أعلنت الحكومة عزمها تدشين خطين ملاحيين منتظمين لربط الموانئ البحرية المصرية بالسوق الأفريقية، فى إطار خطة تستهدف زيادة الصادرات إلى دول «الكوميسا».
وطالب الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ضرورة العمل على البدء فى تشغيل خطين ملاحيين منتظمين، موجها بسرعة عقد اجتماع مع الغرف التجارية والمجالس التصديرية والتوافق على الخطوط الملاحية التى سيتم تشغيلها، وكذلك البضائع التى سيتم تصديرها لدول أفريقيا.
وتم طرح دراسة إمكانية الشراكة مع القطاع الخاص فى دعم وتشجيع مختلف أنواع الصناعات الغذائية، وتذليل المعوقات من أجل زيادة الصادرات والنفاذ إلى الأسواق العربية والأفريقية.
أكد خبراء النقل البحرى والتجارة أن نجاح تدشين خطوط ملاحية إلى أفريقيا بالتنسيق بين المجالس التصديرية، ووزارة النقل وحجم وعدد الفراغات التى يمكن إتاحتها على السفن، فضلا عن أسعار النوالين، بالإضافة إلى تحديد الموانئ التى سيتم دخولها بالتزامن مع بدء تلك الخدمات.
أشار المهندس مروان السماك نائب رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية إلى أن إنشاء خط ملاحى منتظم ومباشر بين الموانئ المصرية وأفريقيا، لابد أولا أن يتم النظر إلى منظومة التصدير للسوق الأفريقية، والتى تحتاج إلى حلول تجارية متكاملة.
وأضاف السماك أن هناك خطوط ملاحية تعمل بالفعل بالربط بين الموانئ المصرية والأفريقية، موضحا أنه يمكن أن تلعب شركة جسور العديد من الحلول للمشاكل الخاصة بحركة التجارة الصادرة .
ولفت السماك إلى مجموعة من المطالب لابد من تحقيقها لتعظيم التجارة البحرية بين البلدين مثل تحديد حجم تجارة وبضائع للتصدير ، ويتم تحصيل ثمن بيعها بالعملة المحلية وإيجاد مخازن للبضائع المصرية لبيعها مباشرة فى الأسواق والتحصيل من خلال حلول بنكية مصرية بهذه الدول، على أن يتم تحويل حصيلة البيع لمصر بالعملة الصعبة وسدادها للمصدرين.
طالب بضرورة مواجهة المخاطر المختلفة خلال عملية التصدير، خاصة وأن خطة شركة جسور تقوم على وجود النقل متعدد الوسائط، بحيث يتم التصدير عبر النقل البحرى، وبعدها يتم النقل بريا إلى مختلف البلاد الأفريقية، وهو ما يحتاج إلى منظومة تأمينية ضخمة تعتمد على الشركات الوطنية العاملة فى هذا النشاط.
أشار أحد رؤساء شركات التوكيلات الملاحية إلى أن وزارة قطاع الأعمال قامت بتنفيذ تجربة تسيير خطوط ملاحية بين ميناء السخنة إلى مومباسا لتصدير البضائع المصرية إلى منطقة شرق أفريقيا، إلا أنه لم يكتب لها النجاح لعدة أسباب.
وأشار إلى أن أهم أسباب صعوبة تنفيذ تسيير خطوط ملاحية لتلك الدول يرجع إلى المنظومة التأمينية للحاويات، خاصة وأن معظمها تدخل لتلك الدول دون الرجوع مرة أخرى، بالإضافة إلى بطء الإجراءات فى عمليات الشحن والتفريغ، والنقل البرى، وهو ما يعمل على زيادة أسعار النوالين المقررة من مصر إلى تلك الدول بأربعة أضعاف ما عليه إلى أوروبا بالرغم من القرب المكانى.
وأكد على أن الاتفاقيات الأخيرة الصادرة فى هذا الشأن من شأنها تشجيع كافة الخطوط الملاحية، خاصة اتفاقية ميركسور والتى ساهمت فى موجة تخفيضات ومنها زيرو جمارك خلال عامين، بالإضافة إلى اتفاقية التخفيضات الجمركية، وهو ما يعمل زيادة التبادل التجارى، وبالتالى تسيير خطوط ملاحية ناجحة فى نقل البضائع صادرات وواردات وليست صادرات فقط.
واعتبر أن أهم تحدٍ هو زيادة الصادرات إلى الدول الأفريقية، ونقص الواردات، وبالتالى ذهاب السفن مليئة بالبضائع وعودتها فارغة، وذلك له تأثير على أسعار النوالين، بخلاف التبادل التجارى بين أوروبا وآسيا ودول الخليج العربى.
أكد سعد صالح مدير سابق بالخط الملاحى الفرنسى سى ام ايه أن تسيير خط ملاحى منتظم لأفريقيا يعتمد على وجود حجم طلب مرتفع وحجم أعمال ضخم يسمح بتجاوز تكاليف تشغيل السفينة، ويحقق ربحية.
وأوضح صالح أنه يمكن التصدير إلى أفريقيا عن طريق موانئ رئيسية مثل جدة أو جيبوتى ويتم النقل عبر الترانزيت لشرق إفريقيا وتصبح طنجة ميناء ترانزيت رئيسى يتم منه التوزيع لدول غرب أفريقيا.
ولفت صالح إلى أن عدم تسيير خطوط مباشرة لأفريقيا لا يمنع من وصول الخدمات الملاحية لتلك الأماكن، وهو ما يحدث بالنسبة لبعض الدول الأوروبية وكذلك الصين وهناك خطوط ملاحية تنطلق من ميناء الأدبية إلى بورسودان.
وقال إنه من الصعب تسيير خطوط مباشرة لأفريقيا بسبب ضعف حجم المنقول منها وإليها لذا يتم نقل البضائع إليها عبر سفن الروافد « الفيدر « حيث لا يتعد حجم المنقول إلى أفريقيا أكثر من 300 حاوية يوميا.
وتابع أن تجارة الترانزيت تعمل على تقليل تكاليف وصول الخدمة إلى أفريقيا مقارنة بتسيير خطوط ملاحية مباشرة.
وأشار صالح إلى أن الحوافز والاتفاقيات مع أفريقيا مثل الكوميسا تعمل على خفض سعر المنتج ووصوله غلى المستهلك ويمكن استغلالها بشكل كبير فى تعظيم حركة التجارة البينية بين البلدين، على سبيل المثال فاستيراد الشاى من كينيا يقل أسعاره كثيرا عن استيراده من سيلان بسبب توقيع نيروبى على اتفاقية الكوميسا.
وأضاف أن كثيراً من الخطوط الملاحية العالمية موجودة بشكل كبير بأفريقيا مثل الخط الإيطالى» ام اس سى « ويعتمد على ميناء توجو والذى يعد مينائها الرئيسى، بالإضافة الى خط ميرسك الذى يتردد بخدمات منتظمة على أفريقيا.
وأكد مدير مكتب أحد الخطوط الملاحية العالمية بمصر فضل عدم نشر اسمه أن معظم الخطوط الملاحية العالمية لديها خدمات ترانزيت لشرق وغرب أفريقيا مثل ميرسك وام اس سى وهاباج لويد .
وأضاف أن قيام الحكومة المصرية بتسيير خطوط ملاحية مصرية إلى أفريقيا يعد مشروعا مكلفا للغاية، خاصة أن المشروع يحتاج الى استثمارات ضخمة متمثلة فى شراء وبناء السفن واستيراد حاويات مملوكة للخط بجانب وجود حجم بضائع يسمح بالتبادل التجارى.
وقال إن هناك حوالى 7 خطوط تذهب بخدمات منتظمة ترانزيت إلى أفريقيا، لافتا إلى أن شكوى المستثمرين من عدم وصول منتجاتهم تعد شكوى فى غير محلها بسبب وجود خطوط كثيرة تذهب فعليا بخدماتها إلى تلك الدول.
أكد محمد سعده سكرتير عام اتحاد الغرف التجارية على ضرورة تفعيل الاتفاقيات الدولية الموقعة بين مصر وبين الدول الأفريقية وتنشيطها لجعل مصر بوابة للاستثمار ومركزاً رئيسياً للسوق الأفريقية.
ويرى أشرف سعد مسؤول سابق بشركة جسور أن الشركة انتقلت تبعيتها من وزارة قطاع الأعمال إلى تبعية وزارة التجارة والصناعة ومازالت قائمة تمارس أنشطتها وتستهدف زيادة حركة التجارة بين مصر وأفريقيا ونجحت فى تأسيس موقعاً ترويجياً للسلع ولم تكن من مهامها تسيير خطوط ملاحية لنقل التجارة البينية بين بلدين.
أشار محمد المصرى مدير اللوجستيات بأحد شركات النقل البحرى إلى أن السوق الأفريقية أصبحت سوقا واعدة خلال الفترة الأخيرة، وذلك نتيجة توجه العديد من الاستثمارات إليها مؤخرا.
وأضاف المصرى أن الأزمة التى قد تواجه هذا المشروع هى أن السفن تقوم بتصدير المنتجات المصرية، دون الرجوع ببضائع فى حالة تدشين خطوط ثابتة سريعة، وبالتالى يكون النولون البحرى سعره مضاعفاً.
وتخوف « المصرى « من تحقيق خسائر للمشروع ما لم يتم عمل تسويق للمنتجات التى يمكن أن يستفيد بها مصر، خاصة فى ظل دخول العديد من الاتفاقيات التجارية والتى عملت على تخفيض الرسوم الجمركية على المنتجات المتداولة بين الدول الأفريقية ذهابا وإيابا، وهو ما يعمل على زيادة التبادل التجارى، كما هو الأمر بين دول أوروبا والخليج العربى وآسيا.
كان اللواء رضا إسماعيل رئيس قطاع النقل البحرى أعلن أن هناك مخططاً لوزارة النقل لفتح السوق الأفريقية، عبر سفن تابعة لوزارة النقل وشركة الملاحة الوطنية، إذ يتم حاليا بناء عدد 2 سفينة متعددة الأغراض حمولة 14 ألف طن، وكذلك قامت شركة الملاحة الوطنية بوضع خطة متكاملة لإحلال وتجديد أسطولها حيث تم شراء عدد 2 سفينة صب جاف خلال عامى 2020 - 2022 وجارى العمل على شراء 2 أخريين صب جاف ليصبح العدد الإجمالى 15 سفينة، منها 14 سفينة صب جاف بحمولة 1.16 مليون طن، وسفينة حاويات حمولة 3 آلاف حاوية.
وأشار إلى أنه من المقرر أن يتم تسيير عددا من السفن المصرية إلى السوق الأفريقية، وذلك عبر امتلاك سفن تابعة لشركة القاهرة للعبارات والتى سوف تقوم بتشغيل اثنتين للعمل بمنطقة البحر الأحمر، وذلك ضمن خطة وزارة النقل بزيادة الأسطول الوطنى الذى يرفع العلم المصرى، وذلك للاستفادة من الاتفاقيات التى انضمت لها مصر مؤخرا، والتى تسمح بالتخفيضات الجمركية بين مصر وتلك الدول.
وشهدت الفترة الأخيرة دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية AFCefta حيز النفاذ، بعد توقيع وتصديق 22 دولة عليها، وتتضمن تسهيل الحركة التجارية بين الدول الموقعة عليها، ولكن على مراحل زمنية متفرقة وليس تطبيقا فوريا.
