قال خبراء تأمين إن منتجات تأمينات الحياة تختلف عن “العامة” فى أنها تعتمد على جداول الحياة الاكتوارية فى حساب تكلفتها، لذلك كان الملجأ الوحيد عند تسعير وثائق “الحياة” تكوين جداول الحياة الاكتوارى.
وأشاروا إلى أن جداول الحياة الاكتوارية من أهم الأدوات التى يسعى إليها الاكتواريون بفروع التأمين على الحياة، وجميع المهتمين بتأمينات الحياة، حيث يعتمد بناء تلك الجداول على أسس فنية فى الحسابات الاكتوارية.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية قررت تطبيق أول جدول اكتوارى مصرى بنشاط تأمينات الحياة، بما يسهم فى دعم العمل على تسعير منتجاته، إثر تبنى رؤية طموح لميكنة الخدمات المالية غير المصرفية، بداية من إصدار المنتجات والترخيص للمهنيين وصولا إلى تمكين الشركات المالية غير المصرفية من تسويق وتوزيع منتجاتها إلكترونيا، لتعزيز مستويات الشمول المالى والتأمينى والاستثمارى، وتوسيع قاعدة المستفيدين.
وقال أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشارى، إن وثائق “الحياة” تمتاز بطول الأمد، لذلك تحتاج إلى إجراءات مشددة لتقدير وانتقاء الخطر، بغية الوصول إلى أسعار ثابتة ومحسوبة وفق أسس علمية رياضية وفنية تحقق التوازن فى أعمال الشركات والمحافظة على سلامتها المالية والوفاء بالتزاماتها دون حدوث الخسائر التى تؤدى إلى انهيار الأهداف التى تسعى إلى تحقيقها، مع الأخذ فى الاعتبار تحرير سعر الصرف المصرى، الذى يتبدل معه جميع المخططات للشركات، من جراء طول أمد وثائق “الحياة”.
وأشار إلى أن ما يوضع من أسعار فى الوقت الحالى بشركات التأمين المصرية مبنى على أسعار قديمة، مع الاستعانة بالخبرات العادية والتقدير الشخصى للعاملين فى قسم الإصدار، موضحا أن ارتفاع نسبة قبول التأمين على الحياة بموجب الطريقة الاعتيادية ينذر بأنها قد تعرض المحفظة إلى خسائر متتالية.
وذهب إلى أن عنصر العمر من مصادر الخطر المهمة، لأن تحقق الوفاة يزداد طرديا مع زيادة العمر، فضلا عن الحالة الصحية والنوع، لافتا إلى أن الشركات ستعتمد على جداول الحياة والوفاة التى يعدها الاكتواريون لذلك الغرض، لاتخاذ القرار بأسعار وشروط إضافية، مشيرا إلى أن قبول التأمين بموجب الفحص الطبى يعكس حالات التقدير المبنية على أساس جداول الوفاة والحياة الاكتوارية التى يعدها الخبراء، مع مراعاة ما يرافقها من تقدير الشركة والفحص الطبى.
وشدد على بناء جداول اكتوارية وفق الخبرة المصرية حسب النوع، بناء على بيانات الخبرة القومية للسكان وشركات التأمين، وبناء علاقة رياضية لربط التأثير المزدوج لنقص احتمالية الوفاة نتيجة لأثر التحسن الصحى مع مرور الزمن وزيادة احتمالية الوفاة مع تقدم العمر، للوصول إلى أدق نتائج ممكنة يمكن استخدامها فى تسعير وثائق “الحياة”، بدلا من الجدول الإنجليزى الذى لا زالت شركات القطاع المصرى معتمدة عليه.
وأضاف أن انتقاء الخطر فى وثائق “الحياة” يكون بغرض الحصول على أخطار متجانسة للأشخاص المطلوب التأمين على حياتهم، وفرز الانحرافات الصحية العادية عن غيرها لمواجهة حالة الانتقاء المضاد، ومراعات العدالة والموضوعية فى وضع الأقساط، استنادا إلى الخبرة الاكتوارية بعيدا عن التقدير الشخصى.
ولفت إلى أن هناك عددا من المصادر التى قد تزيد أو تقلل من احتمال تحقق الخطر التى توضع الأسعار وتحدد الأقساط التى تتناسب مع عملاء التأمين وفقها، بعد دراسة الخبراء الاكتواريين لها وتحليلها ثم إعطاء الرأى المناسب حول كل عامل منها، ليقوم قسم الإصدار وفق تلك الجداول الخاصة بوضع ما يناسبها من أسعار أو فرض شروط وأسعار إضافية.
توفير الخبرات الاكتوارية يدعم وثائق “الحياة”
وقالت داليا مصطفى، مدير حسابات التأمين الجماعى بشركة مصر لتأمينات الحياة، إن أهمية جداول الحياة الاكتوارية كأداة فى حسابات تكلفة التأمين على الحياة تتلخص فى إتمام عمليات الاكتتاب وإعادة التأمين على أساس دقيق، مع إنجاز العملية وتحقيق عدالة أقساط “الحياة”، لتدعيم مبدأ التعاون فى التأمين.
وأضافت أن جداول “الحياة” الاكتوارية تسهم فى حساب احتياطى الوثائق المختلفة التى تصدرها الشركات على أسس سليمة، إضافة إلى إمكانية تحديد تكلفة تأمين المعاش الشامل بسبل علمية ليست تحكمية، لتحقيق عدالة التوزيع لعبء التأمين على الجيل الحاضر والقادم.
وتابعت إن الجداول تمكن من حساب تأمين المعاش الشامل لكل نوع منفردا، حيث إن الهيكل السكانى للذكور يختلف عنه للإناث، ويتباين تأمين المعاش وفق ذلك، مع إمكانية تحديد الاحتياطى للمستقبل بتكوين فائض يضمن تأمين المعاش الشامل فى السنوات المقبلة، لتأكد زيادة نسبة عدد كبار السن مستقبلا.
وبيّنت أن أهمية جداول الحياة الاكتوارية تظهر فى أن الأساليب الأخرى مثل تحليل الانحدار والسلاسل الزمنية والتوزيعات الاحتمالية، وغيرها، لا تعطى تقديرات جيدة حتى تؤدى إلى استقرار نظام التأمين فى ذلك الفرع.
ولفتت إلى أن جدول الوفيات الإنجليزى الحالى الذى تعتمد عليه شركات التأمين لا يصلح للتنبؤ بمعدلات سليمة إجمالا، لاعتماده على مجتمع مختلف وبيئة متباينة، عند مقارنة معدلات الوفاة المتوقعة بمعدلات الوفاة الفعلية بمصر، فلا يكفل دقة النتائج الفعلية، بينما تقدم الجداول الاكتوارية السليمة نتائج أكثر استقرارا وأكثر قدرة على التنبؤ بمعدلات الوفاة، مما يؤدى إلى الاستقرار فى نظام التأمين.
وأشارت إلى أن توفير الخبرات الاكتوارية يدعم أقسام إصدار وثائق التأمين على الحياة بالمعلومات التى يعدها الخبراء الاكتواريون، لتسهيل عملية تقدير الخطر بالشكل الأنسب والمثالى، مع السعى فى إعداد تقارير وجداول اكتوارية جديدة تتماشى مع التطور السكانى والثقافى والصحى والاجتماعى والاقتصادى وغيرها، حسب قرار “الرقابة المالية” لوضع ما يتماشى مع تلك التطورات، بغرض النهوض بمستوى أداء محافظ التغطيات.
وأوصت بأن تتبع شركات تأمينات الحياة العاملة فى السوق المصرية نظام توحيد قرارات الاكتتاب، مع إجراءات الكشف الطبى قبل قبول طلبات التأمين حتى تتقارب معدلات وفيات كل منها، مما يمثل تقديرا للنتائج المستقبلية المتساوية لجميع الشركات.
ضرورة تحديث جداول الوفيات سنويا
وقال محمد الغطريفى وسيط التأمين الحر، إن الخبراء يعدون جداول “الحياة” الاكتوارية العمود الفقرى لنظام تقدير تكلفة منتجات تأمينات الحياة والأنواع القريبة منها، بينما النظام الاكتوارى يهدف إلى تقديم تقديرات جيدة للقيم التأمينية، لذلك يحتاج إلى كمية ضخمة من البيانات المتجانسة الحديثة عن العملاء بمصر.
وأضاف أن شركات التأمين لا تمتلك جداول اكتوارية تعتمد على خبرة شركات التأمين المصرية حتى الآن، ومن المفروض أن تمثل البيئة المصرية وظروفها الاقتصادية والصحية والثقافية والاجتماعية، حتى يمكن الاعتماد عليها عند حساب تكلفة التغطيات التأمينية المختلفة.
وأشار إلى أن شركات التأمين المصرية تعتمد على جداول قديمة بخبرة دول أجنبية جاهزة بمعدلات وفاة تفصيلية حسب النوع واللون والمهنة وفئات العمر المختلفة، رغم اختلاف البيئة المصرية وظروفها الاقتصادية والصحية والثقافية والاجتماعية، ولذلك فإنها غير مناسبة.
وأوضح أن استخدام شركات التأمين جداول خبرة أجنبية لا تتناسب مع الظروف المصرية، سبب رئيس فى عدم تحقق العدالة بين طرفى وثائق “الحياة” فى حساب الأقساط، كما أن الوضع الحالى لا يساعد شركات القطاع على المنافسة الجادة على المدى المتوسط والمدى الطويل.
ولفت إلى أن الجداول الاكتوارية تهدف إلى التوصل إلى أكبر دقة ممكنة أكثر من سابقتها للتنبؤ بمعدلات الوفاة فى مجتمع المؤمن عليهم، باستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة، مشيرا إلى تكوين جداول اكتوارية تمثل الخبرة المصرية كبديل لخبرة شركات التأمين الأجنبية، مع تنقيح ما أُنجز فى ذلك الشأن، ليصبح جاهزا لاستخدام شركات التأمين المصرية له.
وأفاد بأن جداول الحياة الاكتوارية، تدعم الاقتصاد القومى، إذ إن الحماية التأمينية لحياة الأفراد تؤدى إلى حالة الاستقرار النفسى والاطمئنان، مما يزيد من تركيز الأفراد فى الإنتاج، عبر تسعير منتجات “الحياة” وفقا للخبرة المصرية، مع التعامل مع جداول اكتوارية من واقع المجتمع.
وأوضح أنها تزيد من درجة الدقة فى التنبؤات المستخدمة فى حساب تكلفة التأمين، مما ينمى استقرار التغطيات، بدءا من دقة حساب الاحتياطيات والمخصصات إلى حساب قسط التأمين، مما يزيد من حجم الاحتياطى الموجه للاستثمارات نتيجة زيادة عدد المكتتبين، مع التوصل إلى سعر عادل وفقا للخبرة المصرية يزيد من عمليات الاكتتاب، بما ينعكس على الاقتصاد القومى.
وأوصى بتحسين جداول الوفيات سنويا، وفق بيانات خبرة العام السابق، وعدم تجاهل أثر التحسن الصحى على توقع الحياة، ومن ثم إجراء الكشف الطبى خاصة فى الأعمار الكبيرة لزيادة احتمالية الوفاة.
إبراهيم: التقديرات الحالية مبنية على أسعار قديمة
مصطفى: الاعتماد على الأساليب التقليدية لا يعطى صورة مستقرة
الغطريفى: النموذج الأجنبى لا يتناسب مع مصر
