مخاطر الكوارث الطبيعية تتطلب تعديلات في الاكتتاب

أكد خبراء التأمين أن الكوارث الطبيعية الخطيرة من أهم التحديات التى تواجه الدول والحكومات فى المستقبل، خاصة وأن الاستعدادات الحالية لمواجهة تداعياتها

Ad

أكد خبراء التأمين أن الكوارث الطبيعية الخطيرة من أهم التحديات التى تواجه الدول والحكومات فى المستقبل، خاصة وأن الاستعدادات الحالية لمواجهة تداعياتها قد لا تكون كافية، بالإضافة إلى نقص الوعى التأمينى العام بأخطار الظواهر المناخية غير المعتادة والطارئة، كما أن مظاهر القلق باتت واضحة لدى العديد من الدول حول العالم إزاء استمرار تداعى تلك الظاهرة بهذه الصورة.

وبيّنوا أن الأمم المتحدة قادت الجهود الدولية لمواجهة التغيرات المناخية منذ عقود، فعقدت العشرات من المؤتمرات الدولية الخاصة بتلك القضية، ويعد اتفاق “باريس للمناخ 2015” أهم إنجازات تلك الجهود، إذ إنه يمثل اتفاقا دوليا غير مسبوق للتصدى للاحتباس الحرارى، والذى تعهدت فيه 195 دولة وقعت عليه بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية باتخاذ جملة من الإجراءات والقرارات المتعلقة بالمناخ، للتصدى للاحتباس الحرارى، وفى انتظار تحرك مثله للكوارث الطبيعية.

الكوارث الطبيعية.. لا بد من تعديلات فى الاكتتاب

قالت أمانى الماحى رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو فريق إعادة التأمين بالشركة المصرية لإعادة التأمين سابقا إن الكارثة الطبيعية حسب منظمة الأمم المتحدة هى حالة مفجعة يتأثر بها نمط الحياة اليومية بشكل مفاجئ، ويصبح الناس نتيجتها فى حاجة إلى حماية وملجأ وعناية طبية واجتماعية واحتياجات الحياة الضرورية الأخرى، وتتنوع تلك الأخطار إذ يوجد منها العواصف والفيضانات والهزات الأرضية والانفجارات البركانية.

وأضافت إليها قائمة الأخطار الطبيعية التى تتعرض لها مصر، ومنها الأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة وموجات الصقيع وارتفاع درجات الحرارة، إذ أن كل تلك الظواهر وأكثر لها تأثيرات قوية على الأفراد والشركات، مؤكدة على أن التغيّرات المناخية لم تدع مجالا للشك فى إمكانية حدوث أى كارثة مهما كانت غير واردة.

وتابعت أن الخطر الذى يغطيه التأمين حادث احتمالى مستقبلى بمعنى أنه قد يقع أو لا، دون أن يتوقف وقوعه أو عدمه على إرادة أحد، بل إن ذلك موكول إلى القدر وحده والظروف، كموت العميل أو بقائه حيا إلى وقت معين، أو غرق البضاعة، أو حريق المنزل المؤمّن عليه، فكلها أمور محتملة، فالإشارة الضمنية لوجود درجات مختلفة للضرر توحى جميعها بتباين تأثير ذلك الشك، وقد تكون أسبابه من جراء سبب واحد أو عدة منها.

وأكدت أن البلاد الأكثر تضررا من أخطار الكوارث الطبيعية دول العالم الثالث والأقطار الصاعدة فى الاستثمارات إذ تضررت بشدة، بينما لا يغطى التأمين سوى 3 % من الخسائر المحتملة فى الأسواق الناشئة، مقابل 45 % فى البلدان المتقدمة.

وأرجعت أسباب ضعف انتشار التأمين ضد الكوارث الطبيعية إلى انخفاض التوعية المطلوبة بأهميته، فضلا عن ارتفاع أسعار تلك التغطيات باتفاقيات الإعادة العالمية.

وأوضحت أن بعض الأخطار الطبيعية قد تُلحق خسائر فادحة بالاقتصاد العالمي، إذ يتعين على الحكومات تغطية تكاليف جهود الطوارئ والإغاثة، وكذلك عمليات إعادة الإعمار، ومع ذلك فإن معظم تلك البلدان غير قادرة على الوصول إلى أسواق التأمين الدولية، لتغطية نفسها ضد تلك الالتزامات الطارئة.

وشددت على أهمية تأسيس مجمعة لتأمين الأخطار الطبيعية بالتنسيق مع الاتحاد المصرى للتأمين، مشيرة إلى أن الأمر غدا ضروريا بعدما خلف زلزال المغرب أكثر من ألفى قتيل وما يقرب من 3 آلاف جريح، ولا سيما كذلك بعد الخسائر التى ألحقتها العاصفة “دانيال” بدولة ليبيا، الأمر الذى يؤدى إلى عديد من الخسائر، سواء بالممتلكات أو على حياة الإنسان.

وطالبت بفرض التأمين على الكوارث الطبيعية إلزاميا فى بعض أنواعه، بما يسهم فى رفع عبء التعويضات عن الخزانه العامة للدولة.

وأفادت بأن مخاطر الكوارث الطبيعية المتطورة تتطلب تعديلات فى الاكتتاب، حيث يؤثر ارتفاع الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية بقوة على سوق إعادة التأمين على الممتلكات، وكما يتضح من الأحداث العديدة التى شهدها العالم فى عام 2023، تستمر ملامح المخاطر فى التطور.

وتوقعت أن تتكرر الخسائر المؤمنة لتتعدى 100 مليار دولار سنويا، مرجحة أن يظل الطلب على إعادة التأمين على الممتلكات فى حالات الكوارث الطبيعية مرتفعا، خاصة بعد الزلزال الذى ضرب المغرب مؤخرا بقوة 6.8 درجة على مقياس ريختر فى الثامن من سبتمبر الجارى، فى حين أن الفيضانات تخلق منطقة كوارث فى ليبيا من جراء العاصفة دانيال.

ضرورة ملحة

وقال محمد الغطريفى إن سبب عدم لجوء شركات التأمين لتوفير وثيقة مستقلة صراحة للمخاطر الطبيعية وتوفيرها من خلال تضمينها وثائق أخرى (كالحريق والأخطار الإضافية) يكمن أحيانا فى عدم إمكانية التنبؤ باحتمالات الخسارة التى يمكن أن تنجم عن تلك الكوارث، حيث إنها نتاج عن الظواهر الطبيعية دون دخل للإنسان ، مثل الزلازل والبراكين وحرائق الغابات، ومن ثَم فإن ذلك يرتب عليه صعوبة تحديد قسط التأمين على العملاء، فى ضوء حجم الأضرار المتوقعة.

وعزا وجود ذلك النوع من التأمين فى كثير من الدول إلى كثرة تلك المخاطر بها، فضلا عن معرفتها المكتسبة مسبقا فى التنبؤ بما أطلق عليه «معدل الخسارة» أو حجمها، من خلال الدراسات المناخية ونشرات مراكز الأرصاد، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا والوسائل الحديثة فى تحديد قوة ووقت الكارثة، وهذا ما جعل تلك المؤسسات تتفوق فى الاستعداد لتلك الأحداث، بينما لم تصل العديد من البلدان الأخرى إلى تلك الدرجة من «الدراسات الإكتوارية الطبيعية»، على الرغم من احتمالية تعرض معظمها لبعض تلك الظواهر نسبيا، كالسيول والأمطار ، إلا أنها لا تسبب أضرارا جسيمة كالبلدان التى تحيق بها تلك الظواهر متأثرة بالتغيرات الحادثة فى المناخ لديها، ومنها الأعاصير.

وأكد على أهمية تصميم منتجات تأمين مستقلة لتغطية المخاطر الطبيعية تقابل المخاطر الناتجة عن التأثر بتغيرات المناخ التى تواجهه، مما سيضر الأنشطة الزراعية والإنتاج الحيوانى، ومن ثَم فإن تلك الكوارث تتبلور فى نطاق واحد يجمعها.

واقترح تماشيا مع التسليم بوجود تلك الظواهر أن تُنشأ مجمّعات تأمينية لتلك المخاطر التى تتعدى خسائرها إمكانية شركة بمفردها، نظرا لضخامة ما ينجم عنها وذلك أسوة بالمجمعات النووية، أو على الأقل بأن تُنشأ مجمعات تأمينية بكل منطقة جغرافية تجمعها تعوضها عن التعرض لتلك الأخطار، كالفنادق التى تقع فى طرق مخرات السيول، حتى تجمع أكبر عدد من العملاء الراغبين فى الحصول على تغطية الخسائر الناجمة مما لا تحمد عقباه من فجاعة الكارثة.

وثمّن ضرورة نشر الوعى لدى الأنماط العديدة والمختلفة من المواطنين، مع إذكاء ثقافة «ثمن الحماية» فى نفوسهم، إذ ليس من الضرورى الحصول على استفادة مادية جراء التأمين بشتى أنواعه، وإنما الوصول إلى الطمأنينة على الأموال والممتلكات والنفس له ثمن فائق يتعدى كونه مجرد أقساط تسدد لشركة من مؤسسات القطاع.

التعويل على الوعى

وقال الدكتور علاء العسكرى أستاذ التأمين بكلية التجارة بجامعة الأزهر إن هناك نوعين من المخاطر الطبيعية التى تنوء بها البلدان الأول هو الخطر العام، والذى يلحق الضرر بعدد هائل من السكان ومجتمع كبير من البشر مما يعد كارثة طبيعية، بينما الآخر هو «الخاص» بمعنى أنه لا يلحق ضررا سوى بعدد محدود من البشر ومجتمع محصور ولا يوصف بالعمومية، ولذلك فإن النوع الأول لا يمكن لشركات التأمين تحمله ولا يقبله معيدو التأمين من الأساس، بينما الآخر يمكن حصره وتحديد أقساطه وإرفاقه بوثائق التأمين من خلال ملاحق خاصة تحدد كل خطر ومدى تحمل الشركات له ولا توجد له وثائق منفردة نظرا للأمن المناخى المعتاد بمصر، والذى بدأ فى التغير حديثا.

وأرجع ضعف انتشار هذا النوع من التأمين -بإلحاق المخاطر الطبيعية بالوثائق- إلى انخفاض التوعية المطلوبة بأهميته، فضلا عن ارتفاع أسعار تلك التغطيات باتفاقيات الإعادة العالمية، مشيرا إلى أن انخفاض الوعى التأمينى بمصر بسبب مستويات الدخول بها، مقارنة بالأسواق الأخرى التى ترتفع فيها مستويات الدخول ويرتفع فيها الإقبال على شراء الخدمات التأمينية، حيث أن الفرد قد يكون مدركا لأهمية التأمين لكنه لا يعلم أى نوع من المنتجات هو فى احتياج إليه.

وأوضح أن بعض الأخطار الطبيعية قد تُلحق خسائر فادحة بالمالية العامة إذ يتعين على الحكومات تغطية تكاليف جهود الطوارئ والإغاثة، وكذلك عمليات إعادة الإعمار ومع ذلك، فإن معظم هذه البلدان غير قادرة على الوصول إلى أسواق التأمين الدولية لتغطية نفسها ضد تلك الالتزامات الطارئة.

وأشار إلى أن إنشاء مجمعة للكوارث الطبيعية قد غدا ضروريا جدا بعد التغيرات المناخية العنيفة وغير المتوقعة، فقد باتت مصر تجتاحها أمطار غزيرة وارتفاع فى درجات الحرارة والبرودة؛ الأمر الذى يؤدى إلى عديد من الخسائر، سواء بالممتلكات أو على حياة الإنسان، مطالبا بفرض التأمين على الكوارث الطبيعية فى بعض أنواعه، مما يسهم فى رفع عبء التعويضات عن الخزانة العامة للدولة.

وأشاد بنجاح فكرة المجمّعات التأمينية عمليا فيما لاحظه بعين أكاديمية؛ إذ هى تخفف عبء وقع الخسارة على الشركة الواحدة من كيانات المجال، بما تعمل به من استراتيجية توزيع الضرر على العديد من مؤسسات القطاع.

وعزا عدم اهتمام العميل بقراءة الشروط والاشتراطات الموجودة بوثيقة التأمين إلى قلة الوعى، مما قد يتسبب فى ظهور مشاكل عديدة مع الشركات، فضلا عن أن عدم الالتزام بتنفيذ توصيات شركات التأمين عند معاينة الممتلكات المراد تأمينها وإعطاء الأولوية المطلقة لسعر التأمين وقيمة القسط بغض النظر عن الخدمة التأمينية المقدمة من خلال الشركة أو المنتج التأمينى الذى يفى باحتياجاته من عدمه.

وأضاف إلى أسباب قلة الوعى التأمينى؛ شعور الأفراد بعدم أهمية الأخير وأن التكلفة التى يدفعها لشراء التأمين عبء وثقل يرهق ميزانيته، مشيرا إلى وجوب الرجوع للهيئة العامة للرقابة المالية للاستفسار عن المسائل التأمينية التى قد تواجه العميل، الأمر الذى يزيد من الوعى بدور الهيئة فى حماية حقوق حملة الوثائق والمستفيدين منها.

وبيّن أن الوعى التأمينى لدى المتعاملين ما زال موضوع الساعة وكل ساعة بالنسبة لقطاع التأمين، حيث يعد من أبرز مشكلاته ويحتاج إلى أساليب مبتكرة لتنميته لدى الأفراد والعملاء من خلال استصدار مجموعة من التأمينات الإجبارية، إذ لا بد من مخاطبة الدولة لإصدار تشريعات جديدة تعمل على إلزام المجتمع بشراء أنواع من التأمين بشكل إجبارى، مثل إلزام أصحاب الأعمال بشراء تأمين مسئولية رب العمل نظرا لارتباطه بحجم الضرر الواقع على العامل، وكذلك مسئولية المنتجات وغيرها من الأنواع، وتأمينات المسئولية المهنية للعديد من أصحاب المهن وتأمين المنشآت بقيمة أقساط منخفضة.

وثمّن ضرورة تطوير المنتجات بابتكار «جديدة» تلبى رغبات قطاع كبير من العملاء وتحسين المنتجات الموجودة بما يتناسب واحتياجات السوق المصرية، وعدم الاعتماد على الأساليب النمطية، فضلا عن وجوب أن تتابع شركات التأمين مستوى قياس خدمة العملاء، بهدف تحقيق السرعة الواجبة لمواجهة مشاكلهم وإيجاد حلول لها.

ودعا الشركات للاتجاه إلى التأمينات الصغيرة ومتناهية الصغر والتى تستهدف الفئات الفقيرة حيث إن عليها دور كبير فى التوعية بفوائد التأمين، من خلال توفير التغطيات التى تتناسب مع دخول واحتياجات تلك الفئات، كما تولى نسبة كبيرة من الشركات العاملة بالسوق أهمية كبيرة لهذا النوع من التأمين فى إطار دورها فى حماية محدودى الدخل.

الماحى: لا بد من فرضها إلزاميا لبعض الأنواع

الغطريفى: أهمية تصميم منتجات مستقلة

العسكرى: المجمعة أصبحت ضرورة بعد الحوادث الدامية