أكد مسئولون وخبراء اقتصاديون أهمية نمو صناعة إنتاج الهيدروجين الأخضر محليًا، فى ضوء ما تتضمنه من مميزات كبيرة، أبرزها كونه صديقًا للبيئة.
لكنهم أشاروا إلى ضرورة الترويج الجيد لمشروعاته على مستوى العالم لاستقطاب المزيد من الشركات العالمية فى مجال الطاقة الخضراء، إضافة إلى توفير بنية تحتية تستطيع تصديرها عبر موانئ متطورة، بجانب توطين التكنولوجيا الإنتاجية لتخفيض تكلفته التى تعد باهظة، مقارنة بالطاقة المطلوبة للفحم والغاز الطبيعى.
ولفتوا إلى أن هناك منافسة مع بلدان المغرب والإمارات لجذب الاستثمارات الأجنبية فى تلك الصناعة الجديدة.
وانطلاقًا من أهمية الهيدروجين الأخضر، كان مجلس الوزراء، أعلن أغسطس الماضى، عن إنشاء المجلس الوطنى له ولمشتقاته، بهدف سرعة توطين تلك التكنولوجيا فى مصر، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة الاقتصادية والاجتماعية، ويضمن تنافسيتها على المستويين الدولى والإقليمى.
وأكد الدكتور على أبو سنة، الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة، أن إطلاق الحكومة لمنصة الاستثمار البيئى والمناخى يستهدف جذب المستثمرين المحليين والدوليين لتنفيذ المشروعات الخضراء، لافتا إلى أن دور المنصة الحالى هو إتاحة الفرص ذات العائد الاستثمارى الجيد، وعلى رأسها مشروعات الهيدروجين الأخضر.
وأضاف فى “أبو سنة” تصريحاته لـ”المال”، أن هناك فرصا استثمارية ضخمة فى المجالات البيئية يتم الترويج لها عبر المنصة، لافتًا إلى أن الاقتصاد الحيوى سيحدث نقلة نوعية فى النمو الاقتصادى.
وتابع أن التحول إلى “الاقتصاد الأخضر” من الركائز المهمة فى خطط التنمية المستدامة الشاملة التى تجرى على المستوى الوطنى.
وقال إن وجهود وزارة البيئة ساهمت فى وضع مصر على خريطة الاقتصاد الأخضر والمستدام بين الدول، مشيرًا إلى أنه تم إقرار عدة حوافز استثمارية مؤخرًا، ومنها الرخصة الذهبية، والتى بموجبها تُمنح موافقات المشروع فى غضون أيام قليلة وبشكل عاجل، وذلك لتشجيع التحول نحو هذا الاقتصاد الصديق للبيئة.
وذكر أن الوزارة تعمل حاليًا على وضع إستراتيجية لتحديد كمية الموارد الطبيعية وأماكن وجودها، وتحديد التكنولوجيا المناسبة وتكلفتها على مستوى جميع المحافظات لنمو مشروعات الاقتصاد الحيوى والطاقة الخضراء.
من جانب آخر، أكد الدكتور محمد باغة، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة قناة السويس، أن صناعة الهيدروجين الأخضر تعد إضافة إلى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، معولاً على تلك المشروعات للمساهمة فى تحول مصر الى مركز عالمى لتصدير الطاقة الخضراء.
وطالب -فى تصريحات لـ”المال”- بسرعة تنظيم جولات ترويجية لجذب الشركات العالمية فى مجال الطاقة لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين فى مصر، خاصة أن هناك بنية تحتية جيدة وخدمات لوجستية تسمح لنا بالتحول لمركز إقليمى فى هذه الصناعة، مشددًا على أهمية استغلال الموانئ المتطورة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتحقيق ذلك.
وتابع أن الأمر يتوقف على سرعة توطين تلك التكنولوجيا المتطورة فى مجال الهيدروجين، إضافة إلى الاستفادة من الفرصة المرتقبة الخاصة بانعقاد مؤتمر المناخ (cop 28) فى الإمارات نوفمبر المقبل، وذلك للترويج لتلك المميزات.
وقال إنه يجب على الحكومة وضع أهداف محددة ومؤشرات أداء خاصة بملف الترويج لكل الحوافز الاستثمارية بمصر، لتنفيذ المشروعات الخضراء والاستفادة من تلك الطاقة كما تم فى ملف الغاز الطبيعى.
وتوقع أن تنجح تلك الصناعة الرائدة فى استقطاب استثمارات أجنبية جديدة خلال الفترة المقبلة، إضافة الى إمكانية تصديرها على المستويين الأوروبى والأفريقى، والذى من المتوقع أن يحقق عوائد جيدة فى المستقبل.
يذكر أن مصر نجحت فى توقيع 9 اتفاقيات مع مستثمرين عالميين لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك بإجمالى تكلفة تبلغ نحو 83.6 مليار دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة، توفر قدرات طاقة متجددة بنحو 9.7 جيجاوات فى المرحلة التجريبية وتصل لنحو 36.5 جيجاوات فى المرحلة الأولى من المشروعات المنفذة.
وتتيح تلك المشروعات حوالى 44 ألف فرصة عمل مباشرة و220 ألفا “غير مباشرة”، وتسهم فى خفض الانبعاثات بمقدار 37.6 مليون طن سنوياً.
وأوصت الدكتورة عالية المهدى، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، فى تصريح لـ”المال”، بأهمية دخول القطاع الخاص فى صناعة الهيدروجين الأخضر الأمر الذى يساعد على تنميتها، بجانب إزالة العوائق التى تواجه تلك الصناعة.
واقترحت توفير تمويل تلك المشروعات عبر عائدات صادرات الغاز الطبيعى، مشيرة إلى أهمية فتح أسواق تصديرية متنوعة تدر عائدًا قويًا لتمويلها.
وذكرت أن التوسع فى تنفيذ مزيد من مشروعات الهيدروجين الأخضر يسهم فى الحد من ارتفاع التكلفة، ويحقق دخلا يغطى تكاليف جزء كبير من إنتاجها.
يذكر أن صناعة الهيدروجين ما زالت تعانى تكلفة إنتاجها الباهظة التى تتراوح حاليًا من 2.50 دولار إلى 6.80 دولار لكل كيلو جرام، وتحتاج إلى أن تصل التكلفة لأقل من 2 دولار لتستطيع منافسة الفحم، و60 سنتا لمنافسة الغاز الطبيعى.
وأكد مصدر مسئول بوزارة البيئة، أن الدولة جادة فى تسهيل عمليات إقامة مشروعات تتصدى لآثار التغيرات المناخية فى مجالات عديدة، مضيفًا أن فرص الاستثمارات أمام القطاع الخاص فى هذا الملف، تصل إلى 28 مليار دولار حتى 2030.
وذكر لـ”المال”، أن الوزارة تعمل على تنفيذ إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة المتكاملة لعام 2035 بالتعاون مع كل الجهات الشريكة على المستويين المحلى والدولى، والتى وافق عليها مجلس الوزراء عام 2016.
وأوضح أن إستراتيجية الطاقة المتكاملة تستهدف تنوع مصادرها، وبلوغ مساهمة الطاقة المتجددة %42 من النسبة الإجمالية بحلول عام 2035، بجانب تقليل الطلب على الطاقة إلى نسبة %18 خلال تلك الفترة.
وأعلنت الحكومة مؤخرًا إقرار عدة حوافز للمشروعات الخضراء، ومنها منح حافز استثمارى نقدى لا يقل عن %33 ولا يزيد على %55 من قيمة الضريبة المسددة، وإعفاء المعدات والأدوات والآلات والأجهزة والمواد الخام والمهمات ووسائل النقل عدا سيارات الركوب من ضريبة القيمة المضافة.
كما أقرت حوافز تحمل الدولة للضريبة العقارية التى تُستحَق على مبانى تلك المشروعات الخضراء، وكذا ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق الخاص بتأسيس
الشركات، والحصول على الموافقة الواحدة “الرخصة الذهبية” لشركة المشروع.
كان وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، صرح، سابقًا، بأن التشريع الخاص بتنظيم إنتاج الوقود الأخضر من المنتظر سنه قبل نهاية العام الحالى، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك أفضل مصادر الطاقة المتجددة فى العالم، كما أهلها موقعها الجعرافى للقيام بنقل الطاقة إلى أوروبا من خلال الكابلات الكهربائية.
شئون البيئة: إطلاق منصة الاستثمار البيئى يستهدف جذب رجال أعمال أجانب للسوق
المهدى: التوسع فى تلك الصناعة يخفض تكلفتها الباهظة
باغة: أهمية تنفيذ حملات ترويجية لاستقطاب الشركات العالمية والاستفادة من الحوافز الحكومية
