قال خبراء مصرفيون إن تواجد البنوك المحلية بالدول الأفريقية يسهم فى زيادة الاستثمار الأجنبى، نتيجة تسهيل انتقال الأموال بين بلدان القارة، مقترحين عمل مبادرات من قِبل البنك المركزى بفائدة تنافسية، ومنح حوافز وإعفاءات ضريبية؛ لتسهيل مهمة المستثمرين الأفارقة.
وأضافوا أن البنك المركزى والحكومة يعملان بحرص على زيادة المشروعات الصناعية والزراعية لرفع معدلات التصدير، عن طريق مبادرة القطاع الصناعى والزراعى ذات الفائدة المخفضة %11، منوهين بأهمية العمل على زيادة التبادل التجارى مع الدول الأفريقية؛ لكونها تحتوى على العديد من الفرص بفضل عدد سكانها الكبير.
ويمثل التواجد المصرى بالقارة السمراء 4 بنوك هى: الأهلى المصرى، والبنك التجارى الدولى، والقاهرة، وبنك مصر، وقد تواجدت فى 6 دول؛ منها 4 من حوض النيل هى إثيوبيا، والسودان، وكينيا، وأوغندا، بجانب جنوب أفريقيا، وكوت ديفوار.
قال الدكتور أحمد شوقى، الخبير المصرفى، إن الفترة الأخيرة شهدت توجه كثير من البنوك نحو فتح بعض الفروع فى العديد من الدول الأفريقية.
وأضاف أن توسع البنوك المحلية بالسوق الأفريقية يرجع لعدة أسباب، منها أن هذه الدول لم تتسن لها الفرصة للمُضى قدمًا فى عمليات التنمية المستدامة والبنية التحتية، ومن ثم اتجهت البنوك المصرية لفتح أفرع لها هناك لتسهيل عمليات التبادل التجارى والسلعى، وتسهيل الدفع والسداد لعمليات الاستيراد والتصدير التى تتم من وإلى دول القارة.
وأكد شوقى أن دور مصر قيادى بين الدول الأفريقية، وهو ما اتضح جليًّا خلال مؤتمر المناخ "COP27".
وارتفعت قيمة التبادل التجارى بين مصر والدول الأفريقية لتبلغ 8.6 مليار دولار خلال 2022، مقارنة بـ7.5 مليار فى 2021، بنمو نسبته %14.4، وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وذكر أن تواجد البنوك بتلك الدول يسهل جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، موضحًا أن المستثمر الأجنبى يحتاج إلى فروع محلية متواجدة خارجيًّا من أجل تسهيل انتقال الأموال بشكل لحظى.
وأفاد شوقى بأن الموازنة العامة للدولة اعتمدت 7 مليارات دولار لتحفيز الصادرات، لافتًا إلى أن الدولة أقرّت مبادرة دعم القطاع الصناعى مؤخرًا بفائدة %11 لتحقيق إستراتيجية "100 مليار دولار صادرات".
ونوه بأن الفترة المقبلة قد تشهد دعمًا أكبر لملف الصادرات؛ لأنه الطريق الأكثر أهمية لجذب حصيلة دولارية، وقد يتم ذلك عبر منح تسهيلات للمصدرين فى القطاعين الزراعى والصناعى.
من جانبه قال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن البنوك تعمل على دعم الاستثمار الأجنبى بمختلف الأشكال، ومن أهمها توفير التمويل اللازم لكل من يرغب فى الاستثمار داخل مصر بالعملة المحلية أو الأجنبية.
وأكد البيه أن المستثمر عند اتجاهه للاستثمار فى دولة أخرى يحتاج إلى تسهيلات فى شقين، أحدهما يخص إجراءات شراء الأراضى ومكان المشروع، والشق الآخر يتمثل فى توفير مكونات المشروع كالآلات والمُعدات وخطوط الإنتاج وهكذا، متابعًا أن البنوك تعمل على منح تسهيلات لتمويل الشقين.
وتابع أن البنك المركزى ضَمن تحفيز الاستثمار الأجنبى عن طريق إصدار قرارات لتسهيل الإجراءات، وتوضيح التعليمات التى يلتزم بها المستثمرون.
ولفت إلى أن البنك المركزى له دور محورى آخر يتعلق بالحالات الخاصة التى تتعرض لبعض العقبات، من الاستثمار الأجنبى، حيث يتدخل بشكل مباشر لحسم الأمر وتسهيل الإجراءات.
وأشار إلى أن دول أفريقيا من أهم الدول التى تستحوذ على جزء كبير من الصادرات المصرية، حيث يوجد بها فرصًا واعدة تشجع على التصدير بفضل عدد سكانها الكبير.
ونوه البيه بأن حجم الاستثمارات المصرية فى دول أفريقيا وإن كان كبيرًا، إلا أنه لم يصل بعدُ للحجم الذى نطمح إليه، مشيرًا إلى أن السبب فى ذلك يرجع إلى نسب المخاطر.
وأوضح أن البنوك المحلية فى قارة أفريقيا تواجه عددًا من المخاطر، والمتمثلة فى اعتمادات التصدير، حيث قد تتعثر بعض البنوك الأفريقية عن السداد، نتيجة عدم وجود ملاءة مالية كافية.
وذكر أن هناك عددًا من الحلول بدأت البنوك المحلية تنفيذها بالفعل، منها دخول شركات تأمين لضمان حقوق المصدرين المصريين، منوهًا بأن هذا الحل أسهم مؤخرًا فى زيادة نسب التصدير لدول أفريقيا إلى حد ما.
وتابع أن من بين الحلول لمواجهة تلك المخاطر الاتفاق مع عدد من البنوك الأجنبية لتعمل كضامن لعمليات التصدير، مضيفًا أن الآلية فى هذه الحالة تعمل عن طريق التصدير للدولة وتسلم المقابل من البنك الأجنبى الوسيط.
وأوصى البيه بضرورة زيادة حجم التصدير للخارج، والتى تتم عن طريق التعاون بين البنك المركزى والقطاع المصرفى ككل من جهة، وبين الحكومة ممثلة فى الوزارات المختلفة من جهة ثانية.
وقال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، إن البنوك لها دور مهم ورئيسى لدعم الاستثمار الأجنبى المباشر؛ وهو توفير التمويلات المطلوبة للنشاط التجارى وتوسعات الدول الأفريقية داخل مصر.
وأكد أهمية تسهيل عمليات التحويلات الخاصة بالتجارة الخارجية بين المستثمرين الأجانب والدول الأم، والتى يتم الاستيراد منها أو التصدير إليها، بالإضافة إلى تحويل الأرباح الخاصة بالمستثمرين الأفارقة للخارج.
ويأتى دور البنك المركزى بوضع محفزات؛ وهى عدم وضع أى اشتراطات أو عوائق، وحث البنوك على تحويل الأرباح الخاصة بالمستثمرين الأجانب إلى الخارج، فى حال رغبتهم بذلك، وفقًا للخبير المصرفى.
وأضاف عبد المنعم أن المحفزات الأكبر تأتى من قِبل صُناع القرار فى السياسة المالية، مثل إعفاءات وتيسيرات ضريبية، وكذا تخصيص الأراضى بأسعار وشروط ميسَّرة فى حالة الدفع بالعملات الأجنبية، وأخيرًا سرعة وسهولة تأسيس الشركات الأجنبية داخل مصر.
فيما اقترح هشام حمزة، مدير إدارة المخاطر بأحد البنوك الحكومية، أن يطرح البنك المركزى مبادرة بسعر فائدة مميز للقروض التى تأتى عن طريق استثمارات أجنبية مباشرة، على سبيل المثال بنحو 10 إلى %12.
وأضاف أنها ستكون على شاكلة مبادرة سابقة للبنك المركزى منحت قروضًا للمصانع بفائدة مدعمة %5، لكنها انتقلت إلى وزارة المالية.
ودعا حمزة إلى عودتها وتوجيهها للمشروعات المعنية بالاستدامة والاقتصاد الأخضر، فى الأماكن الجغرافية الأكثر احتياجًا مثل بنى سويف أو أسيوط.
وتابع أنه "بالنسبة للبنوك التجارية ومساهمتها المهمة فى الاستثمار الأجنبى المباشر من أفريقيا، إذا أقر المركزى مبادرة الفائدة التنافسية، فستتولى تفعيلها بآليات معينة وتيسير الإجراءات بعد وضع البنك المركزى الضوابط الرقابية".
وأفاد بأن النظام الإلكترونى الموحد لقارة أفريقيا المقترح فى مجموعة البريكس سيسهم أيضًا فى توفير مليارات الدولارات فى كل عملية تسوية أو تبادل.
ويعتزم ما يقرب من 15 إلى 20 بنكًا مركزيًّا الانضمام إلى نظام الدفع والتسوية الأفريقى، المعروف باسم «PAPSS»، بنهاية العام الحالى، والذى يعدّ أحد أهم مبادرات البنك الأفريقى للاستيراد والتصدير (أفريكسم بنك).
حمزة: أهمية طرح "المركزي" مبادرة بفائدة تنافسية
عبد المنعم: يجب إتاحة التحويلات الخاصة بالتجارة الخارجية بين رجال الأعمال والدول الأم
