اتفق خبراء مصرفيون على أن نشر حملات الوعى وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية والأمن السيبرانى من أهم عناصر التصدى لعمليات الاحتيال التى يواجهها العملاء.
وأضافوا لـ«المال» أن الجهاز المصرفى المصرى ماضٍ قدمًا فى عملية التحول الرقمى والشمول المالى، فهو أمر لم يعد رفاهية، مؤكدين ضرورة مواكبة العالم فى التكنولوجيا المالية، كما أن وعى العملاء بأنشطة المحتالين والمخترقين تساهم بشكل كبير فى تنفيذ تلك الاستراتيجية.
أجرت شركة فيزا دراسة حديثة تحت عنوان “ابق آمنًا”، إذ كشفت عن أن الثقة المفرطة للمستخدمين فى مصر تجعلهم عُرضة للوقوع كضحايا لعمليات نصب إلكترونى، وتحذر المستخدمين لكروت الـ”فيزا” لعدم التجاوب مع الرسائل الغامضة التى تحمل فى محتواها كلمات جذابة، مثل “هدية مجانية”، “لقد تم اختيارك”، و”أنت الفائز”.
وتوصلت الدراسة إلى أن تسعة أشخاص من أصل عشرة (%91 مقابل %90 عالميًا) من المُرجح أنهم يتجاهلون علامات التحذير التى تشير إلى نشاط إجرامى عبر الإنترنت، ومعرضين للاحتيال.
وجاء فى الدراسة إلى أن أكثر من نصف الأشخاص فى مصر كانوا ضحايا لعملية احتيال لمرة واحدة على الأقل، %53 مقارنة بالمعدل العالمى البالغ %52.
البحيرى: لا مفر من مواكبة التكنولوجيا
من جانبه قال شريف البحيرى، الرئيس التنفيذى لشركة مصر للابتكار الرقمى، إنه لابد من العمل على نشر التوعية بأساليب الاحتيال المختلفة، من أجل حماية العملاء.
واستبعد البحيرى تأثير نتائج هذه الدراسات على عملية التحول الرقمى، مؤكدًا أنه لا مفر من مواكبة التطور التكنولوجى.
وأوصى المؤسسات المالية بضرورة تكثيف نشر الوعى، ووضع الاستثمار فى البنية التحتية التكنولوجية والأمن السيبرانى ضمن الأولويات القصوى لها.
وذكرت فيزا فى الدراسة أن غالبًا ما يتظاهر مجرمو الإنترنت بمدى إلحاح وعُجالة رسائلهم لدفع الأشخاص لاتخاذ إجراء، مثل النقر على رابط أو الرد على الراسل.
كما أن هناك نسبة تصل إلى %41 من المستهلكين المحليين (مقارنةً بنسبة %40 عالميًا) ينخدعون فى الرسائل بشأن المخاطر الأمنية، مثل كلمة مرور مسروقة أو انتهاك لبيانات.
ناجى: المخترقون يتطورون بسرعة فائقة
وفى السياق ذاته، قال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى المصرى، إن نتائج دراسات التعرض لعمليات الاحتيال تؤثر على ثقة العملاء فى التحول الرقمى، كتعرض بطاقاتهم الائتمانية أو مسبوقة الدفع أو الخصم المباشر للسرقة؛ فهى تنشر رسائل سلبية لباقى المستخدمين.
وأضاف ناجى أن كل عميل غير راضٍ عن تجربته مع البنوك، خاصة من ناحية التكنولوجيا المالية، يؤثر فى المقابل على 10 عملاء راضين تقريبًا، وبالتالى تكون المحصة التأثير ككل على عملية الشمول المالى والتحول الرقمى.
واعتقد أن إجراء دراسة شركة فيزا تمت على عينة عشوائية محدودة تمثل فئات الشعب، مرجحًا أنه لذلك قد تكون نسبة 91% مبالغ فيها، فهى تعنى أن كل 10 عملاء معرض منهم 9 عملاء للاحتيال، وهذا غير صحيح.
واتفق ناجى مع الدراسة فى أن نسبة العملاء المصريين المعرضين للاحتيال تفوق الـ %50، معللاً أن دراسة فيزا قد تكون استخدمت أساليب حديثة للاحتيال كإرسال رسائل نصية تحتوى على روابط على الهاتف المحمول أو ما شابه.
وأكد على أن المخترقين دائمًا ما يتطورون بسرعة فائقة، كما أنهم يستثمرون فى مهاراتهم طوال الوقت لمواكبة التكنولوجيا بل وللتفوق عليها فى كثير من الأحيان.
وأوصى نائب رئيس البنك العقارى بأنه لا مفر من العمل على تكثيف التوعية لكل أنواع العملاء بالطرق الجديدة لعمليات الاحتيال والنصب الإلكترونى، سواء من خلال خدمة العملاء أو رسائل تحذيرية أو حملات توعية، مؤكدًا على سير المصارف الكبيرة كالأهلى ومصر والتجارى الدولى بالفعل فى هذا الاتجاه؛ نظرًا لأنهم يستحوذون على قاعدة كبيرة من العملاء، وكذلك كافة البنوك العاملة فى القطاع المصرفى.
وأشار إلى أن ثلث استثمارات الجهاز المصرفى تقريبًا يتم وضعها فى تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبرانى، موضحًا أنه منذ 5 سنوات كانت تلك النسبة لا تتعدى %5، وهو ما يشير إلى تطور البنوك فى قدراتها للتصدى للمخترقين.
وأكد على أن دور الجهاز المصرفى فى أى دولة يكمن فى الحفاظ على بيانات وأموال العملاء، وبالتالى مع التطور التكنولوجى أصبح لا مفر من العمل المستمر على رفع كفاءة نظم أمن المعلومات والأمن السيبرانى.
وأفاد أن البنك المركزى وضع قواعد صارمة فى هذا الشأن، بموجبها تلتزم كافة البنوك بخطط محدد واستثمارات فى مجال تكنولوجيا المعلومات.
ولفت إلى أن المواطنين سيساهمون بشكل كبير فى تنفيذ خطة مصر 2030 والتحول ناحية اقتصاد أقل “كاش”، ولكن ذلك يتحقق مع نشر التوعية وزيادة ثقة العملاء فى عملية التحول الرقمى.
الشربينى: دائمًا ما يواكب التحول الرقمى نمو الوعى
واتفق خبير التحول الرقمى إبراهيم الشربينى مع وجهه النظر السابقة، إذ أفاد أن التوعية هى الحل للحد من حالات الاحتيال.
ونوه أن الروابط التى يتم إرسالها فى رسائل نصية هى الفخ الذى يسقط فيه عدد ليس بالقليل من العملاء، منوهًا ضرورة عدم فتح تلك الروابط أو لصقها على موقع إلكترونى.
وأفاد أن معظم البنوك تعمل على تدعيم حسابات العملاء عن طريق الرقم السرى المستخدم لمرة واحدة فقط “one time password” من أجل تقليل عمليات الاحتيال، وزيادة عنصر الأمان.
وأوصى الشربينى العملاء بضرورة قراءة الرسائل النصية بحرص، مشيرًا إلى أنه أحيانًا يقوم المحتالون بإرسال الرسائل باسم البنك، ولذلك لابد من التأكد أن المرسل هو الرقم الرئيسى للبنك وليس رقم هاتف محمول أو رقم أرضى.
وأشار إلى أن عملية التحول الرقمى دائمًا ما يصاحبها تقدم فى وعى العملاء، مؤكدًا أن مسؤولية نشر الوعى تقع على عاتق الدولة ممثلة فى البنك المركزى، والجهاز المصرفى، وكذلك على العملاء أنفسهم.
