تباينت أراء الخبراء والمحللين بشأن نتيجة اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى الخميس المقبل، إذ رجح فريق رفع سعر الفائدة بواقع من 1 إلى %2، بنسبة أكبر من التثبيت، مع الأخذ فى الاعتبار المتغيرات الاقتصادية وعلى رأسها حسم الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، وخطوات سير برنامج الطروحات الحكومية، إلى جانب الالتزام بسعر صرف مرن.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى اجتماعها السادس خلال 2023 يوم الخميس المقبل لحسم قرار رفع سعر الفائدة بعد زيادته %1 فى اجتماعها الأخير مطلع أغسطس الماضى ليسجل %19.25 للإيداع، و%20.25 للإقراض.
بينما حسم 3 خبراء من أصل 9 موقفهم وانحازوا لتثبيت سعر الفائدة، معللين ذلك بأن ذروة التضخم لم تحدث بعد، وأن المعدلات لا تزال مرتفعة، فضلا عن أن معدل الفائدة الحقيقى فى مصر سالب.
وتوقعوا تأجيل مراجعة صندوق النقد الدولى التى كان من المقرر أن تجرى الشهر الجارى، على أن تنعقد مع نهاية العام الحالى أو مع بداية 2024.
وانخفض معدل التضخم الأساسى إلى %40.3 فى شهر أغسطس الماضى على أساس سنوى من %40.7 فى يوليو، مع رفع للفائدة بـواقع 11 نقطة مئوية منذ مارس 2022 كان آخرها الشهر الماضى.
وقال هانى جنينة، الخبير الاقتصادى، وكبير الاقتصاديين ومحللى إستراتيجيات الاستثمار بمجمعة "كايرو كابيتال" إن البنك المركزى من المتوقع أن يثبت أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل، على أن يرفعها بنسبة تتراوح من 2 لـ %3 فى أى من الاجتماعين المتبقيين للعام الجارى المقرر عقدهما فى 2 نوفمبر و21 ديسمبر المقبلين.
وأشار إلى أن تأجيل قرار رفع أسعار الفائدة بشكل نهائى للسيطرة على التضخم تم تأجيله أكثر من مرة، ومع الاستمرار فى زيادة الأسعار يضطر البنك المركزى لاتخاذ إجراءات أكثر حدة.
وارتفع المعدل السنوى للتضخم العام فى الحضر %2 ليسجل %37.4 فى أغسطس الماضى من %36.5 فى يوليو 2023، وأرجع "المركزي" فى تقريره سبب الارتفاع إلى استمرار الزيادة فى أسعار السلع الغذائية بشكل أساسى إذ شهد المعدل السنوى لتضخم السلع غير الغذائية استقرارا نسبيا، واستمر المعدل السنوى لتضخم السلع الغذائية فى اتجاهه التصاعدى ليسجل %71.4 فى أغسطس 2023 مقارنة مع %68.4 فى يوليو 2023.
وتوقع "جنينة" أن يتمم صندوق النقد الدولى مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر أواخر العام الجارى أو فى الربع الأول من العام المقبل، وبناء عليه سيتم اتخاذ بعض الإجراءات التى تم تأجيلها ومن ضمنها الخاصة بتحرير سعر الصرف، مرجحًا أن يدمج الصندوق الثلاث مراجعات فى واحدة بداية من العام المقبل، بالتزامن مع التقدم فى برنامح بيع الأصول.
يُذكر أن مصر فى شهر أكتوبر الماضى توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى على قرض بقيمة 3 مليارات دولار يُصرف على 9 شرائح، كل شريحة تُقدر بنحو 347 مليون دولار لمدة 4 سنوات من أجل سد الفجوة التمويلية التى تٌقدر بنحو 17 مليار دولار.
وحصلت مصر على الشريحة الأولى فقط من قيمة القرض (347 مليون دولار) فى شهر مارس الماضى، وتم تأجيل مراجعة الصندوق التى كان من المقرر إجراؤها فى شهر مارس الماضى، كما أنه مازالت هناك ضبابية حول المراجعة الثانية والتى كان من المقرر عقدها الشهر الجارى.
من جانبه، قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل، إن المتغيرات التى يشهدها الاقتصاد هى التى ستحدد القرار الذى ستتخذه لجنة السياسة النقدية فى اجتماع الخميس المقبل، مشيرًا إلى أن حسم الاتفاق مع الصندوق وسير برنامج طرح الأصول سيكون من ضمن تلك المحددات.
وأكد أنه بالنظر إلى اتجاهات التضخم نجد أنها تدفع إلى رفع الفائدة بنسبة %1 مضيفًا أن الاتفاق مع الصندوق يبدو متعثرا، وهناك حزمة من التدفقات المقترنة بالتسهيل المتوقع الحصول عليها والتى تقدر بنحو14 مليار دولار كان من المفترض ترتيبها مع دول الخليج العربى.
وتابع إنه ربما تكون هذه النقطة -السابق ذكرها- هى أهم ما يعطل الاتفاق لأن إتاحة حزمة التمويلات من التدفقات المتوقعة يساعد على توفير سيولة دولارية تدفع لتحريك سعر صرف الجنيه، بما يفيد مرونة أعلى فى التسعير أمام الدولار.
وأكمل أن تلك التدفقات تتوقف كذلك على مدى التقدم فى برنامج تخارج الدولة من النشاط الاقتصادى لصالح القطاع الخاص المصرى والأجنبى.
فى السياق ذاته، قال الدكتور أحمد السيد أستاذ الاقتصاد والتمويل، إنه لا يعتقد أن هناك توافقا بين صندوق النقد الدولى والبنك المركزى بخصوص تحرير سعر الصرف، وهو ما يتضح من عدم التحرك تجاه تلك الخطوة، بالرغم من اقتراب موعد المراجعة.
وأضاف أن مراجعة صندوق النقد لبرنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر هى أقرب للتأجيل مثلما حدث فى مراجعة مارس الماضى، مؤيدًا "المركزي" فى قراره لأن التحرير الكامل دون وجود سيولة دولارية لن يؤدى إلا إلى مزيد من الارتفاع فى سعر السوق الموازية، بالإضافة إلى قفزة جديدة وغير مقبولة فى التضخم دون أن يتم حل الأزمة.
وتابع إن هذا ما حدث فى عام 2016 عندما مُنح البنك المركزى القرض كاملا فى أول أيام التحرير مما مَّكنه من ضخ السيولة اللازمة للقضاء على السوق الموازية سريعًا، مضيفًا أنه بناء على ذلك إذا لم تنجح المفاوضات فى بدء المراجعة فستتأخر، ما لم تحدث تطورات فى اللحظات الأخيرة.
وأشار إلى أن البنك المركزى آثر تثبيت أسعار الفائدة عن رفعها فى معظم اجتماعاته خلال العام الجارى، لافتًا إلى أنه مع استمرار معدل التضخم الأساسى مرتفعا وبقائه فوق حاجز الـ %40 سيكون له تداعيات كثيرة وخاصة مع عدم وجود نوايا للبنوك المركزية حول العالم فى تخفيض الفائدة خلال العام الحالى، بل على العكس هناك احتمالات لقيام المركزى الأمريكى برفع جديد قبل نهاية العام، وهو ما يضع نظيره المصرى تحت ضغوط لرفع جديد فى سعر الفائدة.
وقال "السيد" إنه على الرغم من تلك الضغوطات إلا أن البنك المركزى لا يرى استجابة التضخم لمعدلات الفائدة، بل إن تأثيراتها كبيرة على الاستثمار.
وأفاد بأن الاستثمار هو الذى يجب أن نعول عليه بشكل كبير فى الوقت الراهن، لأن الاستثمارات هى التى تبقى الاقتصاد فى حالة حركة، وتحميه من عدم حدوث صدمات فى جانب العرض والتى يدفع حدوثها لتغذية موجات التضخم مرة أخرى.
وأوضح أن الموازنة العامة للدولة تعانى بالفعل من نتائج رفع سعر الفائدة على الدين، والذى يُحملها أعباء بشكل كبير، مرجحًا أن الأصوب هو عدم الرفع خلال الفترة المقبلة والإبقاء على المستويات الحالية، حتى وإن كانت تسجل مستويات فائدة حقيقية سالبة لحين استقرار الأوضاع.
ورجحت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، أن تلجأ لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى فى اجتماعها المقبل إلى تثبيت أسعار الفائدة عند مستويات %19.25 و%20.25 للإيداع والإقراض على التوالى و%19.75 سعر العملية الرئيسية.
وأضافت أن هذا القرار سيكون مدفوعًا بعدد من العوامل أبرزها كون التغير فى معدلات التضخم العام لا زال طفيفًا، أى لم يرتفع بالقدر الذى يحتّم على «المركزى» رفع أسعار الفائدة، كما أن التضخم الأساسى شهد تراجعًا طفيفًا لينخفض من %40.7 خلال يوليو إلى %40.3 فى أغسطس الماضى.
وأشارت إلى أن الزيادات الأخيرة انحصرت فى أسعار: الفراخ، الخضراوات، الدخان، الفواكه، مؤكدة أن ذروة التضخم لم تحدث حتى الآن، وبالتالى فإن رفع أسعار الفائدة ليس مطلوبًا فى الوقت الراهن.
وذكرت أنه طالما لم تتوافر الأسباب المنطقية لرفع أسعار الفائدة، فقد يؤجل البنك المركزى الإقدام على هذه الخطوة نظرًا لكونها ستؤدى إلى زيادة الأعباء التمويلية على الدولة والشركات على حد سواء، وهو أمر غير محبذ فى الوقت الراهن.
وفيما يتعلق بموضوع مراجعة صندوق النقد الدولى المرتقبة، أوضحت «الدماطى» أن الصندوق يشترط مرونة كلية فى سعر الصرف، وكذلك تخارج الدولة من المؤسسات الاقتصادية.
وذكرت أن التحرير الكامل لسعر الصرف يؤدى إلى رفع التضخم مباشرة، كما أن تخارج الدولة من الاقتصاد يستلزم وقتًا هو الآخر، مشيرة إلى أنه بناءً على هذه المعطيات فمن المستبعد أن يلجأ البنك المركزى إلى تحرير سعر الصرف على الأقل حتى نهاية العام الحالى.
وترى لجنة السياسة النقدية، بحسب بيانها التفسيرى لتثبيت أسعار الفائدة فى 3 أغسطس الماضى، أنه من المتوقع أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها فى النصف الثانى من 2023 وذلك قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقا، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن.
وخلافًا لـ «الدماطى» يتوقع محمد بدرة الخبير المصرفى أن تلجأ لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها المقبل إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار %1، معللًا رأيه بكون الفائدة لا زالت سالبة، فالتضخم الأساسى سجل فى أغسطس الماضى %40.3 فيما يبلغ أعلى سعر للفائدة على الودائع فى البنوك نحو %19.
وأضاف أن الإجراءات التى يشترطها الصندوق، والتى تتمثل فى التحرير الكامل لأسعار الصرف، ستؤدى مباشرة إلى ارتفاع معدلات التضخم.
فى السياق ذاته، توقع «بدرة» أن يتم التحرير الكامل لأسعار الصرف بنهاية الربع الأول من العام المقبل.
وكانت وكالة "فيتش سوليوشنز" توقعت أن ينخفض الجنيه بنسبة %18.9 فى البنوك، وأن يرتفع الدولار إلى حدود 38 جنيها مقارنة مع نحو 30.96 جنيه حاليا، ليقترب من مستوياته فى السوق السوداء.
وتوقع خبير مصرفى آخر، فضّل عدم ذكر اسمه، أن تكتفى لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى، فى اجتماعها المقبل برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنحو نصف فى المائة، إن لم تلجأ إلى خيار التثبيت.
وأوضح أن رفع أسعار الفائدة أحد الأدوات الكلاسيكية التى يلجأ إليها البنك المركزى لكبح جماح التضخم، إلا أن لها العديد من الانعكاسات سواءً فيما يتعلق بارتفاع الأسعار أو تكلفة الاقتراض.
وتوقع هشام حمزة مدير إدارة المخاطر بأحد البنوك الحكومية، رفع لجنة السياسة النقدية، سعر الفائدة بنسبة %1 بنسبة أكبر من التثبيت.
وأضاف أن البنك المركزى يحاول البحث عن سياسات جديدة لتقليل التضخم إلى جانب رفع الفائدة وسحب السيولة من السوق، منها طرحه للشهادات الدولارية بعوائد 7 و%9 التابعة لبنكى مصر والأهلى فى الفترة الماضية.
وأوضح "حمزة" أن الحكومة لديها خارطة طريق فيما يتعلق بمراجعاتها مع صندوق النقد الدولى، ومشاورات باستمرار، من خلال تطبيق الإجراءات التى طالب بها الصندوق فى إطار خطة الإصلاح الاقتصادى.
وأفاد بأن واحدا من أهم شروط الصندوق أن تلجأ الحكومة لاعتماد سعر صرف مرن، مشيرا إلى أن لدينا سعرين مواز وحقيقى، فمن المتوقع أن تلجأ الحكومة إلى تحريك سعر الصرف حتى لو ببطء وتدريجيا.
وتوقع الخبير المصرفى أن يتم تأجيل مراجعة الصندوق حتى الشهر المقبل، أملا فى تقليل الفجوة بين السوق الموازى والرسمى، حتى يسهم فى استقرار سعر الجنيه أمام الدولار تدريجيا أو حتى استقراره عند حدود معينة.
وقال أحمد متولى الخبير المصرفى إن توقعات سعر الفائدة فى الاجتماع المقبل، متوقفة على 3 عوامل، قرار لجنة السياسية الماضى فضلا عن توقعات الوكالات والمنظمات العالمية أن تشهد الفترة المقبلة معدلات تضخم مرتفعة والتى يمكن أن تصل لذروتها حتى نهاية عام 2023 من ثم استقرارها مع بداية العام الجديد، وأخيرا اجتماعات البنوك المركزية فى الخارج، وبالأخص اجتماع الفيدرالى الأمريكى.
وأضاف أن البنك المركزى يحاول إحداث تغييرات فى أسعار الفائدة دون تحرير كامل لسعر الصرف، متوقعا أن تشهد اللجنة القادمة رفعا بنسبة %1 على غرار الاجتماع الماضى.
ورجح "متولي" تأجيل مراجعة صندوق النقد الدولى، حتى يتضح بصورة أكبر مدى تنفيذ التغيرات الهيكيلة التى اشترطها الصندوق.
أما محمد عبد المنعم الخبير المصرفى فرجح رفع سعر الفائدة من 1إلى %2، نظرا لأن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة، ووصلت ذروتها ومازال معدل الفائدة الحقيقى فى مصر سالبا.
وأضاف أن تحرير سعر الصرف مرة أخرى متوقف على حصائل الدولة الدولارية خلال الفترة المقبلة وأهمها الواردة من برنامج الطروحات إلى جانب المصادر الرئيسية الأخرى مثل السياحة، وتحويلات العاملين فى الخارج ومدى كفايتها لتغطية احتياجات الحكومة.
نافع: معدلات التضخم تدفع لزيادتها %1 والمتغيرات الاقتصادية «كلمة السر»
السيد: مراجعة صندوق النقد أقرب للتأجيل.. والأفضل الإبقاء على المعدلات الحالية
بدرة: أتوقع التحرير الكامل لسعر الصرف بنهاية الربع الأول من 2024
متولى: مساع لتغيير الفائدة دون تحرير كامل للعملة
سهر الدماطى: التضخم لم يبلغ ذروته.. والرفع ليس مطلوبا
..وحمزة: «المركزى» يحاول انتهاج سياسات جديدة لتحجيمه
عبد المنعم: أتوقع زيادتها من 1 - %2
