أشاد عدد من خبراء الاستثمار بجاذبية قطاع التجزئة فى السوق المحلية فى الوقت الراهن، على الرغم من استمرار ضغوط المرحلة الحالية نتيجة عدة عوامل، وذلك بدعم من العائد الجيد، واستمرار الطلب تزامنًا مع توالى الزيادات السكانية.
وتوقعوا مزيدا من صفقات الاندماج والاستحواذ خلال الفترة المقبلة بقطاع التجزئة، خاصة بين الكيانات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وأوضحوا أن معدلات التضخم التى تؤدى عادة إلى تضرر القوى الشرائية وضعفها، تُعد التحدى الرئيسى أمامها.
وعلى الرغم من ذلك، قالوا إن هذا التحدى لن ينال من جاذبية القطاع خلال الفترة المقبلة، مرجعين حالات التعثر التى مر بها البعض نتجت عن توسعات غير مدروسة.
يُذكر أن صندوق إنفستيك للاستثمار المباشر، أعلن خلال يوليو عام 2019، عن إنهاء عملية استحواذها على شركة «سبينيس – مصر» للتجزئة من أبراج الإماراتية، وفقًا لما انفردت به «المال» حينها.
وخلال أغسطس من العام الماضي، استحوذ صندوق «ازدهار» على نحو %60 من سلسلة زهران ماركت، ومنذ أيام كشفت «المال» أيضًا أن الأولى تسعى للحصول على حصة بسلسلة «ألفا ماركت».
وكشف المصادر لـ”المال» أن المفاوضات بدأت منذ فترة، إذ يبحث الطرفان عدة نقاط هامة بهدف الوصول إلى اتفاق حولها قبل المضى قدما فى إتمام الصفقة.
بداية، قال كريم هلال، الرئيس التنفيذى لمجموعة «كونكورد إنترناشيونال» للاستثمارات، أن «التجزئة» يُعد واحدًا من أكثر القطاعات جاذبية فى السوق المحلية خلال الوقت الحالي.
وأوضح أن جاذبية القطاع، تأتى بدعم من كون السوق المحلية مجتمعا استهلاكيا بطبعه نتيجة توالى الزيادة السكانية، والتى تؤدى دائمًا لرفع معدلات الاستهلاك بمختلف أنواعه سواء فى المأكولات أو الأجهزة المنزلية وغيرها.
وأشار «هلال» إلى أن فئة الشباب الغالبة على المجتمع المحلي، تزيد أيضًا من جاذبية قطاع التجزئة بشكل عام، خاصة أنها كثيفة الاستهلاك، ودائمة الاعتماد على التكنولوجيا.
ونوه إلى أن هناك عوامل أخرى تزيد من جاذبية سلاسل التجزئة، تتمثل فى اعتمادها الحالى على التكنولوجيا الرقمية، سواء فى عمليات الطلب أو الدفع او التقسيط، عبر التعاقد مع عدد من مقدمى تلك الخدمات.
وأضاف أن جميع شركات الدفع تقريبًا لديها تعاقدات مع غالبية سلاسل التجزئة، ما يجعل الإقبال كبيرًا، خاصة من جانب الشباب فيما يخص الأجهزة الإلكترونية بشكل عام.
وتابع أن الأوضاع التضخمية الحالية زادت الطلب على السلاسل التى تخاطب الشرائح المتوسطة، موضحًا أنه بناء على ذلك لديها فرصة كبيرة للنمو.
وشدد على جاذبية القطاع، موضحًا أن لديه فرصة كبيرة للنمو خلال الفترات المقبلة، ورهن وجود صفقات جديدة بحدوث أى استقرار فى سعر الصرف.
ولفت إلى أن توالى زيادة معدلات التضخم فى السوق المحلية ربما تكون هى التحدى الأكبر أمام تلك السلاسل، فى ظل لجوء الأفراد تقليل استهلاكهم والتنازل على سلع بعينها أو بحث بدائل أرخص.
وتوقع مصطفى فوزي، العضو المنتدب لشركة «أسباير كابيتال القابضة للاستثمارات المالية»، أن تشهد سوق التجزئة خلال الفترة المقبلة حالة من التجميع فيما بين الكيانات وبعضها البعض، خاصة الصغيرة ومتوسطة الحجم، بوجود مزيد من صفقات الاستحواذ.
وأوضح أن ذلك سيأتى بغرض تعظيم العائد، خاصة مع توالى ضغوط الظروف الراهنة، التى أثرت على أداء كل القطاعات.
وأوضح «فوزي»، أن سوق التجزئة فى مصر، كانت تعتمد خلال السنوات الماضية على صغار البدالين (البقالين)، ثم بدأ ظهور السلاسل العائلية، حتى تم الوصول للوضع الحالي.
وعلى جانب آخر، توقع أن تواصل كبرى السلاسل الحالية فى السوق المحلية توسعاتها، عبر افتتاح مزيد من الفروع الجديدة، حتى يصبح لديها هيمنة على السوق، وتختفى الكيانات الأخرى الصغيرة.
ولفت إلى أن السلاسل الكبيرة عادة ما يكون لديها قدرة أكبر على التعامل مع الموردين، والبيع للمستهلكين بدعم من توافر العديد من الأقسام التى تضم مزيدا من السلع الاستهلاكية المختلفة.
وأشار إلى أن تواجد غالبية فروع السلاسل الكبرى مثل كارفور ولولو وغيرهما فى المولات التجارية، أصبحت مرتبطة بالترفية أكثر منه للشراء، ما يزيد من عمليات الإقبال عليها.
وتابع أن باقى السلاسل المتوسطة والصغيرة أصبح لها العميل الخاص بها، موضحًا أن التعثرات المالية التى شهدها البعض منهم جاء نتيجة التوسعات غير المدروسة وسوء الإدارة من جانبهم .
واستبعد أن تنال معدلات التضخم المرتفعة التى أثرت على القوى الشرائية بشكل عام فى السوق المحلية، وأدت إلى تراجعها، من جاذبية قطاع سلاسل التجزئة فى السوق المحلية، كونها تتعامل مع سلع دفاعية لا غنى عنها مهما ساءت الأمور .
وقال شريف بلبل، العضو المنتدب والمؤسس لشركة «روكفين» المالية، إن قطاع التجزئة فى مصر ذو جاذبية كبيرة، خاصة أن هوامش الربح التى تحقق من خلالها مرتفعة.
وأضاف أن السوق المحلية بدأت منذ عدة سنوات التحرك نحو السلاسل التجارية أكثر من المحال الصغيرة حتى فى المناطق الشعبية، موضحًا أن الأولى لديها العديد من المميزات، إذ تعتبر منافذ شاملة لبيع كل السلع وتقديم خدمات أكبر إلى جانب تميزها برخص بضاعتها، مقارنة بغيرها نتيجة العروض التى تقدمها.
وأوضح أن من المميزات الأخرى لتلك السلاسل جودة البضاعة أيضًا مقارنة بغيرها، حفاظًا على العلامة التجارية الخاصة بهم.
ولفت «بلبل» إلى أن العديد من تلك السلاسل تمر بحالات تعثر بسبب توسعاتهم غير المدروسة، ما يضطرها لبيع جزء من أصولها فى الوقت الحالي، للخروج من هذا المأزق.
وأوضح أن إدارة رأس المال العامل يعتبر العامل الأهم الذى يميز سلسلة تجارية عن غيرها، إلى جانب دراسة اقتصاديات الحجم، بمعنى أن يتم الموازنة بين التكاليف الثابتة والمتغيرة وهوامش الربح المحققة من خلال المبيعات.
وقال إن وجود تعثرات وتضرر لدى بعض السلاسل هذا لا ينفى جاذبية القطاع، مرجحًا وجود مزيد من صفقات الاستحواذ بالمجال خلال الفترة المقبلة.
وتكهن بوجود تضرر بالوحدات المبيعة عبر تلك السلاسل خلال الفترة الماضية، نتيجة سياسة الترشيد التى بات يتبعها المستهلكون حتى فى السلع الأساسية.
وأوضح ياسر عمارة، رئيس مجلس الإدارة بشركة «إيجل للاستشارات المالية»، إن قطاع التجزئة يعتمد على زيادة العدد السكاني، واستمرارها يعنى مزيدا من الجاذبية له.
وأضاف أن أى استقرار فى المؤشرات الاقتصادية، إلى جانب زيادة نشاط القطاع العقاري، سيصب فى مصلحة تلك السلاسل.
وفسر «عمارة» الربط بين القطاع العقارى وسلاسل التجزئة، موضحًا أن بناء مزيد من المدن يصحبه افتتاح عدد من الفروع لكبرى السلاسل التجارية.
خبراء: تعثر وتضرر البعض جاء بسبب التوسعات غير المدروسة
«هلال»: واحد من أكثر القطاعات جاذبية بدعم زيادة معدلات الاستهلاك محليًا
«فوزي»: نرجح مواصلة الكيانات الكبيرة افتتاح مزيد من الفروع
«بلبل»: هوامش الربح المحققة مرتفعة كونها منافذ شاملة لبيع السلع
«عمارة»: استقرار المؤشرات الاقتصادية وزيادة نشاط القطاع العقارى يصبان فى مصلحتها
