القطاع المالي غير المصرفي في قبضة آثار «التضخم» و«الفائدة» السلبية

«بين المطرقة والسندان» تقع كيانات القطاع المالى غير المصرفى، خلال الفترة الراهنة، جراء الظروف الاقتصادية التى أصابت أوضاع الأنشطة المختلفة.

Ad

«بين المطرقة والسندان» تقع كيانات القطاع المالى غير المصرفى، خلال الفترة الراهنة، جراء الظروف الاقتصادية التى أصابت أوضاع الأنشطة المختلفة.

وكشف عدد من المسئولين بالشركات العاملة فى الأنشطة المختلفة، عن تعرضهم لتأخيرات فى السداد وصلت إلى حد التعثر فى بعض الأحيان، موضحين أن ذلك جاء بضغط تضرر الملاءات المالية للأفراد تزامنًا مع معدلات التضخم المرتفعة محليًا بشكل واضح .

وقالوا إن البنوك المانحة للقروض للشركات التى تعمل بالقطاع المالى غير المصرفى باتت متحفظة، وبالتبعية بدأت الأخيرة بالتشديد فى عمليات اختيار العملاء، تجنبًا لوقوع أى أزمات فى عمليات السداد وغيره .

وعلى صعيد مستقبل الأنشطة المتنوعة، قالوا إنها مرهونة بتحسن الظروف الاقتصادية، إلى جانب وضع معدلات الفائدة .

آراء الخبراء

بداية، قال محمد الكحكى العضو المنتدب لمجموعة «تمويل القابضة» إنها تضم حزمة من الأنشطة المالية غير المصرفية مثل التأجير التمويلى، والتخصيم، والتمويل العقارى .

ولفت إلى أن الـ 3 أنشطة التى تعمل بها، تأثرت بشكل واضح منذ بداية الربع الثالث من العام الماضى واستمرت فى ازدياد حتى الوقت الحالى، معتبرًا أنه من الطبيعى زيادة نسب التعثر فى فترات رفع الفائدة.

وأضاف «الكحكي» أن أنشطة «تمويل» المختلفة، تعرضت خلال الفترة الماضية، لتراجع فى حجم التمويلات الجديدة، إلى جانب تأخيرات فى دفع الأقساط، مما اضطرها لمحاولة طلب سداد معجل من عملائها، خوفًا من الوصول لحالات تعثر كلية .

وكشف أن حالات السداد المعجل أو جدولة المديونيات عادة ما تؤثر على حجم السيولة النقدية المتاحة فى المحفظة .

وأشار إلى أن الأنشطة المالية غير المصرفية تواجه تحديات فى الوقت الحالى تأثرًا بالأوضاع الاقتصادية من زيادة الفائدة والتضخم وغيرهما، موضحًا أن هذا أدى إلى وجود نوع من التحفظ من جانب البنوك فى إقراض الكيانات العاملة فى القطاع .

وتابع إن الشركات العاملة بالأنشطة المختلفة تبنت أيضًا سياسات متحفظة فى عمليات المنح للعملاء خوفًا من وقوع حالات تعثر .

وأكد أن زيادة التضخم كانت تعتبر فى وقت سابق سلاحا ذا حدين بالنسبة للأنشطة المالية غير المصرفية، موضحًا أنه مع توالى ارتفاعها أثرت على الملاءات المالية للأفراد بشكل عام وتحولت الدفة لتأثير سلبى فقط .

وعلى صعيد نشاط التمويل العقارى بشكل خاص، قال إن أسعاره ارتفعت بشكل كبير مؤخرًا وبالتالى حدث نوع من ضعف الإقبال عليه من حيث تعاملات الأفراد، ولكن تظل حالات شراء المحافظ .

وتوقع استمرار تأثر أنشطة القطاع المالى غير المصرفى بشكل عام، خلال الفترة الحالية، خاصة حال صدور أى قرارات جديدة من البنك المركزى المصرى برفع الفائدة .

تجدر الإشارة إلى أنه على صعيد نشاط التمويل العقارى، ارتفع إجمالى التمويلات الممنوحة من الشركات بالنصف الأول من العام الجارى بنسبة %41 ووصلت 4.2 مليار جنيه مقارنة مع 7.2 مليار الفترة المقارنة من 2022 .

فى سياق متصل، قال عبد العزيز عبد النبى مؤسس شركة «قرضي» للوساطة فى تدبير التمويلات للشركات الصغيرة والمتوسطة «SMEs» إن أنشطة القطاع المالى غير المصرفى تعانى خلال الفترة الحالية من أزمة زيادة معدلات الفائدة والتى أدت إلى ارتفاع التكلفة على العميل.

واتفق مع سابقيه فى نقطة تحفظ البنوك خلال الوقت الحالى على إقراض الشركات العاملة فى المجال المالى غير المصرفى، فى ظل تضرر أوضاع غالبية المشروعات الممولة .

وقال «عبد النبي» إن «قرضي» خفضت مستهدفاتها للعام الجارى، للتمويلات المفترض أن يتم منحها من خلال منصتها التابعة بمعدل النصف بضغط الظروف الراهنة والتى أثرت على المجال المالى غير المصرفى ككل بشكل سلبى .

تجدر الإشارة إلى أن «قرضي» تعمل كوسيط فى تدبير التمويلات للشركات الصغيرة والمتوسطة، من المؤسسات المُقرضة مثل البنوك وشركات التأجير التمويلى والتخصيم والـ «SMEs «.

وأوضح «عبدالنبى» أن «قرضي» كانت تستهدف أن يتم من خلال منصتها منح تمويلات تترواح من 800 مليون، إلى مليار جنيه بنهاية 2023 .

«التمويل الاستهلاكي»

وقال أحمد الشنوانى الرئيس التنفيذى لشركة «سهولة» للتمويل الاستهلاكى إن النشاط تعرض لتحديات كبيرة خلال الفترة الماضية جراء الظروف الراهنة .

وأضاف أنه على صعيد «سهولة» فإنها تتبنى نظرة متحفظة فى عمليات المنح للتمويلات الجديدة خلال الربع المتبقى من العام الجارى، بغرض التحوط ضد مخاطر التعثر المتوقعة فى السوق ككل، نتيجة تضرر السيولة لدى الأفراد بضغط تأثيرات الظروف الراهنة .

وأشار إلى أن نسب التعثر بدأت فى الزيادة منذ الربع الثانى من العام الجارى، تزامنًا مع الفترة الموسمية لشهر رمضان، والتى ترتفع فيها معدلات الإنفاق بشكل عام، وبالتالى تتأثر الملاءة المالية للأفراد.

وأوضح «الشنواني» أن نسب التعثر لدى «سهولة» تصل فى الوقت الحالى لنحو %5، معتبرا أنها معتدلة، إذ يتراوح متوسط التعثر بالنسبة لنشاط التمويل الاستهلاكى فى السوق المحلية بين 4.5: %6 وذلك بضغط الظروف الاقتصادية الراهنة التى أثرت على معدلات السيولة لدى الأفراد .

ولفت إلى أن الشركة تحاول التعامل مع هذا الأمر من خلال إجراء جدولة للمتعثرين حاليًا، إلى جانب التركيز فى عمليات اختيار العملاء الجُدد بأن يكونوا ذوى ملاءة مالية مرتفعة مع تقليل حدود المنح أيضًا .

ولفت إلى أن «سهولة» أصبحت متحفظة خلال الوقت الحالى، فى عمليات منح العملاء حرصًا على عدم حدوث أى حالات تأخير أو تعثر جديدة.

وتوقع أن تستمر أزمات غالبية الكيانات العاملة فى القطاع خلال الفترة المقبلة، فى ظل استمرار تأزم الأوضاع الاقتصادية، خاصة إن تم حدوث أى تحريك جديد فى سعر العملة .

فى سياق متصل، قال حازم مدنى العضو المنتدب والرئيس التنفيذى لشركة «وان فاينانس» إن نسب التعثر لديها تعتبر فى الحدود الطبيعية للسوق.

وأضاف أنه من الطبيعى أن شركات التمويل الاستهلاكى تواجه أزمات تعثر من عملائها نتيجة الظروف الراهنة وارتفاع معدلات التضخم، وغيرها.

وتبنى نظرة سلبية للنشاط ككل خلال الوقت الحالى، موضحًا أن أى رفع جديد فى معدلات الفائدة سيرفع التكاليف على العملاء.

«التأجير التمويلي»

وقال محمد عفيفى رئيس مجلس الإدارة لشركة «ترو فاينانس للتأجير التمويلي» إن الظروف الراهنة فى السوق من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير على تدفقات العمليات فى القطاع .

وأضاف أن زيادة الأسعار التى شهدتها السوق المحلية خلال الفترة الماضية أثرت على المراكز المالية للعملاء وبالتبعية تضررت تحركاتهم بالأنشطة المالية غير المصرفية ونظيرتها المصرفية .

وأوضح»عفيفي» أنه على إثر ذلك بدأت شركات التأجير التمويلى بالتحفظ فى عمليات المنح للعملاء خوفًا مع وقوع حالات تعثر وخاصة أن نشاط التأجير التمويلى، عادة ما يكون قائم على تمويل توسعات من خلال خطوط إنتاج ومعدات وغيره.

وأشار إلى أنه على صعيد شركة «ترو فاينانس» فإنها تقبل عملية واحدة من بين 10 عمليات يتم فحصها.

ونوه بأن مستقبل نشاط التأجير التمويلى خلال الفترة المقبلة، متوقف على وضع معدلات الفائدة، وهل سيكون لدى البنك المركزى المصرى قرارا برفع جديد من عدمه .

وتابع إن أى زيادة فى معدلات الفائدة عادة ما يكون لها تأثير سلبى على القطاع المالى غير المصرفى ككل، وخاصة أن الكيانات العاملة به عادة ما تلجأ للاقتراض البنكى بغرض تدبير سيولة يتم ضخها فى المحافظ القائمة بغرض منحها للعملاء .

وقال إن الجهات الرقابية مثل الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزى المصرى بذلت جهودا كبيرة لدعم أنشطة القطاع المالى غير المصرفى خلال الفترة الماضية.

وطالب بأن يكون هناك دعم لنشاط التأجير التمويلى من الجهات الرقابية، ممثلة فى الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزى المصرى على سبيل المثال الاستفادة من المبادرات منخفضة التكلفة .

وبناء على العوامل سالفة الذكر توقع «عفيفى» أن تتراجع معدلات نمو نشاط التأجير التمويلى بنسبة تتراوح من 15: %25 بنهاية العام الجارى .

وأوضح أنه فيما يتعلق بنسب التعثر بالنسبة لشركة «ترو فاينانس» فهى «صفرية» حاليًا، ولا توجد أى تأخيرات للسداد، مشيرًا إلى أن ذلك يأتى بدعم جهود الإدارة وتحفظها فى عمليات المنح واختيار العملاء بناء على عمليات فحص صارمة .

وقال إنه على الرغم من نمو قيمة التمويلات التى منحتها شركة «ترو فاينانس» خلال الفترة من يونيو 2022 وحتى يونيو 2023، بأكثر من %80 إلا أنها جاءت أقل من مستهدفاتها .

وكشف أن «ترو فاينانس» تتفاوض حاليًا على 500 مليون جنيه مع 3 بنوك محلية، ووصلت لمراحل متقدمة، وعلى جانب آخر قال إن قيمة التسهيلات القائمة تصل إلى 750 مليونا بالوقت الحالى .

وفيما يتعلق بالقطاعات المهيمنة على الجزء الأكبر من المحفظة أوضح أنها تشمل النفط والغاز، والأخرى الزراعية .

تجدر الإشارة إلى أن عقود التأجير التمويلى تراجعت بنحو %40 خلال النصف الأول من العام الجارى، وسجلت 999 عقدًا مقارنة مع 1.6 ألف عقد الفترة المناظرة من 2022، وذلك وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية .

فيما سجل إجمالى قيمة العقود حوالى 51.5 مليار جنيه مقارنة مع 41.5 مليار لفترة المقارنة من العام الماضى .

«التمويل متناهى الصغر»

وعلى صعيد آخر، قال أحمد كمال الدين ، العضو المنتدب لشركة «الأولى» للتمويل متناهى الصغر، إن النشاط تأثر خلال الفترة الماضية بالظروف التى شهدتها السوق المحلية .

وأضاف أن الظروف الاقتصادية غير المواتية أصابت العديد من الدول ومعظم الأنشطة العاملة بها، وليس فقط السوق المحلية .

ونوه بأن نسب التعثر لدى شركة «الأولى» ارتفعت خلال العام الجارى مقارنة مع 2022 السابق، نتيجة ضغط تلك الظروف .

وعلى صعيد قطاع التمويل متناهى الصغر، أوضح أن نسب التعثر ارتفعت للنشاط ككل بنحو %3 خلال العام الجارى عن الفترة المقابلة من العام الماضى، مشيرًا إلى أنها ارتفعت لمعدلات أعلى عن سنة 2020 التى مثلت جائحة فيروس كورونا .

وأشار إلى أنه على الرغم من وجود احتياج عام للحصول على قروض، إلا أن الأمر مختلف بالنسبة للأنشطة العاملة فى ظل تضرر أوضاع غالبيتها بالوقت الحالى .

وتابع إنه بالنظر للتمويلات الممنوحة من النشاط ككل منذ بداية العام الجارى، فإنها انخفضت مقارنة بما كان خلال 2022.

تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية أعلنت منذ أيام عن إطلاق المؤشر المرجعى للتسعير المسئول للمرة الأولى فى القطاع المالى بمصر، فى نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.

ويكتسب هذا المؤشر أهمية متزايدة نظرا لوصول عدد المستفيدين من التمويل الموجه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر إلى 3.9 مليون مواطن، بإجمالى قيم أرصدة تمويل 45.5 مليار جنيه، حتى نهاية يوليو 2023.

ويتضمن المؤشر الجديد حصرا شاملا ونشرا لمختلف أسعار التمويل المقدم للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من جميع الجهات المرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية على مستوى محافظات الجمهورية.

وكشفت «المال» مطلع الأسبوع الماضى، فى خبر لها، أن الهيئة العامة للرقابة المالية تدرس إطلاق حوار مع الجهات العاملة فى نشاط التمويل الاستهلاكى بهدف دراسة تدشين مؤشر مرجعى للتسعير على غرار ما تم فى مجال تمويل المشروعات متناهية الصغر والمتوسطة والصغيرة.

وأضافت المصادر- فى تصريحات لـ «المال» - أن الهيئة ستبحث مع أراء الجهات العاملة فى نشاط التمويل الاستهلاكى بهدف الوصول إلى صيغة مناسبة لإطلاق المؤشر، إذ تستهدف رفع مستوى التنافسية بين اللاعبين وحماية أكبر لحقوق المتعاملين.

وأوضحت أن الهيئة العامة للرقابة المالية ستطلع على أفضل التجارب العالمية فى هذا الصدد، إذ ستبحث جدوى تعميم فكرة المؤشر على باقى الأنشطة المالية غير المصرفية الخاضعة لها، وأبرزها التمويل العقارى، والتأجير التمويلى والتخصيم.

وأشارت إلى أن وجود مؤشرات مرجعية للأنشطة المالية غير المصرفية ستوفر للعملاء أسعار مقارنة لتكلفة التمويل على مستوى القطاع نفسه، مما يُمكن العميل من اختيار المنتج التمويلى المناسب لاحتياجاته.

وأكدت أن المؤشر المرجعى بصورة غير مباشرة سيدفع عملاء الأنشطة المالية غير المصرفية إلى تحسين التاريخ الائتمانى بهدف الحصول على أقل التكاليف التمويلية المتاحة.

ولفتت المصادر إلى أن حجم التمويلات الممنوحة للمشروعات متناهية الصغر منذ بداية العام وحتى نهاية يوليو الماضى سجلت 42 مليار جنيه، فيما بلغت نظيرتها الخاصة بالمتوسطة والصغيرة نحو 3.2 مليار.

مسئولو الكيانات يتبنون نظرة متحفظة فى عمليات المنح للفترة المقبلة

محمد الكحكى: الأزمة بدأت منذ الربع الثالث من 2022 ولا تزال مستمرة

عبد العزيز عبد النبى: «قرضي» خفضت مستهدفات النصف الثانى من 2023 بسبب الظروف الراهنة

أحمد الشنوانى: حدوث أى تحريك فى سعر العملة يُصيب نشاط «الاستهلاكى» بالضرر

حازم مدنى: أى زيادة فى تكاليف الاقتراض ترفع أعباء العميل

محمد عفيفى: نقبل عملية من أصل

10 يتم فحصها .. ومستقبل «التأجير» مرهون بعدة عوامل

أحمد كمال: عدم السداد لدى متناهى الصغر وصلت لمراحل أكبر من عام «كورونا»