أرجع خبراء مصرفيون تراجع الدين الخارجى بنحو 633 مليون دولار النصف الثانى من عام 2023 نتيجة عدة أسباب على رأسها ما انتهجته مصر للسيطرة عليه وتقليصه، وخفض نسبته إلى إجمالى الناتج المحلى وفقا للمستويات الآمنة عالميا ، بالإضافة إلى ما تم مؤخرا من تكثيف الجهود لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وتيسير إجراءات الاستثمار .
وأكد الخبراء أنه مؤشر إيجابى لدفع مراجعات صندوق النقد، مشيرين إلى أنه يمكن أن يكون بداية لتراجع مستمر فى الدين الخارجي، مشيرين إلى انضباط مصر المالى خلال السنوات الماضية، واستعدادها للوفاء بالتزاماتها الخارجية.
وتراجع الدين الخارجى بحوالى 633 مليون دولار خلال النصف الثانى من 2023، ليسجل 164.728 مليار دولار مقابل 165.361 مليار بنهاية مارس الماضي، بانخفاض نحو %0.4 وفقا لتقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
ويأتى ذلك للمرة الأولى خلال العام الجارى بعد تراجعين شهدهما العام الماضي، الأول من 157.801 مليار دولار، إلى 155.708 مليار بنهاية الربع الرابع من العام المالى 2022-2021.
حمزة: بداية لانخفاض مستمر ولكن بشروط
أرجع هشام حمزة الخبير المصرفى أسباب التراجع إلى استقرار سعر الصرف بالبنوك، بالرغم من وجود سعرين للعملة.
وأضاف حمزة أن الاستقرار جاء بعد الشراكات الاقتصادية مثل البريكس، واتفاقية مقايضة مصر والإمارات بالدرهم والجنيه لأول مرة، فضلا عن مشروع السويفت الأفريقي، موضحا أنها عوامل ساعدت فى استقرار سعر الصرف.
ووقعت مصر اتفاقية جديدة مع الإمارات العربية المتحدة تتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصرى والدرهم الإماراتى بقيمة اسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصرى أى نحو 1.4 مليار دولار، و5 مليارات درهم إماراتي.
وتابع أن مصر اعتزمت تقليل الاقتراض من الخارج، فضلا عن تسديدها للديون، موضحا أنها سعت لتقليل المكون الدولارى فى الصناعات قدر الإمكان والإتجاه للمحلي، وبالتالى ساهم فى خفض حجم الاستيراد.
وأفاد أن مؤشرات نمو السياحة ارتفعت بشكل ملحوظ، فضلا عن إعادة مبادرة استيراد السيارات العاملين بالخارج دون رسوم أو جمارك، مؤكد أن كل هذه العوامل خفضت الطلب على الدولار ورفعت المعروض منه تدريجيا فى السوق.
وتوقع أن يكون مؤشراً إيجابياً لصالح مصر قبل مراجعة صندوق النقد الدولي، موضحا أن الطلب الأساسى بتحرير سعر الصرف تحدي، خاصة أن التضخم ارتفع إلى %40 والذى يعد مستوردا ويؤثر على معظم دول العالم.
كانت بيانات صادرة من البنك المركزى أظهرت سداد مصر التزامات خارجية بنحو 24.5 مليار دولار خلال العام الماضى من (يناير إلى ديسمبر) متمثلة فى خدمة أعباء الدين الخارجى بالنقد الأجنبى شاملة الأقساط والفوائد المدفوعة.
وعن رأيه فى إذا كان بداية لتراجع مستمر، قال حمزة أنه ممكنا ولكن بشروط، ومنها زيادة تحويلات المصريين بالخارج، استقرار السياحة، بالإضافة إلى انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر من السلع الاستراتيجية وبالأخص القمح.
وتابع أهمية التوسع فى الاستثمار الأجنبى المباشر، و الرخصة الذهبية، وتسهيل حركة التبادل التجارى بين مصر والدول الأخرى، لتوجيه الأنظار إلى مصر كمركز عالمى لحركة التجارة.
ويبدأ البنك المركزى المصرى تفعيل اتفاقية التبادل بين الجنيه واليوان الصينى مطلع العام المقبل، كما حدث مؤخرا بالاتفاق مع روسيا للتبادل بين الجانبين بالجنيه والروبل.
واختتم حمزة أن هذه الشروط ستكون سببا فى سداد الديون المستحقة على مصر، وتحجيم الاقتراض إلا فى أضيق الحدود وبأسعار فائدة مناسبة.
عبد العال: مؤشر إيجابى ورسالة طمأنة لصندوق النقد الدولى
قال محمد عبد العال الخبير المصرفى إن انخفاض الدين الخارجى بالتدريج مؤشراً إيجابياً ورسالة طمأنة لصندوق النقد الدولي، ودفعه إلى إجراء المراجعات المؤجلة.
وأضاف عبد العال أن هذا العامل يستدعى بعض الوقت، مشيرا إلى أن مصر انتهجت سياسة استراتيجية؛ للسيطرة على الدين الخارجي، وتقليصه وخفض نسبته إلى إجمالى الناتج المحلى وفقا للمستويات الآمنة عالميا.
وأوضح أن مصر لم تتعثر حتى تاريخه فى سداد قسط من أصل أى قرض، سواء كان سندات دولارية متداولة فى الأسواق العالمية، أو قروض، أو ودائع.
وأشارإلى أن كل نقص فى الدين الخارجى يظهرإحصائيا يكون بعد سداد كافة الاستحقاقات.
وأضاف أن كل هذه العوامل ساهمت فيها استراتيجية تقليص الديون التى اتبعتها وزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزي، والتوجه إلى استبدال الديون القصيرة إلى طويلة الأجل، ليظهر جليا فى إجمالى الدين.
وأفاد أن الدولة نتيجة انخفاض الملاءة المالية من مؤسسات التصنيف الائتمانى يحتم عليها تقليص الاقتراض من سوق السندات الأوروبية، قائلا:” طوعا أو رضاءً ستقلص مصر من اقتراضها”.
وخفضت وكالة موديز تصنيف مصر الائتمانى يوم الخميس الماضى من B3 إلى Caa1، مفسرة ذلك بتدهور قدرة مصر على سداد ديونها واستمرار نقص العملة الأجنبية، كما عدلت النظرة المستقبلية إلى مستقرة.
وتابع أن توجه مصر لتوفير سيولة بالنقد الأجنبى بعيدا عن الاقتراض يتماشى مع استراتيجيتها ويحقق متطلبات صندوق النقد الدولي، لتصل إلى 4.6 مليار دولار قبل نهاية العام الجاري، ليتمم المراجعات لتدعم الجنيه المصري، كما أنأن اتباع سياسة مرنة لسعر الصرف شريطة أن تكون مجمعة من خارج إطار الاقتراض تساهم فى تحسين وتقليل الديون.
وذكر أنه كبديل للاقتراض يمكن التوجه لعمل آليات مستحدثة مثل الإسراع فى تحريك برنامج الطروحات الحكومية، الذى ساهم فى توفير منذ شهرين 2.9 مليار دولار مؤخرا، ومليارين آخرين مقرر جمعهما الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن ما أعلنه البنك المركزى المصرى والإمارات وتوقيع صفقة المقايضة التى تمت مؤخرا يوفر سيولة سريعة بالنقد الأجنبى مقابل الجنيه لفترة محددة دون اللجوء للاقتراض.
