اختلفت توقعات خبراء اقتصاد حول توقيت مراجعة صندوق النقد الدولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى وتنفيذ شروطه بشأن تحرير سعر الصرف بالكامل قبل نهاية العام.
ولكن على الرغم من عدم اليقين بشأن الموعد الذى ستتم فيه المراجعة، أكد الخبراء على أن اتخاذ خطوة تحرير سعر الصرف تتطلب وجود حصيلة دولارية قوية حتى لا تحدث مضاربة على العملة الخضراء، وينتهى الأمر بارتفاع سعره فى السوق الموازية دون حل للأزمة.
فى يوم الخميس الموافق 12 أكتوبر صرحت مديرة صندوق النقد الدولى كريستالينا جورجييفا أن مصر حققت تقدمًا على عدد من الجبهات، بما فى ذلك السياسة المالية، وتنفيذ استراتيجية طرح الشركات الحكومية، إلى جانب التعاون مع فريق الصندوق حول أفضل السبل لإدارة السياسات النقدية، مشيرة إلى أنه من المحتمل تنفيذ المراجعة الاقتصادية بشأن القرض البالغ قيمته 3 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالى.
وكانت جورجييفا أعلنت قبل ذلك التصريح بأيام أن مصر ستستنزف احتياطاتها النقدية ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، ومن ناحية أخرى أشادت بالخطوات التى اتخذها مصر لتصحيح مسارات الاقتصاد.
قال الدكتور أحمد السيد أستاذ الاقتصاد والتمويل إنه من الصعب استئناف مراجعة صندوق النقد الدولى لبرنامج الاصلاح الاقتصادى قبل نهاية العام، معللًا أن خطوة التعويم المطلوبة تحتاج إلى توافر سيولة دولارية لتستطيع تغطية الطلب المتوقع على الدولار، وهذا الأمر لم يتوافر بعد بشكل كامل، ويُنتظر أن يتم تنفيذ صفقة أو أكثر من الصفقات المليارية.
وتوقع السيد ألا تتم عملية المراجعة قبل الربع الأول من 2024.
أما عن تصريح مديرة صندوق النقد الدولى الخاص باستنزاف الاحتياطى النقدى لمصر، فأشار أنه لا يتفق معه، مفسرًا أن أى تخفيض فى سعر الصرف دون وجود سيولة سيؤدى لنتائج خطيرة، وستكون تلك النتائج أكبر من التأثير على الاحتياطى.
وتابع أن مصر استجابت لمطالب الصندوق وقامت بـالتعويم 3مرات لسعر الصرف خلال 2022 وبداية 2023 ولم تتم معالجة المشكلة، لذلك من المهم التريث قبل اتخاذ قرار التعويم للتأكد من تحقيقه للنتائج المرجوة هذه المرة.
وقال محمد البيه الخبير المصرفى إن اجتماعات صندوق النقد الدولى تجرى حاليًا فى دولة المغرب بحضور مسؤولين من مصر وهو ما يعمل على اقتراب وجهات النظر، ويعطى فرصة لصانعى السياسة المالية النقدية فى البلاد للاجتماع مع مسؤولى الصندوق من أجل الوصول لاستراتيجية محددة يتم تنفيذها بشأن القرض وبرنامج الإصلاح.
وأضاف البيه أن مديرة صندوق النقد سبق وأن أشارت إلى احتمالية دمج مراجعتى البرنامج التى كان من المقرر عقدهما فى مارس وسبتمبر من هذا العام، فى مراجعة واحدة قبل نهاية 2023، متوقعًا أنه من الممكن استئناف تنفيذ شروط البرنامج وتحريك فى سعر الصرف الرسمى، بالإضافة إلى استلام الشريحتين المتأخرتين فى شهر ديسمبر القادم.
وأوضح أن من أهم شروط صندوق النقد الدولى والتى أكدت عليها كريستالينا جورجييفا أكثر من مرة التحرير الكامل لسعر الصرف وتركه لقوى العرض والطلب، حتى لا يحدث ضغطاً واستنزافاً لاحتياطى مصر من النقد الأجنبى.
وأشار البيه إلى أن تصريح مدير صندوق النقد وإن كان سليمًا نظريًا، إلا أنه فى حالة تحريك سعر الصرف لابد من وجود احتياطى قوى من العملة الأجنبية حتى نتجنب حدوث مضاربات على العملة المحلية وقت حدوث التعويم.
وتابع أنه فى الوقت الذى يتخذ فيه قرار تحرير سعر الصرف بالكامل تتصاعد التوقعات بتخفيض أكبر لقيمة الجنيه، وبالتالى يحتفظ الأفراد بالدولار، مما يؤدى إلى مزيد من التخفيض فى قيمة العملة المحلية مقابل الأجنبية.
وأشار إلى أن مصر لديها عدة آليات، وهو ما أوضحه مسؤولو السياسة النقدية والمالية، ومنها تحقيق تقدم ملموس فى بيع الطروحات الحكومية، وجمع مبلغ قدر بنحو 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى طرح عدد من الشركات الحكومية مؤخرًا.
وأفاد أن مسؤولى السياسة النقدية سبق وأن أكدوا أن حدوث تحرير كامل لسعر الصرف دون وجود حصيلة دولارية كافية سيدفع السعر فى السوق الموازية للارتفاع دون حل الأزمة.
وأوضح أنه من المتوقع حصول مصر على شريحتين بقيمة ما يقرب من 700 مليون دولار من صندوق النقد قبل نهاية العام بعد نجاح المراجعتين، وذلك وفقًا لما ألمحت له مديرة صندوق النقد الدولى.
وأكد البيه أن الفترة القادمة لابد من التركيز على الدخول فى مفاوضات من أجل إعادة جدولة بعض استحقاقات الديون المستحقة فى عامى 2024 و2025، للتخفيف من الضغط عن الموازنة العامة للدولة.
وحث على ضرورة تحفيز دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العامين القادمين، عن طريق منح امتيازات قوية، حتى يتم توفير حصيلة دولارية كبيرة تسهم فى ضبط الأوضاع الاقتصادية، وتسديد خدمات الدين والأقساط.
ولفت إلى أن مصر لديها قاعدة اقتصادية جيدة مقارنة بدول أخرى فى الشرق الأوسط وإفريقيا، من حيث الزراعة والصناعة والسياحة، بالإضافة إلى تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
