بعد التراجع فى صافى العجز فى الأصول الأجنبية بحوالى 808 ملايين دولار يعادل (24.921 مليار جنيه) -وفقا للسعر الرسمي- خلال شهر يوليو الماضي، انقسمت آراء خبراء مصرفيين حول السبب الرئيسى وراء هذا التحسن، فى الوقت الذى رجح فيه فريق أن زيادة مشتريات البنك المركزى من أذون الخزانة الأمريكية أدى إلى زيادة الأصول الأجنبية، رأى آخرون أن زيادة القيود على استخدامات العملة الأجنبية مؤخرًا قد تكون سببًا.
كان البنك المركزى المصرى قد أعلن بيانات صافى العجز فى الأصول الأجنبية لشهر يوليو الماضي، والتى أوضحت تراجع العجز بحوالى 808 ملايين دولار (24.9 مليار جنيه)، من حوالى 27 مليار دولار (837.3 مليار جنيه) لشهر يونيو 2023 إلى حوالى 26.2 مليار دولار ( 812.408 مليار جنيه) لشهر يوليو الماضي.
تسببت الحرب الروسية الأوكرانية منذ اندلاعها فى تغيرات كبيرة على الساحة الاقتصادية حيث خلفت آثارًا امتدت لتصل معظم البلاد.
فعلى المستوى المحلى خرجت من مصر أموال أجنبية تقدر بحوالى 22 مليار دولار استثمارات فى أدوات الدين مما سبب فجوة كبيرة فى المعروض النقدى الأجنبي.
وارتفعت أسعار السلع مما اضطر البنك المركزى لاتباع نهج تشددى ورفع أسعار الفائدة بحوالى %11 منذ اندلاع الحرب حتى الآن، وكذلك اتباع سياسة سعر صرف مرن وتخفيض العملة المحلية مقابل الأجنبية لتعكس قيمتها الحقيقية فى السوق.
قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل إنه من المحتمل أن مشتريات البنك المركزى المصرى من أذون الخزانة الأمريكية مؤخرًا كانت سببًا فى زيادة رصيد الأصول الأجنبية ، ومن ثم فإن العجز قد انخفض.
وأضاف نافع أنه من الملاحظ أن ميزانية البنك المركزى قد حققت خسائر فى العام المالى 2021- 2022 مقارنة بصافى أرباح عام 2015، وقد ترتب على ذلك تراجع حقوق الملكية فى آخر ميزانية معتمدة إلى 20 مليون جنيه فقط.
وتابع أن صافى الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفى تعد مؤشراً على قدرة المصارف على تلبية احتياجات الاستيراد، وسداد الالتزامات الخارجية بما يشجع المستثمرين، حال كون الصافى موجباً.
من جانبه رأى هانى أبو الفتوح الخبير المصرفى أن السبب الرئيسى وراء تراجع صافى عجز الأصول الأجنبية هو القيود على استخدامات العملة الأجنبية، وبشكل رئيسى الموضوعة على عملية الاستيراد.
وقال أبو الفتوح إن صافى الأصول الأجنبية هو أصول النظام المصرفى المستحقة على غير المقيمين مخصوما منها الالتزامات، ويشمل ذلك الأصول الأجنبية التى يحتفظ بها البنك المركزي.
ويمثل التغير فى صافى الأصول الأجنبية صافى معاملات النظام المصرفى مع القطاع الأجنبى بما فى ذلك معاملات البنك المركزي.
وأوضح أبو الفتوح أن المستثمر الأجنبى قبل دخوله فى أى دولة يأخذ فى اعتباره النظرة المستقبلية للاقتصاد ، بالإضافة إلى التقييم الائتمانى للدولة.
وأضاف أن المستثمر أيضًا قبل اتخاذه قراره بإقامة مشروعات ينظر إلى عدة عوامل لفهم البيئة التجارية والاقتصادية وتقييم الفرص والمخاطر المحتملة.
وتشمل هذه العوامل الاستقرار السياسى والقانوني، وحجم الاقتصاد ومعدلات النمو، والبنية التحتية، إلى جانب فهم التحديات والمخاطر العملية والتنظيمية والقانونية وكذلك استقرار سوق الصرف الأجنبي.
وأفاد أبو الفتوح أن الدولة المصرية تعمل على منح حوافز لجذب الاستثمار، ولكن مازالت هناك تحديات أمام الاستثمار الأجنبى أبرزها استقرار سعر الصرف و القضاء على الروتين فى المعاملات الحكومية.
وبسؤاله عن توقعاته لحدوث تخفيض آخر لقيمة العملة الفترة المقبلة، قال إنه على الرغم من إعلان عدد من الوكالات الإخبارية والمؤسسات المالية الأجنبية عن تنبؤاتها بخصوص هذا الشأن، إلا أنه من الصعب التوقع بما ستسفر عنه الأحداث من الآن و حتى نهاية العام.
جدير بالذكر أن وكالة ستاندرد آند بورز S&P للتصنيف الائتمانى توقعت منذ 3 أسابيع تقريبًا أنه من المرجح حدوث تخفيض آخر فى قيمة العملة المحلية بعد مراجعة صندوق النقد الدولى المقرر إجرائها الشهر الجاري، كما أشارت إلى أن معدل التضخم قد يتسارع الفترة المقبلة بعد أن سجل 36.5% على أساس سنوى لشهر يوليو الماضي، فقد يصل إلى ذروته 39% على أساس سنوى لشهر أكتوبر المقبل، وبعدها يبدأ فى التراجع.
وتوقعت S&P أن يحدث تراجع فى قيمة العملة المحلية فى السوق الرسمى إلى 37 جنيهًا مقابل الدولار بنهاية 2023، كما ذكرت الوكالة أنه من المحتمل استمرار الضغط على أسعار القمح بسبب انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب، وكذلك قرار الهند حظر صادراتها من الأرز.
وأشارت إلى أنه من المرجح أن يحدث تأجيل قرار رفع زيادات أسعار بعض السلع والخدمات حتى اوائل عام 2024.
وفيما يخص أسعار الفائدة أفادت الوكالة أن البنك المركزى إذا اتخذ قرارًا بالاستمرار فى سياسة التشديد النقدى من أجل السيطرة على التضخم فمن المتوقع أن يتم رفع الفائدة بـ%1 فى اجتماع سبتمبر المقبل، ونفس النسبة فى نوفمبر، لينهى «المركزي» العام بسعر فائدة %21.25 تزامنًا مع تعديل سعر الصرف كما تم ذكره سابقا.
وفى السياق ذاته قال مصدر مسؤول بالجهاز المصرفى فضل عدم ذكر اسمه إن تراجع صافى عجز الأصول الأجنبية لا تتضح أسبابه إلا من خلال البنك المركزى نفسه.
وأضاف أن تراجع العجز لشهر يوليو لا يمكن التعويل عليه للتنبؤ باستمراره الفترة المقبلة، وإنما قد يكون ما حدث هو سداد جزء من التزامات الجهاز المصرفى مما ساهم فى التراجع.
وأضاف المصدر أنه على كل حال تراجع العجز يمثل مؤشرًا إيجابيًا، فمنذ فبراير 2022 حتى قبل يوليو 2023 كان صافى الأصول الأجنبية بالسالب.
وذكر أن صافى الأصول الأجنبية يعكس موقف البنوك التجارية والبنك المركزى بالنسبة للعالم الخارجي، إما أن يكون لديهم أصول لدى البنوك الخارجية أو عليهم التزامات مستحقة.
وأكد على وجهة النظر السابقة أن ما يهم المستثمر الأجنبى هو وضع الاقتصاد ككل وليس فقط مؤشر بعينه، لافتًا إلى أن اجمالى الدين الخارجى وقدرة الدولة على السداد تمثل عاملاً هاماً آخر يؤخذ فى الاعتبار.
وكان البنك المركزى المصرى قد أعلن عن أن اجمالى الدين الخارجى لمصر بلغ 165.361 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من العام المالى -2022 2023.
