تلوح فى الأفق أزمة جديدة محتملة فى الاقتصاد العالمى وذلك فى ضوء التباطؤ الذى يشهده معدل نمو الاقتصاد الصينى ، وأظهرت المؤشرات الاقتصادية الصادرة يوليو الماضى معاناة بكين بعد ارتفاع معدل البطالة الإجمالى إلى %5.3، وتراجع الإنتاج الصناعى إلى %3.7، فضلًا عن خفض البنك المركزى تكلفة الاقتراض فى محاولة للمساعدة فى تعزيز النمو.
وتراجعحجم الاستثمارات فى السوق العقارية ببكين بصورة حادة، إذ يعانى عملاق العقارات “كانترى غاردن” من القدرة على سداد ديونه البالغة 159 مليار دولار، فيما تقدمت شركة العقارات الصينية “إيفرجراند جروب” مؤخرا بطلب لإشهار إفلاسها فى الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن اقتصاد الصين أظهر تحسنًا طفيفا خلال شهر أغسطس الماضى إذ ارتفعت مبيعات التجزئة، (المؤشر الرئيسى لاستهلاك الأسر) بنسبة %4.6 فى الشهر الماضى بالمقارنة مع نفس الفترة من 2022، كما تسارعت وتيرة الإنتاج الصناعى محققة نموا بنسبة %4.5، إلا أن المخاوف من تلك الأزمة مازالت قائمة، وفقًا لخبراء اقتصاد عالميين.
وتحاول «المال» فى هذا التقرير معرفة آراء الخبراء بشأن التأثير المحتمل للأزمة الصينية على الاقتصاد المصرى، والفرص التى من الممكن توافرها فى هذا السياق لاسيما وأن بكين تعتبر أكبر شريك تجارى لمصر.
فى البداية استبعدت منى بدير محلل الاقتصاد الكلى أن يكون للأزمة أى تأثير مباشر على السوق المحلية.
وأضافت “بدير” فى تصريحات لـ”المال” أنه من الممكن أن تستفيد مصر من خفض معدلات الفائدة لدى الصين والدول الأسيوية حال الاقتراض من تلك الأسواق والتى ستكون منخفضة التكلفة بالمقارنة مع أخرى أوروبية.
ولفتت إلى أن الصين تعتبر أكبر مستهلك فى العالم، مشيرةً إلى أن التباطؤ فى اقتصادها سيكون له تأثير على الأسعار العالمية الخاصة بالبترول والمواد الغذائية، وهو ما سيعود بالنفع على مصر لأنها مستورد لتلك المواد.
وكانت مديرة صندوق النقد الدولى كريستينا جورجيفا أعلنت مؤخرًا أن الصندوق يخطط لإخطار الصين بضرورة تعزيز الاستهلاك المحلى الضعيف، ومعالجة قطاع العقارات المضطرب وكبح الديون الحكومية المحلية.
وأشارت مديرة الصندوق إلى أن شيخوخة السكان فى الصين وتراجع الإنتاجية يلعبان دوراً سلبيا لمعدل النمو لديها، هذا بجانب تحول الشركات فى أمريكا وأوروبا لسلاسل التوريد بعيداً عن بكين.
وحذرت مديرة الصندوق من أنه بدون إصلاحات هيكلية فإن مستويات النمو فى الصين على المدى المتوسط قد تسجل مستويات أقل من %4.
ورأى الدكتور سعيد البطوطى المستشار الاقتصادى لمفوضية السفر الأوروبية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا، أنه لا توجد أزمة اقتصادية فى الصين بالصورة التى تظهرها التقارير العالمية.
وأضاف “البطوطي” أن الصين وأوروبا والولايات المتحدة هم أكبر 3 قوى تجارية فى العالم، مشيرًا إلى أنه قبل وباء كورونا كانت حصة بكين من الصادرات العالمية تصل إلى %17، يليها الاتحاد الأوروبى بنسبة %16، ثم الولايات المتحدة بنسبة %14.
وتابع أن تجارة الصين نمت مع أمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبى 26 ضعفا من عام 2000 إلى عام 2020، موضحًا أن التبادل الاقتصادى بين أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى من ناحية والصين من ناحية أخرى ستتضاعف لتصل إلى حوالى 700 مليار دولار بحلول عام 2035.
ولفت “البطوطي” إلى أن الصين سوق سياحى ضخم لاسيما وأنها تصدر للخارج سنويًا نحو 155 مليون سائح ينفقون 250 مليار دولار، مشيرًا إلى أن مصر تعتبر من الدول المفضلة لدى السائحين الصينيين، وبالتالى فلن تتأثر حجم الحركة الوافدة من هذه السوق إلى الخارج بالسلب.
وأشار إلى أن وباء كورونا أدى إلى عزلة السياحة الصينية عن السوق العالمية خلال السنوات الـ 3 الماضية مما أدى إلى تراجع الصناعة بما يقدر بـ 840 مليار دولار، بما يعادل %16 من إجمالى الإنفاق البالغ 1.7 تريليون سنويا على السياحة العالمية.
وشدد على أن الصين ليست اقتصادًا قويًا فحسب، ولكن أيضا رائدة عالمية فى السياحة، وأكبر مستهلك للسفر الدولى، مضيفًا أن العديد من الوجهات تتوق لعودة السائحين الصينيين.
وتابع أن هناك طلباً متزايداً من السوق الصينية على دول جنوب شرق آسيا، وبعض دول الشرق الأوسط وأفريقيا، متوقعا نموًا كبيرًا فى أعداد السائحين الصينين لتلك الوجهات العام الجارى.
كان السفير الصينى بالقاهرة لياو لى تشيانغ صرح سابقًا بأن الصين تعتبر أكبر شريك تجارى لمصر منذ 2014، موضحًا أنه فى عام 2021 بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 20 مليار دولار، لكنها تراجعت العام الماضى 2022 نتيجة التأثيرات المتعددة الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعيات كورونا.
