الركود يضرب مبيعات النجف.. و«النحاس» يحارب من أجل البقاء

لم يكن النجف بعيدًا عن القفزات السعرية التى طالت كافة أنواع السلع خلال السنتين الأخيرتين تحديدًا ، كونها من الكماليات التى يمكن الاستغناء عنها

Ad

لم يكن النجف بعيدًا عن القفزات السعرية التى طالت كافة أنواع السلع خلال السنتين الأخيرتين تحديدًا ، كونها من الكماليات التى يمكن الاستغناء عنها ، مما جعلها معرضة للمقاطعة كلما صادفت الزيادة أسعارها ، الأمر الذى يعصف فى النهاية بأصحاب المحال ، والعاملين فى هذا القطاع كافة.

أجرت «المال» جولة على عدد من المحال والمعارض الخاصة ببيع النجف والمعلقات فى شارع الجيش بمنطقة العتبة الذى يستقطب كافة طبقات المواطنين نظرًا لتمتعه بخيارات مختلفة، تلبى احتياجات كافة الأذواق، فضلًا عن انخفاض أسعار السلع بالمحال الموجودة به.

رصدت «المال» من خلال جولتها نقصًا حادًا فى المبيعات، وصل إلى أكثر من %90 ببعض المعارض الكبرى، والتى كانت تقود هذه التجارة قبل عامين على الأقل.

بداية من معرض «أبو تريكة» لبيع النجف اشتكى مصطفى محمد صاحب المحل من هبوط المبيعات بما يفوق الـ %50 خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تحديدًا، مشيرًا إلى أن البضائع المحلية تعانى نقصًا حادًا فى الإقبال يفوق مثيلتها المستوردة.

وأشار مصطفى إلى أنه على الرغم من أن سعر النجف الوارد من الخارج يفوق المحلى إلا أنه يتميز بجودة أكبر فى التجميع ووضع اللمسات النهائية، علاوة على أنه يتمتع بضمان من البائع قد يصل إلى 10 أعوام، وذلك على النقيض من النجف المحلى الذى ليس له ضمان لدى أصحاب المحلات من الأساس، السببان اللذان يشجعان المستهلك على اقتناء المستورد بدلًا من المحلي.

ولفت إلى أن هناك أنواعًا عديدة من الكريستال الذى يدخل فى صناعة النجف، منوهًا بأن أسعار النجف المرصع بهذا الحجر الكريم فى محله، يبدأ من 750، ارتفاعًا إلى 3100 جنيه.

وأوضح أن «كريستال عصفور» هو أغلى الأنواع مضيفًا أن التجار فى الغالب لا يتعاملون بهذا النوع من النجف إلا بعد الطلب المخصوص من المشترى نظرًا لسعره المرتفع، بالإضافة إلى أن التعامل به لا يتم إلا عن طريق الوكلاء المعروفين.

وهيمنت «المعلقات» على مبيعات زينة الأسقف متخطية النجف حسبما قال تجار لـ «المال»؛ نظرًا لكونها تعطى شكلًا أكثر حداثة، فضلًا عن كونها تتمتع بجاذبية أكبر، وسعرها غالبًا ما يكون فى متناول يد المستهلك.

مرورًا بمعرض رافو للنجف التقت الجريدة بالمالك رأفت كمال الذى قال إن أكثر أنواع النجف المرصع بالكريستال مبيعًا هى التى يدخل فى صناعتها الكريستال الصيني، مشيرًا إلى أن سعرها يبدأ فى الغالب من 1000 إلى 13 ألف جنيه وهناك ما يزيد عن ذلك بحسب رغبة المستهلك وإمكانياته.

ذكر أن المبيعات انخفضت إلى ما دون 50% خلال الأشهر الأخيرة متأثرة بارتفاع الأسعار، منوهًا بأن هناك فئة من المستهلكين اختفت من محال بيع النجف منذ فترة طويلة وهى فئة المُجددين، فى حين يظل «العرسان» هم المحرك الوحيد لمياه تجارة النجف الراكدة منذ فترة ليست قليلة.

ورأى مالك معرض رافو لبيع النجف أن بيع زينة الأسقف عن طريق عرضها عبر مواقع البيع والمتاجر الإلكترونية، أمثال «أمازون» و«أولكس» وغيرها، وكذلك صفحات التسويق من خلال السوشيال ميديا، لم تسحب البساط من المحال التقليدية، معللًا بأن ذلك يتعلق بأحد أبرز صفات المستهلك المصري، الذى يفضل فى الغالب التأكد من خامة المنتج الذى يرغب فى شرائه قبل إنفاق أى أموال فى مقابل اقتنائه.

ونوه بأن ذلك لا يتحقق عن طريق البيع «أون لاين»، وهو ما يجعل السوقان فى الغالب غير مؤثران على عمل بعضهما البعض، على حد وصفه.

وأوضح أن مبيعات النجف النحاس تعانى فقرًا شديدًا منذ حوالى سنتين مرجعًا ذلك إلى أن المستهلك يتجه إلى اقتناء الموديلات الحديثة، بدلًا من الطابع الكلاسيكى الذى يضفيه النجف المصنوع من النحاس، وذلك بالإضافة إلى ارتفاع سعره إلى حد كبير، حيث يبدأ من 3000 جنيه لأصغر وأقل وزن ، ارتفاعًا إلى عشرات الآلاف من الجنيهات، الأمر الذى يجعله ليس محل إقبال من المستهلكين فى الغالب الأعظم.

بالانتقال إلى معرض “شعبان” لبيع الأنتيكات والنجف والمعلقات، لاحظت «المال» خلو المعرض الذى تبلغ مساحته قرابة 400 متر من أى مشترين طوال فترة تواجدها، وهو الأمر الذى اكتفى “مجدى محمد”، مدير المعرض بالإشارة إليه عند سؤاله عن حال المبيعات خلال الفترة الأخيرة.

وقال مجدى إن نسبة المبيعات فى المعرض هوت بأكثر من %90 خلال الأشهر الـ3 الماضية، مشيرًا إلى أن مالك المعرض كان يضطر أحيانًا لدفع رواتب العمال من ماله المدخر بسبب ضعف إيرادات المحل.

واشتكى مدير المعرض من أن الإقبال على شراء النجف المصنوع من النحاس والذى يمثل حوالى %85 من البضاعة الموجودة، حسب ما لاحظته -«المال»-، يكاد يكون شبه منعدم؛ معللًا بارتفاع سعره وعدم مناسبته للديكورات الحديثة التى تميل فى الغالب إلى البساطة.

أوضح مجدى أن المعلقات «المودرن»، هى أكثر أنواع زينة الأسقف مبيعًا، مبينًا أنها تصنع فى الغالب من الصاج أو الاستانلس ستيل ، وتبدأ أسعارها فى المعرض من 600 جنيه، وتسجل 3 آلاف عند أعلى سعر لها.

مدير معرض «شعبان» رأى أن السبب وراء هذا الركود فى المبيعات هو ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية للحد الذى جعل من الصعب على أى أفرد أن يقتنى الكماليات.

ويرى مجدى أن انخفاض أسعار المواد الغذائية سيساهم بشكل فعال وقوى فى إنعاش تجارة النجف فى مصر خلال الفترة المقبلة؛ حيث سيتيح الانخفاض للمستهلك توفير بعض الأموال لشراء سلع أخرى غير استراتيجية، بدلًا من تركيز اهتمامه على اقتناء الأساسية فحسب.

ولفت إلى أن أسعار النجف شهدت زيادات متتالية، تراوحت بين 100 إلى 300 جنيه فى كل قفزة سعرية، وذلك على مدار السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن كثرة حلقات التوزيع بين المصنع والمستهلك لعبت الدور الأكبر فى هذه الزيادات التى أدت فى النهاية إلى عزوف شريحة كبيرة من المستهلكين عن إنفاق أموالهم فى هذا القطاع.

وطالب المدير بتفعيل الرقابة القوية من الأجهزة المعنية على حلقات التوزيع فى هذا المجال الذين يساهمون فى رفع سعر السلع إلى أكثر مما ينبغى متسببين فى النهاية فى قتل تجارة النجف، على حد وصفه.

وعن إمكانية تصدير جزء من البضائع المتراكمة فى المعرض فى محاولة لتسريح بعضها وحل الأزمة نسبيًا، ذكر مجدى أنه لا نية لفعل ذلك معللًا بعدم توفر السيولة اللازمة لإتمام عملية التصدير، مشيرًا أيضًا إلى أن القطاع يعانى من غياب المستهلك الخليجى منذ حوالى سنة والذى كان يمثل نسبة جيدة نسبيًا من زبائن محال النجف.

ختامًا بمحل «نور» لبيع النجف صدق المالك أحمد على ما ورد من التجار قبله فيما يخص ضعف الإقبال والقفزات السعرية، إلا أنه يعتقد أن من ضمن أسباب ضعف الإقبال على محلات “العتبة” اتجاه المستهلك للتسوق عبر الإنترنت، ورفض المنتج إذا لم تعجبه الخامة قبل الاستلام.

وذكر أن أغلى أنواع النجف هى المصنوعة من النحاس، فيما تحظى المصنوعة من الاستانلس ستيل بأعلى نسبة إقبال، مبينًا أنه يمكن التمييز بينها وبين الأخرى المصنوعة من الصاج عن طريق استخدام مغناطيس حيث ينجذب إلى الأصلية المصنوعة من الاستانلس ستيل، فى حين يرفض الالتصاق بالمغشوشة.

وتبدأ أسعار النجف الاستانلس ستيل من 750 جنيه، وترتفع إلى حيث يستطيع المستهلك أن يدفع، فيما تسجل أسعار المعلقات 350 عند أقل سعر لها، ارتفاعًا إلى 3 آلاف أو أكثر من ذلك بحسب رغبة المشترى وقدرته الشرائية.

ولفت إلى أن سوق تجارة النجف غير محدود بسعر موحد وهو ما يجعل هناك نوعًا من الاضطراب داخله، وذلك بخلاف المصنوع من النحاس أو الذى يشارك كريستال عصفور فى صناعته وكلاهما ليس محلًا للطلب منذ فترة بعيدة نسبيًا.