استبعد خبراء اعتماد عملة موحدة لتجمع «البريكس»، نظرا لوجود منافسة قوية من قبل الدولار واليورو فى حصصهم داخل التجارة العالمية، بالإضافة إلى أنه مجرد اقتراح لا يمكن تطبيقه فى القريب العاجل ولا يوجد توافق عليه أو آلية واضحة لتطبيقه.
واقترحوا نظاما جديدا إليكترونيا كبديل؛ لتسوية المعاملات المالية لدول التكتل الاقتصادى، بعيدا عن نظام سويفت العالمى، فضلا عن إصدار عملة رقمية يتولى إصدارها بنك التنمية الجديد، ويتم تقويمها بسلة من عملات الدول الأعضاء والذهب وبعض منتجات الطاقة والموارد الطبيعية.
ومن المقررأن تمارس مصر دورها الفاعل فى تجمع «البريكس»، بداية من يناير 2024، بعد إعلان القادة فى أغسطس الماضى، عن انضمام 6 دول جديدة إلى التكتل الاقتصادى، من بينهم 3 دول عربية هم مصر والسعودية والإمارات، فى خطوة تستهدف تقوية التحالف وتعزيز دوره العالمي
قال الدكتور عز الدين حسانين، الخبير المصرفى، إن مسألة اعتماد عملة موحدة للتكتل الاقتصادى، سبق واقترحته البرازيل إلا أنه قوبل بالرفض من جانب الهند والصين على الأقل فى الفترة الحالية.
ووفقا لاجتماعات الدول الأعضاء ، فإن الرئيس البرازيلى وحده كان أبرز المتحمسين لفكرة العملة الموحدة، فقبل قمة بريكس الأخيرة، قال المنظمون إن مقترح العملة المشتركة لم يدرج على أجندتها.
ويعتقد الخبير المصرفى أنه سيكون من الصعب تطبيق العملة الموحدة؛ نظرا للاختلاف فى الهياكل الإنتاجية بين دول المجموعة وحجمها فى الاقتصاد العالمى.
ووفقا لبيانات صادرة عن مجموعة البنك الدولى، الصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد أمريكا بحجم ناتج محلى إجمالى نحو 18 تريليون دولار، وكذلك الهند التى تحتل المركز الخامس عالميا بحجم 4 تريليون دولار، أما البرازيل تحتل المرتبة العاشرة بحجم 2 تريليون دولار، والدول الثلاثة من دول أكبر تجمع اقتصادى عالمى هو مجموعه العشرين G20 .
وأضاف أن الصين تحاول جاهدة زيادة حصة اليوان فى الأسواق العالمية، حيث إنه ما زال يحتل حصة أقل من الين اليابانى الذى يستحوذ على 5.5 % من حجم التبادلات التجارية العالمية، وأيضا بعيدا عن الدولار الكندى الذى يمثل 4.5 % ، أما اليوان الصين فيمثل تقريبا 3 % من حجم التعاملات للتجارة على مستوى العالم.
ومازال يستحوذ الدولار على الحصة الأكبر من حصة العملات الأجنبية فى المعاملات التجارية بحصة تتجاوز %65 يليه اليورو بحصة %25، فاليوان الصينى يعتبر منضم حديثا لسلسلة العملات الرئيسية العالمية المعترف بها من صندوق النقد الدولى والتى تم ادراجها فى الأول من أكتوبر 2016، وفقا للبيانات الدولية .
وأكد الخبير المصرفى أن الصين تبحث زيادة حصة اليوان فى السوق العالمى، وبالتالى لن توافق على عملة موحدة بخلاف عملتها للتبادل التجارى بين دول المجموعة، مستنكرا أن توافق أيضا السعودية صاحبة المركز 15 ضمن مجموعة العشرين العالمية بحجم ناتج محلى 1.1 تريليون دولار على إلغاء عملتها المحلية واستبدالها بعملة جديدة داخل البريكس، وغيرها من الدول الأعضاء.
وأشارحسانين، إلى أن روسيا التى تبحث تداول الروبل عالميا بعد أن أجبرت العديد من دول الغرب على البحث عن عملتها ، من أجل تسوية معاملاتهم معها فيما يخص واردات هذه الدول من الغاز والحبوب الروسية ( روبل أو ذهب ).
لذا استنكر الخبير المصرفى صعوبة الإتفاق على وجود عملة موحدة فى ظل وجود منافسة شرسة من الدولار واليورو فى حصصهم داخل التجارة العالمية.
وتوقع حسانين أن يوفر«البريكس» نظاما جديدا إليكترونيا لتسوية المعاملات المالية دوليا بعيدا عن نظام سويفت العالمى، على أن يستخدم النظام الجديد فى تسوية التجارة البينية بين دول التكتل، مشيرا إلى أنه يمكن تطوير أنظمة المدفوعات ودمجها تحت نظام واحد يخدم الدول الأعضاء.
وتستخدم البنوك العالمية الكبرى “سويفت”، أو جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، للتواصل مع بعضها البعض وتسهيل صفقات العملات بين البنوك.
يذكر أن روسيا لديها نظام مير للمدفوعات المالية تحسبا لحظر تعاملاتها على نظام سويفت، ومصر من ضمن اعضاؤه منذ عام 2022 والصين أيضا لديها نظام CHIPS.
وبالمثل استبعد مدحت نافع، الخبير الاقتصاى وأستاذ التمويل، اعتماد عملة موحّدة لدول «البريكس» فى أى وقت قريب.
وقال نافع إن الأسباب كثيرة، فى مقدمتها ما سبق التأكيد عليه كون مختلف التجارب الدولية السابقة، ترجّح فشل الدول الأكثر تجانسا وتقاربا جغرافيا وفلسفة وتوجّها فى تحقيق حلم العملة الموحّدة، إلا بفاتورة كبيرة من التنازلات، أبرزها التنازل عن السيادة الوطنية على العملة.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن تجربة اليورو قد كلّلت بنجاح نسبى، ولكن هناك العديد من التحديات مازالت تواجهها، خاصة ما يتعلق منها بتفاوت الأوزان الاقتصادية النسبية لدول الاتحاد الأوروبى، وتحمّل ألمانيا الاتحادية دورا كبيرا فى تحقيق التوازن النقدى للاتحاد، وذلك بتكلفة كبيرة انعكست سلبا على اقتصادها.
ولفت أنه لم توفّق دول مجلس التعاون الخليجى فى تحقيق اتحاد نقدى وإصدار عملة موحّدة حتى الآن، على الرغم من نجاحهم فى كثير من الملفات، وتوافر مزايا التقارب الجغرافى والديموجرافى واللغوى والثقافى والتاريخ المشترك.
وأفاد نافع أن فرصة «البريكس» لا تزال قائمة لزحزحة الهيمنة الدولارية على النظام المالى العالمى، ولو بشكل تدريجى.
واقترح أستاذ التمويل، الإعلان خلال عام 2024 عن إصدار عملة رقمية لتجمّع «البريكس»، يتولى إصدارها بنك التنمية الجديد، ويتم تقويمها بسلة من عملات الدول الأعضاء والذهب وبعض منتجات الطاقة والموارد الطبيعية.
واشترط أن تكون فقط عملة موازية يمكن اللجوء إليها فى تسوية بعض المعاملات المالية، والاسترشاد بقيمتها كسعر صرف مرجعى لدى استخدام العملات الوطنية فى التعاملات، عوضا عن استخدام الدولار الأمريكى، مشيرا إلى أنها لن تستبدل أيا من عملات الدول الأعضاء.
حسانين: من الصعب التطبيق للاختلاف فى الهياكل الإنتاجية بين دول المجموعة وحجمها فى الاقتصاد العالمى
