عودة أسطول السفن.. حلم يفرض تحديث الترسانات البحرية أولا

أعلنت وزارة النقل فى أكثر من مناسبة نيتها لعودة الأسطول البحرى إلى سابق عهده، والتوسع فى بناء سفن جديدة بحمولات مختلفة، ولا سيما مع التطور الكبير الذى تم فى الموانئ البحرية على مدار الـ10 سنو

Ad

أعلنت وزارة النقل فى أكثر من مناسبة نيتها لعودة الأسطول البحرى إلى سابق عهده، والتوسع فى بناء سفن جديدة بحمولات مختلفة، ولا سيما مع التطور الكبير الذى تم فى الموانئ البحرية على مدار الـ10 سنوات الماضية.

استطلعت «المال» آراء عدد من قيادات النقل البحرى ورؤساء سابقين لترسانات بحرية باعتبارها أساس بناء هذا الأسطول، للتعرف على الخطوات المطلوب تنفيذها لزيادتها فى الفترة المقبلة للقدرة على بناء مراكب مصرية الصنع لديها إمكانات مشابهة للمصنعة عالميا.

وحدد رؤساء الترسانات البحرية فى بورسعيد والسويس التابعة لهيئة قناة السويس عدة عوامل لتنمية نشاط بناء وإصلاح السفن فى مصر خاصة مع الاتجاه الحكومى لفتح باب الشراكة مع القطاع الخاص لتنمية القطاع.

تبلورت آراء رؤساء الترسانات السابقين فى ضرورة الاهتمام بالصناعات التكميلية والمغذية وتوسعة الشراكة مع القطاع الخاص وعقد اتفاقيات مع نظيرتها العالمية لتأهيل العمالة الفنية المحلية.

يبلغ عدد السفن المصرية التى ترفع العلم المصرى 44 بنهاية العام الماضى 2022، وفقا لتقرير صادر عن قطاع النقل البحرى مطلع العام الجاري،

مشيرًا إلى أن السفن التى تصل أعمارها حتى 5 سنوات 7 سفن فقط، بحمولات تصل الى 176 ألف طن، أما التى يصل أعمارها من 6 وحتى 10 سنوات وصلت إلى سفينتين فقط بحمولات تصل إلى قرابة 4 آلاف طن، وبلغت التى تتراوح أعمارها من 11 وحتى 15 عاماإلى 9 سفن بحمولات ساكنة بلغت 449 ألف طن.

وصلت عدد السفن التى تتراوح أعمارها من 16 وحتى 20 سنة إلى 6 سفن فقط، بحمولات ساكنة بلغت 254 ألف طن، بلغت السفن ذات الأعمار من 21 وحتى 25 سنة إلى 11 سفينة، أما التى تزيد أعمارها عن 25 عامًا تصل إلى 9 سفن فقط.

قال مصدر مسؤول بقطاع النقل البحرى إن ملف بناء وإصلاح السفن وتطوير الترسانات البحرية يحتاج إلى رؤية تنظيمية واستراتيجية محددة بجدول زمني بالتنسيق مع هيئة قناة السويس كونها من الجهات التى لديها خبرة قوية فى هذا المجال وامكانيات قوية فى الوقت الحالي.

ولفت المصدر إلىأن اهتمام وزارة النقل وهيئة قناة السويس بالترسانات وتطوير إمكانياتها وفتح مجالات الشراكة مع الترسانات العالمية خطوة جيدة لتطوير لكن لابد من وضع آليات وعدد من المؤشرات لقياس الأداء وتقييم المنفذ من خطوات فعلية.

وقال سيد بخيت نائب مدير ترسانة بورسعيد الأسبق إن تطوير الترسانات يحتاج تغيير وتطوير الإدارة بما يتواكب مع النظم الدولية والعالمية والتغلب على المعوقات البيروقراطية التى تعوق جذب العملاء.

وأشار إلى ضرورة تأهيل وتطوير العاملين فى الترسانات البحرية المصرية وزيادة أعدادهم بما يتواكب مع حجم أعمال إصلاح وصيانة وبناء السفن مع التطوير الحالى والمستقبلى الذى تشهده الترسانات فى بورتوفيق وبورسعيد باعتباره العامل المهم لإنجاز وقت إسناد الأعمال.

وقال بخيت إن عامل الوقت هو الحافز الأول لجذب العميل الخارجى والتى يتم احتسابها ضمن تكاليف بناء أو إصلاح السفينة، موضحا أن فى حالات الصيانة والإصلاح لسفينة أو وحدة بحرية تبلغ تكاليف تشغيلها فى اليوم 100 ألف دولار فإن معدل تأخير يوم واحد فى الترسانة يحمل مالكها أعباء إضافية بنفس القيمة.

وطالب تقليل مدة الإصلاح المطلوبة لتشجيع العملاء الخارجيين على التعامل مع الترسانات المصرية بدلًا من ترددها على ترسانات اليونان وتركيا.

وأوضح بخيت أن مصر تفتقد الصناعات المغذية لصناعة بناء السفن ولابد أن تقوم الدولة باتخاذ إجراءات تنمية تلك الصناعات، ولا سيما أنها لا تنتج أى من مكونات تصنيع السفن نهائيا ، ويتم استيرادها من الخارج مثل الحديد وأسياخ اللحام وكابلات الكهرباء والآلات والمعدات وأجهزة الملاحة مثل الرادار و اللاسلكى وأجهزة النجاة ويستغرق استيرادها وقتا طويلا وإجراءات معقدة تعطل من نشاط الإصلاح والصيانة وكذلك البناء.

بخيت: ضرورة إعفاء قطع الغيار من الإجراءات الجمركية باعتبارها حافزًا ملموسًا

ولفت «بخيت « إلى أن الإفراج عن الخامات المستوردة يتطلب إجراءات مستندية وتدبير عمله دولارية وهو مايتطلب من الجهات المعنية مراجعة وإعادة نظر المنظومة بأكملها- إذا ما رغبنا النهوض الترسانات البحرية- على حد قوله.

وطالب بالتركيز على تنمية نشاط الإصلاح والصيانة بالترسانات أكثر من بناء السفن والوحدات البحرية التى قد تستغرق بعضها عدة سنوات مثل القاطرات، لافتا أن إمكانيات ترسانة بورسعيد والسويس تشمل حوضين أحدهما عائم والآخر جاف بترسانة السويس وخمسة أحواض بترسانة بورسعيد.

وأضاف أن المدة القصيرة التى تستغرقها عمليات الإصلاح وصيانة السفن مقارنة بعمليات البناءيحرم الدولة من عائدات نشاطات الصيانة،خاصة أن تكلفة استخدام الحوض العائم فى بناء سفينة يرفع من إجمالى تكاليف بنائها مما يجعل العميل يفضل بنائها خارج مصر والذى لاتتجاوز مدتها نحو الـ6 أشهر نظرا لوجود أكثر من حوض عائم وجاف بتلك الدول بجانب وجود مصانع مغذية توفر كافة قطع الغيار والأجزاء المطلوبة.

وتابع أن تكلفة الإيجار اليومى للحوض العائم بمصر يتم زيادته على تكلفة بناء الوحدة، أما استخدام الأحواض الجافة فى البناء تصبح أقل تكلفة حالة بناء الوحدة البحرية على أجزاء و يستخدم الحوض أقل فترة ممكنة بدلا من تعطيل الاستثمارات التى يتم ضخها فى شراء الأحواض العائمة.

ولفت « إلى أنه لا يوجد حوض عائم فى مصر تم استخدامه فى بناء السفن حتى الآن سواء فى الإسكندرية أو الترسانات التابعة لهيئة قناة السويس ، ففى الإسكندرية حوض جاف وفى بورسعيد نقوم بالبناء على الأرصفة.

و قال المهندس محمد حجاج مدير شركة البورسعيدية للأعمال الهندسية السابق أن الترسانات الحالية تستطيع أن تواكب طفرة التطور فى الموانئ والأرصفة الحالية ولكنها مرهونة بتوفير قطع غيار بشكل مستمر لأعمال الإصلاح من خلال وكلاء الشركات، لاسيما تشجيع الشركات العالمية لبناء مخازن لها فى السوق المحلية.

حجاج: بناء مصانع مكملة للأنشطة المرتبطة يخفض التكاليف

وأضاف حجاج أن الترسانات تتطلب إقامة صناعات مغذية بجوارها توفر فرص عمل وتحقق دخلًا إضافيًّا، موضحًا أن بناء وإصلاح السفن يتطلب تشريعات تدعمه وتسهيلات فى إجراءات الجمارك.

وأوضح أن تلك الترسانات فى حاجة إلى كوادر فنية مؤهلة بشكل حقيقى لتواكب تطورات بناء السفن، مشيرًا إلى أن تطويرها يمكن أن يتم تدريجيا حتى يمكنها استيعاب السفن الجديدة من خلال زيادة عدد الأحواض العائمة والجافة.

وقال إن ترسانة بورسعيد البحرية على سبيل المثال،تعد من أكبر المواقع المصنعة المهمة لإصلاح السفن، وتحتاج فقط لعمليات تطوير شريطة أن تتضمن مرونة فى الإدارة لتسهيل أدائها بأعلى جودة.

وأكد حديثه المهندس وائل قدور، مدير ترسانة السويس البحرية الأسبق، موضحًا أن الترسانات الحالية تعمل بفكر الستينات- على حد وصفه- مضيفًا أن موقع السويس،على سبيل المثال، لا يمكنها من بناء سفن بحمولات كبيرة ولكنها تملك سمعة جيدة فى مجال الإصلاح رغم إمكانياتها المحدودة.

وقال قدور إنبناء ترسانة تواكب تطور الموانئ يتطلب شبكة خدمات متكاملة تضم مصنعى قطع الغيار من الشركات الأجنبية ومسئولى الجمارك ووضع تسهيلات لتنميةذلك القطاع بجانب إنهاء المشاكل البيروقراطية فى ذلك القطاع.

أوضح المهندس سيد أبو الفتوح، مدير إدارة الترسانات السابق بهيئة قناةالسويس، أن عملية تطوير الترسانات البحرية الحالية بتحسين ورفع كفاءتها ليس هو الحل الأمثل بسبب محدودية المساحة وحمولات أرصفتها، لافتًا إلى أهمية إنشاء ترسانة جديدة بتصميم وإمكانات حديثة بمنطقة الجونة بالتفريعة الشرقية ببورسعيد.

وأوضح أنه سبق أن تم استعراض هذا الملف مع شركات يابانية وكورية، مشيرًا إلى أن تصميمات تلك الترسانة موجودة بالفعل فى ترسانة بورسعيد البحرية.

وتابع أبو الفتوح أن قدرات الترسانات المصرية الحالية قاصرة على بناء سفن ووحدات بحرية صغيرة مثل المعديات والقاطرات، أما التطور الحادث حاليا فى قدرات وإمكانيات السفن العملاقة وكذلك أرصفة الموانئ يحتم ضرورة إنشاء ترسانة مصرية عالمية تضاهى ترسانات كوريا وتركيا .

من جهته ذكر المهندس عصام المغربى، الرئيس الأسبق لترسانة السويس البحرية، أن مشروعات تطوير المجرى الملاحى لقناة السويس تواكب مشروعات التطوير الحادث فى صناعة السفن، لافتًا إلى أن أكبر مراكب الحاويات فى العالم تعبر قناة السويس بسهولة.

وقال إن الحوض العائم فخر القناة إضافة جديدة لمنظومة بناء وإصلاح وصيانة السفن بجانب حوض السويس الذى يسع سفن حتى 300 متر والمفاوضات ما زالت جارية بين الهيئة والجانب اليابانى والأمريكى لتطوير الترسانة ورفع كفاءة المعدات.

يذكر أن ترسانة بورسعيد استقبلت فى يوليو الماضى الحوض العائم «فخر القناة» مما يعد الإضافة الأحدث لترسانة بورسعيد البحرية التى تضم ثلاثة أحواض عائمة أخرى تستخدم فى صيانة وإصلاح السفن والوحدات البحرية التابعة للهيئة بحمولات تتراوح من 5 إلى 25 ألف طن.