تواصل السوق المصرية جذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية بهدف تنفيذ مشروعات تنموية بها، ورغم كل التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية، لكنها ما زالت فى صدارة اهتمام توظيف رؤوس الأموال العربية، نظرًا لتعدد الفرص، وموقعها المميز، بخلاف الكثافة السكانية المتاحة.
ويرصد المتابع لتقارير المؤسسات الاستشارية العقارية العالمية نظرة متفائلة لمستقبل التطوير العقارى فى مصر، فمنذ شهور قليلة أعلنت شركة «نايت فرانك» عن افتتاح أول مكتب لها فى مصر، لتقديم خبراتها فى سوق وصفتها بالحيوية والمتنامية.
وأكد أن سوق العقارات فى مصر تنعم بدورة ازدهارها حاليًا، وتستعد لتحقيق مزيد من النمو، ما يجعل القطاع يتيح فرصا وفيرة فى كل من المجالات السكنية والتجارية، تزامنًا مع تيسيرات حكومية مستمرة فى تملك الأجانب لأكثر من عقار، بخلاف ضمان دخول وخروج الأموال.
وقد دفعت كل هذه العوامل شركات عقارية من السعودية والإمارات للبحث عن فرص واعدة لصمان الوجود فى هذه السوق الواعدة.
ومن هذا المنطلق، حاورت «المال» فى مؤتمر: «كيف تستفيد السوق المصرية من فرص التوسع الخارجى للشركات؟» فى جلستها الثالثة تحت إدارة المهندس فتح الله فوزي، أمين عام مؤتمر التطوير العقارى السابع، ورئيس شركة مينا لاستشارات التطوير.
وناقشت الجلسة كيفية مساهمة الدراسات البحثية العالمية فى قرار الشركات باختراق السوق المصرية، وعن رؤية المؤسسات الدولية لمستقبل القطاع العقارى فى مصر؟
كما تطرقت الجلسة إلى التحديات التى واجهها المطورون الأجانب عند بدء عملهم فى السوق المحلية، إضافة إلى الغوص فى نوايا الشركات نحو مواصلة التوسع فيها، وإلى أى مدى استفادت هى من وجود شركات أجنبية؟
وفتحت الجلسة الباب للإجابة عن سؤال: هل أثارت ارتفاعات التضخم وتراجع القوى الشرائية محليًا أى قلق لدى الشركات؟
يرى أيمن سامي، رئيس شركة جيه إل إل مصر، أن رؤوس أموال الاستثمار العقارى انخفضت مؤخرًا عالمياً، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.
وأضاف «سامي» أن السوق المصرية ما زالت كبيرة، وواعدة بجذب مزيد من الاستثمارات، لا سيما أنها حققت معدلات نمو مرتفعة، مضيفًا أن ما يجذب المستثمرين للدخول هو أداء العقارات فى السوق المحلية للبلد، فكلما ارتفع العائد على الاستثمار نجحت السوق فى جذب مزيد من رجال الأعمال.
وأشار إلى أن شركته قامت برصد تحركات المستثمرين فى الفترة الأخيرة، واتضح أن معظمهم قاموا بخفض ضخ رؤوس الأموال نتيجة ارتفاع الأسعار فى السوق المحلية.
وذكر أن هناك أصولا جاذبة للاستثمار فى مصر، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، مشيرًا إلى أن الطلب على السوق العقارية ما زال يشهد ارتفاعا ملحوظا.
وعلى صعيد التمويل العقاري، أوصى أن تنضم الوحدات تحت الإنشاء إلى المبادرة، على أن يكون هناك عقد ثلاثى بين الجهة المانحة للتمويل وشركة التطوير العقارى والمشتري.
وتابع رئيس مكتب شركة «جى إل إل مصر»، أن هناك عدة عوامل يمكن اعتبارها روشتة لجذب الاستثمارات الخارجية للسوق المحلية فى القطاع العقاري.
وأشار إلى أن العائد على الاستثمار يعتبر عامل الجذب الأهم بالنسبة لصناديق الاستثمار الخارجية، موضحًا أن العامل الثانى يتمثل فى تراجع أسعار الفائدة بشكل عام.
وأضاف «سامي» أن هناك عوامل أخرى تتمثل فى الشفافية، خاصة أن المطورين العقاريين عادة ما تكون لديهم رغبة بمعرفة التغير فى سعر العقار سنويًا، مؤكدا أن القطاع العقارى فى مصر لا يزال جاذبًا للاستثمار، بدعم عدة عوامل، من بينها استمرار التوسعات العمرانية محليًا بشكل واضح، وارتفاع الطلب.
ولفت -خلال كلمته بالجلسة الثالثة من مؤتمر التطوير العقارى السابع- إلى أن ارتفاع الطلب محليًا يأتى مدفوعًا باستمرار الزيادة السكانية.
وقال إن «جيه إل إل» دخلت السوق المصرية خلال عام 2010، بدعم من ارتفاع جاذبيتها حينها، موضحًا أن تفاقم الأسعار فى الفترة الراهنة أدى لتضاعف تكلفة التطوير.
وردًا عن ما أهم عوامل جذب الاستثمار الأجنبى للسوق العقارية المصرية، علق أيمن سامي، رئيس مكتب شركة جى إل إل مصر، بأن التسويق من أهم العوامل التى تعمل على جذب المستثمرين، موضحًا أن الصناديق حول العالم تبحث عن العائد على الاستثمار من مبانٍ وإنشاءات قابلة للإيجار.
وذكر أن انخفاض أسعار الفائدة تلعب دورًا كبيرًا فى نقل الاستثمارات داخل الأسواق، إذ يدفع رجال الأعمال إلى سحب أموالهم من البنوك، والعمل على استثمارها فى السوق العقارية، مؤكدًا أن الشفافية وتوفير البيانات يمثلان عاملان جاذب للاستثمار سواء على السوق العقارية أو على الاستثمار بصورة عامة.
ولفت «سامي» إلى أن التركيز على تسهيل إجراءات دخول وخروج أموال رجال الأعمال تسهم بشكل كبير فى زيادة دخول الاستثمارات الأجنبية، مؤكدًا أن تلك الإجراءات فى مصر شهدت تحسنًا كبيرًا فى الفترة الأخيرة، إلا أننا ننتظر مزيد، لجذب العديد من الاستثمارات.
وأوضح أن المستثمر الأجنبى يحتاج إلى وضع رؤية والتنبؤ بظروف السوق والأسعار فى المستقبل، وحينما يصعب توافر المؤشرات التى تسهم فى التنبؤ، تجعل المستثمر متحفظًا فى ضخ أمواله.
وأضاف «سامي» أن الأجور فى مصر تمثل ميزة نسبية فى المنطقة، وبالتالى تعتبر عاملا هاما من عوامل جذب الاستثمار.
وأشار إلى أن مخاطر تخفيض قيمة العملة تمثل عائقًا أمام دخول الاستثمار الأجنبي، لافتًا إلى أن هناك بعض الشركات تقوم بتحديد الإيجار بالعملة الأجنبية، ما يعمل على تخفيض المخاطر المصاحبة لندرة العملة الأجنبية، لكن هذا النوع غير موجود بكثرة داخل مصر.
من جانبه، قال محمد أنور رئيس مجلس إدارة شركة توريك للتطوير العقاري، إن كون شركته من الشركات التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية يمنحها الكثير من المزايا، لا سيما أنها تكون أكثر دراية بقوانين الهيئة واشتراطاتها، مؤكدا أن السوق العقارية تشهد طفرة ممتازة، خاصة فى ظل وجود عدد كبير من المطورين العقاريين.
وأوضح أن أى مشروع لكى ينجح يلزمه أمران الدراسة المالية، والدراسة الهندسية، لافتًا إلى أن هذه الأخيرة تنطوى على أهمية كبرى حتى لا يفاجأ المطور بوجود اشتراطات جديدة فى المشروع من الواجب تلبيتها، ولم يكن قد أعدت لها العدة من قبل.
وذكر أن الدراسة الهندسية تنطوى على أهمية أخرى عندما يجرى الحديث عن مسألة التسعير، بمعنى أن يكون السعر مناسبا للعمل والتطوير الذى تم فى المشروع.
ونقل «فتح الله فوزي»، مدير الجلسة، طرف الحديث إلى وليد مرسى رئيس مجلس إدارة مكتب DCI PLUUS للاستشارات، أن المطورين العقاريين على اختلاف تصنيفاتهم يعانون من مشكلة أساسية، وهى عدم الجاهزية، إضافة إلى عدم وجود أو إجراء الدراسة الكافية قبل المضى قدما فى مشروع من المشروعات العقارية المختلفة، لاسيما أن عدم الجاهزية يعد كبرى المشكلات التى تواجه المطورين العقاريين بشكل عام فى السوق المحلية.
وأضاف وليد مرسى أنه من بين الجوانب السلبية فى السوق العقارية تزاحم الكثير من المطورين العقاريين فى عدد من المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها، فى حين هناك نحو 36 نقطة/وجهة فى مصر يمكن للمطورين العمل فيها وممارسة أعمالهم هناك.
وأكد «مرسي» أن عمل المطورين العقاريين يبدأ من اختيار المواد الخام فضلا عن تحديد الاستراتيجية العامة وآلية التنفيذ، مشيرًا إلى أن التعاون من مكاتب الاستشارات الهندسية يسهل على الطرفين إنجاز أعمالهم، خاصة فيما يتعلق بالحصول على التراخيص اللازمة.
وعلى الجهة الأخرى، رأى أن مسئولى الاستشارات الهندسية قد يكون أحد التحديات أمام المطورين العقاريين، لا سيما إذا كانوا قليلى الخبرة فى هذا الصدد.
وتساءل فتح الله فوزي، مدير الجلسة، عن ماهية المنافسة بين المكاتب الاستشارية الهندسية المحلية والأجنبية، ليجيبه وليد مرسى بأن هذه المكاتب الأجنبية بدأت أعدادها فى التراجع والانخفاض خلال السنوات الأخيرة الماضية.
وذكر أنهم كمكتب استشارات هندسية قادر على المنافسة مع نظرائه من المكاتب العالمية، لافتًا إلى أنه حتى إن كانت هذه المكاتب الأجنبية لديها أفكار جيدة أو منظمة أكثر لكنها قادرة على الدخول فى منافسة مع هذه المكاتب والحصول على فرص واقتناصها.
وأوضح أن مكتبهم الاستشارى يعمل فى نحو 12 دولة، وهو ما اعتبره أكبر دليل على القدرة على المنافسة مع المكاتب العالمية.
ولفت إلى أن المكاتب الاستشارية الهندسية المحلية لديها ميزة تنافسية، وهى قدرتها على فهم القوانين المحلية والقدرة على التعامل معها.
وقال محمد سالم، الرئيس التنفيذى لشركة عنوان للتطوير العقاري، إن القطاعات التجارية والإدارية فى مصر تشهد نشاطًا استثماريًا جيدًا، مشيرا إلى أن السوق المصرية تجذب المستثمرين من دول الخليج، وتشهد أيضًا طلبًا كبيرًا من العملاء المصريين.
ويعتقد سالم أن دخول الشركات الأجنبية إلى السوق المصرية يُعد عاملًا إيجابيًا، إذ يدفع إلى رفع مستوى الجودة والكفاءة فى القطاع.
كما شدد على أهمية جعل المنتجات المقدمة فى السوق المصرية منافسة للمنتجات الإقليمية وعالمية، من خلال تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار تنافسية.
وأضاف «سالم» أن المشكلة الوحيدة التى تواجه السوق المصرية حالياً هى عدم استقرار سعر الصرف، والذى يؤثر على تكاليف الإنتاج والاستثمارات.
وأعرب «سالم» عن أمله فى أن تمر هذه الأزمة بسلام، وأن تعود أسعار الصرف إلى الاستقرار، ما سيؤدى إلى تعزيز جاذبية السوق المصرية للمستثمرين.
من جانبه، يرى الدكتور أحمد فكري، رئيس مجلس إدارة شركة كونتكت للتطوير العقارى أن القطاع من أكبر المستفيدين من التضخم، مؤكدًا أن العقارات تعد واحدة من أفضل الأدوات لحفظ القيمة فى ظل التضخم.
ويشير «فكري» إلى أن القطاع العقارى يواجه تحديات كبيرة، مثل الظروف الاستثنائية وارتفاع أسعار العقارات والطلب الكبير عليها، إضافة إلى نسبة الكاش (الدفع النقدي) فى السوق المصرية، ويعتبر هذا التحدى من أبرز العوامل التى تؤثر على تطوير القطاع.
وأضاف أن ارتفاع تكاليف المواد الخام يعد تحديًا آخر، إضافة إلى الفجوة التمويلية فى المشاريع التى تتعامل مع ارتفاع الأسعار المتزايدة.
وبناءً على ذلك، يؤكد أحمد فكرى ضرورة وجود سياسة بيعية تتناسب مع ارتفاع أسعار العقارات، ويشير إلى أنه يحتاج إلى حلول تمويلية من البنوك للتغلب على هذه التحديات.
ويشير أيضًا إلى أن البنك المركزى أكد صعوبة التمويل خلال الأزمة الاقتصادية العالمية فى عام 2008، ما يظهر أهمية وجود حلول تمويلية فعالة لدعم قطاع العقارات.
ويقترح «فكري» ضرورة النظر فى وحدات التمويل التى تكون قيد الإنشاء وتيسير الحلول التمويلية، لتجنب الضغط على البائعين بتخفيض الأسعار.
ويؤكد أن حوالى %60-50 من مكونات الإنتاج العقارى يتم استيرادها بالدولار من الخارج، ويشير إلى أهمية توطين بعض الصناعات وتعزيز الصناعة المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وشدد أيضًا على أن هناك قطاعات أخرى تحتاج إلى دعم ومشاركة مستثمرين أجانب لتخفيف الضغط على المطورين العقاريين.
ويركز «فكري» على أهمية التزام المطورين العقاريين بعلاقتهم مع العملاء، ويؤكد أن نجاحهم يعتمد على التزامهم بتقديم قيمة ومستوى تنفيذ متميزين.
كما يشير أيضًا إلى جهود الدولة فى تسهيلات هيئة المجتمعات العمرانية وشركة العاصمة الإدارية، مشددا على أهمية الاستفادة منها فى دعم وتطوير قطاع العقارات.
ووفقا لرئيس شركة كونتكت للتطوير العقاري، قال إن الاستثمارات الأجنبية فى القطاع العقارى المصرى تتطلب توفير بيئة جاذبة للمستثمرين، بما فى ذلك الاستقرار السياسى والاقتصادي، وتطوير البنية التحتية، وتوفير التسهيلات المالية المناسبة.
وأضاف «فكري» أن الدولة المصرية قامت بجهود كبيرة فى تطوير البنية التحتية، ما ساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع العقاري، مشيرًا إلى أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة قدم العديد من التسهيلات للمستثمرين، بما فى ذلك أسعار تنافسية وشروط ميسرة.
وشدد «فكري» على أهمية الشراكة بين الاستثمار الأجنبى والاستثمارات المحلية، مشيرًا إلى أن هذه الشراكة يمكن أن تؤدى إلى استفادة الطرفين من نقاط القوة والضعف لديهما.
وأكد «فكري» أن هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات والحوافز لتشجيع الاستثمارات الأجنبية فى القطاع العقاري، بما فى ذلك توفير مرحلة ثانية من العاصمة الإدارية الجديدة، وتوسيع نطاق التسهيلات المالية المتاحة للمستثمرين.
كما أكد فكرى أهمية توفير سياسة نقدية ومالية مناسبة، تؤدى إلى خفض أسعار الفائدة، ما سيساعد على تحفيز الاستثمار فى جميع القطاعات، بما فى ذلك القطاع العقاري.
وفيما يتعلق بالمنافسة العالمية، أكد «فكري» أن الشركات الأجنبية ستدخل السوق المصرية فى إطار آخر، وذلك من خلال الشراكة مع الشركات المحلية، أو عبر إقامة مشروعات جديدة فى مصر.
وأضاف فكرى أن الشركات الأجنبية تدرك الفرص الاستثمارية الواعدة فى السوق المصرية، وأنها ستسعى إلى الاستفادة منها.
من جانبه، قال الدكتور أحمد الشناوي، رئيس مجلس إدارة شركة أدفا للتطوير العقاري، إن المحور الأساسى للمشكلة والتحديات التى تواجه الشركات يتمثل فى الظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف البناء، إلى جانب غياب المخزون لدى الكيانات العاملة فى القطاع العقاري.
وأكد أن هناك بعض الشركات التى تواجه العديد من الصعوبات فى تنظيم إدارتها فى تلك الأوضاع، وبالتالى فهناك حاجة للوصول لحلول لدعم تلك الكيانات.
وأشار «الشناوي» إلى أنه من الضرورى أن يكون هناك تدخل من جانب الدولة لحل أزمة ارتفاع تكاليف مدخلات البناء.
ولفت إلى أن هناك العديد من الوسائل التى يمكن اتباعها لتخطى تلك الفترة، ومنها طرح أراضٍ بفترات سداد مختلفة، وأن تمتد فترات التقسيط إلى 10 سنوات بدلاً من 3، إضافة إلى أهمية اللجوء للتمويل العقارى نظرًا لكونه الحل الأمثل.
«سالم»: دخول الشركات الأجنبية عامل إيجابي
الشناوى: هناك تفاوت مقابل البيع فى الحزام الأخضر
«مرسى»: عدم الجاهزية أكبر المشكلات التى تواجه المطورين
«فكرى»: القطاع أهم المستفيدين من التضخم
«أنور»: المبيعات تشهد طفرة ممتازة
«سامى»: العائد على الاستثمار كلمة السر فى جذب الفرص الخارجية
كتب ـ فريق المال:
