تستكمل وزارة النقل الأعمال التنفيذية لإقامة أكثر من منطقة لوجستية فى محافظة الإسكندرية، لتتمكن من تحويل الميناء إلى مركز لوجستى عالمى خلال السنوات المقبلة، بالتزامن مع خطوات إقامة ميناء برى وجاف فى مدينة برج العرب على مساحة 120 فدانًا.
كان ميناء الإسكندرية البحرى يعانى قبل سنوات من تكدس شديد فى البضائع، فضلا عن عدم قدرته فى بعض الأحيان على استقبال السفن الكبيرة، إلا أن الوزارة عملت منذ بداية 2014 على تطوير الميناء وإضافة أرصفة جديدة وساحات تخزين كبيرة.
كانت باكورة تلك التطويرات تشغيل محطة «تحيا مصر» محطة متعددة الأغراض والاستخدامات من الدرجة الأولى بمساحة تصل إلى 545 ألف م2 بأطوال أرصفة 2500 م، أعماق تصل إلى 17.5 م، بطاقة تبلغ 1.5 مليون حاوية مكافئة و2 مليون طن بضائع عامة، و100 ألف وحدة من بضائع الدحرجة سنويًا.
وبالتوازى مع إنشاء أرصفة جديدة تنفذ الوزارة حزمة من مشروعات المناطق اللوجستية المخطط لها والمعلنة حاليا بمساحات تصل إلي838 فدان مقسمة على 6 مناطق مختلفة بالقرب من الميناء البحري.
تقع المنطقة الأولى على مساحة 13 فداناً، والثانية على مساحة 6 أفدنة، والثالثة على مساحة 18، فيما تستحوذ رابع قطعة نحو 142، والخامسة حدود 386 فدان.
وتمتد مساحة المنطقة السادسة منطقة حوض التراس على ترعة النوبارية بمساحة 273 فداناً، وأبرمت الوزارة مذكرة تفاهم بشأن إعداد الخطة الفنية الزمنية ونموذج العمل الخاص بإدارة وتشغيل واستغلال واستثمار تلك المنطقة، مع تحالف شركات الهندسية للصناعات والتشييد (سياك) والصينية للاتصالات والإعمار ( CCCC ) والصينية للطرق والجسور ( CRBC ).
ووفقا للمعلن فإن المنطقة اللوجستية البالغ مساحتها 273 فداناً بها العديد من الصناعات والمجالات المرتبطة بالنقل البحرى والصناعات المكملة و منها الحاويات.
استطلعت “المال” آراء خبراء السوق الملاحية حول مدى القدرة على تشغيل هذه المناطق مرة واحدة بالتوازى مع خطة إنشاء ميناء برى وجاف، فى ظل تراجع حجم التجارة العالمية بشكل عام.
أكد عدد من الخبراء والعاملين فى السوق الملاحية على أن إنشاء وطرح المناطق اللوجستية وتشغيلها يجب أن يكون حسب الاحتياج وليس كمشروعات دون دراسة جدوى وذلك لضمان نجاحها، لاسيما وأن أعداد حركة البضائع التى تصل إلى ميناء الإسكندرية والسفن المترددة عليه منخفض مقارنة بحجم تلك المواقع.
أكد الدكتور مصطفى صابر خبير النقل النهرى ورئيس وحدة النقل النهرى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا أن المنطقة اللوجيستية بترعة النوبارية تُعد منفذاً هاماً وظهيراً نهرياً لميناء الإسكندرية وامتداد مائى جديد من شأنه تخفيف التكدس داخل الميناء.
ولفت صابر إلى أن المنطقة اللوجستية أفادت المجرى النهرى بشكل مبدئى فى التطوير الذى لحقه مؤخراً استعداداً لتجهيزه كمنطقة لوجستية عالمية، حتى يُحقق أكبر قدر من الاستفادة من تطوير صناعة النقل النهرى وربطه بالموانئ البحرية.
وأشار صابر إلى أن منطقتى “النوبارية والمتراس” كانتا مخصصتين لرصيف الحاويات وصوامع الغلال ، وكانت الحاويات لديها أزمة فى المرور النهرى من البحر وحتى المنطقة اللوجستية ميناء الحاويات، بسبب وجود كوبرى ارتفاعه منخفضاً على مسار النهر يُعيق وصول الحاويات للمنطقة المُخصصة لها، مؤكدًا أن أعمال التطوير شهدت زيادة ارتفاع الكوبرى المُشار إليه حتى يكون هناك اتصال جيد لنقل الحاويات.
وتابع أنه على صعيد الصوامع فإن المشروع يستهدف خلق فرص لنقل مواد وبضائع جديدة وغير مألوفة بالنقل النهري، مشيرًا إلى أنه كان يتم نقل حبوب الذرة عادة كما هى بشكلها الخام عبر الحاويات، ولكن مع وجود منطقة لوجستية تقدم خدمات ذات مستوى عالمي، ومن المُفترض أن تكون هناك معصرة الذرة لإنتاج زيت الذرة.
صابر: موقع النوبارية منفذ مهموظهير نهرى جديد
واقترح صابر أنه على غرار عمل مناطق لوجستية بميناء الإسكندرية على الممر النهرى بالنوبارية أن يكون هناك ميناء آخر فى صعيد مصر لإنشاء خط ملاحى متكامل لاستغلال النقل بشكل كامل يربط الرصيف النهرى بالنوبارية، وآخر فى أسيوط وقنا، فى ظل الاهتمام بعمق التداول.
بدورهقال اللواء على الحايس، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة ميناء الإسكندرية الأسبق، إن إنشاء وطرح المناطق اللوجستية وتشغيلها يجب أن تكون حسب الاحتياج وليس كمشروعات دون دراسة جدوى؛ وذلك لضمان نجاحها.
واعتبر أن مؤشرات الأداء فى الاقتصاد العالمى، وكذلك المصرى، تشير إلى تأثره بنتائج الحرب الروسية الأوكرانية التى ستظل مستمرة، من وجهة نظره.
وأكد أن أعداد السفن تراجع والبضائع قلت وانخفضت أعداد الحاويات نتيجة تراجع حركة الاستيراد خلال الفترة الماضية من جهة،فضلًا عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التى لن تنتهى بنهاية العام المقبل.
الحايس:الاحتياجللمساحات الكبيرة يتراجع وفقًا لمؤشرات أداء الاقتصاد العالمى
أشار إلى أن كل هذه الأمور توضح أن حجم الحركة يقل كثيرًا عن الاحتياج بالنسبة للمساحات الكبيرة التى يتم طرحها فى هذه المناطق اللوجستية بالإسكندرية، والتى تدل على أن حجم البضائع الموجودة أقل مما يمكن أن تغطى هذه المساحات التخزينية، وبالتالى لا يوجد احتياج فعلى لهذه المساحات من المناطق اللوجستية، ولا بد من دراستها بشكل أكثر استفاضة.
وأوضح أنه حال إنشاء تلك المناطق فإن هناك مشاكل فيما بعد ستواجه المستثمرين وهى الحاجة إلى توفير خامات إما مستوردة أو مكونات وذلك لخدمة المناطق الصناعية فى برج العرب والعاشر من رمضان وغيرها.
واقترح الحايس أن يتم إعادة فتح المصانع المغلقة فى برج العرب والتى يمكن أن يتم تشغيلها بأعداد كبيرة عبر منح الدولة لها بعض التسهيلات وإعفاء من الضرائب وغيرها والتى تساعدها على إعادة استئناف عملها مرة أخرى.
ولفت إلى أنه من الممكن حال قيام تلك المصانع بالعمل مرة أخرى وإعادة الإنتاج سيؤدى ذلك إلى تنشيط أعمال التصدير ومن ثم تشغيل للمناطق اللوجستية، لافتًا إلى أن تلك المناطق تأتى بجانب منطقة وميناء جاف فى برج العرب.
وأشار الحايس إلى أن المنطقة اللوجستية الموجودة بترعة النوبارية يمكن أن يكون لها استخدامات محطات وسيطة لجنوب مصر لنقل لبعض البضائع من ميناء الإسكندرية؛ كونه يعد الميناء الرئيسى الذى يتم من خلاله استقبال العديد من عمليات التصدير والاستيراد.
وأوضح أنذلك يتوقف على طبيعة البضائع المنتجة ونوعيتها والتى كان يتم نقلهاعبر النقل النهرى مثل بعض الغلال والطفلة والحديد الخردة إلى حلوان، ولكن ذلك كان فى سنوات سابقة.
وأشار إلى أن الوقت الراهن ليس الوقت الأمثل للحديث عن الأرباح والعائد على تلك المشروعات وهل العائد مناسب لما تم إنفاقه من عدمه وإعادة تقييمه؟ ولكن هنا نتحدث عن استرداد التكلفة الاستثمارية كمرحلة أولى، ثم بعد ذلك يتم تقييم الأرباح والعائد هل هو مناسب أم لا؟.
بدوره قال الدكتور محمد محرم نائب رئيس مجلس إدارة جمعية رجال أعمال الإسكندرية سابقاً إن أعمال إنشاء وتجهيز المناطق اللوجستية التى تقع فى نطاق ميناء الإسكندرية يتم إعدادها للمستقبل لخدمة النمو المتوقع فى الحركة على مدار الفترات القادمة وليس الوقت الراهن .
وأشار محرم إلى أن الوضع الحالى يشهد حركة أقل من الطاقة المتاحة فى هذه المناطق، لافتاً إلى وجود تراجع على مدار الأشهر الماضية فى الواردات ، فضلاً عن أن الصادرات ليست كبيرة .
وأوضح محرم أنتشغيل تلك المناطق يحتاج إلى حركة واردات نشيطة وبكميات كبيرة وذلك مع زيادة معدلات الصادرات حتى يتم الاستفادة من هذه المناطق وتشغيلها على النحو الأمثل وتحقيق عائد من تشغيلها.
وأضاف محرم أن حركة الحاويات والواردات التى كانت تنتعش وتزدهر قبل خمس سنوات أو أكثر كانت فى هذا التوقيت تحتاج لوجود مناطق لوجستية وساحات تخزين حيث أن بعض الشركات العاملة فى هذا النشاط لم تكن تجد أماكن متاحة وكانت تضطر توفير مخازن فى خارج الميناء ، وكانت تقوم بالبحث عن أماكن خاصة وغير مستغلة.
واعتبر أنه إذا زادت معدلات الإنتاج وعادت تلك الحركة لما كانت عليه قبل خمس سنوات أو أكثر بالنسبة لحركة الحاويات والواردات من الممكن أن يكون هناك احتياج لهذه المناطق اللوجستية لاستخدامها والاستفادة منها كونها أصبحت موجودة فى الوقت الراهن .
محرم: الأماكن معدة للمستقبل وليست الفترة الحالية
أشار إلى أن الوقت الحالى يشهد وجود طاقات عاطلة، لافتاً إلى أن البعض يرى أنه يتم إعداد رؤية مستقبلية ووضع الخطط لسنوات طويلة قد تصل لخمس سنوات وبالتالى فإن هذه المناطق تم إنشائها وتجهيزها للسنوات المقبلة.
وأوضح أن هناك منطقة فى مدينة برج العرب يمكن أن تتكامل مع تلك الخطط ، مشيراً إلى أن تنشيط المناطق الصناعية يمكن أن يساهم فى تنشيط الحركة فى المستقبل نتيجة زيادة الصادرات .
وأكد على أن تخطيط هذه المناطق يتم فى أماكن جيدة والفكرة مقبولة لكنها اصطدمت بالوقت الراهن الذى تعانى فيه السوق العالمية وحركة الملاحة العالمية من عدة تداعيات وتأثيرات وفى مقدمتها تأثير الحرب الروسية الأوكرانية التى انعكست على أعداد السفن التى كانت تأتى وتصل إلى الموانئ وغيرها من العوامل الأخرى.
أكد الدكتور أحمد الشامى الخبير الاقتصادى أن الخدمات اللوجستية فى موقع مناسب لخط مسار التجارة الداخلية قرب الموانئ، مؤكداً أنه كلما زاد حجم التحميل داخل الموانئ كلما ترتب عليه زيادة تخزين البضائع بالميناء وما تبَعِه من تكدس فى الموانئ .
تابع أن ذلك يتسبب فى فرض الغرامات اليومية التى تتراوح ما بين 50 إلى 200 دولار- والتى تمتد لأسبوع- ويتم بسببها تصدير العملة فى حين أننا فى حاجة للعملة الصعبة، كما تتسبب تلك الغرامات فى ارتفاع سعر المنتج أمام المستهلك.
وأشار إلى أن كلما هو متعلق بالخدمات والإجراءات التى من شأنها أن تخفف التكدس والتحميل وسرعة الأداء التى تندرج تحت بند الخدمات اللوجستية فإن النتائج الإيجابية ستعود على الجميع، بدءًا من الدولة وحتى المستهلك.
وأكد الشامي أن النقل متعدد الوسائط فى شكله وطبيعة تقديمه دائمًا ما يقابله خدمات، والتكامل بين الوسائط والخدمات يؤدى فى النهاية إلى خدمة صحيحة.
وأوضح أنه كلما يكون هناك تكدس يترتب عليه تداول أقل للبضائع وفترة مكوث للمراكب أكثر، وبالتالى ارتفاع تكلفة التشغيل ، ومن ثم ارتفاع نولون الشحن ومن ثم زيادة تكلفة السلعة المُقدمة للمستهلك.
وأضاف الشامي أن إنشاء المناطق اللوجيستية يستهدف الوصول إلى آداء متميز للخدمات ، مشيراً إلى أنه أحيانا تصل تلك النسبة لـ400% من سعر السلعة، إلى أن الخدمات اللوجيستية ستخفف على المستهلك ومن ثم تعمل على رفع مستوى القدرة الشرائية .
ونوه الشامي بضرورة رفع الوعى لدى المواطن بشأن الخدمات التى تُقدم من خلال الدولة والتى تصب فى النهاية لصالحه، مؤكدًا أنه على أرض الواقع إذا كانت الخدمة المُقدمة غير ملموسة ولم ينتفع بها المواطن بشكل مباشر فكأنها كأن لم تكن وغير ذى أهمية، مشيراً إلى أنه لابد من وجود تكامل فيما بين التخصصات والخدمات اتجاه الدولة نحو رؤية سليمة.
وتوفر المنطقة جميع الخدمات اللوجستية بداية من إدارة المخزون، والتغليف، والتعليب، ولصق العلامة التجارية، ومختلف خدمات القيمة المضافة، بالإضافة إلى توفير البنية الأساسية للتصنيع ، كما أنه من المخطط إنشاء ميناء المكس بين الإسكندرية والدخيلة بأطوال أرصفة 3.5 كم وعمق ( 20-18 مترًا).
