمانى من «B» إلى«B-»مع نظرة مستقبلية مستقرة وتثبيت «السيادي» قصير الأجل عند «B».

وكشفت وكالة «ستاندرد آند بورز» فى تقرير حديث لها عن أنها ستواصل تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر فى حال لم تستطع القاهرة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة للحد من الاختلالات واعتماد التمويلات ثنائية ومتعددة الأطراف.

وتابعت أن التصنيف سيتراجع أيضًا إذا ارتفعت تكاليف الفائدة أكثر من صعودها الحالى والذى يفاقم أزمة الديون.

على صعيد آخر كشفت الوكالة عن أنها ستعيد النظر فى التصنيف لرفعه مرة أخرى إذا التزمت الحكومة بتخفيض مستويات صافى الديون لديها وتقليل الاعتماد على التمويلات الخارجية من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات التى تدعم القدرة التنافسية والنمو والنتائج المالية.

وأظهر التقرير أن تخفيض تصنيف مصر الائتمانى من قبل وكالة ستاندرد آند بورز يعكس تأخر مصر فى تنفيذ الإصلاحات النقدية والهيلكية للاقتصاد وتفاقم الاختلالات فى سوق العملات وتدهور صافى مركز الأصول الأجنبية للبنوك بالإضافة إلى تأخير المدفوعات الخاصة بصندوق النقد الدولى الأخرى المتعلقة بـالتمويل المتعدد والثنائى والتى تشمل الدعم المقدم من دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضح أن ارتفاع تكاليف خدمة الدين الحكومية ستثمل تحديًا أمام استدامة الديون؛ مشيرًا إلى ان الإنفاق على الفوائد يمثل أكثر من %40 من الإيرادات الحكومية مما يحجم من الدعم المقدم للأسر المصرية التى تعانى من استمرار أزمة زيادة تكاليف المعيشة.

وبينت الوكالة أن محدودية الشفافية حول مصادر التمويل والواردات من المشروعات الوطنية الجارية تحد من قدرتها على تقييم آثارها على ديون القطاع العام وعلى ميزان المدفوعات.

ولفتت إلى أنه رغم اتفاقية مصر مع صندوق النقد الدولى بشأن الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن إلا أن الحكومة استجابت لضغوط العملة بفرض ضوابط على واردات القطاع الخاص عن طريق القطاع المصرفي.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها فى ديسمبر فإن أنظار صناع السياسة فى مصر تترقب تخفيض جديد للعملة وتأثيره على التضخم؛ وفقًا للتقرير.

ورجحت الوكالة أن تزيد مصر من احتياطاتها النقدية قبيل تخفيض سعر الصرف كنوع من التحوط؛ مشيرة إلى أن تكاليف تأخير تحرير الجنيه مرتفعة.

وتتوقع الوكالة أن يصل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بعد التخفيض إلى نحو 40 جنيهًا مع سماح البنك المركزى بأن يكون أكثر استجابة للصدمات الخارجية.

وتابعت أن السلطات المصرية ربما تفرض ضوابط على العملة الأجنبية فى حالة لم تستطع السيطرة على تقلبات العملة؛ نظرًا لاعتماد الاقتصاد على الواردات والحساسية بشأن ارتفاع معدل التضخم.

و أضاف أنه من المرجح أن يؤدى ارتفاع التضخم إلى زيادة أسعار فائدة البنك المركزى المصري، مما يزيد من تكاليف خدمة الدين الحكومي، على الأقل فى المدى القصير.

وأشارت إلى أن مصر ستشهد تراجعًا فى أعداد السياح نظرًا لأوضاع الحرب فى غزة وتقليل قدرتها على تلبية الطلب المحلى تصدير الغاز الطبيعى المسال بعدما أدى إغلاق حقل غاز تمار الإسرائيلى إلى خفض واردات مصر من الغاز إلى 650 مليون قدم مكعب يوميا من 800 مليون مما يزيد الضغط على الاقتصاد المصري.

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها تخفيض تصنيف مصر الائتماني؛ إذ كانت وكالة موديز صرحت مطلع شهر أكتوبر 2023 بتخفيض تصنيف مصر الائتمانى منB3إلىCaa1.

وأوضحت موديز فى تقريرها أن السبب فى خفض التصنيف الائتمانى يتمثل فى تراجع قدرة البلاد على تحمل الديون، مع استمرار نقص النقد الأجنبى فى مواجهة زيادة مدفوعات خدمة الدين العام الخارجى خلال العامين المقبلين.

وتوقعت وكالة موديز أن يساعد برنامج الطروحات الحكومية فى استعادة احتياطى النقد الأجنبى للاقتصاد المصري؛ لذا قررت وضعه ضمن نظرة مستقبلية مستقرة.

وقال الدكتور محمد معيط وزير المالية – ردًا على تخفيض مؤسسة ستاندرد آند بوزر لتصنيف مصر الائتمانى من الدرجة «B» إلى «-B» - إن الدولة تعمل على تحقيق المزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية خلال الفترة المقبلة؛ للتعامل مع التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية.

وتابع وزير المالية أن قرار التخفيض الأخير جاء رغم ما تتخذه الحكومة من إصلاحات هيكلية أسهمت فى تحقيق الانضباط المالي؛ إذ استطاعت التعامل مع المتغيرات على المستويين العالمى والمحلى بما فيها ارتفاع معدل التضخم وسعر الفائدة وانخفاض قيمة العملة.

وأوضح أنه تم إقرار تعديلات قانونية تسمح بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية للجهات والشركات المملوكة للدولة؛ لتعزيز المنافسة العادلة بالسوق المصرية فى إطار تمكين القطاع الخاص.

وأشار الوزير إلى تنفيذ صفقات لتخارج الدولة بقيمة 2.5 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات الحكومية خلال الربع الأول من العام المالى الحالى بما يساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، ويوفر جزءًا من التمويل الأجنبى المطلوب لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري.

وأضاف الوزير، أن مؤسسة «ستاندر آند بورز» أوضحت فى سياق تقريرها أنها قد ترفع التصنيف السيادى لمصر إذا تم زيادة القدرة على جذب المزيد من التدفقات بالعملات الأجنبية للاقتصاد المصرى باعتبار ذلك موارد إضافية، يمكن تحقيقها من خلال الإسراع ببرنامج «الطروحات» خلال الفترة المقبلة.

المؤسسات تترجم ما تراه على أرض الواقع

قال الدكتور شريف ساميرئيس مجلس إدارة الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية سابقًاإن مؤسسات التصنيف الائتمانى تعتمد فى رؤيتها على تشخيص الوضع القائم فى الاقتصاد الكلى للدول المستهدفة؛ إذ يعد بمثابة ترجمة لما يراه محللوها للاقتصاد بالمقارنة مع دول أخرى.

وحث سامى الحكومة المصرية على الإسراع من تنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية للاقتصاد التى تجريها خلال الفترة الحالية وضرورة تسريع وتيرة بيع الأصول المملوكة للدولة.

استكمال برنامج الطروحات الحكومية سيواجه صعوبة

وفى سياق متصل قال هانى توفيق الخبير بالشأن الاقتصادى إن تأثير تخفيض مؤسسات التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى على مدار العام الجارى سيء نظرًا لأنه يبعث برسالة للمستثمرين الأجانب بأن دخوله للسوق المصرية خلال الفترة الحالية تعنى عدم استطاعته فى إخراج العملة الصعبة من البلاد مستقبلًا أو إخراجه بسعر أقل مما دخل به.

وأوضح أن تأثيره يمتد ليشمل القدرة على طرح أذون خزانة أو سندات فى الأسواق الدولية والتى تنخفض نتيجة عدم الجدارة الائتمانية للاقتصاد المصري، بجانب صعوبة الحصول على أى تسهيلات من موردين فى الخارج أو أى مستثمرين جدد لديهم نوايا للاستثمار فى السوق المحلية نظرًا لصعوبة خروجها مرة أخرى.

وأوضح أن طرح السندات فى الأسواق الدولية تتطلب رفعًا للفائدة عليها لإغراء المستثمرين، متابعًا أن استكمال برنامج الطروحات الحكومية سيواجه صعوبة خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن طرح الأصول المملوكة للدولة بتقييم أقل من السعر العادل الخاص بها لجذب المستثمرين.

ولفت إلى رفع مؤسسات التصنيف الدولية لتصنيف الاقتصاد المصرى يتطلب تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولى المتفق عليها بشكل كامل والتى تتضمن تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وانسحاب الدولة من المنافسة مع القطاع الخاص وإزالة معوقات البيروقراطية المصاحبة لتعدد جهات الولاية على المشروع الواحد والتى تصل إلى نحو 21 جهة على المشروع الواحد بالإضافة إلى تبنى سياسة سعر صرف مرن.

وتابع أنه لابد من تنفيذ البرنامج بشكل كامل دون الحاجة إلى تأكيد من مديرة صندوق النقد الدولى على تخفيض لسعر العملة.

مصر فى الشريحة الأدنى بين الأسواق الناشئة

وقال هانى جنينة كبير الاقتصاديين ومحللى استراتيجيات الاستثمار بمجموعة كايرو كابيتال سيكورتيز إن تخفيض التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى من قبل موديز إلىCaa1لم تكن المرة الأولى التى أقرتها الوكالة إذ خفضت فى مارس 2013 إلى نفس الدرجة.

وتابع أن درجة التصنيف الائتمانى التى أعلنت عنها الوكالة للاقتصاد المصرى أعلى بنحو 4 درجات من مستوى التخلف عن سداد الديون.

وأوضح جنينة أن تخفيض التصنيف جاء نتيجة سببين أولاهما عدم قدرة مصر على سداد الديون؛ إذ توجد ضغوط على الاقتصاد المصرى لسداد مديونيات تقارب ما بين 25 إلى 30 مليار دولار كل عام منها 5 مليارات دولار لصندوق النقد الدولى خلال العام المقبل.

وتابع أن الوكالة تعول على برنامج الطروحات الحكومية لسد الفجوة الدولارية، فيما سرد السبب الثانى الذى يكمن فى التخوف من ارتفاع معدل التضخم فى البلاد والذى يسبب غضبًا شعبيًا يقود الدولة إلى تأخير تنفيذ بعض الإصلاحات.

ولفت جنينة إلى أن تخفيض التصنيف الائتمانى كان متوقعًا؛ موضحًا أنه سيصعب رجوع الدول الناشئة إلى الأسواق الدولية فى ظل توقعات بتشديد الفيدرالى الأمريكى لسعر الفائدة.

وتابع أن مصر تعتبر فى الشريحة الأدنى بين الأسواق الناشئة؛ مشيرًا إلى أن مهمة الدولة السوق للرجوع لليورو بوند ستتأخر كما أن العودة لأسواق الباندا والساموراى نهاية العام سيضطرها إلى تحمل تكاليف أعلى.

ولفت الى أن مصر تلجأ إلى التأمين لتخفيض التكلفة نسبيًا عن طريق الاتفاق مع جهة معينة مثل بنك التنمية الإفريقي.

وتوقع أن تسرع الدولة من وتيرة الإصلاح الاقتصادى وتشمل بيع الأصول المملوكة للدولة والإصلاحات المالية منها تخفيض الدعم بالإضافة إلى مرونة سعر الصرف.

وأكد جنينة على تصريحات مديرة صندوق النقد الدولى بشأن الإسراع من تخفيض قيمة العملة المحلية مقابل نظيرتها الأجنبية.

وأوضح أنه لابد من تحرير كامل لسعر صرف الجنيه مع إدارة العوامل المؤثرة عليه بما يضمن استقراره؛ مشيرًا إلى أن التحرير سيتم بشكل اضطرارى نظرًا لخضوعه لآلية العرض والطلب.

ولفت إلى أن تحرير سعر الصرف بشكل كامل سيكون حلًا لبعض الأزمات أبرزها تراجع تحويلات العاملين بالخارج والتى انخفضت بنحو 10 مليارات جنيه خلال العام المالى 2022-2023 مما سيقلل من وجود السوق الموازية.

وأضاف أن السوق الموازية ستختفى فى حالة تحرير سعر الصرف بشكل كامل مع تشديد سعر الفائدة بنحو %5 بصورة عنيفة والتخارج من الأصول المملوكة للدولة مما يزيد من الحصيلة الدولارية ويعطى إشارة بأن الحكومة لا تنافس القطاع الخاص فى الاستثمار.

وأكد على أن السوق الموازية اختفت فى يناير مطلع العام الجارى بعدما استخدمت الدولة الحصيلة الدولارية فى الإفراج عن بعض البضائع المحتجزة فى الموانيء، لكنها عادت فى فبراير بسبب عدم التزام الدولة ببيع الأصول بالإضافة إلى أن سعر الفائدة لم يكن مرتفعًا بشكل كاف.

واختتم حديثه بأن التطبيق الكامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى اعتمدته الدولة مع صندوق النقد الدولى هو الحل الأمثل للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية.

معضلة استمرار الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بتشديد سعر الفائدة

وفى نفس السياق قالت منى بدير محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار برايم إن القرار الأخير الذى اتخذته وكالة موديز بتخفيض التصنيف الائتمانى لمصر سيخلق المزيد من العقبات أمام الدولة فى سعيها للاستفادة من سوق الدين الدولى لتمويل احتياجاتها المالية.

وتابعت أن ما يزيد الأمر سوءًا هو استمرار الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بتشديد سعر الفائدة مما يتطلب إعادة تقييم استراتيجى لنهجها التمويلى وتعزيز سب الإيرادات المحلية.

وأوضحت أن تأجيل صندوق النقد الدولى المراجعة الأولى سيسلط الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن قدرة مصر على التعامل بكفاءة مع احتياطى النقد الأجنبى خاصة فى مواجهة تكاليف الاقتراض المتزايدة.

ستاندرد آند بورز: التزام الحكومة بتخفيض الديون يجعلنا نعاود النظر فى التقييم

شريف سامي: نطالب مجلس الوزراء بتسريع وتيرة تطبيق الإصلاحات المالية والهيكلية

هانى توفيق: تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والانسحاب من منافسة القطاع الخاص أحد الحلول

هانى جنينة: تحرير كامل لسعر الصرف مع تشديد الفائدة واستكمال برنامج الطروحات مخرجًا للأزمة الحالي

موديز: تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها سببًا فى النظرة المستقبلية المستقرة

منى بدير: القرارات ستخلق عقبات أمام الدولة لتمويل احتياجاتها من سوق الدين الدولية