كشف عدد من أصحاب شركات إلحاق العمالة بالخارج، عن ازدياد عدد الطلبات المتقدمة للعمل فى الدول الأجنبية والخليجية، خلال الفترة الأخيرة، والتى تباينت فى مدتها ونسب زيادة الأعداد بها حسب رؤية كل منهم.
بداية، قال وليد أبوشامة، الأمين العام لجمعية رجال الأعمال وأصحاب شركات التوظيف - فى تصريحات لـ «المال» - إن التحديات الاقتصادية فى أى دولة، تدفع مواطنيها إلى التفكير فى الخروج للعمل فى دولة أخرى، بهدف تحسين ظروف المعيشة .
وأضاف «أبوشامة» أنه حتى عامى 2017 و2018، لم يكن الطلب على السفر يحظى بزخم مقارنة مع الأيام الحالية، مشيرا إلى أن نسبة الطلب على العمل فى الخارج ارتفعت بما يزيد عن 20% خلال الفترة الحالية، معتقدًا أن مصر تصدر قرابة نصف مليون عامل سنويًا.
وأرجع الأمين العام لجمعية رجال الأعمال وأصحاب شركات التوظيف، والتى تضم 300 شركة من 28 محافظة، سبب الزيادة فى الإقبال على السفر إلى تأثر مصر بالأزمات الاقتصادية العالمية، إضافة إلى نمو عدد السكان بشكل يضيق على الشباب فرص العمل المتاحة محليًا.
وأكد”أبوشامة» أن اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا مطلع 2022 تسبب فى خلق حالة من التعثر الاقتصادي، صدمت مختلف دول العالم، وأثرت على الاقتصادات الكبرى، وصولًا إلى مصر.
وأوضح أن بعض الدول تأثرت بهذه التبعات بشكل طفيف، بحيث لا يزال اقتصادها يتمتع بالاستقرار، ولديها نشاط فى مختلف القطاعات، مشيرًا إلى أن شركات التوظيف وإلحاق العمالة فى الخارج تعمل على استهداف هذه الدول وتقوية العلاقات معها، بهدف فتح المجال أمام تمرير أكبر عدد ممكن من العمالة المصرية إليها.
وأشار إلى أنه من بين هذه الدول السعودية، والتى تحتاج إلى عمالة من جميع الدول وتحديدًا العربية، وبشكل خاص من العمالة المصرية، منوهًا بأن الجزء الأكبر من العمالة المصرية خارج البلاد يتوجه إلى المملكة.
وتابع «أبوشامة» إن هناك أيضًا بعض الأسواق الأوروبية التى خاطبت الجهات المعنية فى مصر لاستقدام عمالة إليها، وذلك عن طريق تأشيرات منفصلة عن تلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي، منوهًا بأن من بين هذه الأسواق ألمانيا وهولندا، موضحًا أن شركات التوظيف تدرس الآن هذه الأسواق لمعرفة نظمها الجديدة، وما إذا كانت تناسب العمالة المصرية من عدمه، بالإضافة إلى معرفة أنسب الطرق لتمرير هذه العمالة إلى تلك الأسواق، بالتعاون والتنسيق مع وزارة القوى العاملة.
ولفت إلى أن تلك الدول تحتاج إلى نصف مليون عامل سنويًا، تستقدمهم من جميع الدول، منوهًا بأن الأنسب للعمالة المصرية التى فى الغالب ما تتوجه إلى ألمانيا أن تبتعد عن المهن الجماهيرية وتقترب من التكنولوجية أو القطاعات التى لا تعتمد على التواصل بشكل كلى مع الجماهير، ذلك أن أغلب الوظائف فى مجال التكنولوجيا غالبًا ماتعتمد على اللغة الإنجليزية، والتى يشاع توافرها لدى العمالة المصرية، بخلاف الألمانية مثلا.
وأكد أن أغلب المتقدمين بطلبات للحصول على وظائف خارجية تكون موجهة للدول العربية، مشيرًا إلى أن البحرين وسلطنة عمان يوجد بهما أقل عدد من العمالة المصرية، لأنهما تعتمدان فى الغالب على العمالة القادمة من دول شرق آسيا، بالإضافة إلى صغر مساحة كل منهما.
من جانبه، قال أسامة الوهيدي، مالك شركة العماد للتوظيف وإلحاق العمالة بالخارج، إن عدد الشباب الراغب فى السفر للعامل خارج مصر تزايد بشكل ملحوظ وبنسبة تصل إلى %60 مقارنة مع العام الماضى على خليفة تذبذب سعر صرف الجنيه وانخفاض قيمته أمام الدولار.
وأوضح - فى تصريحات لـ «المال» - أن الطلب على السفر إلى الخارج أكبر من الطلبات المقدمة من الدول لاستجلاب العمالة إليها، وهو الأمر الذى يترك المئات من طلبات التقدم للسفر مؤجلة داخل أدراج شركات التوظيف منذ أشهر.
وأضاف «الوهيدي» أن السعودية تخطف العدد الأكبر من العمالة المصرية من بين الدول الخليجية وكذلك الأجنبية، مشيرًا إلى أن أغلب العمالة المصدرة إليها تعمل فى المجالات الطبية والمقاولات، فضلًا عن بعض الحرف، لافتا إلى أن الإمارات تطلب العمالة المصرية بشكل أقل من السعودية، فيما يتعذر تصدير الأيدى العاملة المصرية إلى كل من الكويت وقطر.
ولفت إلى أن الشباب يستهدف فى الغالب السفر إلى أى دولة من دول الخليج، مشيرًا إلى أن هناك نوعًا من العزوف عن الدول الغربية، رغم ارتفاع فارق العملة، ذلك أن مشكلات اللغات والتواصل تمثل عائقًا أمام معظم العمالة المصرية، إضافة إلى صعوبة توفر بعض المهارات التى تطلبها هذه الأسواق.
وقال وائل أبوعالية، مالك شركة أبوعالية للتوظيف وإلحاق العمالة بالخارج إن زيادة الإقبال على السفر من عدمه يتأثر بأمرين، هما الاقتصاد الداخلى للدولة المصدرة للعمالة، والأخرى المستقدمة لها.
وأضاف - فى تصريحات لـ«المال» - أن تأثر مصر بالأزمات الاقتصادية العالمية تبعه زيادة فى الطلب على السفر والعمل بالخارج بنسبة زيادة تقارب %40 عما قبل جائحة كورونا، حسب تقديره.
أما فيما يخص اقتصاد الدول المستقدمة للعمالة المصرية والتى تتركز فى دول الخليج، فيرى «أبوعالية» أن اقتصاداتها لم تتأثر بشكل كبير بحرب روسيا وأوكرانيا إلا أنها لم تتعاف بشكل كبير من آثار جائحة كورونا، مشيرًا إلى أنها مازالت لم تصل لنفس مستوى الطلب على العمالة فيما قبل كورونا.
وأوضح أن زيادة الطلب والرغبة فى الهجرة والسفر يعود إلى تعثر الاقتصاد الداخلى وعدم تعافى اقتصاد دول الخليج بشكل كامل من آثار كورونا، لافتًا إلى أن أكبر سوق مستقبل للعمالة المصرية هو «الكلاسيكى» وهو مركز فى دول مجلس التعاون الخليجي، منوهًا بأن عدد العمالة فيها يتدرج على حسب القوة الاقتصادية والمساحة الجغرافية.
ولفت إلى أن السعودية تأتى فى المرتبة الأولى من حيث استقدامها للعمالة المصرية، تليها الكويت والتى تعثرت مؤخرًا، ثم الإمارات وعمان وأخيرًا البحرين، لافتًا إلى أن التحدى الأكبر أمام شركات إلحاق العمالة بالخارج إلى جانب وزارة العمل المصرية، هو محاولة فتح أسواق جديدة أمام العمالة المصرية سواء فى أوروبا أو أفريقيا.
وشدد على أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تكاتف جميع أجهزة الدولة سواء من حيث التيسير فى إجراءات السفر الداخلية وتأهيل وتدريب العمالة المطلوبة أو من حيث تسويق العمالة المصرية دوليًا.
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حذر مرارًا من آثار الزيادة السكانية فى مصر، والتى وصفها بالكارثية، داعيًا فى سبتمبر الماضى إلى أن تكون هناك هجرة مشروعة للعمالة من الدول ذات الكثافات السكانية المرتفعة، إلى دول أخرى مثل أوروبا، أوالدول ذات الكثافات السكانية المنخفضة.
